"برق نت": مشروع جديد لتطوير بنية الألياف الضوئية في سورية
المشروع يهدف إلى تغطية 85% من سورية خلال عامين، ويعتمد أحدث تقنيات FTTP والألياف الضوئيّة

أعلنت وزارة الاتّصالات وتقانة المعلومات السّوريّة عن إطلاق مشروع "برق نت"، وهو مبادرةٌ وطنيّةٌ رائدةٌ تهدف إلى إحداث نقلةٍ نوعيّةٍ في قطاع الاتّصالات بالبلاد. يركّز المشروع على إيصال شبكة الألياف الضّوئيّة مباشرةً إلى المنازل والمكاتب (FTTP)، بهدف توفير خدمة إنترنتٍ فائقة السّرعة، مستقرّةٍ، وآمنةٍ لجميع المواطنين والمؤسّسات في سورية.
يهدف مشروع "برق نت" إلى إتاحة "الإنترنت بسرعة البرق" لكلّ مواطنٍ سوريٍّ، معتبراً إيّاه حقّاً أساسيّاً ومحرّكاً لجودة الحياة والتنمية. هذا المشروع لا يقتصر على تحسين سرعة الإنترنت فحسب، بل يمتدّ ليشمل تعزيز البنية التحتيّة الرّقميّة، دعم التّطوّر التّكنولوجيّ، وفتح فرصٍ إستثماريّةٍ جديدةٍ في هذا القطاع الحيويّ.
يأتي إطلاق "برق نت" ضمن رؤيةٍ أوسع للحكومة السّوريّة لتطوير البنية التحتيّة الرّقميّة، ممّا يسهم في تحسين جودة الحياة ودعم التنمية الرّقميّة. من خلال توفير إنترنتٍ موثوقٍ وعالي السّرعة، سيسهّل المشروع الوصول إلى الخدمات الرّقميّة المتقدّمة مثل التعليم عن بعدٍ، العمل من المنزل، والتّطبيقات الذّكيّة، ممّا ينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الحيويّة في البلاد.
تدرك الحكومة السّوريّة أهميّة الإنترنت كعاملٍ تمكينٍ رئيسيٍّ في الاقتصاد الحديث، ولذلك يسعى "برق نت" لتعزيز قدرة سورية التّنافسيّة في المنطقة من خلال بنيةٍ تحتيّةٍ رقميّةٍ قويّةٍ.
من المتوقّع أن يبدأ تنفيذ مشروع "برق نت" خلال الأسابيع القادمة من تاريخ الإعلان، وذلك ضمن خطّةٍ طموحةٍ للغاية. تسعى الوزارة لربط 85% من المنازل والمؤسّسات في جميع المناطق خلال عامين فقط. هذه الخطّة الزّمنيّة الطّموحة تعكس جديّة الحكومة في تسريع عمليّة التّحوّل الرّقميّ وتجاوز التّحدّيات القائمة في قطاع الاتّصالات.
على الرّغم من الطّموح في تحقيق تغطيةٍ شاملةٍ، إلّا أنّ المشروع يدرك وجود بعض التّحدّيات، خاصّةً في المناطق المتضرّرة أو النّائية. لهذه المناطق، سيم حياتم تقديم التّغطية عبر تقنياتٍ لاسلكيّةٍ متقدّمةٍ (FWA - Fixed Wireless Access)، لضمان وصول الإنترنت إلى جميع أنحاء البلاد.
يعتمد "برق نت" على أحدث التقنيات في مجال الألياف الضّوئيّة، ويشترط استخدام معدّاتٍ متطوّرةٍ من مزوّدين عالميّين من الفئة الأولى لضمان الجودة والموثوقيّة. هذا النّهج يضمن تقديم خدمةٍ فائقة الجودة تلبي متطلّبات العصر الرّقميّ.
أحد الجوانب الهامّة في هيكليّة "برق نت" هو تطبيق نموذج النّفاذ المفتوح (VULA - Virtual Unbundled Local Access). هذا النّموذج يسمح بفصل البنية التحتيّة عن الخدمات، ممّا يعزّز المنافسة بين مزوّدي الخدمة. وبدوره، يوفّر هذا للمستخدمين النّهائيّين مجموعةً متنوّعةً من العروض والخدمات بأسعارٍ تنافسيّةٍ، ممّا يعود بالنّفع على المستهلكين ويحفّز الابتكار في سوق الاتّصالات.
يتمّ تنفيذ المشروع عبر شراكةٍ إستراتيجيّةٍ بين القطاعين العامّ والخاصّ (PPP)، بالتّعاون مع شركاتٍ محلّيةٍ وعالميّةٍ متخصّصةٍ. هذا النّهج يجمع بين الخبرات الحكوميّة وكفاءة القطاع الخاصّ، ممّا يساهم في تحقيق أقصى قدرٍ من الفاعليّة في التّنفيذ والإدارة.
"برق نت" ليس مشروعاً قائماً بذاته، بل هو جزءٌ من رؤيةٍ حكوميّةٍ أوسع للتّحوّل الرّقميّ في سورية. سيتمّ ربط المشروع لاحقاً بالشّبكة الوطنيّة "سيلك لينك" (SilkLink) عند إنجازها ممّا يوفّر تجربه متكاملةً ومتميّزةً للمستخدمين.
بالإضافة إلى "برق نت"، تعمل الشّركة السّوريّة للاتّصالات على تقديم خدمة "الفايبر نت" بنوعيها المنزليّ والعمال، والتي توفّر سرعاتٍ تصل إلى 100 ميجابيتٍ في الثّانية. كما تبذل جهودٌ كبيرةٌ لمواجهة مشكلة انقطاع الكهرباء التي تؤثّر على خدمات الإنترنت؛ فقد قامت الشّركة بتركيب أنظمة طاقةٍ شمسيّةٍ في 99 موقعاً وتخطّط لإضافة 50 موقعاً جديداً ضمن خطّة عام 2025 لضمان استمراريّة الخدمة.
وفي سياقٍ متّصلٍ، أعلنت سورية عن إطلاقٍ تجريبيٍّ لتقنية الجيل الخامس 5G في مايو 2025، ممّا يعكس التزام البلاد بتبنّي أحدث التقنيات في مجال الاتّصالات.
من المتوقّع أن يكون لمشروع "برق نت" أثرٌ إيجابيٌّ كبيرٌ على مختلف جوانب الحياة في سورية، بدءاً من الاقتصاد ووصولاً إلى الخدمات الاجتماعيّة. ومن النّاحية الاقتصاديّة، يساهم توفّر إنترنتٍ عالي السّرعة في تعزيز النّموّ الاقتصاديّ من خلال دعم الشّركات النّاشئة، تسهيل التّجارة الإلكترونيّة، وجذب الاستثمارات في قطاع التّكنولوجيا. اجتماعيّاً، يعزّز المشروع الوصول إلى المعلومات، التعليم، والرّعاية الصّحّيّة عن بعدٍ، ممّا يحسّن جودة حياة المواطنين.