الإبداع ومنع التوتر.. هوايات غريبة لرجال أعمال دعمت نجاحهم
صيدُ خنازير، جمعُ صراصير ودي جي سرّي؟ ما الّذي يجعل أنجح رجال الأعمال مهووسين بهواياتٍ غريبةٍ... بل ويعزون لها نجاحهم؟

لا يهتمّ رجال الأعمال الناجحين فقط بلغة الأرقام وطريقة تنمية ثروتهم أو بالمشروعات المربحة، ولكنّ الكثير منهم إن لم يكن جميعهم يمارسون مجموعةً متنوّعةً من الهوايات الغريبة، والّتي قد تتعجّب كثيراً عندما تسمع بها.
وقبل أن تعتقد أنّ هذه الهوايات للمرفّهين فقط أو لأصحاب الملايين، فإنّ العكس تماماً هو الصّحيح.
فهذه الهوايات كانت بشكلٍ أو بآخر سبب مباشر في النّجاح الّذي وصلوا إليه، وهذا وفقاً لدراساتٍ علميّةٍ مؤكّدةٍ ونماذج بشريّةٍ واقعيّةٍ مع مئاتٍ وآلاف الأمثلة الّتي تدلّ على أهمّيّة ممارسة هوايةٍ بانتظامٍ لتحقيق النّجاح على المستويين الشّخصيّ والعمليّ.
لذا قبل أن تتورّط في العمل لـ16 ساعةً يوميّاً طوال أيّام الأسبوع، وتغرق تماماً في المسؤوليّات اليوميّة وتنسى شغفك لزيادة النّجاح المهنيّ، حاول البحث عن هوايةٍ سواءً عاديّةٍ أو الأفضل غريبةً، وراقب تأثيرها عليك.
هواياتٌ غريبةٌ لرجال أعمالٍ
يتّفق رجال الأعمال الناجحين على ضرورة ممارسة هوايةٍ يحبّونها بانتظامٍ. قد نجد بعضها مألوفاً مثل الشّطرنج لريتشارد برانسون مؤسّس مجموعة فيرجن، أو الإبحار في اليخوت الباهظة مثل لاري إليسون المؤسّس التّنفيذيّ لشركة أوراكل، إلّا أنّ بعضها غريبٌ تماماً: [1]
مارك زوكربيرج وتحدّياتٌ مختلفةٌ كلّ عامٍ
يحبّ مارك زوكربيرج دخول تحدّياتٍ مختلفةٍ كلّ عامٍ، فمرّةً يتعلّم اللّغة الصّينيّة، وأخرى يدعو العالم بأكمله للاشتراك في نادٍ للكتاب.
ولكنّ الهواية الأثيرة إلى قلبه هي الصّيد، حيث يهوى صيد الخنازير وجراد البحر وغيرها، وفي أحد الأعوام قرّر ألّا يأكل أيّ شيءٍ إلّا ما يصطاده فقط، وهذه الهوايات لم تخرجه فقط من مناطق الرّاحة، ولكن ساعدته على دعم موهبة التّركيز والصّبر لديه.
وارن بافيت والعزف على العود
لن تتخيّل أنّ الملياردير الشّهير وصاحب الـ89 عاماً وارن بافيت عازف عودٍ متحمّسٌ منذ عام 1949. فقد بدأ الأمر لديه لمحاولة جذب انتباه فتاةٍ، لتكون بعد ذلك وسيلةً يخرج بها من توتّر العمل، بل ويعزف مقطوعاتٍ مميّزةً لضيوفه في حفلات العشاء أو الاجتماعات المختلفة.
وهذه الهواية ميّزته بشدّةٍ بروحٍ خفيفةٍ ومحبّةٍ للحياة، انعكست بالتّأكيد على حياته واجتماعاته مع رجال الأعمال خلال عقد الصّفقات المهمّة.
بيل جيتس وجولاتٌ في أماكن غريبةٍ
يعشق بيل جيتس التّجوّل في أماكن غريبةٍ مثل محطّات الطّاقة ومكبّات القمامة ومصادم الهدرونات وصوامع الصّواريخ، ويصطحب أطفاله معه. [2]
كما أنّه محبٌّ للقراءة حتّى أنّه اشترى وثيقة ليوناردو دافنشي بمبلغ 30.8 مليون دولارٍ عام 1994، والّتي تناولت مجموعةً من الموضوعات الفيزيائيّة وعلم النّبات والرّياضيّات وغيرها. وهو يهوى أيضاً لعب البريدج، ولكن بتكتيكاتٍ خاصّةٍ للغاية.
سيرجي برين والحركات البهلوانيّة
يحبّ سيرجي برين المؤسّس المشارك في شركة غوغل كلّ ما يؤدّي إلى تدفّق الأدرينالين بقوّةٍ إلى خلاياه، بدءاً من القفز بالمظلّات إلى الهوكي وحتّى المقامرة وألعاب السّيرك والجمباز وغيرها.
فقد دمج مجموعةً متنوّعةً من الهوايات، والّتي حاول إدخالها فعلاً إلى الشّركة منذ تأسيسها عام 1998. وعلى الرّغم من تنحّيه عن منصبه القياديّ في Alphabet وهي الشّركة الأمّ لغوغل، إلّا أنّه مستمرٌّ في نشاطاته الّتي من وجهة نظره تزيد من تركيزه ونسبة ذكائه.
ديفيد سولومون و"دي جي" سرّيٌّ
يهتمّ ديفيد سولومون الرّئيس التّنفيذيّ لشركة جولدمان ساكس بموسيقى الرّقص الإلكترونيّة، ويعمل كمنسّقٍ موسيقيٍّ أو "دي جي".
وعن سبب اختياره لهذه الهواية، فإنّه يقول إنّها وسيلةٌ رائعةٌ للتّواصل مع الزّملاء الأصغر سنّاً، كما تساعده على منح ذهنه راحةً من جدول الأعمال المرهق.
ستيف وزنياك وممارسة البولو على درّاجة سيجواي
لعبة البولو هي رياضة الملوك، ولكن ستيف وزنياك المؤسّس المشارك لشركة آبل يحبّ ممارستها على درّاجة سيجواي أو سكوتر. [3]
وهي وسيلةٌ رائعةٌ لبناء الفريق من وجهة نظره والحرص على العمل نحو هدفٍ مشتركٍ، وهي المهارة المفقودة بشدّةٍ في عالم قطاعات الأعمال وفقاً لرأيه.
جاك ما وجمع الصّراصير
يحبّ جاك ما الرّئيس التّنفيذيّ السّابق لشركة علي بابا جمع الصّراصير وممارسة التّاي تشي وقراءة روايات الكونغ فو.
ولكنّ أشهر هواياته هي الغناء في المناسبات المتنوّعة. وهذا وضعه في الكثير من التّحدّيات الّتي ساعدته على التّغلّب على المشكلات العمليّة الّتي يواجهها باستمرارٍ في عمله.
شاهد أيضاً: استراتيجيات النجاح تبدأ بأعظم استثماراتك: أنت
كيف ساهمت الهوايات الغريبة في نجاح رجال الأعمال؟
الهوايات شكلٌ مهمٌّ من أشكال التّعبير الإبداعيّ، فكما تطلق التّمارين الرّياضيّة الطّاقة في الجسم وتزيدها، فإنّ الطّاقة الإبداعيّة أيضاً تتطلّب شكلاً من أشكال التّعبير.
ومهما كانت الهواية الّتي تختارها، فإنّها تمثّل جزءاً مهمّاً من رفاهيتك، وتعيد شحن روحك. ولكنّ الهوايات الغريبة لرجال الأعمال تبيّن أنّ لها مجموعةً أخرى من الفوائد، ومن أهمّها:
زيادة الإبداع
يساعد التّجريب والاستكشاف والدّخول في منافساتٍ جديدةٍ على زيادة تدفّق الدّم إلى المخّ، وهذا من شأنه أن يزيد من الإبداع والقدرة على حلّ المشكلات بأسلوبٍ مبتكرٍ.
الاستثمار الجيّد للوقت ومقاومة الاكتئاب
إذا لم يكن لديك ما تفعله في وقت فراغك، فسوف تهدره وتجعل العقل عرضةً للأفكار السّلبيّة المتنوّعة الّتي تثبّط الطّاقة، وتزيد من فرص إصابتك بالملل والاكتئاب. حيث يعاني من 30-90% من الأشخاص من الملل خلال أوقات اليوم؛ ممّا يؤثّر على الصّحّة العقليّة. ويمكن لهوايةٍ جديدةٍ وغريبةٍ أن تزيد السّعادة، وتقاوم الاكتئاب بطريقةٍ طبيعيّةٍ.
اعتناق عقليّة النّموّ
تسمح عقليّة النّموّ للنّاس بتقدير ما يفعلونه بصرف النّظر عن النّتيجة، وتساعدك الهوايات الغريبة في التّخلّص من الخوف من الفشل. فلن تخشى أن تبدو سخيفاً في فصلٍ لتعلّم الزّومبا، بل ستهتمّ بالتّجربة نفسها. وهذه العقليّة هي الّتي تنمّي المهارات العقليّة حتّى تصل إلى الإتقان مع الاستمتاع بالاتّزان النّفسيّ.
الاعتياد على الشّعور بعدم الارتياح
بالتّأكيد سمعت مراراً عن أهمّيّة الخروج من مناطق الرّاحة، وهذا ليس في الواقع مجرّد كلامٍ نظريٍّ. فعندما تدخل في هواياتٍ غريبةٍ، وتتغلّب على خوفك وخجلك، فإنّك تكون أكثر قدرةً على التّعامل مع العقبات غير المتوقّعة في العمل. والتي لن تشعرك بالتّوتّر بعد الآن، بل على العكس، تنجح في علاجها سريعاً بأقلّ قدرٍ من الخسائر.
التّعافي السّريع من الإرهاق
بيّنت الدّراسات أنّ الأشخاص الّذين يمارسون هوايةً إبداعيّةً أكثر سرعةً في التّعافي بعد الإجهاد المرتبط بالعمل. وهذا بالطّبع يجعلهم أكثر سرعةً في معاودة نشاطهم وممارسة قدرٍ أكبر من المهامّ في وقتٍ أقلّ.
كيف تعثر على وقتٍ لممارسة الهوايات وسط مشاغل الحياة؟
يمنحك ممارسة هوايةٍ تحبّها بانتظامٍ الكثير من الفوائد، ولكنّ التّحدّي الأساسيّ هو كيفيّة المواءمة بين جدول الأعمال المزدحم وممارسة الهواية. وهنا بعض النّصائح الّتي قد تفيدك:
- ادمج بين هوايتك وممارسة أنشطةٍ اجتماعيّةٍ، مثل التّصوير الفوتوغرافيّ أو الطّبخ أو عزف الموسيقى أو غيرها.
- قلّل وقت الشّاشة كثيراً، واضبط المنبّه على 10 دقائق أو 15 دقيقةً على الأكثر لتفقّد صفحات التّواصل والأخبار، فهي الّتي تسرق الوقت.
- راجع وقتك يوميّاً، وضع جدولاً بممارسة الأعمال بحيث تتوقّف عن مهمّةٍ ما بمجرّد انتهاء وقتها، فهذا يزيد من الحافز لديك للإنجاز وترك وقت فراغٍ أكبر.
- ابدأ بتخصيص وقتٍ صغيرٍ لممارسة الهواية الّتي تفضّلها، ولتكن 15 دقيقةً أسبوعيّاً، ثمّ ابدأ في زيادة الوقت بالتّدريج.
- غيّر منظورك لأهمّيّة الهواية، فكما تأكل وتنام وتعمل يوميّاً وتجد الوقت لهذه الأنشطة الّتي تراها ضروريّةً بشدّةٍ، يجب أن تغيّر وجهة نظرك في أهمّيّة الهواية لرفاهيّتك وصحّتك الجسديّة والنّفسيّة.
وفي الختام، ليس من الضّروريّ ممارسة هوايةٍ غريبةٍ فقط لتكون أكثر نجاحاً، ولكن لا تتنازل مطلقاً عن تخصيص وقتٍ لشيءٍ تحبّ أن تفعله مهما كان غريباً.
فهذا من شأنه أن يساعدك في تنظيم وقتك وإطلاق طاقتك الإبداعيّة وتخفيف التّوتّر وزيادة ثقتك بنفسك مع تجديد نشاطك وتوسيع نطاق علاقاتك، وهي كلّها أمورٌ مهمّةٌ لزيادة النّجاح المهنيّ ورفع القدرة على التّركيز والأداء الجيّد الفعّال.