الرئيسية الابتكار 95 عاماً من الإنجازات الاقتصادية: كيف تطورت المملكة وازدهر اقتصادها؟

95 عاماً من الإنجازات الاقتصادية: كيف تطورت المملكة وازدهر اقتصادها؟

منذ اكتشاف النّفط في الدمام وحتى رؤية 2030، تشكّل قصة المملكة رحلةً متواصلةً من التّحوّل الاقتصاديّ والرّيادة في أسواق الطّاقة والتّنمية المستدامة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

على مدى 95 عاماً، كتبت المملكة العربيّة السّعوديّة فصولاً متتابعةً من الإنجازات الاقتصاديّة الّتي غيّرت ملامحها وجعلتها قوّةً إقليميّةً وعالميّةً؛ فمنذ اللّحظة التّاريخيّة لاكتشاف النّفط في بئر الدّمام رقم 7 عام 1938، انطلقت رحلة التّحوّل من دولةٍ ناشئةٍ تعتمد على الموارد البسيطة إلى اقتصادٍ متطوّرٍ يقود أسواق الطّاقة العالميّة. ومع مرور العقود، لم يكن النّفط وحده هو المحرّك الرّئيس، بل جاءت مبادراتٌ واستراتيجيّاتٌ متلاحقةٌ – من تأسيس صندوق الاستثمارات العامّة إلى دعم الصّناعة، ومن إطلاق المدن الصّناعيّة إلى رسم الإستراتيجيّة الوطنيّة للنّقل والخدمات اللّوجستيّة – لتبني نموذجاً متكاملاً للنّموّ والتّطوّر. وهكذا، تداخلت الموارد الطّبيعيّة مع الرّؤية الاستراتيجيّة والإدارة الحكيمة لتصنع قصّة نجاحٍ متجدّدةٍ تعبّر عن طموحات المملكة ورؤيتها المستقبليّة.

95 عاماً من الإنجازات الاقتصادية: كيف تطورت المملكة وازدهر اقتصادها؟

على امتداد تسعة عقودٍ ونصف، خطّت المملكة مسيرة تحولٍ اقتصاديٍّ هائلةٍ جعلتها تنتقل من بئر الخير إلى ريادة أسواق الطّاقة وتنويع مصادر النّمو.

البدايات: النفط كركيزة أساسية

لم يكن الرّابع من مارس عام 1938 يوماً عاديّاً في تاريخ المملكة، إذ شكّل اكتشاف بئر الدّمام رقم 7، المعروف باسم "بئر الخير"، نقطة الانطلاق الحقيقيّة لمسيرة الإنجازات الاقتصاديّة. فبعد سلسلة محاولاتٍ في ستّة آبارٍ سابقةٍ لم تسفر عن نتائج تجاريّةٍ، واصل الفريق بقيادة الجيولوجيّ الأمريكيّ ماكس ستاينكي، وبمساعدة البدويّ السّعوديّ خميس بن رمثان، الحفر حتّى عمق 1440 متراً، ليخرج أوّل تدفّقٍ تجاريٍّ من النّفط. بدأ الإنتاج بـ1585 برميلاً يوميّاً، وقفز خلال أقلّ من أسبوعٍ إلى 3810 براميل، ممّا أعطى مؤشّراً واضحاً على أنّ المملكة تقف على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ من الازدهار.

ومن هنا، لم يكن النّفط مجرّد موردٍ طبيعيٍّ، بل تحوّل إلى الشّرارة الّتي غيّرت وجه الاقتصاد السّعوديّ والعالميّ معاً؛ إذ فتحت أبواب الاستثمار في البنية التّحتيّة، ومهّدت لتأسيس شركة الزّيت العربيّة الأمريكيّة (أرامكو السّعوديّة لاحقاً) الّتي أصبحت لاحقاً عملاق الطّاقة العالميّ. ومع هٰذا النّجاح، تعزّزت ثقة الدّولة بقدرتها على الانتقال من اقتصادٍ زراعيٍّ وتجاريٍّ محدودٍ إلى اقتصادٍ نفطيٍّ حديثٍ يموّل التّنمية ويشيّد المدن ويؤسّس الجامعات والمستشفيات.

ظلّ بئر الخير يعمل حتّى عام 1982، ثمّ تحوّل إلى معلمٍ تاريخيٍّ ضمن متحف أرامكو، شاهداً على بداية التّحوّل الاقتصاديّ للمملكة من دولةٍ ناشئةٍ تعتمد على موارد بسيطةٍ إلى قوّةٍ عالميّةٍ في إنتاج الطّاقة. ومنذ ذٰلك الاكتشاف، انطلقت رحلة توسّعٍ نفطيٍّ طويلةٍ جعلت من المملكة أحد أكبر مصدّري النّفط في العالم، ورسّخت النّفط كركيزةٍ أساسيّةٍ لجميع مراحل التّنمية اللّاحقة. [1]

صندوق الاستثمارات العامة: من التأسيس إلى محرك رؤية 2030

لم يكن التّحوّل الاقتصاديّ للمملكة مرتبطاً بالنّفط وحده، بل كان بحاجةٍ إلى مؤسّساتٍ استثماريّةٍ تعزّز التّنويع وتفتح آفاقاً جديدةً. وهنا برز صندوق الاستثمارات العامّة، الّذي تأسّس عام 1971 بموجب المرسوم الملكيّ رقم م/24، ليكون داعماً أساسيّاً للاقتصاد عبر تأسيس شركاتٍ رائدةٍ في مجالاتٍ حيويّةٍ مثل الطّاقة والبنوك والاتّصالات والنّقل. ومن خلال هٰذه الجهود، ولدت مجموعةٌ من "الأبطال الوطنيّين" الّذين شكّلوا أعمدة الاقتصاد الحديث.

ومع مرور الوقت، استمرّ الصّندوق في دعم التّنمية، لكنّ اللّحظة المفصليّة جاءت عام 2015 عندما أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 270، لينتقل الصّندوق إلى إشراف مجلس الشّؤون الاقتصاديّة والتّنمية برئاسة سموّ وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان. لم يكن هٰذا مجرّد تعديلٍ إداريٍّ، بل كان بمثابة "إعادة ولادةٍ" للصّندوق؛ إذ منحه استقلاليّةً أكبر وصلاحيّاتٍ أوسع، وحدّد له مسؤوليّاتٍ استراتيجيّةً واضحةً جعلته أكثر فاعليّةً في قيادة التّحوّلات الاقتصاديّة.

ومع هٰذه النّقلة، تحوّل الصّندوق إلى ذراعٍ سياديّةٍ ضخمةٍ توجّه استثماراتها نحو المشاريع العمالق مثل نيوم والقديّة والبحر الأحمر، وتضخّ استثماراتٍ داخليّةً وخارجيّةً تدعم تنويع الاقتصاد. وهكذا أصبح الصّندوق لاعباً محوريّاً في تحقيق مستهدفات رؤية السّعوديّة 2030، ليسهم في تسريع النّموّ الاقتصاديّ والاجتماعيّ وتعزيز مكانة المملكة على السّاحة العالميّة.

رحلة الصناعة: من البدايات المبكرة إلى عصر رؤية 2030

إلى جانب النّفط والاستثمارات السّياديّة، شكّلت الصّناعة إحدى الرّكائز الّتي أولتها الدّولة اهتماماً بالغاً. فقد وضعت رؤية المملكة 2030 هدفاً واضحاً يتمثّل في توسيع مساهمة الصّناعة والتّعدين في النّاتج المحلّيّ، بحيث يتجاوز مجموعهما 15% بحلول عام 2020.

ولم يكن هٰذا القطاع وليد لحظةٍ عابرةٍ، بل كان ثمرة عقودٍ طويلةٍ من التّخطيط والإعداد بدأت مع اكتشاف النّفط الّذي مثّل قاعدة انطلاقٍ للقطاع الصّناعيّ الحديث. فمع تصدير المنتجات النّفطيّة وتوجيه عوائدها إلى مشاريع التّنمية والبنى التّحتيّة، تسارع النّموّ الصّناعيّ ليصبح النّفط وقوده الأساسيّ.

ولأنّ التّطوير الصّناعيّ يعدّ مفتاحاً لتنويع الاقتصاد، قدّمت المملكة جميع أشكال الدّعم، سواءً عبر إنشاء مدنٍ صناعيّةٍ كبرى مثل الجبيل وينبع، أو من خلال سنّ تشريعاتٍ تحفّز الاستثمار وتستقطب التّقنيّات الحديثة. وبذٰلك، تحوّلت الصّناعة من قطاعٍ ناشئٍ إلى قطاعٍ متطوّرٍ يواكب طموحات رؤية 2030 في بناء اقتصادٍ متنوّعٍ ومستدامٍ.

الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية

ولأنّ ربط الأسواق وتسهيل حركة التّجارة عنوانٌ حيويٌّ لأيّ اقتصادٍ متقدّمٍ، فقد جاءت الإستراتيجيّة الوطنيّة للنّقل والخدمات اللّوجستيّة لتكون إحدى ركائز رؤية 2030. تهدف هٰذه الإستراتيجيّة إلى تحويل المملكة إلى مركزٍ لوجستيٍّ عالميٍّ يصل بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، عبر تطوير وتكامل أشكال النّقل الجوّيّ والبحريّ والبرّيّ والسّكّكيّ.

وقد صمّمت لتكون المرجع الرّئيس لوضع سياسات النّقل والخدمات اللّوجستيّة، حيث تحدّد المبادرات ذات الأولويّة وتوفّر لها التّمويل اللازم، مع التّركيز على إدخال حلولٍ رقميّةٍ متقدّمةٍ وتقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ في إدارة سلاسل الإمداد. كما وضعت أسس حوكمةٍ فاعلةٍ تضمن انسياب الحركة التّجاريّة والرّكّابيّة بسلاسةٍ.

ولا يقتصر أثر هٰذه الإستراتيجيّة على تحديث البنى التّحتيّة فحسب، بل يتعدّاه إلى تعزيز موقع المملكة كمحورٍ تجاريٍّ عالميٍّ، يجذب الاستثمارات الأجنبيّة، ويوفّر فرص عملٍ نوعيّةً للمواطنين، ويزيد من حصّة السّعوديّة في حركة التّجارة العالميّة. ومن خلال ذٰلك، تتعزّز مكانة المملكة كقوّةٍ اقتصاديّةٍ ولوجستيّةٍ مؤثّرةٍ على مستوى العالم. [2]

الخاتمة

إنّ استعراض مسيرة خمسةٍ وتسعين عاماً من الإنجازات الاقتصاديّة يكشف أنّ قوّة المملكة لم تكن نتاج الصّدفة، بل ثمرة رؤيةٍ بعيدة المدى وصبرٍ على البناء واستثمارٍ في الإنسان والمكان. فمن بئر الخير الّذي فتح الباب أمام الاقتصاد النّفطيّ، إلى صندوق الاستثمارات العامّة الّذي يقود التّحوّلات الكبرى، ومن الصّناعة الّتي توسّعت بدعم الدّولة إلى الإستراتيجيّة الوطنيّة للنّقل والخدمات اللّوجستيّة الّتي ترسّخ موقع المملكة كمركزٍ عالميٍّ، تتضح ملامح مسارٍ متكاملٍ جمع بين الموارد الطّبيعيّة والإرادة السّياسيّة والطّموح الشّعبيّ. واليوم، مع رؤية السّعوديّة 2030، يتجدّد الوعد بمستقبلٍ أكثر ازدهاراً، حيث يتّسع نطاق الفرص ويتعزّز التّنويع الاقتصاديّ، لتظلّ المملكة مثالاً حيّاً على كيف تصنع القيادة الحكيمة من التّاريخ منفذّاً للانطلاق إلى آفاقٍ جديدةٍ من التّنمية والرّيادة العالميّة.

  • الأسئلة الشائعة

  1. كيف ساعد صندوق الاستثمارات العامة في جذب الاستثمارات الأجنبية؟
    قدّم صندوق الاستثمارات العامة في جذب الاستثمارات الأجنبية شراكاتٍ استراتيجيّةً عالميّةً، وأطلق مشاريع كبرى جذبت رؤوس أموال خارجيّةً، ممّا عزّز ثقة المستثمرين الدّوليّين في السوّق السّعوديّ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 6 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: