الرئيسية الريادة متلازمة الزهرة الطويلة: كيف يُمكن للغيرة أن تقتل النجاح؟

متلازمة الزهرة الطويلة: كيف يُمكن للغيرة أن تقتل النجاح؟

متلازمة زهرة شقائق النعمان التي يعاني منها بعض الرجال في حياتهم المهنية بينما تعتبر أسلوب حياة لدى العديد من النساء

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تشعر وكأنَّك مُحاربٌ في مكان عملكَ، على الرَّغم من نجاحكَ، ربَّما تستغرب لماذا تُقَابَل مقترحاتُك وأفكارُك بالرَّفض أو تقليل الشَّأن، أو حتَّى تعاني من نظراتٍ تهكميَّةٍ، حسناً، هل يجعلك هذا تشعر بالإحباط، وتبحث عن إرضاء الآخرين لإثبات نجاحك، خُذ نفساً، وابدأ بإعادة حساباتك، غالباً أنت تعاني متلازمة الزهرة الطويلة Tall Poppy Syndrome، فما هي وكيف يُمكن أن نواجهها؟

ما هي متلازمة الزهرة الطويلة؟

متلازمة الزهرة الطويلة -وتسمَّى أيضاً متلازمة زهرة شقائق النعمان الطويلة- هو مصطلحٌ شائع الاستخدام في العديد من الدُّول الأوروبيَّة، ويعني حين يتمُّ انتقاد الشَّخص النَّاجح في مكان عمله أو في المجتمع أو أيّ مكانٍ آخر، أو إقصائه منهم؛ وذلك لأنَّه ناجح فحسب، ممّا يثيرُ غيرَة من حوله، أو يثير مخاوف مديره. [1]

يمكن لهذه المتلازمة أن تكون مدمِّرةً للنَّاجحين، ولا سيّما في مكان العمل، حيث يتعرَّض النَّاجح للتَّقليل من شأنه والانتقاد، إمَّا لخوف مديره المباشر من أن يتطوَّر ويستحوذ على مكانه، أو لخوف الإدارة العليا أن تفقدَ هذا الموظَّف النَّاجح، خاصَّةً إن كانت لا تستطيع تقديم المزايا الكافية للاحتفاظ به، فتقللُّ من شأنه لتُفقده الثّقة بنفسه، فلا يُفكِّر بالبحث عن عملٍ أفضل خارج المؤسسة، فثقته بنفسه قد تدمَّرت.

للأسف العالم لا يحتفل بالنَّاجحين دائماً، بل إنّه في مرحلةٍ ما ربَّما يحبطهم لدرجة فقدانهم الثّقة بالنَّفس.

شاهد أيضاً: 4 كتب لتعزيز التفكير الابتكاري والنجاح الريادي 

لماذا سُمِّيت بمتلازمة الزهرة الطويلة؟

متلازمة الزهرة الطويلة

سُمِّيت المتلازمة بهذا الاسم؛ نظراً لأنَّ الفلاحين معتادون على قصِّ الأزهار الطَّويلة في حقولهم، ولا سيّما أزهار شقائق النُّعمان لكونها أطول من باقي الأزهار في الحقل، والسَّبب في ذلك أنَّ الفلاحين يعتقدون بأنَّ تلك الأزهار تُشوِّه المنظر العام لحقلهم.

استُخدِمت عبارة متلازمة زهرة شقائق النُّعمان الطَّويلة لأوِّل مرَّةٍ في الأدب الرُّومانيّ واليونانيّ، من خلال المؤرخ اليُّوناني هيرودوت، الذي نشر في كتابه "التَّاريخ" رسالةً أرسلها أحد الطُّغاة إلى حليفه طلب منه فيها أن يقطع رؤوس القمح التي ترمز إلى المعارضة البارزة بهدف التَّخلُّص منها.

