أنس عبّار يقود 7awi لصدارة الإعلام الرقمي العربي والعالمي
من بداياتٍ طموحةٍ في دبي إلى بناء منظومةٍ إعلاميّةٍ متكاملةٍ تشمل التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، وتسويق المحتوى، تكتب مجموعة حاوي فصلاً جديداً في الإعلام الحديث

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
مرّت الآن ثلاثة عشر عاماً على انطلاق "مجموعة حاوي الإعلاميّة"(7awi Media Group( في دبي، غير أنّ الشّريك المؤسِّس والرّئيس التّنفيذيّ أنس عبّار لا يزال يحتفظ بحماسة البدايات وزخم الانطلاق. فمنذ اللّحظة الأولى، لم يتردّد عبّار في خوض مساراتٍ طموحةٍ لحاوي (تُنطق "حاوي"، وتعني "السّاحر" بالعربيّة)، سواء بتوسيع عمليّاتها في الإمارات العربيّة المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة والأردن ومصر، أو ببناء نظامٍ بيئيٍّ إعلاميٍّ رقميٍّ بات اليوم يضمّ أكثر من عشرين منصّةً، من بينها العلامات الإعلاميّة الرّئيسيّة مثل هذه المجلّة التي تقرأها الآن، "عربية Inc." (Inc. Arabia(، والمجلّة العربيّة الرّفيعة المختصّة بأسلوب الحياة والتّرف "ليالينا" (Layalina(.
لكنّ حاوي سرعان ما تخطّت حدود النّشر التّقليديّ؛ فقد قاد عبّار المجموعة لتطوير نظام إدارة محتوىً خاصٍّ بها هو "كاسبر" (Casper)، ووكالةٍ للإنتاج الإعلاميّ والتّسويق الرّقميّ "سوشيال كاميلز" (Social Camels(، ومنصّةٍ لتسويق المؤثّرين مدعومةٍ بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ هي "سوشيال آي" (SocialEye)، وكذلك منصّةٍ للفعاليّات أُطلقت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام تحت اسم "سوشيال مجلس" )Social Majlis). كلّ مشروعٍ جديدٍ مثّل قفزةً محسوبةً، مدفوعةً بإيمان عبّار الرّاسخ بأنّ الجمود ليس خياراً على الإطلاق.
رغم تراكم خبرة أنس عبّار واحترافيته كرائد أعمالٍ على مدى سنواتٍ، فإنّ حنكته التّجاريّة تشكّلت في جوهرها خلال أكثر من عقدين قضاهما في الولايات المتّحدة برفقة عملاق التّكنولوجيا مايكروسوفت. كانت تلك المرحلة حجر الأساس الّذي صقل رؤيته التّكنولوجيّة وعمّق فهمه لأساسيّات الأعمال، ومن خلالها استوعب أبعاد السّوق وتقنيّاته المتطوّرة.
ومع ذلك، لم ينبثق شغفه الحقيقيّ بالإعلام إلّا حين عمل في فرع شركة ياهو! للشّرق الأوسط بين عامي 2010 و2012، حيث استلهم من تلك التّجربة دروساً عميقةً دفعته لاحقاً لتطبيقها في مشروعه الخاصّ. يصف عبّار الإعلام بأنّه "مسألةٌ منطقيّةٌ جدّاً؛ تفهم جمهورك، تصنع المحتوى، تتعرّف على القنوات، وتربط بينها جميعاً"، معترفاً بأنّ القول أسهل من الفعل، خاصّةً في ظلّ الواقع الّذي شهده عام 2012، حين كان المحتوى العربيّ يعاني من ندرةٍ واضحةٍ، وعدد النّاشرين العرب قليلاً يمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة. تلك الحال حفّزت لديه يقيناً راسخاً بأنّ بإمكانه أن يقود مسيرة الرّيادة في هذا المجال، في ظلّ حاجة السوق الملحّة إلى الإبداع والابتكار الإعلاميّ.
لم يكن رهان أنس عبّار على المحتوى العربيّ مجرّد خيارٍ ضمن مساراتٍ متعدّدةٍ، بل كان من أوّل القرارات الجريئة التي شكّلت ملامح انطلاقة "مجموعة حاوي الإعلاميّة". خطوةٌ لم تكن تخلو من المجازفة، خصوصاً في بيئةٍ إعلاميّةٍ كانت -ولا تزال- تتطلّب من هذا المحتوى صبراً طويلاً، واستثماراً يفوق بكثيرٍ ما تستطيع شركةٌ ناشئةٌ تحمّله؛ فيقول عبّار: "لو كنتُ قد سعيتُ إلى تحقيق الإيرادات عبر المحتوى العربيّ وحده، لكانت الشّركة قد انهارت منذ زمنٍ؛ فهذه استراتيجيّةٌ طويلة المدى، تحتاج إلى دعمٍ يفوق إمكاناتنا بكثيرٍ". وأضاف وقد بدا صوته مشوباً بإلحاح القناعة: "أنا على يقينٍ أنّ النّهوض بهذا القطّاع يستدعي تدخّلاً رسميّاً، وهذا نداءٌ مباشرٌ أوجّهه إلى الجهات المعنيّة، لدعم النّاشرين المستقلّين على منصّات التّواصل من خلال سياساتٍ عادلةٍ وواضحةٍ".
لكنّ الواقع لم يكن رحيماً؛ ففي ظلّ غياب ذلك الدّعم المؤسّسيّ، لم يكن ممكناً أن تضع حاوي المحتوى العربيّ في قلب نموذجها الرّبحيّ. ورغم ما يحتلّه هذا المحتوى من موقعٍ جوهريٍّ في رؤيتها، إلّا أنّ ضرورات الاستمرار اقتضت تحوّلاً حاسماً: من نموذج العمل المباشر مع الأفراد (B2C) إلى نموذج الشّراكات المؤسّسيّة (B2B)، حيث باتت الاستدامة الماليّة تمرّ عبر التّعاون مع الشّركات لا عبر الوصول الفرديّ وحده.
لهذا السّبب، لم يسعَ عبّار إلى استنزاف المستخدمين بحثاً عن الإيرادات، بل اختار أن يوسّع قاعدة الجمهور أوّلاً، حتّى تُصبح لدى 7awi لاحقًا القدرة على مخاطبة العلامات التّجاريّة، ومساعدتها في إنتاج محتوىً عربيٍّ أصيلٍ ومروّجٍ، يستهدف الجمهور الإقليميّ كما العالميّ. ويعزو عبّار صمود 7awi أمام العواصف الّتي أطاحت بغيرها من الكيانات الإعلاميّة في المنطقة، إلى هذه الرّؤية القائمة على التّكيّف دون انكسارٍ، وعلى التحوّل المدروس لا الاندفاع المرتجل. ويروي كيف تحوّل المحتوى في 7awi ، عبر الزّمن، من مادةٍ مكتوبةٍ تُنشَر على صفحات الويب، إلى محتوىً مُهيّأ لمحرّكات البحث، ثم إلى محتوىً بصريٍّ (فيديو)، ثم إلى مقاطع قصيرةٍ، حتّى بلغ شكله الحاليّ: محتوى اجتماعيٌّ موجّهٌ بمنطق خوارزميّات المنصّات؛ فيقول عبّار: "عند هذه المرحلة، بدأنا نخسر السّيطرة على جمهورنا، أليس كذلك؟" ويستدرك: "كان التّحدّي دائماً: كيف نُعيد التّواصل؟ والإجابة، في كلّ مرّةٍ، كانت واحدةً: نُعيد ضبط المسار. هكذا فقط نجونا". ثم يضيف: "اليوم، نعيد توجيه استراتيجيّتنا لتلبية مزاج "الجيل زد"، ذلك الجمهور الّذي يستهلك المحتوى على الهواتف المحمولة، ويطلب أشكالاً متعدّدةً من الوسائط، من البودكاست إلى الفيديو؛ هذه هي معادلة المستخدم. أمّا على صعيد الشّركات، فعلينا أن نفكّر في الإنتاج، وفي العلامات التّجاريّة العالميّة التي ترصد منطقتنا: كيف نمنحها ما تحتاج، بلغتنا، وسياقنا، وذكائنا؟"
غير أنّ الانتقال إلى نموذج أعمالٍ قائمٍ على الشّراكات المؤسّسيّة (B2B)، لم يكن ليُؤتي ثماره ما لم ترسّخ 7awi أوّلاً حضورها بوصفها واحدةً من أبرز الجهات النّاشرة للمحتوى العربيّ في المنطقة. وقد تطلّب هذا ترقّباً حثيثاً لتحوّلات المشهد الإعلاميّ، الّذي لم يلبث أن تبدّل جذريّاً مع صعود منصّات التّواصل الاجتماعيّ.
يستذكر عبّار تلك المرحلة الفاصلة الّتي وجدت فيها كثيرٌ من المواقع الإلكترونيّة نفسها أمام مأزقٍ وجوديٍّ، بعدما تراجعت الإعلانات المصوّرة (Banner Ads) الّتي كانت تمثّل شريانها الماليّ؛ فيقول: "لم يكن ثمة من يذود عن مصالحنا حينذاك. وكان التّحدّي الأكبر: كيف تستمرّ منصّةٌ أُنشئت على فرضيّة الإعلانات، في وقتٍ لم تعد فيه تلك الإعلانات موجودة؟" ويضيف: "كانت التّحوّلات جارفةً، فاضطررنا إلى إعادة صياغة استراتيجيّتنا سريعاً، وإعادة توظيف أصولنا بما يواكب المرحلة. وما ساعدنا فعلاً، هو أنّنا كنّا نمتلك تلك الأصول بالكامل".
وإلى جانب هذا الامتلاك البنيويّ، دفعت رؤية عبّار 7awi إلى تنويع خطوط دخلها، عبر تأسيس وحدات عملٍ جديدةٍ تنبني على فهمٍ دقيقٍ لحاجات السّوق. هذه الخطوة، المدفوعة ببصيرةٍ تشغيليّةٍ أكثر من كونها استجابةً ظرفيّةً، سمحت للمجموعة بتقديم خدماتٍ مكمّلةٍ تمكّنها من تعظيم عوائدها، والاستجابة مباشرةً لمتغيّرات القطّاع. فعلّق عبّار متسائلاً: "لماذا تتوجّه العلامات التّجاريّة إلينا؟" ثم يُجيب: «لأنّنا أحسنّا الرّبط بين النّقاط. لدينا ذراعٌ للنّشر، وركيزةٌ تقنيّةٌ متينةٌ، ووكالةٌ متخصّصةٌ في التّسويق الرّقميّ، ومنصّةٌ تربط صنّاع المحتوى، وها نحن قد بدأنا أنشطتنا في قطّاع الفعاليّات. وأنا على يقينٍ أنّ عام 2026 سيشهد ولادة مشروعٍ جديدٍ تماماً".
كيف تمكّن أنس عبّار من قيادة 7awi على مدى ثلاثة عشر عاماً، عابراً بها الأزمات، ومترقّباً التّحوّلات، ومواكباً تيّارات المشهد الإعلاميّ المتقلّب، دون أن تفقد موقعها في طليعة هذا المشهد؟ بحسب عبّار، يكمن السرّ في التزامٍ صارمٍ بالانضباط الماليّ، حيث ظلّت معادلة الرّبح والخسارة (P&L) في صميم كلّ نقاشٍ وكلّ قرارٍ، مهما بلغ حجمه أو طموحه؛ فيقول: "في نهاية المطاف، كلّ قرارٍ نتّخذه مشروطٌ بمدى أثره على الأرباح والخسائر". وهذه المقاربة ليست نظريّةً، بل تنبع من حقيقة أنّ المشروع مموّلٌ ذاتيّاً. ويضيف: "نحن لا نحرق أموالاً مستثمرةً من أطرافٍ خارجيّةٍ، بل نحرق ما نولّده بأنفسنا من مواردٍ". هذه الاستقلاليّة التّمويليّة، مقرونةٌ باحتفاظه بكامل ملكيّة الشّركة، منحت 7awi مرونةً نادرةً في صناعة تتغيّر قواعدها باستمرارٍ. فالرّشاقة لم تكن فقط إداريّةً أو هيكليّةً، بل فكريّةً أيضاً؛ إذ أدرك عبّار مبكّراً أنّ المحتوى العربيّ وحده، رغم أهميّته، لا يكفي للنّموّ.
ومن هنا، وُلدت علامة "Moments" الّتي تطرح محتوىً باللّغة الإنجليزيّة يُعنى بالحياة اليوميّة ونمط العيش، مستهدفةً جمهوراً واسعاً في أسواق الإمارات والسّعودية وعُمان والبحرين والكويت. وفي خطوةٍ تكمّل هذا المسار التّوسّعي، استحوذ عبّار في عام 2023 على حقوق النّشر الخاصّة بمجلّة "عربية Inc."، فيما يمكن اعتباره تجسيداً لرؤيته الاستباقيّة لتنوّع الجمهور والمنصّات، ولتوطين المحتوى الرّياديّ ضمن منظومةٍ إعلاميّةٍ عربيّةٍ ناهضةٍ.
يقول عبّار: "الإعلام ليس نشاطاً تبادليّاً سريع العائد كما يتوقّعه المستثمرون، لكنّه ضرورةٌ لا غنى عنها، ركيزةٌ تُغذّي الوعي العام وتشكّل سرديات الأمم".
ومع تزايد الزّخم العالميّ حول منطقة الشّرق الأوسط، يرى عبّار أن المؤسّسات الإعلاميّة الدّوليّة باتت تتهافت لإيجاد موطئ قدمٍ لها هنا، بل إنّه يصف المشهد بما يشبه "الهجرة المعاكسة"، إذ يعود أبناء المنطقة ممن تلقّوا تعليمهم أو عاشوا في الخارج، بالتّوازي مع تدفّق كفاءاتٍ أجنبيّةٍ تتقاطر إلى الإقليم في سياقٍ جديدٍ من الفرص. هذه الديناميكية، كما يشير، تُعزّز قناعته بأنّ التّوجّه نحو المحتوى الإنجليزيّ لا يُلغي رسالته العربيّة، بل يُكمّلها ويُوسّع أفقها، إذ يفتح الباب أمام الوصول إلى جمهورٍ أوسع، بما في ذلك الجاليات العربيّة في المهجر، التي تتوق إلى محتوىً يُبقيها على صِلةٍ بجذورها الثّقافيّة.
لكن عبّار لم يتوقّف عند فهم التّحوّلات، بل بادر إلى استباقها، عبر إدماج الذّكاء الاصطناعيّ في صميم أعمال 7awi؛ فيقول: "أنا أتعامل مع الذّكاء الاصطناعيّ كطريقٍ نجتازها خطوةً بخطوةٍ. قلّما أرضى تماماً عن إنجازٍ ما، لأنّني مؤمن بأنّنا نستطيع دائماً أن ندفع الحدود أبعد ممّا بلغناه". ويتابع: "في الأشهر السّتة الماضية، أدخلنا تحسيناتٍ نوعيّةً على منصّاتنا، من SocialEye إلى Casper، لتعزيز تكامل الذّكاء الاصطناعيّ. وبات نحو 80% من المحتوى قابلاً للإنتاج عبر أدوات الذّكاء، بينما نُخصّص الـ20% المتبقيّة للمحتوى التّحريريّ الأصيل والمُوجَّه مباشرةً إلى العملاء". ويختم قائلاً: "نعم، سيكون الذّكاء الاصطناعيّ جزءاً أصيلاً -وأُفضّل كلمة مُتَبَنّى-ضمن بيئة عملنا. لكنّنا لا نتبنّاه بلا ضوابطٍ، بل وضعنا مؤخّراً (مدوّنة السّلوك لاستخدام الذّكاء الاصطناعيّ)، إيماناً منّا بأنّ التّقدّم لا يُقاس فقط بالسّرعة، بل أيضاً بسلامة الاتّجاه".
إلى جانب استثماره في التّقنيات الحديثة، تتّسع رؤية أنس عبّار لمستقبل 7awi لتشمل التّوسّع الجغرافي المدروس، حيث يُشكّل دخول الشّركة إلى السّوق السّعوديّ أحد أهم تجلّيات هذا الطّموح لبناء مؤسّسةٍ إعلاميّةٍ عربيّةٍ مستقلّةٍ، تتجاوز الحدود وتخاطب جمهوراً متعدّداً بثقةٍ واقتدارٍ؛ فيقول عبّار: "السّوق السّعوديّ ليس مجرّد خيارٍ استراتيجيٍّ، بل هو ضرورةٌ حتميّةٌ. فكما ذكرتُ سابقاً، نحن نُحاكم كلّ قرارٍ من خلال عدسة الرّبح والخسارة، نُلاحق العائد، حيثما وُجد". ويُردف: "السّعودية، بتعدادها السّكانيّ الّذي يفوق 30 مليون نسمةٍ، وبتوجّهها العميق نحو المحتوى العربيّ، تمثّل فرصةً استثنائيّةً تتقاطع مع صلب خبرتنا".
ويُعبّر عن فخره بالقول: "منذ اليوم الأوّل، كان الجمهور السّعوديّ هو الأكبر بين كلّ أسواقنا. لكنّنا حينها لم نكن على تماسٍ مباشرٍ مع العلامات التّجاريّة المحليّة. أمّا اليوم، فقد بات وجودنا هناك محسوباً بدقّةٍ، لدينا فريقٌ يعمل من داخل المملكة، يبني جسوراً حقيقيّةً مع العلامات التّجاريّة، ويصنع تجربةً إعلاميّةً متجذّرةً في السّياق المحلّيّ، سواء للمواطنين أو المقيمين".
هذا التّمدّد الجغرافيّ، بحسب عبّار، لم يكن مجرّد توسّعٍ رقميٍّ، بل خياراً استراتيجيّاً اعتمد على ركيزةٍ أساسيّةٍ: تنوّع الفرق العاملة وتكامل الخلفيّات الثّقافيّة. ويُضيف: "لقد ساعدتني تجربتي السّابقة في المؤسّسات الكبرى على تطوير دليل عملٍ فعّالٍ، نموذج لبناء فرقٍ متعدّدة الجنسيّات، منتشرةٍ في عدّة مناطق، لكنّها تعمل بتناغمٍ وكفاءةٍ كأنّها وحدةٌ واحدةٌ".
يقول أنس عبّار بفخرٍ: "من أكثر الأمور التي أعتزّ بها أنّ أكثر من 52% من موظّفينا من النّساء". ثم يُضيف: "أنا لا أؤمن بالتّنوّع فقط من باب الجنسيّات، بل أؤمن بأنّ القيمة الحقيقيّة تنبع من تنوّع النّوع الاجتماعيّ، واللّغة، والخلفيّة الثّقافيّة والتّعليميّة. ليست الشّهادة الجامعيّة وحدها ما يصنع الفارق، بل تجارب الحياة الّتي تصقلّنا. كلّما تنوّعنا، ازددنا قوّةً".
في 7awi ، تنعكس هذه القناعة في الأرقام: أكثر من 16 جنسيّةً، و11 لغةً منطوقةً، وهي تركيبةٌ تمنح الشّركة ما يسمّيه عبّار بـ "أفضلية الإنسان العالميّ". لكنّه لا يُنكر أنّ لهذه الأفضليّة تحدّياتها، إذ يعلّق قائلاً: "صحيحٌ، نعمل ضمن مناطق زمنيّةٍ مختلفةٍ، ونواجه تبايناتٍ ثقافيّةً تتطلّب منّا حساسيّةً وفهماً... لكنّنا نصبح أناساً أفضل مع كلّ خطوةٍ نحو الآخر". ويستطرد: "صحيحٌ أنّني أستيقظ أحياناً في ساعاتٍ مبكّرةٍ أو أعيد صياغة عبارةٍ أكثر من مرّةٍ، لكنّها تضحياتٌ صغيرةٌ أمام كنز التّعلّم المشترك".
فيما يخصّ أسلوبه القياديّ، يعتمد عبّار على مبدأ التّمكين المشفوع بالمحاسبة: "أنا لا أتدخّل إلّا حين تتعقّد الأمور، وحينها أعترف بأنّني لا أملك الحلّ دائماً، وقد أزيد الأمر سوءاً. لكنّني أتحمّل المسؤوليّة، وأسعى لتصحيح المسار... والتّصحيح يبدأ بتوظيف الشّخص المناسب". وعن فلسفته في الإدارة، يعلّق: «لطالما قلتُ: اطلب الغفران، لا الإذن؛ فالثّقة تأتي أوّلاً، ثمّ المساءلة".
ومع احتفاظه بدورٍ فعّالٍ في توجيه 7awi ، يرى عبّار أنّ مهمته الحاليّة أصبحت أكثر "استراتيجيّةً"، إذ يُعطي لنفسه المساحة للتّراجع خطوةً إلى الوراء، كي يرى الصّورة كاملةً: يستكشف فرص النّموّ، ويمثّل الشّركة خارجيّاً، ويبني شبكات العلاقات الّتي ستقودها إلى المرحلة التّالية. ويُقرّ بأنّ هذا التّفرّغ لم يكن ممكناً لولا الهيكل الإداريّ المرن الّذي أسّسه، والّذي يُمكّن الأفراد بدلاً من مراقبتهم.
يقول أنس عبّار: "أؤمن أنّنا ما زلنا على عتبة البداية في رحلتنا." ويتابع: "كلّ محطّةٍ وكلّ تجربةٍ في السّفر تحمل معها درساً وفكرةً جديدةً. كثيراً ما أعود من رحلاتي محمّلاً بتأمّلاتٍ: ماذا لو فعلنا كذا؟ ولماذا لم نجرّب كذا؟" ثم يضيف: " كما تُؤرّقني بعض الهواجس وتسلب منّي النّوم، تُثيرني أيضاً تساؤلاتٌ مفعمةٌ بالحماسة: ما الذي يُخبّئه القادم؟ وما الآفاق الأخرى التي نستطيع بلوغها؟"
أمّا نصيحته لروّاد الأعمال، فهي رسالةٌ صريحةٌ: "لا بدّ من الشّجاعة. يمتلك الكثيرون الأفكار، ولكن الفكرة وحدها لا تكفي؛ فمن دون رؤيةٍ طويلة الأمد، ستُستهلك مواردك سريعاً. حتّى لو كنت تملك مليون دولارٍ، قد ينفد في طرفة عينٍ". ويختم: "فكّر جيّداً: ما الّذي تبنيه؟ ولماذا تبنيه؟ ولماذا أنت بالذّات -دون غيرك- القادر على تحقيق ذلك؟"
ابنِ من أجل النّموّ لا من أ جل البقاء
نصائح أنس عبّار، المؤسّس المشارك والرّئيس التّنفيذيّ لمجموعة حاوي الإعلاميّة، لروّاد الأعمال الطّموحين.
امتلك عرض قيمةٍ لا يُضاهى
"ابتكر فكرةً فريدةً لا يمكن لمنافسيك تقليدها، حتّى لو كانوا يملكون تمويلاً أكبر وقدرةً على التّوسّع أسرع منك. كن مختلفاً، لأنّ التّميّز هو ما يصنع الفارق".
اختَر محيطك بعنايةٍ، فهو سرّ نجاحك
" الأشخاص المناسبون ليسوا بالضّرورة من يوافقونك الرّأي، بل أولئك الّذين يشاركونك نفس الرّؤية والطّموح، ويتناغمون مع توقّعاتك وأفكارك، ويملكون روحاً إيجابيّةً لا تفتر. لا تحط نفسك بالسّلبيّة، فأنت ستواجه لا محالة تحديّاتٍ، لذا فكّر دوماً كيف تخرج من زاوية نصف الكأس الفارغ".
امتلك مخزوناً ماليّاً كافياً
"امتلك تمويلاً يغطّي نفقاتك لعامٍ كاملٍ، فهو الجسر الّذي يوصلك إلى تركيزٍ مستدامٍ في بناء مشروعك دون أن تحيد عن هدفك. وإن واجهت نقصاً في السّيولة قبل أن يمضي من عمر المشروع ثلاثة أشهرٍ، فذلك إشارةٌ حاسمةٌ على ضعف الأساس الّذي يرتكز عليه، ممّا ينذر بسقوطٍ مبكّرٍ لا محالة".
لا تتسرّع في جمع التّمويل
"إذا كانت الشّركة تتمتّع بصحّةٍ ماليّةٍ جيّدةٍ وتحقّق إيراداتٍ، فلا ينبغي لها أن تستقطب مستثمرين في المراحل المبكّرة، لأنّ ذلك قد يؤثّر على مسارها الاستراتيجيّ. ومع ذلك، هناك حالاتٌ للشّركات النّاشئة الّتي تمتلك رؤيةً واضحةً، ويكون حجم الاستثمار فيها كافياً لتسريع نموّها بشكلٍ ملحوظٍ".
ركّز على شؤونك الماليّة
"بغضّ النّظر عن مدى جودة فكرتك، إذا لم تتمكّن من إثبات أنّ إيراداتك تتجاوز نفقاتك، لن يُنظر إليك إلّا كواحدةٍ من الشّركات الّتي تكرّر النّمط نفسه دون تميّزٍ حقيقيٍّ."