الرئيسية الريادة إيقاع الاجتماعات الذكي: سرّ النمو القابل للاستدامة

إيقاع الاجتماعات الذكي: سرّ النمو القابل للاستدامة

حين تتعطّل عجلة التّنفيذ، لا يكون الخلل في الرّؤية أو الكفاءات، بل في غياب الانسجام الّذي يصنعه التّنظيم الواعي والتّنسيق المدروس بين الفرق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

غالباً ما يظنّ الرّؤساء التّنفيذيّون أنّ سبب فشل التّنفيذ هو خللٌ في الاستراتيجيّة. لكن الحقيقة، كما يشير دانيال ماركوس، أنّ الفشل في التّنفيذ لا يعود إلى سوء التّخطيط، بل إلى انعدام الانسجام. وقد تميل لاتّخاذ خطواتٍ سريعةٍ، مثل: دخول سوقٍ جديدةٍ، أو إعادة هيكلة الشّركة، أو إطلاق مبادرةٍ كبيرةٍ. لكن إن كنت تنوي إصلاح عنصرٍ واحدٍ فقط في شركتك استعداداً للنّموّ، فليكن هذا العنصر: إيقاع الاجتماعات.

إذا كانت أعمالك تبدو فوضويّةً، أو مفكّكةً، أو بطيئة التّنفيذ، فلا تبدأ بإلقاء اللّوم على الاستراتيجيّة، أو التّسويق، أو حتّى الفريق. ألقِ نظرةً أوّلاً على وتيرة الاجتماعات. قد يبدو الأمر بسيطاً، بل بسيطاً جدّاً، لكنّه المحرّك الخفيّ وراء نجاح المؤسّسات القابلة للتّوسّع والّتي تؤدّي بكفاءةٍ عاليةٍ.

فريقك ربما يعمل بجهدٍ ويتحرّك بسرعةٍ، ولكن هل يتحرّك معاً؟

انعدام الانسجام: القاتل الصامت للنمو

من غير نسقٍ منتظمٍ يُنظّم الاجتماعات، تتبعثر الأولويّات، وتتأخّر القرارات، وتتكاثر المشكلات؛ فيغدو التّواصل ارتجالاً، ويغرق التّنفيذ في الوهن، ويجهد كلّ فريقٍ في دربٍ مخالف. وها أنت، الرّئيس التنفيذيّ، تتحوّل رويداً إلى رجل الإطفاء في شركتك؛ تُسأل عن كلّ صغيرةٍ، وتُستدعى لكلّ طارئٍ، وتغدو عنق الزّجاجة الّذي يعطّل التّقدّم... فهل يبدو هذا المشهد مألوفاً؟

ليست المعضلة في قلّة الموهبة أو ضعف الكفاءة، بل في غياب منظومةٍ تُسنِد الأفراد وتمنحهم وضوحاً في المهامّ والرّؤية؛ فحتّى أرقى الاستراتيجيّات تنهار إن غاب عنها التّناغم والتّنسيق. كلّ شركةٍ، مهما بلغت من النّجاح أو التّعقيد، تمرّ بهذه المرحلة، أو تلوّح لها الأقدار في الأفق.

الحل: وتيرة اجتماعات قابلة للتوسع

لا يكمن الحلّ في عقد المزيد من الاجتماعات، بل في عقد الاجتماعات الصّحيحة، في الوقت المناسب، وبالتّركيز الصحيح. وإليك الإيقاع الذي يعتمده ماركوس مع الشّركات الّتي يستشيرها والّتي تنمو بسرعةٍ وبانضباطٍ:

الاجتماع اليومي السريع (15 دقيقة)

قصيرٌ ومباشرٌ، إذ يجيب كلّ عضو في الفريق عن ثلاثة أسئلةٍ:

  1. ما الأولويّة القصوى لليوم؟
  2. ما الّذي يجب أن يعرفه الآخرون؟
  3. أين العوائق أو مواطن التّعطيل؟

هذا الاجتماع ليس تقرير حالةٍ، بل محفّز للزّخم؛ فالاجتماعات اليوميّة تُبقي الفرق متوافقة لحظيّاً، وتساعد على كشف المشكلات مبكراً، قبل أن تعرقل التّقدّم، ويمكن عقده صباح كلّ يومٍ.

الاجتماع الأسبوعيّ (من 60 إلى 90 دقيقةً)

هذا هو الموعد لحلّ المشكلات، حيث يستعرض الفريق مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، ويواجه المعضلات، ويتأكّد من تنفيذ أوّلويّات الأسبوع. يخلق هذا الاجتماع إيقاعاً منتظماً للمساءلة والتّحرّك، ويبقي الأهداف الأساسيّة في الواجهة، ويُفضّل عقده يوم الاثنين كبدايةٍ فعاّلةٍ للأسبوع.

المراجعة الشّهريّة للقيادة (من 2 إلى 3 ساعاتٍ)

هذه جلسةٌ استراتيجيّةٌ لمراجعة اتّجاهات الأداء، واتّخاذ قراراتٍ مصيريّةٍ، ومشاركة المعرفة بين الإدارات؛ إنّها لحظةٌ للخروج من دوامة المهامّ اليوميّة وطرح السّؤال الجوهري: هل نحن على الطّريق الصّحيح؟ من الأفضل عقد هذه الجلسة خلال الأسبوع الأوّل من كلّ شهرٍ.

الاجتماع الفصليّ خارج المكتب (من يوم إلى يومين)

يُمثّل هذا اللّقاء النّبض العميق لنموّ الشّركة واستدامة تطوّرها عبر الزّمن؛ ففي ظلاله، ترفع القيادة رؤوسها من تفاصيل اليوميّ، لتتأمّل ما مضى، وتستشرف ما هو آتٍ. وهنا تُستعرض ملامح الأداء، وتُرسم أولويّات التّسعين يوماً المقبلة، وتُجدّد البوصلة نحو الرّؤية المشتركة؛ إنّه اجتماعٌ لا يُعيد ترتيب المهامّ فحسب، بل يُنعش روح الفريق، ويغرس فيهم الإلهام والانتماء. لذا، يجب أن يكون محطّةً مفعمةً بالحيويّة والبهجة. ويُستحسن عقده مع ختام كلّ ربعٍ أو مطلع الرّبع الّذي يليه.

إنّ هذا الإيقاع ليس مجرّد تقويمٍ إداريّ، بل منظومة نابضة بالتّناغم، تمكّن الفرق من تصحيح الاتّجاه سريعاً، والتّشبّث بجوهر الأهداف، وسط العواصف والتّحوّلات المتسارعة.

لا تكن أنت النظام، ابنِ النظام

من أكثر الفخاخ الّتي يتعثّر بها المؤسّسون والرّؤساء التنفيذيون، هو محاولتهم تولّي زمام الانسجام بأنفسهم؛ إذ يبدو ذلك مجدياً في البدايات، عندما لا تتعدّى الشّركة بضعة أفراد. لكن، ومع كلّ خطوةٍ نحو النّموّ، يبدأ هذا النّهج بالتّآكل، ويُظهر محدوديّته أمام تعقيدات التّوسّع.

فدورك، كرئيسٍ تنفيذيٍّ، لا يكمن في الغوص في كلّ تفصيلٍ، أو الإجابة عن كلّ سؤال، أو إخماد كلّ حريقٍ، بل يكمن جوهر دورك في تصميم نظامٍ يُحرّر الآخرين، ويمنحهم القدرة على اتّخاذ القرار، ومعالجة التّحدّيات، بثقةٍ، ووضوحٍ، وسرعةٍ.

إنّ وتيرة الاجتماعات المنظّمة ليست مجرّد عادةٍ إداريّةٍ، بل هي الهيكل الحيّ الّذي تستند إليه منظمتك. بها يتحوّل العمل من ردود أفعالٍ متناثرةٍ، إلى حركةٍ منسّقةٍ ومبادِرةٍ. وبهذا، لا ينفتح المجال فقط للتّنفيذ المحكم، بل أيضاً للتّفكير الاستراتيجيّ، والابتكار الخلّاق، والنّمط من القيادة القادر على الارتقاء بالأداء العامّ للمؤسّسة، ودفعها بثباتٍ نحو آفاقٍ أرحب.

الإيقاع يصنع النتائج

حين يبدأ التّنفيذ بالتّصدّع، فإنّ أصل العلّة لا يكون، في الغالب، خللاً في الرّؤية ولا نقصاً في الكفاءات، بل هو غياب الإيقاع الّذي يجمع الأجزاء ويوحّد الحركة. فالتّناغم في العمل لا ينبع من العشوائيّة، بل من نظامٍ ثابتٍ يُعيد ترتيب الخطى وتوجيه الطّاقات نحو غايةٍ واحدةٍ.

وما إن يُعاد بناء هذا الإيقاع، وتُضبط وتيرته داخل المؤسّسة، حتّى تبدأ علامات التّحوّل بالظّهور: يصبح النّموّ أكثر قابليّةً للتّوقّع، ويتحوّل الانسجام من تحدٍّ إلى سجيّةٍ طبيعيّةٍ، ويتبدّد الغموض أمام رؤية توسّعٍ مستدامٍ، تمضي بثقةٍ لا تعرف التّردّد.

نُشرت هذه المقالة بصيغة رأي خبيرٍ كتبها دانيال ماركوس، الشّريك المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ لمعهد النمو (Growth Institute)، على موقع (Inc.com).

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: