PayPal تضخ 100 مليون دولار لدعم التجارة الرقمية في المنطقة
استثمارٌ جديدٌ يهدف إلى تعزيز الابتكار وتمكين روّاد الأعمال وتوسيع المشاركة الاقتصاديّة عبر الشرق الأوسط وأفريقيا ضمن رؤيةٍ للتّحوّل الرّقمي المستدام

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في سبتمبر الماضي، أعلنت شركة "باي بال" (PayPal Holdings)، المتخصّصة في التّكنولوجيا الماليّة ومقرّها الولايات المتّحدة، عن التزامٍ استثماريٍّ بقيمة 100 مليون دولارٍ أمريكيٍّ لدعم تطوير التّجارة الرّقميّة في منطقتي الشّرق الأوسط وأفريقيا، في خطوةٍ تهدف إلى تحفيز الابتكار، وتمكين روّاد الأعمال، وتوسيع المشاركة الاقتصاديّة في هاتين المنطقتين. وسيُوجَّه هذا الاستثمار عبر حصصٍ محدودةٍ في شركاتٍ ناشئةٍ، واستحواذاتٍ، وتمويلٍ من ذراعها الاستثماريّ "باي بال فنتشرز" (PayPal Ventures)، إضافةً إلى تطوير الكفاءات الإقليميّة في مجالي التّكنولوجيا والموهبة.
ومن خلال هذه المبادرة، تسعى باي بال إلى مساعدة الشّركات المحليّة على التّوسّع، وخلق فرصٍ جديدةٍ للمبتكرين، وتوسيع نطاق الوصول إلى الاقتصاد الرّقميّ ليشمل شريحةً أوسع من المستهلكين والمجتمعات.
وفي مقابلةٍ مع مجلة "عربية .Inc"، وصف أوتو ويليامز، النّائب الأول للرّئيس والمدير العام الإقليميّ لباي بال في الشّرق الأوسط وأفريقيا (MEA)، المنطقة بأنّها تتمتّع بموقعٍ فريدٍ يمكّنها من تحقيق طفرةٍ رقميّةٍ استثنائيّةٍ؛ فقال: "ما يميّز الشرق الأوسط وأفريقيا هو اجتماع الحجم والتّنوّع وسرعة التّحوّل. فهذه المنطقة تضمّ بعضاً من أكثر الفئات السّكّانية شباباً ورقمنةً في العالم، إلى جانب حكوماتٍ تستثمر بكثافةٍ في تحويل اقتصاداتها رقميّاً، وروّاد أعمالٍ لا يكتفون ببناء مشاريع لأسواقهم المحليّة، بل يسعون منذ اليوم الأوّل إلى الانطلاق نحو فرصٍ عالميّةٍ".
شاهد أيضاً: PayPal تفتتح مركزها الإقليمي الأول في دبي
ويرى ويليامز أن تنوّع المنطقة وقدرتها على أن تكون رائدةً في التّجارة العالميّة هما جوهر التزام باي بال تجاهها؛ فيقول: "ليست هذه منطقةً تصلح فيها الحلول الجاهزة للجميع؛ فما ينجح في سوقٍ ما قد لا ينجح في أخرى، وهذا التّنوّع بالذّات هو ما يجعل الشرق الأوسط وأفريقيا ذات أهميّةٍ خاصّةٍ بالنّسبة إلى باي بال. ولهذا خصّصنا مئة مليون دولارٍ ليس فقط لتعزيز النموّ هنا، بل أيضاً للتّعلّم من هذه المنطقة وصياغة حلولٍ قادرةٍ على التّأثير في التّجارة العالميّة".
ويشكّل هذا الإيمان العميق بإمكانات المنطقة أحد الأسباب الرّئيسة وراء قرار باي بال افتتاح أول مركزٍ إقليميٍّ لها في دبي في أبريل الماضي، ليكون نقطة ارتكازٍ لعمليّاتها في الشرق الأوسط وأفريقيا. ويوفّر هذا المركز للشّركات الكبرى والتّجّار الصّغار على حدٍ سواء خدمات الدّفع وأدوات الأمان والوصول إلى الأسواق العالميّة.
ويستند هذا الالتزام الجديد إلى استثماراتٍ سابقةٍ لذراع الشّركة الاستثماريّ، باي بال فنتشرز، في عددٍ من الشّركات الناشئة في المنطقة، من بينها "تابي" (Tabby) في الإمارات، وهي منصة "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" (BNPL)، و"بي موب" (Paymob) في مصر، وهي مزوّد لحلول الدّفع الرّقميّ للتّجار والشّركات الصّغيرة والمتوسّطة، و"ستيتش" (Stitch) في جنوب أفريقيا، التي تقدّم بنيةً ماليّةً قائمةً على واجهات برمجة التّطبيقات (API) لخدمة الأعمال.
وأوضح ويليامز أنّ ما يجمع بين هذه الشّركات هو مكوّنٌ أساسيٌّ للنّجاح العالميّ، يتمثّل في الجمع بين الفهم المحليّ العميق والطّموح العالميّ. وقال: "العامل المشترك بين اللّاعبين الرّقميّين النّاجحين في المنطقة هو أنّهم يبنون حلولهم بفهمٍ دقيقٍ لواقع أسواقهم، لا بنسخ النّماذج العالميّة؛ فقد دعمنا تابي وبي موب وستيتش لأنّها لم تقتبس الأفكار من الخارج، بل صمّمت حلولاً تراعي سلوك المستهلك المحليّ والأطر التّنظيميّة والبنى التّحتيّة. وقد صيغت هذه الشّركات منذ البداية لتكون قابلةً للتّوسّع والتّكامل، ولهذا باتت تجذب شركاء ومستثمرين عالميّين. وذلك المزيج من الفهم المحليّ والرّؤية العالميّة هو ما يميّز المبتكرين في المنطقة".
وأضاف ويليامز أنّ الاستثمار الجديد سيركّز على 3 مجالاتٍ أساسيّةٍ، أوّلها دعم الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة والتّجارة العابرة للحدود. وقال: "تُعدّ المشاريع الصّغيرة العمود الفقريّ لاقتصادات الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن الكثير منها ما زال يواجه صعوباتٍ في الوصول إلى العملاء خارج حدوده. والمدفوعات الرّقميّة هي الجسر، ولهذا سنوجّه جزءاً كبيراً من استثماراتنا إلى تطوير الأدوات والبنى التّحتيّة والشّراكات التي تسهّل التّجارة عبر الحدود".
كما أشار إلى أن اقتصاد العمل الحر واقتصاد صنّاع المحتوى يمثّلان فرصةً قويّةً للنّموّ، قائلاً: "سواء كان الأمر يتعلّق بمستقلٍ في زاويةٍ من المنطقة أو بصانع محتوى في أخرى، فالمواهب هنا غزيرةٌ لكنّها غير مخدومةٍ بالشّكل الكافي من الأنظمة الماليّة التّقليديّة؛ فهدفنا هو تمكين هذه الفئات من الحصول على وسائل موثوقةٍ لتلقّي الدّخل، والسّحب محليّاً، والتّعامل عالميّاً".
أمّا المجال الثّالث، وفقاً لويليامز، فيتمثّل في إيجاد حلولٍ تدعم الشّمول الماليّ اليوميّ. ويقول: "سنعمل من خلال شراكاتنا مع شركات الاتّصالات والبنوك على ضمان ربط المحافظ الرّقميّة وخدمات الأموال عبر الهاتف بالاقتصاد العالميّ، حتى يتمكّن الجميع، سواء كانوا تجّاراً صغاراً أو مستخدمين أفراداً، من الوصول إلى شبكة باي بال بثقةٍ وبكلفةٍ ميسورة".
ووجّه ويليامز نصيحةً إلى روّاد الأعمال السّاعين لتخطّي التّحدّيات المحليّة والتّوسّع عالميّاً، مؤكّداً أنّ "الثّقة" هي العامل الحاسم في هذا المسار. وقال: "نصيحتي الوحيدة هي ألّا تستهينوا بقيمة الثّقة. فالتّجارة والمدفوعات في جوهرهما تدور حول بناء الثّقة بين التّاجر والعميل. أولئك الّذين يستثمرون مبكّراً في بناء الثّقة، عبر الأمان والشّفافية والموثوقيّة، هم الأكثر قدرةً على عبور الحدود والتّوسع".
وأضاف أنّ هذا هو الوقت الأمثل لتبنّي الذكاء الاصطناعي (AI) بطريقةٍ واعيةٍ ومسؤولة، قائلاً: "عند استخدامه بحكمةٍ، يمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يساعد روّاد الأعمال على تخصيص التّجارب، وتعزيز الأمان، وتبسيط العمليّات. وكلّ هذه العناصر تعمّق أساس الثّقة، وتساعد الشّركات على التّوسّع بسرعةٍ وثقةٍ أكبر في السّاحة العالميّة".