كيف ألهمت فيضانات الإمارات 2024 مبتكرتين إماراتيتين لتأسيس SRMERS؟
ابتكرت الخريجتان الجامعيتان سارة الكعبي وتقى العبدولي نظاماً ذكيّاً متطوراً لإدارة مياه الأمطار، بهدف مواجهة التحديات الناجمة عن الأمطار المفاجئة والسيول

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في أبريل 2024، تعرّضت دولة الإمارات لهطولاتٍ مطريّةٍ تُعتبر الأشدّ خلال 75 عاماً، حيث تساقط أكثر من 250 ملم من الأمطار في أقلّ من 24 ساعةً على مدنٍ مثل دبي والعين، أي ما يعادل كميّة الأمطار خلال عامين في يومٍ واحدٍ. غمرت السّيول الطّرق والمنازل، وأدّت إلى تعطيل المطارات والمدارس، لكن بالنّسبة لشابتين إماراتيتين، تقى العبدولي وسارة الكعبي، لم يكن الأمر مجرّد أزمةٍ، بل دعوة للعمل.
هكذا نشأت فكرة (SRMERS)، اختصارًا لـ "نظام الاستجابة الذكية للطوارئ لإدارة مياه الأمطار"، الّذي صمّمته الشّابتان للتّنبؤ بالفيضانات، وحماية المجتمعات، وتحويل فائض المياه إلى مخزونٍ يمكن إعادة استخدامه. ومع اقتراب الاحتفال بيوم المرأة الإماراتيّة 2025، تُبرز هذه الرّحلة كيف تقود النّساء الإماراتيّات الابتكار في البلاد.
تقول تقى العبدولي، طالبة شبكات تكنولوجيا المعلومات ومؤسّسة ومديرة SRMERS: "جاءت الفكرة بعد أن أبرزت الفيضانات الحاجة إلى استعدادٍ أفضل. كنت أرغب في تصميم حلٍّ يحمي المجتمعات ويعيد استخدام مياه الأمطار؛ فالابتكار بالنّسبة لي كان حبّاً لحلّ المشكلات وإيماني بأنّ جيلنا يجب أن يحمي الموارد ويبني مستقبلاً مرناً".
انضمّت إليها سارة الكعبي، من الفجيرة، العاملة في مجال التكنولوجيا والحوسبة السّحابيّة، لتكون شريكةً مؤسِّسةً ومديرةً تنفيذيّةً، موضّحةً: "لطالما أدهشتني قدرة التّكنولوجيا على جعل المجتمعات أكثر أماناً وذكاءً. والعمل مع تقى على SRMERS منحني الفرصة لدعم فكرةٍ قويّةٍ وتحويلها إلى واقعٍ".
تقول العبدولي إنّ مشهد الفيضانات كان الشّرارة الّتي أشعلت روح المبادرة لديهما. وتشرح: "جعلتني رؤية الطّرق والمنازل والمزارع تواجه الأمطار الغزيرة دفعةً واحدةً أدرك أنّنا بحاجةٍ لحلٍّ استباقيٍّ. عندها تحوّل SRMERS من فكرةٍ في ذهني إلى مهمّةٍ أردت بناؤها". أمّا الكعبي، فترى أنّ المشروع يحمل إمكانيّاتٍ كبيرةً: "انضممت لتشكيله إلى مشروعٍ متكاملٍ ينبّه ويحمي ويعيد استخدام مياه الأمطار بذكاءٍ".
ببساطةٍ، يُعدّ SRMERS نظاماً يجمع بين التّحذير المبكّر وإدارة الميّاه، مصمّماً للتّنبؤ بمخاطر الفيضانات وحماية المجتمعات، مع استغلال فائض المياه بدل هدره؛ فتقول الكعبي: "نستخدم حسّاساتٍ ذكيّةً لمراقبة ارتفاع منسوب المياه. وعند التّشغيل، تنشط المضّخات وترسل التّنبيهات مباشرةً. للمدن، يوجّه فائض المياه للتّخزين. وللمزارع، يضمن عدم هدر مياه الرّي". وتضيف العبدولي: "الجانب الاستباقيّ كان جوهريّاً في فكرتي منذ البداية؛ الهدف هو العمل قبل أن تتحوّل الفيضانات لكارثةٍ. هذه هي الميّزة: التّحرّك المبكّر الّذي يحوّل الخطر إلى موردٍ".
تحوّل مشروع التّخرّج الخاصّ بهما في "كليات التّقنية العليا" (Higher Colleges of Technology) إلى ساحة اختبارٍ لـ SRMERS، حيث اختبرت الفتاتان إمكانيّة تطبيق الفكرة عمليّاً. فقالت الكعبي: "كان علينا تحويل فكرة تقى إلى نموذجٍ أوّليٍّ بعد ساعاتٍ طويلةٍ من الاختبار والبرمجة والتّعديل". وتضيف العبدولي: "كان أحد أكبر التّحديات إثبات أنّ فكرتي أكبر من مجرّد مشروع طالبٍ. وبتعاون الفريق والمثابرة، حوّلنا الفكرة إلى نموذجٍ عمليٍّ".
وقد أثمرت جهودهما حين اختارت "أكاديمية صناع التغيير" (Changemakers Academy) المشروع، وهي مبادرةٌ من "مؤسسة إكسبو سيتي دبي" (Expo City Dubai Foundation) تدعم روّاد الأعمال الاجتماعيّين الشّباب بالتّمويل والإرشاد لتحويل الأفكار الجريئة إلى حلولٍ فعليّةٍ. فتقول العبدولي: "أتاح لنا البرنامج فرصة التّحقّق من أفكارنا وطريقة عرضها". وتضيف الكعبي: "ما اكتسبناه لا يقدّر بثمنٍ: تشجيعٌ، تنظيمٌ، وثقةٌ لاتّخاذ الخطوات التّالية بوضوحٍ وإصرارٍ. وسيبدأ البرنامج الكامل في سبتمبر لتمكيننا من تطوير المبادرة".
اليوم، بدأ المشروع يجذب الانتباه؛ فتقول العبدولي: "تلقيّت ردود فعلٍ رائعةً، خصوصاً من صنّاع السّياسات الّذين يدركون أهميّة الفكرة ودورها في التّخطيط للمدن الذّكيّة". وتضيف الكعبي: "الشركاء مفتونون بالهدف المزدوج: السّلامة والاستدامة. ليس مجرّد تقنية طوارئ، بل ابتكارٌ للمستقبل".
ويؤكّد المؤسِّستان أنّ SRMERS أكثر من حلٍّ تقنيٍّ، فهو وسيلةٌ للمساهمة في أهداف الدّولة طويلة المدى؛ فتقول الكعبي: "يتماشى المشروع مع رؤية الإمارات للاستدامة، ويجعل المناطق الحضريّة أكثر أماناً ويحافظ على الموارد". وتوضّح العبدولي: "لطالما تخيّلت SRMERS كمبادرةٍ قابلةٍ للتّوسّع عالميّاً؛ فالفيضانات ليست خاصّةً بالإمارات فقط، ويمكن تطبيق الفكرة في مناطق تشهد أمطاراً موسميّةً غزيرةً".
وفي رسالةٍ ملهمةٍ لروّاد الأعمال الطّموحين، تقول العبدولي: "آمنوا بفكرتكم، حتّى لو بدت صغيرةً، فهي قادرةٌ على النّموّ وتحقيق تأثيرٍ قويٍّ". وتضيف الكعبي: "لا تنتظروا اللّحظة المثاليّة. ابدأوا الآن، وتعلّموا على الطّريق، ولا تقلّلوا أبداً من قيمة العمل الجماعيّ".