الرئيسية التنمية 8 طرق فعّالة للتواصل القيادي عبر فهم الشخصيات

8 طرق فعّالة للتواصل القيادي عبر فهم الشخصيات

إطارٌ عمليٌّ يعزّز التّواصل في بيئات العمل من خلال دمج الوعي الذّاتيّ والجماعيّ بأنماط الشّخصيّات المختلفة لتحقيق نتائج مستدامةٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

في بيئات العمل المتسارعة والمتنوّعة، يعدّ التّواصل الفعّال ركيزةً أساسيّةً في القيادة النّاجحة. وفي هٰذا السّياق، برز أحد الأطر العمليّة كمنطلقٍ ناجحٍ لتحسين التّواصل، قائماً على فهم تنوّع الشّخصيّات، وبناء الوعي بالذّات وبالفريق، لاتّخاذ خياراتٍ دقيقةٍ في لحظات التّواصل المفصليّة. سواءٌ أكنت تقود فريقاً صغيراً أو تشرف على منظّمةٍ كبيرةٍ، فإنّ تطبيق مبادئ تنوّع الشّخصيّات يضيف إلى أدائك أدواتٍ تمكّنك من الاقتراب بعمقٍ، والإلهام بثقةٍ، والإنصات بحسٍّ عالٍ.

ولتجسيد هٰذه المقاربة على أرض الواقع، يأتي إطار "الألوان الإلكترونيّة" ( E-Colors) كأداةٍ فعّالةٍ في فهم تركيبة الشّخصيّات داخل الفريق. فهو يقسّم الأنماط الشّخصيّة إلى أربعة ألوانٍ، يمثّل كلٌّ منها أسلوباً في التّفكير والتّواصل والإدارة، ويحمل كلّ فردٍ مزاجاً خاصّاً به، غالباً ما تتحكّم فيه نمطان سائدان يوجّهان تصرّفاته وتفاعله مع الآخرين.

تفسير لأنماط الشخصيات كما يمثلها إطار الألوان

فيما يلي، تفصيلٌ لكيفيّة تجلّي كل نمطٍ شخصيٍّ، وفق اللّون الّذي يمثله:

  • الأحمر (المبادر): توجهٌ نحو الفعل، وثقةٌ في النّفس، وصرامةٌ في القرار، وحرصٌ على النّتيجة. يفضّل الأحمر الاستلاء على الزّمام، واتّخاذ القرارات بسرعةٍ، والقيادة من الصّف الأمام.
  •  الأصفر (المجتمع):  تعبيرٌ واضحٌ، وحماسٌ متجددٌ، وتفاؤلٌ، وتلقائيّةٌ. يجلب الأصفر الطّاقة والإبداع، ويزدهر في بيئات التّفاعل والأفكار المستحدثة.
  •  الأزرق (المتعاطف):  اهتمامٌ بالآخرين، وتعاطفٌ، وولاءٌ، وتركيزٌ على العلاقات. يقدّر الأزرق الوئام، ويصغي جيداً، ويقدّم احتياجات الغير على مصالحه الشّخصيّة.
  • الأخضر (المفكّر): تحليليٌّ، دقيقٌ، حذرٌ، ومنهجيٌّ. يفضّل الأخضر المنطق، والتّنظيم، واتّخاذ القرارات المدروسة بعنايةٍ.

يجلب كلّ نمطٍ شخصيٍّ معه مزايا متميزةً وقيوداً محتملةً. وعندما نفشل في فهم هٰذه الاختلافات، نميل إلى وصف الآخرين بأنّهم غير متفاعلين، أو حتّى غير كفءٍ. ولٰكن في الغالب، يكونون فقط يتصرّفون وفق مجموعةٍ مختلفةٍ من القيم والدّوافع.

8 طرق للتواصل بفعّاليّةٍ أكبر كقائدٍ وفق إطار "الألوان" الشّخصيّة

وفيما يلي، ثماني طرقٍ للتّواصل بفعّاليّةٍ أكبر كقائدٍ، وفقاً لهٰذا الإطار الشّخصي:

  • فهم نمط شخصيتك كقائد

يرتكز هٰذا الإطار في أساسه على معرفة الذّات، والّتي تتشكّل من مزيجٍ فريدٍ من أربعة أنماطٍ شخصيّةٍ رئيسيّةٍ، يمثّل كلٌّ منها لوناً: الأحمر (المبادر)، الأصفر (المجتمع)، الأخضر (المفكر)، والأزرق (المتعاطف). على سبيل المثال، فإنّ الشّخص الّذي يطغى عليه النّمط الأحمر يكون نشيطاً، حيويّاً، ومبادراً، فيما يتّسم الميل إلى الأزرق بالتّأني، والتّفكّر، ومراعاة الآخرين.

وبصفتك قائداً، يمكنك هٰذا الوعي بالذّات من تحديد نقاط القوة في تواصلك، والعوائق المحتملة. على سبيل المثال، إذا كان النّمط الأحمر ظاهراً في شخصيّتك، فقد تميل إلى التّسريع في اتّخاذ القرارات، ممّا قد يرهق أفراد الفريق الممثلين للنّمط الأخضر، والّذين يحتاجون إلى معلوماتٍ ومعطياتٍ أكثر قبل الحسم.

  • تعرّف إلى أنماط الشخصيات الأخرى

بقدر ما تُعدّ القيادة فنّاً في توجيه الرّؤية واتّخاذ القرار، فإنّها تتطلّب أيضاً حسّاً مرهفاً في قراءة البشر. من هنا، تبرز أهميّة أن يتقن القائد فنّ التّمييز بين أنماط الشّخصيّات داخل فريقه، وأن يُتقن التكيّف مع اختلافاتها. فعندما تدرك النّمط السّائد لدى كلّ فردٍ، وتفهم ميوله ودوافعه، يصبح بإمكانك أن تتواصل معه على نحوٍ أكثر فاعليّةً وتأثيراً.

على سبيل المثال:

  • وجّه المجتمعين (الأصفر) برؤيةٍ ملهمةٍ وروحٍٍ متّقدةٍ بالحماس.
  • خاطب المبادرين (الأحمر) بأسلوبٍ مباشرٍ وحاسمٍ، يعكس سرعة الإنجاز.
  • تعامل مع المتعاطفين (الأزرق) بحسٍّ إنسانيٍّ، واحتواءٍ يشعرهم بالتقّدير والانتماء.
  • وكن دقيقاً، منطقيّاً، غنيّاً بالبيانات والمعلومات عند مخاطبة المفكّرين (الأخضر).

 نصيحة جوهرية: لتفهم نمط الشّخصيّة بعمقٍ، راقب لغة الجسد، ونبرة الحديث، وآليّة اتّخاذ القرار. فتلك الإشارات الصّامتة كثيراً ما تكشف لك كيف تبني جسور تواصلٍ تتجاوز الكلمات.

  • استخدم "الاستدراك الشخصي" للتوقف والاستئناف

يشير مفهوم "الاستدراك الشّخصي" إلى القدرة على إنشاء فجوةٍ ذهنيّةٍ صغيرةٍ بين ردّ الفعل والاستجابة؛ هٰذه الفجوة تُتيح لك فرصة اختيار استجابةٍ متوافقةٍ مع قيمك ومتطلّبات الموقف، عوضاً عن الانجرار الفوريّ وغير المتعمّد.

وللقادة، تعدّ هٰذه المهارة حيويّةً في الظّروف المشحونة بالمشاعر أو الضّغوط الشّديدة. على سبيل المثال، بدلاً من التّصرف الدّفاعي عند تلقّي الانتقاد، استخدم الاستدراك الشّخصيّ لتوقّف الرّدّ، وتفكّر، ثم تجيب بشكلٍ بناءٍ. عندما تشعر بالاستفزاز، توقف لمدّةٍ تتراوح بين 3 إلى 5 ثوانٍ، واطرح على نفسك سؤالين: "ما النّتيجة التي أرجوها؟"  ثمّ "كيف أستطيع الرّدّ بوعيٍ ونيّةٍ؟"

  •  اجعل التواصل مناسباً لطبيعة الموقف

لا يكتفي القائد الفعّال بأسلوبٍ واحدٍ في التّواصل، حتّى وإن أثبت نجاحه في بعض المواقف. فالاتّكاء الكليّ على نمطٍ واحدٍ، دون مراعاة اختلاف الشّخصيّات والسّياقات، يحدّ من القدرة على التّأثير الحقيقيّ داخل الفريق. وهنا تبرز أهميّة المرونة، بوصفها مهارةً قياديّةً جوهريّةً.

على سبيل المثال، القائد ذو النّمط "الأصفر" (الاجتماعيّ المتحمّس) قد يبدع في تحفيز فريقٍ يشاركه الحماسة والانفتاح، لكنّه سيجد نفسه بحاجةٍ لتعديل هذا النّهج عندما يتعامل مع أعضاء تختلف أنماطهم. فالمفكّر "الأخضر" قد يحتاج إلى حججٍٍ منطقيّةٍ وبياناتٍ واضحةٍ. والمبادر "الأحمر" ينتظر وضوحاً وحسماً. أمّا المتعاطف "الأزرق"، فيتجاوب مع نبرةٍ هادئةٍ وأسلوبٍ يتّسم بالتفهّم والدّعم.

لذلك، على القائد أن يتقن فنّ التكيّف: أن يصوغ رسالته حسب من أمامه، ويضبط نبرته تبعاً لسياق الموقف. في اللّحظات المفصليّة، يصبح لحن الخطاب لا يقلّ أهميّةً عن مضمونه؛ فبعض الفرق تحتاج إلى التّوجيه، وأخرى إلى التّشجيع، وأخرى إلى الإصغاء العميق.

  • ابن ثقافة قائمة على الأمان النفسي

يُعدّ الأمان النّفسي -أي شعور الفرد بالقدرة على التّعبير عن رأيه دون خوفٍ من اللّوم أو النّقد أو الاستهزاء- ركيزةً أساسيّةً في بناء تواصلٍ فعّالٍ داخل أيّ فريق عملٍ. ومن دونه، تتضاءل فرص المشاركة الحقيقيّة، وتتراجع الأفكار الخلّاقة خلف جدران الصّمت والتّحفّظ.

لكن تحقيق هذا الأمان لا يتم تلقائيّاً، بل يتطلّب وعياً قيادياًّ حقيقيّاً. على سبيل المثال، قد يتسبّب القائد المنتمي للنّمط "الأحمر" (المبادر) ـبحزمه ووضوحه الحاد- ّفي إشعار الزّملاء الهادئين من النّمط "الأزرق" (المتعاطف) أو "الأخضر" (المفكّر) بالتّردّد أو حتّى الانسحاب، دون أن تكون تلك نيّته.

وهنا تتجلّى أهميّة المرونة في التّواصل؛ فالقائد الواعي يتعلّم أن يتوقّف قليلاً قبل أن يتحدّث، ويهيّئ المساحة لوجهات النّظر المتنوّعة، لا سيما من الأصوات الأقلّ حضوراً في الحوار. لا يكفي أن تسألهم عن آرائهم فحسب، بل عليك أن تُظهر صراحةً أنّ مساهماتهم محلّ تقدير.

واستخدم عباراتٍ تعزّز الأمان النّفسيّ وتفتح الأبواب أمام المشاركة، مثل: أقدّر وجهة نظرك في هذا الموضوع." أو: "يسعدني أن أسمع رأيك، حتى وإن اختلف." بهذا الأسلوب، لا تكتفي بإدارة الحوار، بل تبني بيئةً ينمو فيها الاحترام، وتزدهر فيها الأفكار، مهما اختلفت أنماط الشّخصيّات.

  • وضح التوقعات واستمع بفعالية

ينشأ كثيرٌ من سوء الفهم في الفرق بسبب الافتراضات الضّمنيّة أو التّوقعات المبهمة. لذٰلك، على القائد أن يكون متعمّداً في طريقة الإيضاح، خصوصاً مع أفراد الفريق الّذين تختلف أنماطهم الشّخصيّة عن نمطه. فالموظّف الأخضر (المفكّر) قد يفضّل التّعليمات المكتوبة والمنظّمة، فيما يفضّل الأصفر (المجتمع) توجيهاً سريعاً وشفهيّاً. لذٰلك، استمع باهتمامٍ لما يحتاجه الآخرون، لا لما تظن أنّه أنسب لك.

وكخطوةٍ تطبيقيّةٍ، اطلب في ختام الحوار من أفراد الفريق أن يعيدوا صياغة ما فهموه؛ فذٰلك لا يحقّق الوضوح فقط، بل يبرز احترامك لفهمهم وتفاعلهم.

  • قدّم تغذية راجعة تلقى صدى

تعدّ التّغذية الرّاجعة المجدية من أبرز مهارات القيادة، ويساعدك إطار "الألوان" على تفصيلها بما يحقّق الأثر المنشود. على سبيل المثال:

  • أفراد النّمط الأحمر (المبادرون) يقدّرون المباشرة، فلا تزين الرّسالة ولا تخفها خلف المجاملات.
  • أفراد النّمط الأصفر (المجتمعون) يستجيبون للتّشجيع الحماسيّ.
  • أفراد النّمط الأخضر (المفكرون) يحتاجون إلى تفاصيل دقيقةٍ وتبريراتٍ منطقيةٍ.
  • أفراد النّمط الأزرق (المتعاطفون) يفضّلون تلقي التّغذية الرّاجعة بلطفٍ وتعاطفٍ.

لذٰلك، فصل تغذيتك الرّاجعة وفق نمط شخصيّة كلّ فردٍ في الفريق، وميوله التّواصليّة، لتحقيق أقصى درجات التّأثير والتّفاعل.

  • كن نموذجاً في الضعف المبني على الوعي

في نهاية المطاف، تبقى أهمّ أدوات القائد وأكثرها تأثيراً هي الصّدق والأصالة. فحين يشارك القائد تحديّاته الشّخصيةّ في التّواصل، أو يعترف بأخطاءٍ سابقةٍ ارتكبها، فإنّه لا يُضعف صورته، بل يغرس الثّقة، ويجسّد نموذجاً حيّاً للنّموّ الحقيقيّ.

وعندما ينساق -كأيّ إنسانٍ- نحو ردّة فعلٍ انفعاليّةٍ، ثم يتنبّه لذلك ويعدّل سلوكه في اللّحظة نفسها، فهو يوجّه رسالةً بالغة العمق: أنّ النّضج الشّخصيّ ليس حالةً نهائيّةً، بل مسيرة مستمرّة، وأنّ التّطوّر ليس خياراً، بل قيمةً نعيشها.

اغتنم لقاءات الفريق لتشارك لحظات التّعلّم الذّاتيّ، لا بوصفك قائداً معصوماً، بل إنساناً يسعى دائماً نحو الأفضل. وادعُ الفريق، بلغةً متواضعةً وواثقةً، ليكون شريكك في هذه المسيرة، ويعينك على البقاء قريباً من أفضل نسخةٍ منك.

عن المؤلف

بول غرانت هو رائد أعمالٍ متسلسلٌ، وأحد أبرز الخبراء في مجال تنوّع الشّخصيّات، شارك في تأليف كتابٍ بعنوان "الشّخصيّات المعاد مزجها"  (Personalities Remixed).

8 طرق فعّالة للتواصل القيادي عبر فهم الشخصيات

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 8 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: