الرئيسية الريادة 7 طرق لضمان استمرار ثقافة الشركة بعد انتقال القيادة

7 طرق لضمان استمرار ثقافة الشركة بعد انتقال القيادة

لا ينبغي أن ينظر إلى انتقال القيادة بوصفه لحظة انقطاعٍ عن الماضي، بل باعتباره فرصةً لتجديد الالتزام بالقيم الّتي جعلت الشّركة عظيمةً منذ بدايتها

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشكّل انتقال القيادة داخل أيّ مؤسّسةٍ لحظةً حاسمةً قد تعيد رسم ملامح الهويّة الدّاخليّة للشّركة وتوجّهاتها الإستراتيجيّة في آنٍ واحدٍ. فحين يترك القائد المؤسّس أو المدير التنفيذيّ الحاليّ موقعه، لا يتغيّر فقط الاسم الذي يتولّى زمام الأمور، بل تتبدّل معه أحياناً القيم وأساليب العمل وأنماط الاتّصال التي تراكمت عبر سنواتٍ طويلةٍ من التّجربة والخبرة. ومع أنّ التّغيير في القيادة يعدّ جزءاً طبيعيّاً من دورة حياة المؤسّسات، إلّا أنّ الحفاظ على ثقافة الشّركة خلال هذه المرحلة يصبح التّحدّي الأهمّ لضمان استمراريّة الأداء واستقرار البنية التّنظيميّة. إذ تؤثّر التّحوّلات الإداريّة العميقة في روح الفريق، وفي درجة التزام الموظّفين، وفي مستوى الانسجام الدّاخليّ، ما لم تدار بوعيٍ وبخططٍ محكمةٍ تراعي الأبعاد الإنسانيّة والتّنظيميّة معاً.

طرق لضمان استمرار ثقافة الشركة بعد انتقال القيادة

يشهد عددٌ كبيرٌ من المؤسّسات تغييراتٍ قياديّةً قد تهزّ تماسكها الدّاخليّ وتؤثّر في مسارها المستقبليّ، غير أنّ النّجاح الحقيقيّ يتحقّق حين تتمكّن الشّركة من صون ثقافتها وقيمها الأصيلة رغم انتقال القيادة وتبدّل الوجوه في قمّة الإدارة. ولتحقيق هذا التّوازن بين التّجديد والاستمراريّة، ينبغي أن تتّبع خطواتٌ مدروسةٌ تضمن بقاء جوهر المؤسّسة راسخاً مهما تغيّرت الظّروف والقيادات.

توثيق الثقافة المؤسسية وتحويلها من قيم شفهية إلى منظومة مكتوبة

يسهم توثيق القيم والمبادئ والسّلوكيات القياديّة في حمايتها من التّآكل أو التّغيير بعد انتقال القيادة؛ فحين تحوّل هذه القيم إلى نظامٍ مكتوبٍ واضحٍ، يسهل نقلها إلى الأجيال الجديدة من القادة والموظّفين دون تشويهٍ أو نسيانٍ. وينبغي أن يشمل هذا التّوثيق الرّؤية العامّة، وأسلوب اتّخاذ القرار، وأنماط الإدارة، وطريقة التّعامل مع النّجاحات والإخفاقات. وبهذا، يتمكّن القائد الجديد من فهم البنية الثّقافيّة للشّركة بسرعةٍ قبل أن يضيف بصمته الخاصّة عليها. وإنّ تحويل الثّقافة إلى دستورٍ مؤسّسيٍّ يجعلها مرجعاً ثابتاً لا يتأثّر بتبدّل الأشخاص أو تغيّر الزّمان.

إشراك الموظفين في مرحلة الانتقال لترسيخ الشعور بالاستمرارية

حين يشرك القادة الموظّفين في حوارٍ مفتوحٍ حول مرحلة انتقال القيادة، تزرع الثّقة ويخفّف التّوتّر النّاجم عن الغموض. فالناس بطبيعتهم يخشون المجهول، ولا سيّما حين يتعلّق الأمر بمستقبلهم المهنيّ. لذلك، ينبغي للإدارة السّابقة والجديدة أن تعلنا معاً عن الرّؤية القادمة وأن تؤكّدا التزامهما بالقيم المؤسّسيّة القائمة. ويساعد هذا التّواصل الشّفّاف على جعل الموظّفين شركاء في التّغيير لا متلقّين له فقط، كما يسهم في ترسيخ روح الانتماء داخل بيئة العمل. وإنّ الحوار الدّائم مع الفريق يحوّل القلق إلى طاقةٍ إيجابيّةٍ تدعم استقرار الثّقافة وتمهّد لتقبّل القيادة الجديدة دون مقاومةٍ أو ارتباكٍ. [1]

تدريب القادة الجدد على الثقافة لا على المهارات فقط

يخطئ كثيرٌ من المؤسّسات حين تركّز على إعداد القائد الجديد إداريّاً وتنسى تهيئته ثقافيّاً؛ فنجاح أيّ قيادةٍ جديدةٍ لا يقاس فقط بقدرتها على التّخطيط والتنظيم، بل بمدى انسجامها مع قيم الشّركة وهويّتها. لذلك، يجب أن تتضمّن برامج التّدريب التّعريفيّ جلساتٍ معمّقةً حول تاريخ المؤسّسة، وقراراتها المفصليّة، وأسلوب تفاعلها مع التّحدّيات. كما ينبغي تعريف القائد الجديد بثقافة التّواصل الدّاخليّ، وأنماط التّحفيز، وأسس بناء الثّقة بين الفرق. وبهذه الطّريقة، يقود القائد من داخل الثّقافة لا من خارجها، فيواصل البناء على ما أسّسه من سبقوه بدل أن يبدأ من الصّفر.

المحافظة على الرموز المؤسسية والعادات اليومية

تحمل كلّ شركةٍ في تفاصيلها الصّغيرة رموزاً تعبّر عن ثقافتها العميقة، سواءٌ في طريقة الاحتفال بالإنجازات أو في أسلوب الاجتماعات أو حتّى في تصميم المكاتب. وعندما يحدث انتقال القيادة، قد يميل القائد الجديد إلى تغيير هذه الطّقوس لإظهار بصمته الشّخصيّة، إلّا أنّ التّسرّع في ذلك قد يفقد الشّركة شعورها بالهويّة. لذلك، يستحسن الإبقاء على بعض الرّموز والعادات التي تمثّل ذاكرة المؤسّسة، لأنّها تمنح العاملين إحساساً بالاستقرار والاستمراريّة. ومع مرور الوقت، يستطيع القائد الجديد أن يطوّر الشّكل دون أن يمسّ الجوهر، فيحافظ بذلك على التّوازن بين الحداثة والهويّة الأصيلة.

تحديد قيم أساسية غير قابلة للمساومة

لا تستطيع أيّ ثقافةٍ مؤسّسيّةٍ أن تستمرّ بعد انتقال القيادة ما لم تحدّد بوضوحٍ القيم الجوهريّة الّتي تشكّل أساس البناء النّفسيّ والسّلوكيّ للمؤسّسة. فالنّزاهة، والعمل الجماعيّ، واحترام العميل، والشفافيّة، ليست مجرّد مبادئ جميلةٍ تعلن في الاجتماعات أو تكتب على الجدران، بل هي الأعمدة الّتي يقوم عليها السّلوك اليوميّ داخل الشّركة. وعندما تعلن هذه القيم بصراحةٍ وتدرج في سياسات العمل وأنظمة التّقييم والمكافآت، تتحوّل من مجرّد شعاراتٍ إلى ممارساتٍ واقعيّةٍ يعيشها الموظّفون في كلّ تفصيلٍ من تفاصيل يومهم. إنّ وضع خطوطٍ فاصلةٍ بين ما يمكن تطويره وما يجب الحفاظ عليه يتيح للقادة الجدد مسافةً آمنةً للابتكار في إطار الهويّة الثّابتة، فيضمن بذلك استمراريّة الثّقافة دون أن تقع المؤسّسة في جمودٍ يعيق تطوّرها. [2]

تمكين القادة الداخليين ليكونوا الجسر بين الماضي والمستقبل

حين تختار المؤسّسة بعض القيادات الجديدة من داخلها أو تمنح المدراء القدامى دوراً فاعلاً في مرحلة التّغيير، تسهّل على نفسها عبور مرحلة انتقال القيادة بسلاسةٍ واتّزانٍ أكبر. فهؤلاء الّذين عاشوا التّجربة الطّويلة داخل المؤسّسة يمثّلون ذاكرتها الحيّة، ويحملون في ذاكرتهم القصص الّتي صاغت ملامحها. يستطيع هؤلاء نقل ثقافتها إلى الجيل الجديد بصدقٍ ووعيٍ، فيربطون بين جذور الماضي وإمكانات المستقبل. ويمكن للإدارة الجديدة أن تستعين بهم بوصفهم مستشارين أو "حرّاس الثّقافة" لمراقبة مدى الالتزام بالقيم في المراحل الأولى من التّحوّل، وتقديم الملاحظات البنّاءة الّتي توجّه مسار القيادة الجديدة. وبهذا، يدمج القائد القادم في المنظومة التّنظيميّة تدريجيّاً دون أن يحدث صداماً أو يربك الإيقاع الدّاخليّ للمؤسّسة، بل يصبح جزءاً طبيعيّاً من نسيجها القياديّ.

بناء نظام تواصل داخلي يرسخ القيم ويجددها باستمرار

لا تصان الثّقافة بالخطابات الرّنّانة أو بالشّعارات الموسميّة، بل تحافظ عليها بالممارسة اليوميّة والتّذكير المستمرّ. لذلك، يجب أن تنشئ المؤسّسة نظاماً تواصليّاً فاعلاً يكرّس القيم ويجعلها جزءاً من لغة الحوار اليوميّ بين العاملين. ويمكن تحقيق ذلك عبر نشراتٍ دوريّةٍ تبرز قصص الالتزام بالقيم، أو لقاءاتٍ شهريّةٍ تسلّط الضّوء على تجارب تجسّد مبادئ المؤسّسة، أو منصّاتٍ رقميّةٍ داخليّةٍ تمكّن الموظّفين من تبادل الملاحظات والأفكار حول السّلوك المهنيّ. ومع مرور الوقت، يصبح هذا التّواصل اليوميّ جزءاً من نسق العمل، فيبقي الثّقافة حيّةً ومتجدّدةً، ويضمن بقاءها حاضرةً في وعي الجميع حتّى مع تغيّر القيادة أو إعادة هيكلة المؤسّسة.

خاتمة

لا ينبغي  أن ينظر إلى انتقال القيادة بوصفه لحظة انقطاعٍ عن الماضي، بل باعتباره فرصةً لتجديد الالتزام بالقيم الّتي جعلت الشّركة عظيمةً منذ بدايتها. فالثّقافة المؤسّسيّة لا تختزل في شعاراتٍ تعلّق على الجدران، بل تتجلّى في السّلوكيّات والممارسات اليوميّة الّتي تنتقل من جيلٍ إلى آخر كإرثٍ حيٍّ يعبّر عن روح المؤسّسة الحقيقيّة. وحين تدار مرحلة التّحوّل بعقلٍ منفتحٍ وتخطيطٍ محكمٍ، تستطيع المؤسّسة أن تضمن استمرار ثقافتها وهويّتها مهما تغيّرت الوجوه في قمّة الهرم الإداريّ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما الأسباب التي تجعل انتقال القيادة يؤثر في ثقافة الشركة؟
    يؤثّر انتقال القيادة في ثقافة الشّركة لأنّ القائد الجديد يأتي غالباً برؤيةٍ مختلفةٍ وأسلوب إدارة مغايرٍ، ما قد يغيّر طريقة اتّخاذ القرار، وأوّلويّات العمل، والعلاقات الدّاخليّة. كما أنّ القيادة ترتبط مباشرة بالقيم التّنظيميّة، لذلك يؤدّي تبدل القائد أحياناً إلى فقدان الانسجام بين الفريق والاتّجاه الجديد.
  2. كيف يمكن تجنب انهيار القيم المؤسسية بعد انتقال القيادة؟
    يمكن تجنّب انهيار القيم من خلال توثيق المبادئ الأساسيّة في أدلّةٍ مكتوبةٍ، وإدراجها ضمن أنظمة التّقييم والمكافآت، وضمان التزام الإدارة العليا بها. كما يُنصح بتعيين لجنةٍ داخليّةٍ أو فريقٍ من القيادات القديمة لمراقبة الحفاظ على الثّقافة خلال فترة الانتقال.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 6 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: