الاستثمار في الشركات الناشئة.. كيف تُحقّق أرباحاً مضمونةً؟

نتيجةَ انتشار مواقع التمويل الجماعي أصبحَ الاستثمارُ في الشركات الناشئة مُتاحاً للجميعِ، فبعدَ أن كانَ الأمرُ يتطلَّبُ مستثمراً شديد الثَّراء أو منحاً حكوميَّةً ضخمةً بعد الكثيرِ من التَّقييمات والاختبارات، أصبحَ في استطاعةِ أيِّ شخصٍ يرغبُ في تحقيق ربحٍ أن يختارَ شركةً ناشئةً للاستثمارِ بها.

وتعريفُ الشّركةِ النّاشئةِ قد يكون جدليّاً قليلاً، فمن الشّركاتِ الحديثةِ تماماً أو الَّتي تُصدِّر منتجاتٍ وخدماتٍ مختلفةً، أو حتَّى الَّتي تعملُ في أسواقٍ ترتفعُ بها نسبةُ المُغامرة، كلُّ هذا وأكثر يُمكن أن يندرجَ تحت تعريفِ الشّركاتِ النّاشئةِ.

ولكن قبل أن تُقرِّرَ هل هذه الطَّريقةُ مناسبةً لك أم لا، عليكَ أن تُدركَ أنَّ الأمرَ قد يكون مُربحاً للغايةِ، وقد يؤدِّي أيضاً إلى خسارة أموالكَ، فما هي أساسيَّات الاستثمار في الشركات الناشئة؟ وما أهمُّ الفوائد الَّتي تعودُ عليكَ فوراً؟ وما المخاطر الَّتي يجبُ الانتباهُ لها قبل الإقدام على تلكَ الخطوة؟ بل كيف تُقنِع -كصاحب شركةٍ ناشئةٍ- المستثمرين كي يُساهموا معكَ؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرَّف عليه في الأسطرِ المُقبلة.

أساسيات الاستثمار في الشركات الناشئة

قبل أن تُقرِّر الاستثمار في الشركات الناشئة هناك أساسيَّاتٌ عليكَ الانتباهُ لها لتحقيقِ الأرباح المطلوبةِ والنُّموِّ، وهذه الأساسيَّاتُ هي: ^[2]  

• البحث عن الشّركات التي لديها فرصةُ نموٍّ كبيرةٌ: وهذا يعني أن تستهدفَ الشَّركةُ سوقاً مُتناميةً أو لديها فرصُ نموٍّ كبيرةٌ في المستقبلِ.
• تحديد مدى خبرتكَ في مجال الشَّركة: لا تستثمر مُطلقاً في مجال شركةٍ لا تعرفُ عنهُ أيَّ شيءٍ أو ليس لديكَ خبرةٌ به، مهما كانت فرصُ الرِّبح قويَّةً، أو على الأقلِّ استشر خبراء من ذوي الثِّقةِ.
• الميزة التَّنافسيّة: يجبُ أن تتمتَّعَ الشّركةُ النّاشئةُ بميّزةٍ تنافسيَّةٍ قويَّةٍ، حتَّى يكون لديها فرصةُ نجاحٍ أكبر، وقد تكونُ هذه الميّزةُ عبارةً عن تقنيَّةٍ حديثةٍ في العملِ أو ابتكارِ نموذجِ تقديمِ خدماتٍ ومنتجاتٍ مُميَّزةٍ.
• مستوى المشاركة المطلوب: وهل الاستثمار سيجعلكَ شريكاً في اتّخاذ القرار أم فقط تمتلكُ حصَّةً من الأسهمِ.
• الإطارُ الزَّمنيُّ المتوقَّع: بعضُ المُستثمرين يُمكن أن ينتظرَ 10 سنواتٍ حتَّى يُحقِّق عائداً، والبعض الآخر لا يكون لديه الصَّبر الكافي، فيجبُ أن تعرفَ الإطار الزَّمنيَّ لتحقيقِ الأرباح لتتفِقَ مع توقُّعاتكَ.
• استراتيجيَّة الخروج: يجبُ الاتِّفاق مبكِّراً على خطَّةٍ واضحةٍ، إذا رغبتَ في سحب استثماركَ لأيِّ سببٍ أو بيع الأسهم، وهذا يرتبطُ بمعرفةِ الإطار الزَّمنيّ حتَّى لا تتعجَّل الأرباح، وتخسر فُرصَ الاستثمار.
• تقبَّل فكرة الخسارة: يجب أن تتقبَّلَ فكرة المُخاطرة وإمكانيَّة خسارة أموالكَ بالكامل في الشركات الناشئة؛ لذا لا تستثمر إلَّا القليل مع التَّنويع في الشّركات النّاشئة لزيادةِ مُعدَّلات الرّبحيَّة.

كيفية إقناع المستثمر للاستثمار في شركة ناشئة

هناك آلافٌ من الشركات الناشئة الَّتي تنطلقُ كلَّ عامٍ، ولكنَّ القليل منها ما يتمكَّن من إقناع المُستثمرين بالمساهمةِ بأموالهم فيها، وهذه الشَّركات عادةً ما تنجحُ في الحصولِ على التَّمويل بالطُّرق الآتية: ^[5]

وضع خطَّة عملٍ قويَّة

لا يوجدُ هنا منتجٌ قويٌّ أو حصَّةٌ سوقيَّةٌ؛ لذا وضع خطَّةِ عملٍ قويَّة تشمل الخطَّة التَّسويقيَّة ودراسة السُّوق المستهدف والتَّفكير في جميع التَّحدِّيات ووضع حلولٍ لها وكشف المخاطر وطريقة الحدِّ منها، كلُّ هذا يُقنِعُ المُستثمر بأنَّك تتفهَّم بالفعل طبيعةَ مشروعكَ وقادرٌ على إنجاحهِ، ويجبُ أن تكونَ الخُطَّة واضحةً وسهلةَ الفهمِ وبأهدافٍ محدَّدةٍ.

الكشف عن الأداء الماليِّ للمستثمرين

القانون لا يُلزم الشَّركات الخاصَّة بالكشف عن أدائها الماليّ للمُساهمين، لكنَّ المُستثمر يرغبُ في معرفة مدى التَّدفُّق النَّقديّ ومقدار ما تملكهُ من رأس مالٍ، وبالتَّالي قدرتكَ على مواجهة مشكلاتٍ غير متوقَّعةٍ، بالإضافة للكشف عن ديونكَ، فالتَّدفُّق النَّقديُّ الجيَّد يُشجِّع المزيدَ من المستثمرين على الاستثمار في شركتك؛ لأنَّ هدفهم الأوّل تحقيق أرباحٍ وكسب المال.

تقديم عروضٍ بأسهمٍ تدرُّ أرباحاً

وهي طريقةٌ تصلحُ مع الشركات الناشئة الَّتي حقَّقت بعض النُضج، فإذا عرضتَ على المُستثمرين سهماً يدرُّ أرباحاً سريعةً، فسوف تقنعهم سريعاً بالاستثمار في شركتكَ، وهنا كن واضحاً بشأن الأرباح المُنتظرة والمبلغ الَّذي تتوقَّعُ أنت أن يضعهُ المُستثمرُ لديكَ.

إعداد نموذج توقُّعات

يُمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي للتَّنبُّؤ بنموِّ الأعمال أن تُساعدكَ في هذا، فمن الضَّروريّ أن تُبرهنَ للمستثمرين بأنَّك لم تُخطِّط فقط للنُّموِّ، ولكن تتوقَّع نسبتهُ المُحدَّدة وتتنبَّأ بموعدهِ، ويجبُ أن يكونَ النَّموذج واضحاً وقابلاً للقياسِ وبهِ تفاصيل محدَّدةٌ بالأرقام سهلةُ الفهمِ.

تواصل مع المستثمرين المهتمِّين بمجال عملكَ

هناك مستثمرون يمتلكون بالفعل محافظَ استثماريَّةً، فإذا وجدتَ من يرتبطُ نشاطهُ التِّجاريُّ بمجال شركتكَ، فابدأ بالتَّواصل معه؛ لأنَّه سيكونُ قادراً أكثر على فهم أهدافكَ، كما أنَّ ردَّ فعلهِ سيكشفُ لك نقاط القوَّة والضَّعف في مشروعكَ لتستفيدَ من آرائه في المرَّات المُقبلة عندما تَعرِضهُ على مستثمرين آخرين.