عاد المصطلح ليظهر مرَّةً أُخرى من قبل المؤرِّخ الرُّوماني تيتوس ليفيوس، حيث ذكر مصطلح زهرة شقائق النُّعمان، في كتابه الذي يتحَّدث عن تاريخ تأسيس روما، وتحدّث فيه عن كيفيَّة تعامل الرُّومانيين مع أعدائهم، عبر ضرب رؤوس قادتهم.

أسباب متلازمة الزهرة الطويلة

هناك مجموعةٌ من الأسباب التي قد تدفع بعض النّاس للتّقليل من شأن النَّاجحين حولهم، وبالتَّالي إلى معاناتهم من هذه المتلازمة السَّامة، وتشمل تلك الأسباب:

الحسد

يقولُ الطّبيب النَّفسيُّ الذي يعيش في إنكلترا، نيل بريتون، إنَّ الحسد لا يعني مجرَّد الرَّغبة في امتلاك شيءٍ يمتلكه شخصٌ آخر، بل إنَّه الوعي المؤلم بأنَّك لا تمتلك هذا الشَّيء لنفسكَ، وغالباً ما يحاول النَّاس إخفاء حسدهم للآخرين خجلاً منهم؛ لذا يتمُّ التَّعبير عن هذا الشُّعور بشكلٍ غير مباشر، عبر توجيه النَّقد لهم.

تدنّي احترام الذات

في بعض الأحيان تؤدِّي رؤية شخصٍ ناجحٍ إلى إثارة مشاعر الدُّونيَّة، وذلك لاعتقاد الشَّخص بأنَّه غير قادرٍ على تحقيق ذات الإنجاز؛ لذا وعوضاً عن أن يلجأ هذا الشَّخص إلى علاج مشكلة الدُّونيَّة لديه، فإنَّه يقوم بالتَّقليل من شأن شخصٍ آخر.

الاستياء

يتطوَّر الاستياء حين لا يتمُ التَّعامل مع المشاعر المؤلمة بشكلٍ صحيحٍ وفعَّالٍ، حيث يُلقي الشَّخص اللَّوم على شخصٍ آخر، فالاستياء يمكن أن يؤدِّي إلى توليد أفكارٍ سلبيَّةٍ متكرِّرةٍ، تستهلك الكثير من الطَّاقة العقليَّة دون المساعدة في حلِّ المشكلة المتصوَّرة.

الخوف

الفرد الذي يمتلك تاريخاً من الصَّدمات، يجد نفسه مدفوعاً بسهولةٍ إلى سلوكيَّاتٍ دفاعيَّةٍ غير واعيةٍ، وللأسف هناك تأثيرٌ نفسيٌّ حقيقيٌّ وكبيرٌ للخوف، جعل من الصَّعب على الفرد الوصول إلى جزء الدِّماغ المسؤول عن التَّفاعل الاجتماعيّ التَّعاونيّ.

تأثير متلازمة الزهرة الطويلة على العمل

متلازمة الزهرة الطويلة

جاءت نتائج تقريرٍ يبحث في مدى انتشار متلازمة الزهرة الطويلة في أماكن العمل الكنديّة عام 2018 مخيفةً للغاية، حيث شعر تسعةٌ من أصل عشرة أشخاصٍ شملهم الاستطلاع بأنَّ إنجازاتهم قد تمَّ تقويضها في مكان العمل، فقد تمَّ استبعادهم أو تجاهلهم وإسكاتهم بعد النجاح. كذلك قال نصف الأشخاص المشاركين في الاستطلاع إنّ أصدقاءهم شاركوا في انتقادهم أيضاً، بينما اعترف واحدٌ من كلّ عشرة أشخاصٍ بأنَّهم شاركوا بتقليل شأن النَّاجحين من زملائهم.

إنَّ وجود متلازمة الزهرة الطويلة في العمل، قد يكون مدمِّراً ليس للأشخاص الَّذين يواجهون هذه الظَّاهرة فحسب، بل للمؤسَّسة ومكان العمل أيضاً، فشعور الأشخاص النَّاجحين بالإحباط النَّاجم عن التقليل من شأنهم -على الرَّغم من سعيهم المستمرِّ للنَّجاح- سيؤدِّي إلى فقدانهم الثَّقة بذاتهم، ممّا يؤدّي إلى تراجع الإنتاجيَّة وحرمان مكان العمل من أفكارٍ ناجحةٍ كثيرةٍ.

على روَّاد الأعمال الانتباه جيداً لهذه النّقطة، والعمل بشكلٍ مستمرٍّ على تخفيف الغيرة في مكان العمل، والتَّشجيع على المنافسة العادلة، وكذلك تستطيع الشَّركات التَّعامل مع هذه المتلازمة السَّامة، وذلك من خلال تبنِّي ثقافة عملٍ إيجابيَّة، تُشجِّع على الاختلاف والتَّميُّز وتحقيق الإنجازات، مع مسارعة الإدارة إلى دعم الموظَّفين وضمان عدم تعرُّضهم إلى تلك المتلازمة.

وهناك أمر مهمٌّ أيضاً وهو أنَّ الشَّركات يجب أن تحدَّ من الانتقادات غير البنَّاءة التي هدفها فقط التَّقليل من شأن الآخرين ومن إنجازاتهم.

هل أنا الزهرة الطويلة أم من يقطعها؟

تشمل العلامات -التي تدلُّ على أنَّك تحاول التَّقليل من شأن النَّاجحين ممن حولك- العديد من المؤشِّرات، مثل: [2]

  • الغيرة من نجاح الآخرين والنَّميمة عنهم.
  • محاولة تخريب نجاحهم بنشر الشَّائعات.
  • الاعتقاد بأنَّ الحظَّ هو سبب نجاح الآخرين.
  • البحث عن عيوبهم.
  • إنكار عملهم النَّاجح.
  • الشُّعور بالسَّعادة بحال فشلهم.
  • التَّقليل من أهميَّتهم أو تجاهل إنجازاتهم.
  • تجنُّب وجودك مع الأشخاص النَّاجحين.
  • دعم الأشخاص الَّذين هم أقلُّ منك فقط.
  •  غضبك حين تتمُّ الإشادة بأحد النَّاجحين أمامك.

أمَّا إن كنت تشكُّ بأنَّك الزهرة الطويلة التي يحاولون قصَّها، تستطيع حسم أمرك من خلال التَّأكُّد من المؤشّرات التَّالية:

  • التَّردّد في مشاركة نجاحك.
  • الشُّعور بالذَّنب عند القيام بعملٍ جيدٍ.
  • القلق بشأن ما يعتقده الآخرون عنك.
  • إخفاء مواهبك.
  • عدم الرَّغبة في نشر إنجازاتك على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • القلق من أنَّ نجاحك سوف يزعج شخصاً آخر أو يؤذي مشاعره.
  • الشُّعور بالقلق من إشادة النَّاس بنجاحك.
  • السَّعي إلى تحقيق نتائج متواضعةٍ حتَّى تُحدِث التَّوافق مع الآخرين.
  • الانخراط في سلوكيَّاتٍ ترضي النَّاس بدلاً من اتِّباع سلوكٍ خاصٍّ بك.

شاهد أيضاً: رد الرئيس التنفيذي لـ Google على الانتقادات الشديدة في اجتماع الشركة

كيف نتعامل مع متلازمة الزهرة الطويلة على المستوى الشخصي؟

في حال كنت ضحيَّةً لمتلازمة الزهرة الطويلة، تستطيع تحويل الأمر إلى دافعٍ لمزيدٍ من النَّجاح، والاعتناء بنفسك في مواجهتها عبر العديد من الطُّرق، مثل:

  • امنح نفسك الدَّعم والتَّشجيع ذاته الذي تُقدِّمه لصديقك، وتخلّ عن انتظار سماع عبارات المدح والتَّشجيع من المحيط.
  • افهم احتياجاتك واعرف حدودك، ولا تتوقَّع من الآخرين احترامها إذا لم تفعل ذلك بنفسك.
  • اتَّجه نحو الأشخاص والأنشطة الدَّاعمة، خصوصاً حين تلاحظ أنَّك تشعر بالإرهاق.
  • استشر الأشخاص الَّذين تثق بهم حتَّى لا تفقد ثقتك بنفسك، وتجنَّب الانجراف في التَّفكير السَّلبي.
  • ابحث عن بيئةٍ أكثر دعماً، خصوصاً حين تتأكَّد من أنَّ بيئة عملك الحاليَّة لن تتحسَّن، ولن تعطيك التَّقدير الذي تستحقُّه.
  • اطلب المساعدة من أحد المختصَّين النَّفسيين، الذي سيرشدكَ إلى تعلُّم مهارات معرفة الذَّات والرّعاية الذَّاتيَّة.

النساء يعانين بالفطرة من متلازمة الزهرة الطويلة

من السُّخريَّة أنَّ متلازمة الزهرة الطويلة التي يعانيها بعض الرِّجال في مكان العمل أو الحياة الشَّخصيَّة، تعدُّ مثل أسلوب حياة غالبيَّة النّساء من حول العالم، اللَّواتي يُسمح لهنّ الوصول إلى مرحلةٍ معينةٍ من النجاح، ولا يجب أن يتجاوزنها. [3]

تقول أمبر واردل الحاصلة على دكتوراه في علم النَّفس، إنَّ هذه الظَّاهرة تؤثِّر على النِّساء أكثر، حيث يُسمح للرّجال بالارتقاء إلى المكان الذي يريدونه، بينما يتمُّ تأطير النّساء ضمن قوالب جاهزةٍ بسقفٍ محدَّد.

وتوضِّح أمبر أيضاً أنَّه حين يشارك الرَّجل إنجازاته مع الآخرين، يُنظر إليه على أنَّه واثقٌ بنفسه، وحين يُكافِئ نفسه بعد قيامه بعملٍ شاقٍّ بالإنفاق الباهظ على السَّيارات ينال الإعجاب، ولكن إذا اختارت المرأة أن تفعل ذلك، فإنَّها ستوصف بالمتعجرفة والمغرورة والمدَّعية والجشعة والضَّحلة والماديَّة. وتُضيف أمبر أيضاً بأنَّه يُسمح لأُنثى زهرة شقائق النعمان فقط بالنُّموِّ بطولٍ معينٍ، وبمجرَّد أن تتجاوزَ الطُّول المتَّفق عليه ثقافيَّاً، يكون الوقت قد حان لقطعها.

إنَّ النساء يخشين أن يعاملن بتلك الطَّريقة لذلك يقلِّلن من إنجازاتهن ويستسلمن، ولا يسمحن لأنفسهنّ بأن يكنّ استثنائيَّات، وفي بعض الأحيان يتجنَّبن السَّعي لتحقيق أقصى إمكاناتهنّ لأنهنّ يخشين ردَّ الفعل العنيف ذاك، وتدعو أمبر النساء إلى المضي قُدماً وتجاهل متلازمة الزهرة الطويلة، وتحويلها إلى دافعٍ لتحقيق المزيد من النَّجاح. 

ربَّما لا يكون العالم مستعدّاً دائماً للاحتفال بنجاحنا، وحتَّى يمكن لبعض النَّاس أن يقلِّلوا من شأننا، لكنَّ تجاوز هذه المشكلة لن يكونَ صعباً، ونحن نحصِّن أنفسنا بالقوَّة والثِّقة والأشخاص الدَّاعمين.

لمزيدٍ من المصطلحات المميزة في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: