ما هو الذكاء الاصطناعي؟ من أسس نظرية إلى تطبيقات عملية
تحوّلٌ رقميٌّ متسارعٌ أحدث تحوّلاً جذريّاً في أساليب الإدراك والتّفاعل، وغيّر معالم الواقع في مختلف مجالات الحياة المهنيّة والشّخصيّة

لم يعد الذكاء الاصطناعي فقط مجرّد نظريّاتٍ ومفاهيم تقنيّةٍ، بل أصبح أداةً قويّةً تستخدمها الشّركات والمنظّمات والأفراد لتحسين أدائهم وتسريع عمليّاتهم واتّخاذ القرارات. وفي المجال التّجاريّ، تشهد منصّات التّسويق الإلكترونيّ وشركات التّجزئة استخدام الذكاء الاصطناعي لتوصية المنتجات وتحليل سلوك المستهلكين بدقّةٍ عاليةٍ، ممّا يساعد على زيادة المبيعات ورضا العملاء.
أمّا في المجال الطّبّيّ، تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض وتحليل الصّور الطّبّيّة، وذلك بدقّةٍ وسرعةٍ فوق ما يستطيعه الإنسان، ممّا يساهم في تحسين خدمات الرّعاية الصّحّيّة وتقليل مخاطر الأخطاء. ومع ذلك، يتطلّب فهم هذه التّقنيّة وقدراتها غوصاً أعمق في مفاهيمها والتّقنيّات الّتي تبني عليها، إضافةً إلى معرفة التّطوّر التّاريخيّ لهذا المجال، وتطبيقاتها الحيّة في مختلف صعود الحياة، وكونها مصدراً للتّحدّيات التّقنيّة والأخلاقيّة، مع النّظر إلى المستقبل والفرص المتوقّعة في هذا المجال.
تعريف الذكاء الاصطناعي
يُعرّف الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence - AI) بأنّه علمٌ وفنٌّ يهتمّ بتصميم وتطوير آلاتٍ ونظمٍ ذكيّةٍ تستطيع أن تحاكي القدرات الذّهنيّة للبشر، مثل: الفهم والتّعلّم والتّفكير والتّخطيط والتّفاعل مع المحيط واتّخاذ القرارات. [1]
يشمل هذا المجال بناء نظمٍ حاسوبيّةٍ توفّر للآلات القدرة على معالجة المعلومات بطريقةٍ تمكّنها من التّعرّف على الأنماط والقيم والاستنتاج والتّعلّم من الخبرة وتحسين أدائها مع مرور الزمن، ممّا يمكّنها من أداء مهامٍ معقّدةٍ كتفسير البيانات والتّواصل بلغة الإنسان والتّخطيط لحلّ المشكلات المتنوّعة. على سبيل المثال، تستخدم نظم الذكاء الاصطناعي خوارزميّاتٍ رياضيّةً وإحصائيّةً لتحليل كمّيّاتٍ كبيرةٍ من البيانات، واستخراج أنماطٍ وعلاقاتٍ مخفيّةٍ فيها، ومن ثمّ اتّخاذ قراراتٍ وتوصياتٍ دقيقةٍ تساعد على حلّ مشاكل كثيرةٍ في مجالاتٍ مثل: الطّبّ، والتّجارة، والصّناعة، وغيرها.
إضافةً إلى ذلك، يُطبّق الذكاء الاصطناعي في مجال معالجة اللّغة الطّبيعيّة (Natural Language Processing)، حيث تتعلّم الآلات فهم النّصّ والصّوت والتّفاهم مع الإنسان بطريقةٍ تقريبيّةٍ لطريقة تفكيره وتعابيره. ويمكّن الذكاء الاصطناعي أيضاً الآلات من التّعلّم الذّاتيّ، حيث تستخدم خبراتها والمعلومات السّابقة لتحسين أدائها دون تدخّلٍ بشريٍّ مستمرٍّ؛ هذا ما يسمّى "التّعلّم الآليّ" (Machine Learning)، وهو أساس كثيرٍ من تقنيّات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
يمكن قول إنّ الذكاء الاصطناعي هو مجموعةٌ من التّقنيّات والأدوات والنّظم الّتي تمكّن الآلات من أداء مهامٍّ تتطلب ذكاءً وفهماً، ممّا يفتح أبواباً كبيرةً لتطوير العالم وتحسين جودة الحياة في مختلف المجالات.
تاريخ الذكاء الاصطناعي
يعتبر الذكاء الاصطناعي من أقدم الأفكار في مجال علوم الحاسوب، إذ يرتبط حلم خلق عقلٍ آليٍّ وقدرةٍ على التّفكير واتّخاذ القرار بالعصور القديمة والأساطير، ولكن البحث العلميّ الفعليّ في هذا المجال يرتدّ إلى القرن العشرين. ففي عام 1950، قدّم العالم آلان تورينج اختباراً يسمّى "اختبار تورينج" لقياس مدى قدرة الآلة على إظهار سلوكٍ ذكيٍّ يشبه البشر.
وفي عام 1956، عقد "مؤتمر دارتموث" (Dartmouth Conference) الّذي عُدّ نقطة انطلاقٍ لتأسيس مجال الذكاء الاصطناعي كمجالٍ علميٍّ مستقلٍّ. وخلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين، شهد المجال نموّاً كبيراً في نظمٍ تدعى "النّظم الخبيرة" (Expert Systems)، وهي أنظمةٌ تعتمد على قواعد ومعارف صريحةٍ لاتّخاذ القرارات وحلّ المشكلات.
إلّا أنّه في مواقع متعدّدةٍ، وبسبب محدوديّة القدرات الحاسوبيّة وقلّة البيانات، حدث ما يسمّى "فترات الشتاء الاصطناعي" (AI Winter) حيث تعثّر تقدّم المجال وانحسرت الأبحاث والاستثمارات فيه. وفي القرن الحادي والعشرين، انطلقت الثّورة الحديثة في الذكاء الاصطناعي بفضل ازدياد قوّة الحواسيب، وتراكم كمّيّاتٍ ضخمةٍ من البيانات، وظهور تقنية "التّعلّم العميق" (Deep Learning) الّتي أحدثت تطوّراً كبيراً في مجال التّعلّم الآليّ وتطبيقاته. [2]
التصنيفات الأساسية للذكاء الاصطناعي
يمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي باعتبار القدرة والوظيفة الّتي يؤدّيها إلى أصنافٍ رئيسيّةٍ تتفاوت في مدى تعقيدها ومدى تمكّنها من التّعامل مع مهامٍّ متنوّعةٍ، ونوجزها فيما يلي:
1. الذكاء الاصطناعي الضيق (Artificial Narrow Intelligence - ANI)
يعرف أيضاً بالذّكاء المتخصّص أو الذّكاء المحدّد، وهو أبسط أنواع الذكاء الاصطناعي والأكثر وجوداً في حياتنا اليوميّة. يتخصّص هذا النّوع في أداء مهمّةٍ واحدةٍ أو مجموعةٍ محدودةٍ من المهامّ بدقّةٍ وفعّاليّةٍ عاليةٍ، ولا يملك قدرة التّعلّم والتّطوّر خارج نطاق هذه المهامّ. ومن أمثلة هذا النّوع:
- أنظمة تعرّف الوجوه الّتي تستخدم في الهواتف الذّكيّة والمطار، وتسمح بتحقيق الأمن وتسهيل الوصول.
- التّرجمة الآليّة الّتي تتيح للمستخدمين التّفاهم بين لغاتٍ مختلفةٍ.
- أنظمة التّشخيص الطّبّيّ الّتي تساعد الأطبّاء على تشخيص الأمراض من خلال تحليل الصّور والبيانات الطّبّيّة.
يعدّ الذكاء الاصطناعي الضيق حاليّاً أكثر أنواع الذّكاء شيوعاً، ويستخدم في تطبيقاتٍ عديدةٍ بمختلف الصّناعات والمجالات.
2. الذكاء الاصطناعي العام (Artificial General Intelligence - AGI)
يطلق عليه أيضاً الذّكاء الشّامل أو الذّكاء البشريّ الصّناعيّ، ويتميّز بقدرته على أداء أيّ مهمّةٍ عقليّةٍ يستطيع الإنسان أداءها، ممّا يجعله أكثر مرونةً وتعقيداً من الذّكاء الضّيّق. يستطيع هذا النّوع التّعلّم والتّطوّر بوسائل عديدةٍ ويتأقلم مع وضعيّاتٍ جديدةٍ ومتنوّعةٍ بغير حاجةٍ إلى تدخّلٍ بشريٍّ مستمرٍّ. حتّى الآن، يبقى الذكاء الاصطناعي العامّ مجرّد نظريّةٍ ومراهنةً بحثيّةً، ولم تطوّر نظمٌ قادرةٌ على معادلة الذكاء البشري في كلّ مجالٍ ومهمّةٍ، ويعمل العلماء والباحثون حاليّاً على تحقيق هذه الرّؤية.
3. الذكاء الاصطناعي الفائق (Artificial Super Intelligence - ASI)
يمثّل هذا النّوع مرحلةً مستقبليّةً في تطوّر الذكاء الاصطناعي، يتفوّق فيها الذّكاء على أعظم قدرات الإنسان ويتجاوزها في كلّ مجالٍ، ممّا يشمل:
- الإبداع والخيال.
- الحكمة والفهم العميق للمشكلات المعقّدة.
- التّخطيط واتّخاذ القرارات في وضعيّاتٍ غير متوقّعةٍ.
يعدّ الذّكاء الفائق مصدر نقاشٍ وخوفٍ أخلاقيٍّ وفنّيٍّ، حيث يحدّد ما إذا كان سيساعد البشر في التّطوّر والرّقيّ، أو يكون مخاطرةً تحول بين الإنسان والقيادة والتّحكّم.
تكمن أهمّيّة هذه التّصنيفات في توجيه البحث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وفهم مدى التّقدّم والمسار الّذي تسلكه التّقنيّات المختلفة في هذا المجال.
أمثلة عملية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
فيما يلي بعض الأمثلة العمليّة الّتي توضّح كيف يتم دمج الذكاء الاصطناعي في مجالاتٍ مختلفةٍ لتحقيق نتائج فعّالةٍ ومؤثّرةٍ:
الرعاية الصحية
يعدّ الذكاء الاصطناعي من أكثر التّقنيّات تأثيراً في مجال الرّعاية الصّحّيّة، حيث يساعد على تحليل كمّيّاتٍ هائلةٍ من المعلومات الطّبّيّة بدقّةٍ وسرعةٍ فوق ما يقدر عليه الإنسان. في مجال تشخيص الأمراض، تستخدم نظم الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأشعّة الرّقميّة مثل الأشعّة السّينيّة والرّنين المغناطيسيّ، لتحديد وجود أورامٍ أو تغيّراتٍ شاذّةٍ في الأنسجة.
عن طريق تحليل الجينوم والبيانات الوراثيّة، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف مواضع خطر وراثيّةٍ وتوجيه العلاج بشكلٍ أكثر فعّاليّةٍ. أيضاً، يسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليّات تطوير الأدوية، حيث تستخدم نماذج محاكاةٍ للتّنبؤ بتأثيرات المركّبات الدّوائيّة على الأجساد، ممّا يقلّل من التّكلفات والزّمن اللّازمين للاختبارات المبكّرة.
2. السيارات ذاتية القيادة
تعتمد السّيّارات الذّكيّة على جمهورٍ من الحسّاسات والكاميرات والرّادارات لجمع معلوماتٍ حول المحيط، تُعالج بوسائل الذكاء الاصطناعي لفهم البيئة واتّخاذ قرارات القيادة.
تستفيد هذه الأنظمة من خوارزميّات التّعلم العميق لتحديد العوائق مثل: المشاة، السّيارات الأخرى، والعوائق المحتملة على الطّريق، ممّا يساعد على تجنّب الحوادث وتحسين سلامة النّقل بشكلٍ عامٍ.
3. التجارة الإلكترونية
تعدّ أنظمة التّوصية من أهمّ تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ في هذا المجال، حيث تحلّل تاريخ تصفّح وشراء المستهلك لتقديم منتجاتٍ أو خدماتٍ مختلفةٍ يُرجّح أن تهمّه. تستخدم المتاجر الشّبكيّة أيضاً الدّردشة الآليّة (Chatbots) لتقديم دعمٍ فنّيٍّ وخدمة عملاءٍ في أيّ وقتٍ، ممّا يحسّن تجربة العملاء ويوفّر الوقت والمجهود.