طرق الاستثمار في الشركات الناشئة

عندما تُقرِّر الاستثمار في الشركات الناشئة عبر أحد مواقع التمويل الجماعي، فإنَّك تُوقِّع عقد استثمارٍ مع الشَّركةِ، وهناك 4 عقودٍ للاستثمارِ تُوفِّر كلٌّ منها طُرقاً مختلفةً للرِّبح، وهي: ^[1] 

• عقدُ الدَّين: يتعاملُ هذا العقدُ مع أموالكَ كنوعٍ من القرض الَّذي يدرُّ فائدةً قد تكون ثابتةً، مثل أن تحصلَ على ضعف استثماركَ، أو يدرُّ فائدةً متغيِّرةً، ويعتمدُ تلقِّي الدَّفعات على معدَّل نجاح ونموّ الشَّركة.
• الأوراق الماليَّة القابلة للتَّحويل: بدلاً من كسب الفائدة، فإنَّ أموالكَ تتحوَّل إلى أسهمٍ تلقائيّاً عندما تُحقِّق الشَّركة أهدافاً مُعيَّنةً، مثل: الحصول على جولةِ تمويلٍ أو طرحها للاكتتاب العامِّ أو شرائها من قبل شركةٍ أُخرى، وهنا يُمكنك كسب الأموال من الأسهم.
• الأسهم: وهي مرحلةٌ لاحقةٌ من الاستثمار في الشركات الناشئة، وتكون مساهمةً عامّةً فقط، ولكي تكسبَ المال عليكَ الاحتفاظُ بالأسهم، حتَّى تتحوَّل الشركة الناشئة إلى عامَّةٍ، أو تُصبحَ تحت إدارة شركةٍ كُبرى.
• توزيعات الأرباح: وهو نوعٌ من العقودِ تسمحُ فيه الشركات الناشئة النَّاجحة للمستثمرين بشراء الأسهمِ الَّتي تدرُّ أرباحاً سنويَّةً.

شاهد أيضاً: إطلاق صندوق استثمار Neom لدعم الشركات الناشئة

مراحل الاستثمار في الشركات الناشئة

قبل أن تستثمرَ في شركة ناشئة عليكَ المرور بتلكَ المراحل في البدايةِ: ^[3]

• العثور على الشَّركة أو الشَّركات الَّتي تُثيرُ اهتمامكَ، عبر مواقع التمويل الجماعي، مثل: Wefunder وStartEngine وRepublic وغيرِها.
• دراسة الجدوى الماليَّة للشركة الناشئة لتقييم إمكانيَّاتها الماليَّة.
• دراسة الخُطط الاستراتيجيَّة للشركة الناشئة لفهمِ أهدافها واستراتيجيَّتها.
• التَّواصل مع أصحاب الشركة والتَّعرُّف على الفريق ومدى شغفه بالفكرة والتَّعرُّف على إمكانيَّات النُّموِّ.
• تقديم عرضٍ ملائمٍ لميزانيَّتك ومستوى دخلكَ أو ثروتكَ، وينصحُ الخبراء عادةً باستثمار 5% من دخلك السَّنويّ، أو من ثروتك أيُّهما أكبر.

مراحل تمويل الاستثمار في الشركات الناشئة

مراحل تمويل الاستثمار في الشركات الناشئة يمكن أن تصل إلى 8 مراحل إذا حقَّقت نجاحاً باهراً، ويمكن أن تقتصر فقط على مرحلتين أو ثلاثةٍ على الأكثر، وهذه المراحل هي: ^[4]

• مرحلة التَّمويل الأوَّليّ: وهي الأكثرُ صعوبةً على الإطلاق، والَّتي يُنفق فيها صاحب الشركة من جيبه الخاصِّ مع تحمُّل كلِّ المخاطر، وقد يلجأُ للقروض البنكيَّة، أو من الأصدقاء.
• مرحلة التَّمويل التَّأسيسيِّ: وهنا تكون الفكرة قد تحوَّلت إلى عملٍ تجاريٍّ فعليٍّ نجح في جذب العملاء، ويُطلق عليها Seed funding، فالأمر هنا أشبه بنبتةٍ ظهرت وتحتاج إلى رعايةٍ، وهو أوَّل تمويلٍ خارجيٍّ تحصلُ عليه الشّركة، ويسعى المؤسِّسون هنا لصناديق الاستثمار ورجال الأعمال لإقناعهم بالفكرة للاستثمار بها أو الدُّخول في مسابقات أعمالٍ وغيرها من طرق التَّرويج.
• تمويل السِّلسلة أ: وهي انطلاقةٌ كبيرةٌ للشركة ودليلٌ على ثقة المستثمرين بها، وقليلةٌ هي الشركات الناشئة الَّتي تتمكَّنُ من الوصول لهذه المرحلة، وتهدفُ هذه الجولة للتَّطوير وإنجاز المزيد من أبحاث السُّوق، لكنَّها بالفعل تكون اكتسبت قدراً من الشَّعبيَّة في محيطها المحليِّ.
• تمويل السِّلسلة ب: وهنا يكون للشركة الناشئة تدفُّقات إيراداتٍ ثابتةٌ، وأثبتت قدرتها على التَّوسُّع، وتساعد هذه الجولة في زيادة الحصة السُّوقيَّة وتشكيل فرقٍ تشغيليَّةٍ وفتح أقسامٍ جديدةٍ.
• تمويل السِّلسلة ج: وهي جولةٌ مخصَّصةٌ للشَّركات الَّتي حقَّقت خطواتٍ ثابتةٍ على طريق النُّموِّ، وأصبحت تجذبُ المستثمرين بالفعل لانخفاض درجاتِ المُخاطرةِ للحدِّ الأدنى، وتهدفُ الجولة لإطلاق منتجاتٍ وخدماتٍ جديدةٍ أو اقتحام أسواقٍ أخرى إقليميَّة وعالميَّة.
• تمويل السِّلسلة د: وتسعى إليها الشركة الناشئة إذا فشلت الجولة التَّمويليَّة ج في تحقيق أهدافها، وقد تهدفُ لشراء المنافسين أو احتكار السُّوق.
• القروض قصيرة الأجل: وتهدفُ لسدِّ الفجوات التَّمويليَّة لدى الشركة الناشئة أو امتلاك حصصٍ في شركات مُنافسةٍ أو الاستيلاء عليها كُلِّيَّاً، وتكون مدَّة القروض من 6-12 شهراً.
• الاكتتاب العامُّ: وهي آخر مرحلةِ تمويلٍ خارجيٍّ، وهي دليلٌ على تحقيق نجاحٍ مذهلٍ للشركة الناشئة وطرح أسهمها للشِّراء العامِّ للمرَّة الأولى، ممَّا يسمحُ بالمزيد من النُّموِّ، ويتطلَّبُ الأمر هنا الكثير من التَّدقيق الماليّ، بالإضافة إلى فريقٍ من المحامين والمحاسبين وتحديد العمليَّات المستقبليَّة المتوقَّعة وغيرها، وهنا لم تعد الشَّركة شركةً ناشئةً على الإطلاق.

مخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة

مع فرص الرِّبح والتَّوسُّع في الشركات الناشئة، إلَّا أنَّ الاستثمارَ بها محفوفٌ بمجموعةٍ من المخاطر، أهمُّها:

• احتماليَّة الخسارة الكاملة: فنحو 90% من الشركات الناشئة تفشلُ في تحقيق أهدافها، كما أنَّها غير ملزمةٍ قانوناً بالكشف عن المعلومات الماليَّة للمساهمين؛ لذا يكون من الصَّعب تقييم طريقة عملها وإمكانيَّة نجاحها.
• تقييد الأموال: تُعاني الشركات الناشئة عادةً من نقص السُّيولة، فإذا رغبت في استرداد دَيْنك أو بيع الأسهم، فقد تنتظرُ عدَّةَ سنواتٍ قبل النَّجاح في هذا، وهذه مشكلةٌ إذا احتجت إلى سيولةٍ عاجلةٍ.
• النَّتائج البطيئة: عادةً ما تأتي الأرباح بعد عدَّة سنواتٍ من الاستثمار؛ لذا عليكَ التَّمتُّع بالقوَّة والصَّبر.

شاهد أيضاً: 5 أخطاء يقع فيها المبتدئون عند التواصل مع المستثمرين

وهكذا عندما تُفكِّر في الاستثمار في الشركات الناشئة عليك التَّفكير في مدى تحمُّلك للمخاطرِ، وعليكَ أيضاً التَّفكير في أهدافك الاستثماريَّة، وتعدُّ الأسهم الخيار الأفضل في حال كان مستقبل الشَّركة مضموناً، ولكن في حال لم يكن مضموناً، فإنَّ عقدَ الدَّيْن هو الأفضل؛ لأنَّ الشركة الناشئة ملزمةٌ بردِّ الدَّيْن مع الفائدة، أمَّا الأوراق الماليَّة القابلة للتَّحويل في مرحلةٍ بين الاثنين من حيث المخاطر أو الأرباح.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن