شركة DataCamp الأمريكية تستحوذ على Optima الإماراتية ضمن توسعها في الشرق الأوسط
يدمج الاستحواذ تقنيات التّعلّم التّكيفيّ بالذكاء الاصطناعي في منصّةٍ تعليميّةٍ عالميّةٍ، لتمكين التّعلّم الشّخصيّ وتحسين مهارات البيانات على نطاقٍ واسعٍ
أعلنت شركة "داتا كامب" (DataCamp) عن استحواذها على شركة "أوبتيما" (Optima)، الشركة الناشئة المولودة في دبي والمتخصصة في التعلم المعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI)، في خطوة تمثل أول توسع لشركة التعليم التقني الأمريكية والبريطانية داتا كامب في منطقة الشرق الأوسط. ويتيح هذا الاستحواذ دمج تقنية التعلم التكيفية لشركة أوبتيما، التي تضبط الدروس وسرعة التعلم والتغذية الراجعة في الوقت الفعلي، ضمن واحدة من أكبر منصات تطوير مهارات البيانات على مستوى العالم.
تأسست شركة أوبتيما على يد يوسف صابر في دولة الإمارات، الذي سيتولى الآن منصب الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في داتا كامب بعد الاستحواذ. كما سينضم كامل فريق أوبتيما إلى الشركة، ما يتيح لمحرك التعلم المعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي أنشأوه التوسع بسرعة أكبر عبر كتالوج داتا كامب.
وفي حديثه مع "عربية .Inc"، أوضح يوسف أن فكرة شركة أوبتيما نشأت من خبراته في بعض أبرز شركات التقنية في المنطقة واهتمامه بمستقبل التعليم. وقال: "تأسست شركة أوبتيما في يوليو 2023 بعد عمل في شركات -مثل "طلبات" (Talabat) و"كريم" (Careem)- حيث شغلت مناصب قيادية في البيانات والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي. لطالما كان لدي شغف بالتعليم، وخلال عملي في "كريم" (Careem) كنت أدير برامج تطوير مهارات البيانات داخلياً، والتي حظيت بشعبية كبيرة، وكان ذلك محورياً في بناء القدرات التقنية الداخلية".
وأشار إلى أن إصدار "تشات جي بي تي 3.5" (ChatGPT 3.5) في أواخر 2022 كان نقطة تحول حوّلت الفكرة من مجرد مفهوم إلى شركة فعلية، موضّحاً أنّه أتاح "نظرة مستقبلية للتعليم بطريقة مختلفة جذرياً، حيث يمكن تحقيق التعلم التكيفي والشخصي على نطاق واسع". وأضاف أن هذا الحدث شكّل منهجية شركة أوبتيما، المبنية على التعليم المدعوم بالذكاء الاصطناعي وليس على صيغ التعلم الإلكتروني التقليدية.
وتابع يوسف: "أطلقنا شركة أوبتيما بهدف أساسي هو مساعدة المحترفين على اكتساب مهارات عملية وجاهزة للعمل من خلال التعلم التكيفي والتطبيقي. كوننا نعمل بالذكاء الاصطناعي منذ اليوم الأول، تمكنّا من تقديم قوة المعلم الفردي لأي شخص وعلى نطاق واسع. في البداية، دعمتنا "كو تو فينتشرز" (COTU Ventures)".
وأضاف أن الأمر لم يقتصر على كو تو فينتشرز فقط، إذ بعد عامين، التقى يوسف بمؤسس شركة داتا كامب والمدير التنفيذي جوناثان كورنيليسن في دبي بالصدفة، لتبدأ مرحلة جديدة من شركة أوبتيما. وقال: "رغم أن هذا الاستحواذ لم يكن مخططاً له، إلا أنه جمع بين رؤية مشتركة بأن التعلم يجب أن يكون تطبيقيّاً، تكيفيّاً وشخصيّاً. التقيت بجوناثان كورنيليسن بسبب عميل مشترك، وكان لقاءً كاد ألا يحدث، فقد كنت قد خرجت للتو من عملية جراحية وكان لدى جوناثان كورنيليسن وقت محدود في دبي".
وأضاف يوسف أن الاجتماع أسس لصفقة الاستحواذ، موضّحاً: "عرضت المنصة على جوناثان كورنيليسن، الذي أدرك أن تنفيذنا كان أقوى نموذج للتعلم بالذكاء الاصطناعي رأاه على الإطلاق. مع تحقيق داتا كامب للتوسع العالمي عبر 17 مليون متعلم في 18 دولة، كانت تقنية شركة أوبتيما مناسبة لإعادة تصور طريقة تقديم التعليم عبر الإنترنت. رؤيتنا المشتركة هي ما نؤمن بأننا قادرون على تحقيقه بسرعة أكبر معاً".
ويرى يوسف أن الاستحواذ لا يقتصر على الشركة وحدها، بل هو جزء من حركة أوسع في مشهد التقنية الإقليمي، قائلاً: "الاستحواذ ليس مجرد مرحلة مهمة لنظام الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل هو اعتراف بالمواهب الموجودة هنا لبناء منتجات مبتكرة. نحن متحمسون للمرحلة التالية من النمو، مع نشر تقنيتنا عبر كتالوج داتا كامب الشامل من الدورات والمنتجات".
وأكد يوسف أن دمج فريق شركة أوبتيما في داتا كامب خطوة طبيعية، رغم أهميتها الكبيرة. وقال: "من الرائع الانتقال من عملية في مدينة واحدة إلى منظمة عالمية خلال عامين فقط. كونه شركة ناشئة مولودة في دبي، اعتاد زملاؤنا في شركة أوبتيما العمل في بيئات متعددة الثقافات... ثقافيّاً، كلا الفريقين يقدّر التّجربة، والقرارات المبنية على البيانات، وعقلية المتعلم أولاً، مما يجعل التوافق الثقافي طبيعيّاً".
وأضاف أن دوره الجديد سيركّز على إعادة التفكير في طريقة تقديم التعليم عبر الذكاء الاصطناعي، موضّحاً أن ذلك يتطلب إعادة تصميم الدورات من الأساس. وقال: "أركز على تحويل النظرة من 'الذكاء الاصطناعي كميزة' إلى كونه المحرك الأساسي الذي يقدم التعلم ويتكيف معه في الوقت الفعلي. مع تجربة التعلم الجديدة بالذكاء الاصطناعي في داتا كامب، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم الدروس بشكل فعّال وليس مجرد وظيفة جانبية، مما يتطلب إعادة التفكير في منهجية إنشاء المحتوى".
وأشار يوسف إلى أن دمج منصات الشركتين يعني إدماج تقنية شركة أوبتيما مباشرة في المنصة الأساسية لداتا كامب لدعم أكثر الدورات شعبية ببيئة تعلم تكيفية ومعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
تخدم داتا كامب حاليّاً 6,000 عميل مؤسسي وتحقق نمواً في قطاع الأعمال بنسبة 30% سنوياً، ويشمل عملاؤها العالميون شركات مثل "غوغل" (Google)، "أوبر" (Uber)، "نايك" (Nike)، "ستانلي بلاك أند ديكر" (Stanley Black & Decker)، "روش" (Roche)، "فايزر" (Pfizer). في الشرق الأوسط، تعمل داتا كامب وشركة أوبتيما مع شركات مثل "طلبات" (Talabat)، "كريم" (Careem) و"أيه دي كيو" (ADQ) لتعزيز القدرات الداخلية في البيانات والذكاء الاصطناعي.
ويتماشى الاستحواذ أيضاً مع "الخطة الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031" (UAE National Strategy for Artificial Intelligence 2031) في الإمارات، التي تركز على تطوير المهارات الوطنية وبناء المواهب المحلية. كجزء من دخولها المنطقة، ستطلق "داتا كامب كلاس رومز" (DataCamp Classrooms) في الإمارات لتتيح للطلاب والمعلمين الوصول المجاني لأكثر من 500 دورة، كما ستقدم برنامج مقدمة في الذكاء الاصطناعي (Intro to AI) مجاناً لمدّة ستة أشهر لموظّفي الحكومة والطلاب.
وبفضل المنصة العالميّة لـ"داتا كامب"، ستتمكن شركة أوبتيما من الوصول إلى نطاق أوسع من المتعلمين، واختبار تقنيتها وتحسينها على قاعدة أكبر، وتطبيق منهجها المعتمد على الذكاء الاصطناعي على مجموعة أكبر من الدورات، والاستفادة من فريق هندسي أوسع لتسريع تطوير المنتج.
كما ستصبح تقنية شركة أوبتيما أكثر وصولاً، ما يفتح المجال أمام جمهور متعلم أكبر وتحسين دورات التغذية الراجعة، مما يسمح بدعم ملايين المتعلمين حول العالم وتحسين المنصة بسرعة، مع تقديم التعلم بالذكاء الاصطناعي بعدة لغات، وضمان تجربة مستخدم عالية الجودة أينما كان المتعلم.
وتفتح هذه الخطوة أيضاً إمكانيات جديدة للشركات التي تسعى لتخصيص تجربة التعلم لفِرقها. وأوضح يوسف أن الطلب المؤسسي على معلمين ذكاء اصطناعي مخصصين وبيئات تعلم مصممة خصيصاً حول أدوات كل منظمة في ازدياد. وأضاف: "تتيح قاعدة عملاء داتا كامب إمكانيات تخصيص متقدمة على مستوى الصناعة والشركة، بما في ذلك نشرات خاصة للذكاء الاصطناعي مدربة على بيانات داخلية، وتخصيص لكل شركة حول الأدوات والسياسات، مع الحفاظ على أعلى معايير الخصوصية والأمان".
وتوقع يوسف أن المرحلة القادمة من التعلم عبر الإنترنت ستختلف جذريّاً عن الدورات المسجلة مسبقاً، مع تجربة تعلم تكيفية، وشخصية، وسريعة الاستجابة، تشبه دور المعلم الخاص العالمي. وقال: "سيتمكن المتعلمون من التفاعل مع المحتوى في الوقت الفعلي، مع آلاف النسخ الديناميكية من نفس الدورة لتناسب مختلف الأدوار والصناعات والمستويات المهارية، مع ضبط سرعة الدرس وشرح التفاصيل والصعوبة لتقليل الملل والإحباط والانقطاع عن التعلم".
واختتم بالقول إنّ التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل مستقبل التعلم، موضّحاً: "مع التطور السريع للأدوات التقنية، يصبح المحتوى سريع التقادم، وسيحتاج المتعلمون إلى منصات تُحدّث المحتوى باستمرار، وليس كل 6-12 شهراً. كما أنّ منهجنا القائم على الذكاء الاصطناعي سيقلص دورات التطوير من أشهر إلى أيام، مع تقديم المحتوى بعدة لغات وبطرق متعددة الوسائط".