4. الروبوتات
تستخدم الرّوبوتات المدعّمة بالذكاء الاصطناعي في مجال الصّناعة لأداء مهامٍّ معقّدةٍ كالتّركيب والفحص والتّغليف، بدقّةٍ وسرعةٍ تفوق القدرات البشريّة. في مجال خدمة العملاء، تستخدم روبوتات التّحدّث والمحادثة لتقديم المساعدة وحلّ المشاكل بطريقةٍ شخصيّةٍ ومناسبةٍ.
5. الأمن السيبراني
يساعد الذكاء الاصطناعي في رصد وكشف الهجمات الإلكترونيّة وتحليل أنماط السّلوك المُشتبه فيها، ممّا يمكّن أنظمة الأمن من التّصرّف السّريع والواجهة للخطر. تستخدم أيضاً أنظمة التّحقّق البيومتريّ كالتّعرّف على الوجوه وبصمات الأصابع لتحسين أمن النّظم ومناصب الدّخول.
تُظهر هذه الأمثلة كيف أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزّأ من التّقنيّات الحديثة في مختلف مجالات الحياة والصّناعة، ويستمرّ في تطوير الطّرق والأدوات الّتي تحسّن جودة الخدمات وتوفّر الوقت والمصاريف.
شاهد أيضاً: مستقبل الذكاء الاصطناعي بين التفاؤل والتحديات!
فوائد الذكاء الاصطناعي
يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تحسين الأداء في العديد من المجالات من خلال تطبيقاتٍ مبتكرةٍ تساهم في تسريع العمليّات وتحقيق نتائج دقيقةٍ. وفيما يلي أبرز الفوائد الّتي يقدمها الذّكاء في مختلف القطّاعات:
- تحسين الإنتاجيّة: يمكّن الذكاء الاصطناعي من إنجاز المهامّ بسرعةٍ ودقّةٍ عاليةٍ، ممّا يعزّز كفاءة الأعمال ويوفّر وقتاً وجهداً.
- تحليل كمّيّاتٍ ضخمةٍ من البيانات: يستطيع الذكاء الاصطناعي معالجة وتحليل مجموعاتٍ كبيرةٍ من البيانات بكفاءةٍ تفوق القدرات البشريّة، ممّا يمكّن من استنتاج أفكارٍ وتوصياتٍ دقيقةٍ.
- دعم اتّخاذ القرار: يقدّم الذكاء الاصطناعي توصياتٍ وحلولاً مبنيّةً على تحليل بياناتٍ وأساسيٍّ علميّةٍ، ممّا يساعد صنّاع القرار على اتّخاذ قراراتٍ أفضل.
- أتمتة المهامّ المتكرّرة: يمكّن الذكاء الاصطناعي من تحويل العمل الرّوتينيّ إلى أنظمةٍ آليّةٍ، ممّا يفرّغ البشر للتّركيز على المهامّ المعقّدة والإبداعيّة.
- ابتكاراتٌ جديدةٌ: يساعد الذكاء الاصطناعي على اكتشاف حلولٍ لمشكلاتٍ معقّدةٍ كانت صعبة التّعامل معها بالطّرق التّقليديّة، ويسهّل تطوير تقنيّاتٍ ومنتجاتٍ جديدةٍ.
تحديات الذكاء الاصطناعي
رغم الفوائد العديدة الّتي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، إلّا أنّ هناك تحدياتٍ كبيرةً تواجه تطبيقاته. وفيما يلي بعضٌ من أبرز هذه التّحديات:
- قضايا الخصوصيّة: يُثير جمع كمّيّاتٍ كبيرةٍ من البيانات لتدريب النّظم المخاوف حول حماية خصوصيّة المستخدمين ومنع استغلال معلوماتهم الشّخصيّة بطرقٍ غير أخلاقيّةٍ.
- التّحيّز في البيانات: عندما تحتوي البيانات الّتي تستخدم في تدريب النّظم على أحداث تحيّزٍ أو تمييزٍ، قد تعزّز النّظم هذه التّحيّزات وتنتج قراراتٍ غير عادلةٍ أو مجحفةٍ ضدّ فئاتٍ معيّنةٍ.
- فقدان الوظائف: قد يؤدّي استبدال البشر بالآلات والنّظم الذّكيّة في بعض الصّناعات والمهامّ إلى ارتفاع معدّلات البطالة وتحدّياتٍ اجتماعيّةٍ واقتصاديّةٍ.
تتطلّب قرارات الذكاء الاصطناعي في الحالات الحرجة، مثل: الحوادث المفاجئة الّتي قد تواجهها السّيارات ذاتيّة القيادة، إطاراً قانونيّاً وأخلاقيّاً يحدّد كيفيّة التّعامل مع هذه المواقف. كما يجب تحديد المسؤوليّة القانونيّة بشكلٍ واضحٍ في حال وقوع أخطاءٍ أو أضرارٍ ناتجةٍ عن نظم الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته
يعتبر موضوع أخلاقيّات الذكاء الاصطناعي من أهمّ الجهات الّتي تتطلّب دراسةً وتنظيماً دقيقين، حيث يشمل مجموعةً من المبادئ والمعايير الّتي تضمن استخدام التّقنيّات بشكلٍ يحفظ حقوق الإنسان ويحافظ على العدالة والشّفافيّة. ومن بين هذه المبادئ:
- شفافيّة آليّات اتّخاذ القرار، لكي يكون فهم كيفيّة عمل النّظم ومسارها واضحاً للمستخدمين وصنّاع القرار.
- تحديد مسؤوليّة المساءلة عن أخطاء النّظم، لتفادي غموض المسؤوليّة وضمان تعاملٍ عدلٍ مع الأطراف المتعلّقة.
- حماية خصوصيّة بيانات المستخدمين وضمان ألّا تستخدم بشكلٍ يمسّ حرّيّاتهم وحقوقهم.
- تجنّب التّحيّز والتّمييز في النّظم، ممّا يضمن معالجةً عدلةً ومنصفةً لكلّ أفراد المجتمع بغضّ النّظر عن الخلفيّات الشّخصيّة والثّقافيّة.
وقد وضعت العديد من المؤسّسات الدّوليّة مبادئ وقوانين تنظيميّةً لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكلٍ آمنٍ ومسؤولٍ، ممّا يساهم في تحقيق توازنٍ بين التّقدّم التّقنيّ وحماية القيم الإنسانيّة.
الذكاء الاصطناعي في العالم العربي
تشهد الدّول العربيّة اهتماماً متزايداً بتطوير واستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعي، مستفيدةً من تطوّر التّكنولوجيا العالميّ وسعيها لتحقيق التّنمية والرّقيّ. وقد أطلقت عدّة دولٍ مشاريع ومبادراتٍ حكوميّةً كبيرةً في هذا المجال، مثل:
- مبادرة السعودية للذكاء الاصطناعي الّتي تأتي كجزءٍ من رؤية السعودية 2030 لرقمنة الاقتصاد وتطوير المهارات التّقنيّة.
- استراتيجيّة الإمارات للذكاء الاصطناعي الّتي تهدف إلى جعل الإمارات مركزاً عالميّاً في مجال تقنيّات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها.
- إطلاق مراكز أبحاثٍ وشركاتٍ ناشئةٍ تركّز على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التّعليم، والصّحّة، والخدمات الحكوميّة.
تعدّ هذه الخطوات نذيراً بدخول العالم العربيّ في عصر التّحوّل الرّقميّ والاقتصاد الذّكيّ، ممّا يفتح أبواباً وفرصاً كبيرةً للنّموّ والتّنمية.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
تتّسع آفاق الذكاء الاصطناعي بفضل التّقنيّات النّاشئة والتّكريس المستمرّ للبحث والتّطوير. ومن أهمّ هذه التّقنيّات: [3]
- الحوسبة الكمومية، الّتي تَعد بتسريع قدرات التّعلّم الآليّ ومعالجة البيانات بكفاءةٍ عاليةٍ، ممّا يفتح أبواباً لمشاريع وتطبيقاتٍ جديدةٍ لا يمكن تحقيقها بالحواسب التّقليديّة.
- دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيّاتٍ أخرى مثل: "الإنترنت الصناعي للأشياء" (Industrial Internet of Things - IIoT) و"الواقع المعزز" (Augmented Reality)، لتحقيق تكميلٍ وتعاونٍ بين المواصلات والحياة.
- الذكاء الاصطناعي التّفسيريّ، وهو تقنيّاتٌ تمكّن من فهم كيفيّة وسبب اتّخاذ الآلة لقراراتها، ممّا يعزّز الثّقة ويساعد على تطوير نظمٍ أكثر شفافيّةً.
- نموذج الذكاء الاصطناعي التّعاونيّ، حيث يعمل الإنسان والآلة سويّاً لتحسين النّتائج وتسريع العمليّات بشكلٍ يستفاد من قوّة كلا الطّرفين.
كيف تبدأ مع الذكاء الاصطناعي؟
- تعلّم الأساسيّات، ويتضمّن ذلك دراسة مجالات الرّياضيّات كالجبر والاحتمالات والإحصاء، مع اتّقان البرمجة.
- تعلّم لغات البرمجة مثل: لغة "بايثون" (Python) الّتي تعتبر أكثر اللّغات استخداماً في مجال الذكاء الاصطناعي.
- الاطّلاع على مكتبات التّعلّم الآليّ كـ "تنسورفلو" (TensorFlow)، و"بيتورش" (PyTorch)، و"سكيكت-ليرن" (Scikit-learn)، الّتي تسهّل بناء النّظم والنّماذج الذّكيّة.
- المشاركة في دوراتٍ تدريبيّةٍ ومشاريع عمليّةٍ تمكّنك من تطبيق ما تعلّمته في حقيقة الوقت.
- متابعة أحدث الأبحاث والتّطوّرات في مجال الذكاء الاصطناعي لتكون دائماً على اطّلاعٍ واستعدادٍ للتّغييرات المستقبليّة.
يعدّ الذكاء الاصطناعي واحداً من أهمّ التّحوّلات التّكنولوجيّة في عصرنا، فله القدرة على تحسين حياتنا بشكلٍ جذريٍّ إذا ما تمّ توجيهه واستخدامه بمسؤوليّةٍ ووعيٍ. إذ إنّ فهم الذكاء الاصطناعي والأدوات الّتي يعتمد عليها، مع التّعرّف على التّحدّيات الّتي تصاحبه، هو المفتاح الرّئيسيّ للاستفادة المثمرة منه وبناء مستقبلٍ مستدامٍ يساعد فيه الذكاء الاصطناعي على تقديم خدماتٍ وحلولٍ تحقّق نموّاً ورفاهيةً للمجتمع والفرد.
شاهد أيضاً: هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على الوظائف؟
-
الأسئلة الشائعة
- ما هو الذكاء الاصطناعي؟ الذكاء الاصطناعي هو علم وهندسة تصميم آلات ونظم ذكية تحاكي القدرات الذهنية للبشر مثل التعلم والتفكير واتخاذ القرارات.
- كيف تطور الذكاء الاصطناعي خلال العقدين الأخيرين؟ انتقل من مجال بحثي نظري إلى تقنية عملية تستخدم في مجالات عدة مثل الطب والتجارة والصناعة بفضل تقدم الحوسبة وتراكم البيانات.
- ما هي أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية؟ تشمل التشخيص الطبي، السيارات ذاتية القيادة، أنظمة التوصية في التجارة الإلكترونية، الروبوتات الصناعية، والأمن السيبراني.
- ما هي فوائد الذكاء الاصطناعي؟ فوائد الذكاء الاصطناعي: تحسين الإنتاجيّة، وتحليل بياناتٍ ضخمةٍ، ودعم اتّخاذ القرار، وأتمتة المهامّ المتكرّرة، وابتكار حلولٍ لمشكلاتٍ معقّدةٍ.
- ما أبرز تحديات الذكاء الاصطناعي؟ أبرز تحديات الذكاء الاصطناعي: قضايا الخصوصيّة، والتّحيّز في البيانات، وفقدان الوظائف، والأخلاقيّات والقوانين المتعلّقة باستخدامه.
- كيف يمكنني البدء في تعلم الذكاء الاصطناعي؟ يمكن البدء في تعلّم الذكاء الاصطناعي بمراجعة الأساسيّات في الرّياضيات والبرمجة، وتعلّم لغات برمجةٍ مثل بايثون، والاطّلاع على مكتبات التّعلّم الآليّ، والمشاركة في دوراتٍ ومشاريع عمليّةٍ.