الرئيسية التنمية يفضل الناس الموهبة الفطرية على الجهد، فكيف تستغل هذا لصالحك؟

يفضل الناس الموهبة الفطرية على الجهد، فكيف تستغل هذا لصالحك؟

قد يبدو التَّحيُّز تجاه الموهوبين بالفطرة على المجتهدين غريباً، لكنّ هذا التَّحيُّز اللَّاواعي موجودٌ ومنتشرٌ؛ لذا استخدمه لصالحك

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

عندما التقيتُ مارك كوبان Mark Cuban قبل بضع سنواتٍ، سمعته يتحدَّث عن المبيعات، وذلك من المواضيع التي يعدُّ كوبان من الشَّغوفين بها، إذ ذاتَ مرَّةٍ، عندما سُئل عمَّا سيفعله لو أُجبر على أن يبدأَ بالعمل من نقطة البداية، أجابَ: "كنت سأحصلُ على وظيفةٍ كنادلٍ في المساء ووظيفة بيعٍ خلال النَّهار، ولو سألتني: هل يٌمكنني أن أصبحَ مليونيراً مرَّةً أُخرى؟ فليس لديّ شكٌّ بأنَّني أستطيع ذلك".

وقد سأل شخصٌ كوبان عمّا إذا سعى إلى تطوير مهاراته في البيع دائماً، فأجاب: "بالتَّأكيد، ولكنَّ البيع كان في بدايته أمرٌ طبيعيٌّ بالنِّسبة لي"، إذ كان أوَّل عملٍ تجاريٍّ له في مرحلة ما قبل المراهقة، وقد كان هذا العمل في بيع أكياس القمامة متنقِّلاً من بابٍ إلى بابٍ.

كان كوبان صادقاً في ردّه ومثيراً للاهتمام في الوقت ذاته، فنحن نميلُ إلى قصص الأشخاص الذين عملوا بجدٍّ واجتهادٍ من أجل التَّغلُّب على نقص الموهبةِ، وكلَّما كان التسلُّق نحو النّجاح صعباً زاد احترام الإنسان، ولا يمكننا أن ننكرَ أنّنا لا نحترم الأشخاص الذين يبدو أنَّ إنجازاتهم ونجاحاتهم تعتمد بشكلٍ كاملٍ على العمل الشَّاق، ولا نعاملهم بالطَّريقة التي يستحقُّونها من حيث التَّوظيف والتَّرقيات وتقييمات الأداء، وفقاً لدراساتٍ نُشرت في مجلة الشَّخصيَّة وعلم النَّفس الاجتماعيّ، إذ تؤكِّد على أهميَّة العمل الشَّاق في نجاح الإنسان، كما يؤكِّدون على خطأ من يتبنَّى قلَّة احترام هذه الفئة من النَّاس.

وقد كتب الباحثون: "تُظهر هذه الدِّراسات أنَّ النَّاس يميلون إلى تفضيل الأفراد الطَّبيعيين على الأشخاص المؤهَّلين بشكلٍ أفضلٍ"، ويعود السَّبب في هذا التَّحيُّز إلى طبيعة الإنسان وميله للحكم على الأفراد الطَّبيعيين بأنَّهم أفضل من الذين يسعون بجدٍّ.

في التِّجربة الأولى قُدِّمت للمشاركين نوتاتٌ لعازفي بيانو خياليّين، كان أحدهم شخصاً موهوباً بالفطرة وهو الطَّرف الطَّبيعيُّ، والثَّاني كان شخصاً قد عمل بجدٍّ وجهدٍ شديدٍ من أجل تطوير مهاراته وهو الطَّرف المُجتهد، ثُمَّ استمع المشاركون إلى التَّسجيل نفسه، وطُلب منهم تقييم الأداء من حيث القدرة، وإمكانيَّة التَّوظيف، واحتماليَّة النَّجاح في المستقبل.

على الرَّغم من الاختلاف الوحيد في القصَّة الأساسيَّة، فقد فضَّل النَّاسُ الشَّخصَ الطَّبيعيَّ، ولا سيَّما عندما كان المستمعون من الموسيقيّين المحترفين، والغريب في الأمر أنَّه كُلَّما كان المشاركون أكثر كفاءةً في تقييم الأداء الموسيقي -وعلماً بأنَّهم يدَّعون بأنَّ تدريبهم كان أهمَّ من موهبتهم- كان تحيُّزهم أكبر نحو الطَّبيعيين وضدَّ المجتهدين.

وفي تجربةٍ أُخرى تمَّ تطبيقها على روَّاد الأعمال، وصف الباحثون رائِدَي أعمالٍ خياليّين، كلاهما يمتلك المهارات والقدرات ذاتها، ولكن وُصف أحدهما بأنَّه عبقريٌّ، بينما قيل إنَّ الآخر اكتسب مهاراته بالوقت والخبرة العمليَّة، واستمع المشاركون إلى التَّسجيل نفسه لعرضٍ استثماريٍّ وقيَّموا احتماليَّة النَّجاح، وعَرض المهارة، والموهبة التِّجارية المتصوَّرة، واستعدادهم النَّظريّ للاستثمار.

ومرَّةً أخرى، تغلَّب الطَّبيعي على المجتهد، كما حدث في تجربة الموسيقى تماماً، وفضَّل روَّاد الأعمال أنفسهم الشَّخص الطّبيعيَّ، على الرَّغم من أنَّهم ادَّعوا أنَّ عملهم الشَّاق في الحياة العمليَّة كان أكثر أهميَّةً من موهبتهم، ولكنَّهم في الواقع فضَّلوا الأشخاص الطَّبيعيّين الذين كانت معدَّلات ذكائهم أقل بـ30 نقطةٍ، ولديهم خبرةٌ قياديَّةٌ أقلّ، وبـ30,000 دولار أقلِّ من رأس المال مقارنةً بالمجتهدين؛ لأنَّ هؤلاء الأشخاص كانوا طبيعيين وحسب.

وهذا كلُّه يقودنا إلى استنتاجيينِ، لنفترض أنَّني أملكُ شركةً وأفكّر في توظيف مارك كوبان ليبدأ من جديدٍ كمندوبٍ مبيعاتٍ، وفي حال طلبت من مارك أن يصفَ لي رحلته التّجاريَّة، قد يجعله تواضعه يركِّز فقط على العمل الشَّاقِّ وربَّما قال: "كنت رهيباً عندما بدأت بالبيع لأوّل مرَّةٍ، لكنَّني عملت بجدٍّ شديدٍ للتَّغلب على صعوباته والنَّجاح فيه".

وتلك الإجابة بالنّسبة لي تعدُّ إجابةً رائعةً، ولكنَّ تحيُّزي للطّبيعيَّة يجعلني أفكِّر بمارك بشكلٍ مختلفٍ لسببٍ ما، وتقول العلومُ إنَّنا نفضِّل الطَّبيعيين بشكلٍ لا واعٍ، ويمكن أن يجيبَ مارك بشكلٍ أفضل، فيقول: "أدركت على الفور أنَّ لديَّ موهبةً في المبيعات، وعملت بجدٍّ لاستغلالها إلى أقصى درجةٍ"، والأمر ذاته ينطبق عليكَ إذا كنت مقاولاً ماهراً، لا تتبِّع نهج التَّواضع في الإجابةِ كأن تقول للعميل: "إنَّ الشُّرفة الأولى التي بنيتها لم تكن جيّدةً، ولكنَّ ذلك دفعني للعمل بجدٍّ لتطوير المهارات التي أمتلكها اليوم"، كن صادقاً معه، واعترف أنَّ العمليَّة كانت سهلةً عليك، على الأقلّ في بداية الإجابة، ثُمَّ تحدَّث عمَّا قمت به لبناء وتطوير تلك المهارات الفطريَّة، ثمَّ تحدَّث عن المنازل التي بنيتها، والمشاريع التي أكملتها.

باختصارٍ في حال كنت شخصاً طبيعيَّاً، موهوباً بالفطرة، قم بوصف نفسك بأنَّ كذلك، وبشكلٍ غريب ستجد النَّاس ينظرون إليك بأنَّك أكثر مهارةً؛ لأنَّه بينما قد يبدو التَّحيُّز تجاه الطَّبيعيين غريباً -وهو كذلك بالنِّسبة لي- فإنَّ هذا التَّحيُّز اللَّاواعي موجودٌ ومنتشرٌ؛ لذا استخدمه لصالحك.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: