الإبداع العاطفي… سرّ مضاعفة أرباح العلامات حتى 21 مرة
بينما ينشغل المسوّقون بخوارزميّات الاستهداف ومؤشّرات التّحويل، تكشف دراسةٌ حديثةٌ أنّ الرّهان الحقيقيّ على الإبداع العاطفي المستمرّ قادرٌ على مضاعفة الأرباح
بينما ينشغل كثيرٌ من المسوّقين وأصحاب المشاريع الصّغيرة بخوارزميّات الاستهداف، واختبارات A/B لقياس معدّلات التّحويل، وتحسين إنفاق الإعلانات عبر المنصّات، يغفلون عاملاً واحداً تُظهر أبحاثٌ جديدةٌ أنّه قادرٌ على مضاعفة الأرباح حتى 21 مرّةً.
الحكاية ليست في الذكاء الاصطناعي، ولا في التّخصيص، بل في الإبداع، وتحديداً في الإبداع العاطفيّ المطبّق بثباتٍ عبر الزّمن. والدّراسة الجديدة، الصّادرة عن شركة الإعلانات الرّقميّة "سيستم1" (System1) بالاشتراك مع "إيفي" (Effie)، حلّلت أكثر من 1,200 نتيجة حملة بإجمالي إنفاقٍ تسويقيٍّ بلغ 139 مليار دولارٍ، واعتمدت على بياناتٍ إعلانيّةٍ من أكثر من 200,000 شخصٍ، شملت علاماتٍ تجاريّةً ومؤسّساتٍ ضخمةً. وكشفت الدّراسة أنّ الأوّلويّات مضطرّبةٌ، إذ تعطي كثيرٌ من الشّركات الاستهداف الأولويّة، بينما يحقّق استهداف الجمهور مضاعفة أرباح بمتوسّطٍ لا يتجاوز 1.1 مرة. على النّقيض، يأتي الإبداع على ذيل الأوّلويات لدى العديد من المشاركين، مع قدرةٍ متوسّطةٍ على تحقيق أثرٍ يتراوح بين 12 و21 مرةً.
تشير الدراسة إلى أنّ 60% من المسوّقين يفتقرون إلى الثّقة في قدرات فرقهم الإبداعيّة؛ فيواصلون الاعتماد على آليّات يشعرون بالسّيطرة عليها -نقرات، مرّات ظهور، ومعدّلات تحويلٍ- وهذه مشروعة من باب الرّاحة: يبدو الإبداع مجازفةً وذاتيّ الحكم، بينما يبدو الاستهداف علميّاً وقابلاً للقياس، وتولّد المقاييس قصيرة المدى دفعات رضى فوريّةً. لكن بناء العلامة عبر الإبداع العاطفيّ يتطلّب صبراً، لأن آثاره تتراكم على مدى أشهرٍ وبحسمٍ على مدى سنواتٍ.
شاهد أيضاً: لماذا تفقد مؤسستك روح الإبداع مع نموها؟
الدّرس الأبرز في الدّراسة هو أنّ الاتّساق يضاعف قيمة الإبداع؛ فقد تابعت الدّراسة العلامات التّجاريّة على مدى 5 سنواتٍ، وقيّمت 13 عاملٍ ثباتٍ، منها مدّة بقاء الفكرة الإبداعية، وطول علاقة الوكالة، وثبات عناصر الهويّة البصريّة (شعارات، ألوان)، واتّساق النّبرة والتّموضع، والتّماسك عبر القنوات.
وقد كانت بعض النّتائج الجوهريّة كما يلي:
- تضاعف جودة الإبداع الأرباح 12 مرّة.
- يضاعف استهداف الجمهور الأرباح 1.1 مرّة.
- 41% من المشاركين وصفوا الإبداع بأنّه مخاطرةٌ لا أصل من الأصول.
- لم تُسجّل أيّ علامةٍ ذات تنفيذٍ إبداعيٍّ غير متسّقٍ نموّاً في تمايز الهويّة.
- حقّقت حملاتٍ مبنيّةً على المشاعر نتائج أعمالٍ أعلى بنسبة 52–57% في أسواق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة/إيرلندا وأوروبا.
- كانت الحملات العاطفيّة من الرّبع الأعلى كانت أكثر احتمالاً بأربع مرّاتٍ لتحقيق أرباح إضافيّةٍ بعد 3 سنواتٍ أو أكثر.
وقد سجّلت العلامات الأكثر اتّساقاً:
- مضاعفة أرباح بمقدار 2.9 مرّة مقارنةً بالأقلّ اتّساقاً.
- عائد استثماريّ متوسطّ 8.8 مقابل 2.1 للعلامات غير المتّسقة.
- حقّقت 17.6% منها أرباحاً إضافيّةً مقابل 6.1% للآخرين.
تُظهر البيانات أيضاً أنّ الحملات الّتي تلاحق أهدافاً قصيرة المدى تولّد نسب أرباحٍ أحاديّة الرّقم، بينما تحقّق الحملات العاطفيّة البنويّة نسب ربحٍ تتراوح بين 33% و45% بعد 18 شهراً فأكثر. وفي زمنٍ يطلب فيه القادة نتائج فوريّةً، كيف تُبرر استثماراً طويل الأمد في الإبداع؟ كثيرون يخطئون في أفقهم الزّمنيّ ويقولون "نعم" لتكتيكاتٍ تبدو منتجةً لكنّها تدرّ عائداً لا يتجاوز جزءاً ضئيلاً من الإمكان الحقيقيّ.
إذن، فالاستثمار في ثبات الإبداع لا يحسّن النّتائج هامشيّاً فحسب؛ إنّه يعيد تشكيل مسار الرّبحية المحتمل. وهنا تكمن المسألة والفرصة معاً: إطار "قول لا" الّذي تكافح الشّركات لتطبيقه. أصعب "لا" في العمل هو مقاومة إغراء التّحوّل المستمرّ أو إعادة التّوسيم أو مطاردة المنصّات والتّكتيكات الجديدة؛ فمضاعفة الأرباح المحتملة (21 مرّة) تنبع من الرّهان الكبير على الإبداع والأهمّ من ذلك الالتزام بمساره زمنيّاً. وعلى عكس الافتراض الشّائع، الاتّساق ليس مملّاً، بل تراكم قوّة.
رأيٌ تحليليٌّ لِـلو دوبوا (Lou Dubois)، مؤسّس شركة "لو دوبوا للاستشارات" (Lou Dubois Consulting)، نُشر أصلاً على موقع Inc.com.