الرئيسية المال التضخم والركود: كيف تحمي أموالك في زمن الأزمات؟

التضخم والركود: كيف تحمي أموالك في زمن الأزمات؟

حين تعصف الأزمات وتتآكل القوّة الشّرائيّة، لا يُنقذ المدّخرات سوى وعيٌّ ماليٌّ حصيفٌ، واستراتيجيّاتٌ تُبنى على بُعد نظرٍ لا يخذله اضطراب الزّمن

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تتسارع التّحدّيات الاقتصاديّة في العالم بشكلٍ لافتٍ، وتعدّ فترات التضخم والركود من أخطر المراحل الّتي تهدّد استقرار الأفراد والمؤسّسات. في ظلّ ارتفاع الأسعار وتراجع القوّة الشّرائيّة، يبرز السّؤال الجوهريّ: كيف يمكن حماية الأموال وتحصين المدّخرات في ظلّ هٰذه الأزمات؟ هذا السّؤال لا يطرح فقط في دوائر الاقتصاد الكبيرة، بل يطرح في كلّ بيتٍ وعلى طاولة كلّ أسرةٍ تسعى لتأمين مستقبلها وتجنّب المجاهيل الماليّة.

ما هو التضخم الاقتصادي؟

التضخم هو ارتفاعٌ عامٌّ ومستمرٌّ في مستوى الأسعار للسّلع والخدمات داخل اقتصادٍ معيّنٍ خلال فترةٍ زمنيّةٍ محدّدةٍ. ويؤدّي التضخم إلى تآكل قيمة النّقود، ممّا يعني أنّ ما كان يمكن شراؤه بمبلغٍ معيّنٍ في السّابق، سيحتاج إلى مبلغٍ أكبر لشرائه اليوموينشأ التضخم بسبب عدّة عوامل، مثل: زيادة الطّلب على السّلع والخدمات، أو ارتفاع تكاليف الإنتاج، أو التّوسّع النّقديّ غير المنضبط. ويعدّ التضخم من أبرز التّحدّيات الّتي تواجه السّياسات النّقديّة، وغالباً ما يرافقه قلقٌ وفقدان الثّقة في العملة الوطنيّة.

ما هو الركود الاقتصادي؟

الركود الاقتصادي هو تباطؤٌ أو انكماشٌ في النّشاط الاقتصاديّ، ويتجلّى في انخفاض النّاتج المحلّيّ الإجماليّ لربعين متتاليين على الأقلّ، ويرافقه في العادة ارتفاعٌ في معدّلات البطالة، وتراجعٌ في الإنفاق الاستهلاكيّ والاستثماريّويقع الركود بسبب عوامل متعدّدةٍ، منها: الأزمات الماليّة، أو تشديد السّياسات النّقديّة، أو الأحداث العالميّة كالحروب أو الجوائح. وعلى خلاف التضخم الّذي يشهد فيه السّوق ارتفاعاً في الأسعار، يتّسم الركود بتراجعٍ في الطّلب العامّ، ممّا يؤدّي إلى انكماشٍ في أرباح الشّركات وتباطؤٍ في النّموّ الاقتصاديّ.

كيف تحافظ على أموالك في زمن الأزمات؟

في فترات الأزمات الاقتصاديّة، يصبح الحفاظ على القيمة الحقيقيّة للأموال أولويّةً قصوى للأفراد والمستثمرين على حدٍّ سواءٍ. ففي ظلّ تقلّبات السّوق، وارتفاع معدّلات التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي، تبرز الحاجة إلى استراتيجيّاتٍ متينةٍ لتأمين الوضع الماليّ وتجنّب فقدان المدّخرات: [1]

تنويع الأصول

من الأخطاء الشّائعة أن يضع الفرد جميع أمواله في نوعٍ واحدٍ من الأصول. لذٰلك، ينصح بتوزيع الاستثمارات بين مجموعةٍ من القنوات، مثل: الأسهم، والسّندات، والعقارات، والذّهب، وحتّى العملات الصّعبة. يساعد هٰذا التّنويع على تقليل المخاطر، ويزيد من قدرة المستثمر على الصّمود أمام أيّ تقلّبٍ مفاجئٍ في السّوق.

الاستثمار في الذهب

يعدّ الذّهب من أقدم وأكثر وسائل التّحوّط فعاليّةً في فترات التضخم وفقدان الثّقة في العملات الوطنيّة؛ فهو يعتبر مخزوناً للقيمة، ويحتفظ بقوّته الشّرائيّة على المدى الطّويل، ويشكّل ملاذاً آمناً في أوقات الاضطراب السّياسيّ أو الماليّ. ويفضّل توزيع الاستثمار في الذّهب بين أشكالٍ مختلفةٍ كالقطع المصكوكة، والمصاغ، وحسابات الذّهب الإلكترونيّة.

الاحتفاظ بالعملات الصعبة

في البلدان الّتي تشهد تقلّباتٍ حادّةً في قيمة العملة المحلّيّة، تكون العملات الأجنبيّة القويّة كالدّولار الأمريكيّ واليورو وسيلةً فعّالةً لحماية المدّخرات؛ فهي توفّر استقراراً نسبيّاً، وتساعد في تجنّب تآكل القيمة الشّرائيّة، كما أنّها تقدّم مرونةً أكبر في التعاملات المالية على الصّعيدين المحلّيّ والدّوليّ.

تقليل الديون

في ظلّ الركود الاقتصاديّ، ترتفع فرص تعثّر الأفراد في سداد القروض بسبب تقلّص الدّخول أو فقدان الوظائف. لذٰلك، يعدّ تقليل الدّيون غير الضّروريّة وتجنّب الاقتراض الإضافيّ من خطوات الحماية الماليّة الذّكيّة، لضمان التّوازن في الميزانيّة الشّخصيّة وتقليل الأعباء النّاتجة عن فوائد مرتفعةٍ في حالة تفاقم التضخم.

تخصيص جزء للطوارئ

ينصح بإنشاء صندوق طوارئٍ يحتوي على مبلغٍ يكفي لتغطية النّفقات الأساسيّة لفترةٍ تتراوح بين ثلاثةٍ إلى ستّة أشهرٍ. يعدّ هٰذا الصّندوق درعاً واقياً في حالة فقدان الدّخل أو حدوث ظروفٍ طارئةٍ، ويمكن أن يكون بالعملة الصّعبة، أو الذّهب، أو في حساب توفيرٍ سريع السّحب.

مراقبة السوق واتخاذ قرارات مرنة

في ظلّ الأزمات، تكون المتغيّرات سريعةً وغير متوقّعةٍ. لذٰلك، يجب على المستثمر أن يواظب على متابعة المؤشّرات الاقتصاديّة، وأسعار الفائدة، ومعدّلات التضخم والبطالة، وأن يتّخذ قراراتٍ مرنةً وقابلةً للتّكييف مع تغيّر الواقع؛ فلا يكمن الذّكاء الماليّ في الثّبات على خطّةٍ واحدةٍ، بل في القدرة على التّكيّف والتّعامل مع المخاطر بحكمةٍ.

ما العلاقة بين التضخم والركود؟

قد يبدو التضخم والركود نقيضين في الظّاهر، فالأوّل يتمثّل في ارتفاع الأسعار والثّاني في تباطؤ النّشاط الاقتصاديّ. ولٰكن في بعض الأحيان، قد يجتمعان معاً في ظاهرةٍ تعرف بـ"الركود التضخميّ". ويعدّ هٰذا النّوع من الأزمات من أخطر الظّواهر الاقتصاديّة؛ لأنّه يجمع بين ارتفاع الأسعار (التضخم) وتراجع النّموّ الاقتصاديّ (الركود)، ممّا يصعّب على الحكومات والبنوك المركزيّة التّعامل معه بالأدوات التّقليديّة.

فإذا خفّضت السّلطات أسعار الفائدة لتحفيز النّموّ، قد يزداد التضخم. وفي المقابل، إذا شدّدت السّياسة النّقديّة لكبح التضخم، فقد يتفاقم الركود. لذٰلك، يعدّ الفهم العميق لهٰذه العلاقة الضّروريّة أساساً لاتّخاذ قراراتٍ ماليّةٍ حكيمةٍ، سواءً على مستوى الأفراد أو المؤسّسات أو الحكومات. [2]

الخلاصة

يبقى الوعي الماليّ والتّخطيط الرّشيد درعاً لا غنى عنه في معركةٍ تتنازع فيها قوى التضخم والركود على أعصاب الاقتصاد وجيوب الأفراد. فإن تكن فرداً يتلمّس سُبل الأمان وسط العاصفة، أو مستثمراً يسعى لصون ما ادّخره من تعب السّنين، فليس لك من مخرج إلا بخطّةٍ محكمةٍ تُبنى على التّنويع الذّكي، والاحتماء بالذّهب، والارتهان للعملات الصّلبة، وتقليص مواطن الخطر ما أمكن. 

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل يجب تحويل جميع الأموال إلى ذهب أو عملات صعبة؟
    لا يجب تحويل جميع الأموال إلى ذهبٍ أو عملاتٍ صعبةٍ، بل يُنصح بتوزيع المدّخرات بين أدواتٍ مختلفةٍ لتحقيق توازنٍ بين الأمان والسّيولة.
  2. ما أول خطوة يجب اتخاذها لحماية الأموال؟
    أوّل خطوةٍ يجب اتّخاذها لحماية الأموال، هو تكوين صندوق طوارئٍ يغطّي 3 إلى 6 أشهر من النّفقات، لضمان الاستقرار في حالات فقدان الدّخل.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: