هل يستطيع فريقك الاستمرار دون مدير؟ اكتشف الخطوة التالية
عندما يعمل فريقك بكفاءةٍ دون إشرافٍ مباشرٍ لمدّةٍ طويلة، هل يعني ذلك أنّ الفريق لا يحتاج إلى مدير؟ أم أنّك تحتاج إلى تغيير المدير؟
إذا كان فريقُك يعمل بكفاءةٍ ودون إشرافٍ مباشرٍ لمدةٍ تزيد عن ستة أشهرٍ، فهذا يدّل على قوّة الفريق وقدرته على العمل بشكلٍ مستقلٍّ، ولكنَّ هذه الظّاهرة تثير تساؤلاتٍ عميقةً حول طبيعة القيادة المطلوبة. يمكن أن يشير هذا الوضعُ إلى أنَّ الفريقَ قد تجاوز مرحلةَ الاعتماد على الإشراف اليوميّ المباشر، ولكنه يطرح أيضاً أسئلةً حول ما إذا كان هذا النجاحُ يعني غيابَ الحاجة إلى مديرٍ أو إلى نوعٍ معينٍ من القيادة.
عندما نقول إنَّ الفريقَ يعمل دون إشرافٍ مباشرٍ، فنحن نتحدّث عن دينامياتٍ داخليةٍ تترجم إلى قدرةٍ على اتخاذ القرارات، توزيع المهام، وحلّ المشكلات دون الحاجة إلى توجيهاتٍ يوميةٍ. لكنَّ هذا لا يعني بالضرورة أنَّ الفريقَ لا يحتاج إلى قيادةٍ، بل ربما يعني أنَّ نوعَ القيادة المطلوبة قد تغيَّر. القيادةُ ليست مجرّدَ شخصٍ يجلس على مكتب المدير ويعطي الأوامرَ، بل هي عمليةٌ مستمرّةٌ من التّوجيه، الرّؤية الاستراتيجية، والتّحفيز.
قد يكون الفريقُ قد نجح في إدارة الأمور اليوميّة بكفاءةٍ، ولكنَّ هناك دائماً حاجةٌ إلى رؤيةٍ أكبرَ، إلى شخصٍ يمكنه توجيهَ السّفينة نحو أهدافٍ جديدةٍ، إلى شخصٍ يضع الأهدافَ الطّويلةَ الأمد ويتأكد من أنَّ الجميعَ يعملون نحو تحقيقها. هنا يأتي دورُ المدير أو القائد في التّأكد من أنَّ الفريقَ لا يكتفي فقط بالحفاظ على الوضع الرّاهن، بل يسعى دائماً لتحقيق مزيدٍ من التّقدّم والابتكار.
في مثل هذه الحالة، من الضروريّ أن يتوقّفَ صاحبُ القرار ويفكّرَ مليّاً: هل يحتاج الفريقُ إلى قائدٍ جديدٍ يقودُه نحو أهدافٍ أكبرَ؟ أم أنَّ الفريقَ يمتلكُ بالفعل القدرةَ على توجيه نفسه دون الحاجة إلى هيكليةٍ قياديةٍ تقليديةٍ؟ إذا كان الفريقُ قد أظهر قدرةً عاليةً على العمل المستقلّ، فقد يكون من الأنسبِ البحثُ عن قائدٍ من داخلَ الفريقِ، شخصٍ يعرف الدينامياتِ الداخليةَ ولديه القدرةُ على استغلالِ هذه الكفاءاتِ لتحقيقِ نتائجَ أفضلَ.
ولكن ماذا لو كانت حاجةُ الفريقِ تتجاوز مجردَ الحفاظِ على الكفاءةِ الحاليةِ؟ ماذا لو كان الفريقُ بحاجةٍ إلى رؤيةٍ جديدةٍ، إلى شخصٍ يأتي بأفكارٍ جديدةٍ وخبراتٍ مختلفةٍ يمكنها أن تدفعَ الفريقَ إلى مستوىً أعلى؟ في هذه الحالةِ، قد يكون من الضروريِّ البحثُ عن قائدٍ من خارجِ الفريقِ، شخصٍ يمكنه أن يقدمَ منظوراً جديداً ويتعامل مع التحدياتِ بطريقةٍ مبتكرةٍ.
الانتقالُ من حالةِ الفريقِ المستقلِّ إلى تعيينِ مديرٍ جديدٍ يجب أن يتمّ بعنايةٍ. إذا قررت أنَّ الفريقَ بحاجةٍ إلى قائدٍ جديدٍ، فمن المهمِّ أن يكون هذا القائدُ قادراً على إدخالِ تحسيناتٍ حقيقيةٍ وليس فقط الحفاظِ على الوضعِ الراهنِ. يجب أن يكون لديه رؤيةٌ واضحةٌ للمستقبلِ، وأن يكون قادراً على تحفيزِ الفريقِ للوصولِ إلى أهدافٍ جديدةٍ.
إضافةً إلى ذلك، يجب أن يكون القائدُ الجديدُ قادراً على احترامِ الاستقلاليةِ التي طوّرها الفريقُ على مدى الشّهورِ السّتةِ الماضيةِ. يجب أن يفهمَ أنَّ الفريقَ قد أثبت قدرتَه على العملِ بشكلٍ مستقلٍّ، وأنَّ دوره هو تقديمُ الدعمِ والرؤيةِ وليس التدخلَ في كلِّ التفاصيلِ الصغيرةِ. القيادةُ الناجحةُ في هذا السياقِ تعني إيجادَ التوازنِ بين التوجيهِ والتمكينِ.
من ناحيةٍ أخرى، إذا كان هناك أحدُ أعضاءِ الفريقِ الذي أظهر مهاراتٍ قياديةً غيرَ رسميةٍ خلال هذه الفترةِ، فقد يكون من المناسبِ التّفكيرُ في ترقيتِه إلى دورٍ قياديٍّ. هذا الشخصُ يعرف الفريقَ بشكلٍ جيدٍ، ويحظى بثقةَ زملائِه اللّازمةَ، وربما يكون هو القادرَ على تقديمِ تلك القيادةِ المطلوبةِ دون الحاجةِ إلى تغييرٍ كبيرٍ في دينامياتِ العملِ.
في النهايةِ، يجب أن يكون القرارُ مبنيّاً على فهمٍ عميقٍ لاحتياجاتِ الفريقِ وأهدافِ الشركةِ. البقاءُ في وضعِ الانتظارِ أو الجمودِ قد يؤدي إلى تراجعٍ في الأداءِ أو إلى فقدانِ الفرصِ لتحقيقِ المزيدِ من النجاحِ. القيادةُ ليست مجردَ منصبٍ، بل هي دورٌ ديناميكيٌّ يتطلب القدرةَ على التحليلِ، اتخاذِ القراراتِ في الوقتِ المناسبِ، وتوجيهِ الفريقِ نحو النجاحِ المستدامِ.
إذاً، الاستفاضةُ في التفكيرِ حول الحاجةِ إلى قائدٍ جديدٍ يجب أن تأخذَ في الاعتبار جميعَ هذه العواملِ. قد يكون الفريقُ قد أثبت كفاءته، ولكنَّ السؤالَ الذي يجب أن تطرحه على نفسك هو: ما الذي يحتاجه الفريقُ ليحققَ المزيدَ؟ وكيف يمكن أن تسهمَ القيادةُ الصحيحةُ في تحقيقِ هذا الهدفِ؟