7 ركائز أساسيّة لبناءِ ثقافةِ عملٍ إيجابيّة ومستدامة
عندما تكون هذه الثقافة جزءًا لا يتجزأ من الشركة، فإنها تجذب أفضل المواهب وتحتفظ بها، وتسهم في تحسين الأداء وزيادة الإيرادات وتحقيق رضا العملاء
الثَّقافةُ الإيجابيَّةُ في مكانِ العملِ ليست مجردَ رفاهيةٍ، بل هي أساسُ النَّجاحِ المُستدامِ. يمكنُ لهذهِ الثَّقافةِ أن تُعزِّزَ من مُشاركةِ المُوظَّفينَ، وتَجذبَ أفضلَ الكفاءاتِ وتحتفظَ بها، وتُسهمَ في زيادةِ الإيراداتِ بشكلٍ ملحوظٍ. وفقاً لمجلةِ هارفارد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review)، شهدتِ الشَّركاتُ ذاتُ الثَّقافةِ القويَّةِ نمواً في الإيراداتِ يصلُ إلى أربعةِ أضعافٍ مقارنةً بغيرها.
لكن، كيف يمكنُ للشَّركاتِ بناءُ مثلِ هذهِ الثَّقافةِ؟ هذا التَّحدي يُصبحُ أصعبَ في عالمٍ يتغيَّرُ بسرعةٍ، حيثُ تتغيَّرُ المُعطياتُ والأولويَّاتُ باستمرارٍ، تماماً كما تتغيَّرُ صيحاتُ رقصاتِ تيك توك (TikTok).
تحديات بناء ثقافة إيجابيّة بعد الجائحة
رغمَ انتهاءِ الجائحةِ، إلَّا أنَّ تأثيرها على بيئةِ العملِ ما زالَ قائماً. تجدُ الشَّركاتُ صعوبةً في تحديدِ الشَّكلِ الأنسبِ لبيئةِ العملِ، سواء كان العملُ عن بُعدٍ، أو العملُ المُختلطُ، أو العودةُ الكاملةُ إلى المكتبِ. يُعقِّدُ هذا الوضعَ زيادةُ عددِ العمَّالِ المؤقَّتينَ، حيثُ يُشكِّلونَ نسبةً كبيرةً منَ القوى العاملةِ. في عامِ 2020، شكَّلَ العمَّالُ العرضيُّونَ 35% منَ القوى العاملةِ، وفقاً لتقريرٍ صادرٍ عن محلِّلي صناعةِ الموظَّفينَ.
فجوة الأجيال وتأثيرها على ثقافة العمل
تُظهرُ الفجوةُ بينَ الأجيالِ تحدياً آخرَ للشَّركاتِ. فبينما يمتلكُ العمَّالُ الأكثرُ خبرةً احتياجاتٍ وتوقُّعاتٍ مختلفةً، يسعى الجيلُ الجديدُ منَ الخريجينَ للعملِ في بيئاتٍ تتماشى معَ قيمِهم، وتُعزِّزُ التوازنَ بينَ العملِ والحياةِ، والشُّموليةَ، وتُوفِّرُ فُرَصَ النُّموِّ المهنيِّ. الجيلُ Z، على وجهِ الخصوصِ، يبحثُ عن أماكنَ عملٍ تعكسُ قيمَهم، وتُوفِّرُ لهم بيئةً داعمةً ومتوازنةً.
الركائز السبع لبناء ثقافة عمل إيجابية
لتحقيقِ ثقافةِ عملٍ إيجابيَّةٍ وشاملةٍ، يمكنُ للشَّركاتِ التَّركيزُ على هذهِ الرَّكائزِ السَّبعِ:
-
التَّركيز على الشَّفافية
الشَّفافيةُ هي المفتاحُ لبناءِ الثِّقةِ بينَ القيادةِ والمُوظَّفينَ. يجبُ أن يتمتَّعَ المُوظَّفونَ بفهمٍ واضحٍ للأسبابِ وراءَ القراراتِ الإداريَّةِ، وكيفَ تتماشى هذهِ القراراتُ معَ رؤيةِ الشَّركةِ. التَّواصلُ المفتوحُ والصَّادقُ يُعزِّزُ من شعورِ المُوظَّفينَ بالانتماءِ والولاءِ.
1. الاستماعُ للمُوظَّفينَ
المُوظَّفونَ يرغبونَ في الشعورِ بالتقديرِ، وأنَّ أصواتَهم مسموعةٌ. يجبُ تشجيعُ المُوظَّفينَ على جميعِ المُستوياتِ لمشاركةِ آرائِهم وأفكارِهم ومخاوفِهم. يُعكسُ التماسُ التَّغذيةِ الرَّاجعةِ بانتظامٍ اهتمامَ الإدارةِ الحقيقيِّ بآراءِ المُوظَّفينَ.
2. زراعةُ ثقافةٍ إيجابيَّةٍ
لا أحدَ يرغبُ في العملِ في بيئةٍ سامَّةٍ. خلقُ بيئةِ عملٍ إيجابيَّةٍ يتطلبُ التَّركيزَ على النَّجاحاتِ والإنجازاتِ ومعالجةِ المخاوفِ بسرعةٍ وفعاليَّةٍ. الاحتفالُ بالنَّجاحاتِ الصَّغيرةِ والكبيرةِ يُعزِّزُ من الرُّوحِ المعنويَّةِ، ويُحفِّزُ المُوظَّفينَ على تقديمِ أفضلِ ما لديهمْ.
3. الاندماجُ والشُّمولُ
التَّنوُّعُ في مكانِ العملِ يزيدُ من الإبداعِ، ويُعزِّزُ من الابتكارِ. توظيفُ المواهبِ المتنوِّعةِ يجلبُ وجهاتِ نظرٍ جديدةٍ، ويُسهمُ في بناءِ فريقِ عملٍ ديناميكيٍّ. احتضانُ الفروقاتِ بينَ المُوظَّفينَ والاعترافُ بقيمةِ كلِّ فردٍ يُعزِّزُ من بيئةِ العملِ، ويجعلُ الشَّركةَ مكاناً أفضلَ للعملِ.
4. قياسُ النَّتائجِ
لتحديدِ فعاليَّةِ ثقافةِ العملِ، يجبُ على الشَّركاتِ تطويرُ مقاييسِ تقييمٍ دقيقةٍ. يمكنُ استخدامُ مؤشِّراتٍ مثلَ معدَّلِ الاحتفاظِ بالمُوظَّفينَ، ورضا العملاءِ، وإشراكِ المُوظَّفينَ، وزيادةِ الإيراداتِ لتقييمِ تأثيرِ الثَّقافةِ المؤسَّسيَّةِ.
5. التَّعرُّفُ على مساهماتِ المُوظَّفينَ
الاعترافُ بمساهماتِ المُوظَّفينَ وإنجازاتِهم يُعزِّزُ من معنويَّاتِهم، ويزيدُ من ولائهم وتحفيزهمْ. يجبُ على الإدارةِ الاحتفالُ بإنجازاتِ المُوظَّفينَ علناً، وتقديرُ العملِ الجادِّ، وتقديمُ المُكافآتِ المُناسبةِ. التقديرُ المُستمرُّ يبني بيئةَ عملٍ إيجابيَّةٍ، ويُشجِّعُ على التَّفاني والإبداعِ.
6. تعلُّمُ الأخطاءِ
الأخطاءُ جزءٌ لا يتجزَّأُ من عمليَّةِ التَّعلُّمِ والنُّموِّ. بدلاً من معاقبةِ المُوظَّفينَ على أخطائِهم، يجبُ على الشَّركاتِ تبني ثقافةِ التَّعلُّمِ من الفشلِ. إعادةُ صياغةِ الأخطاءِ كتجاربِ تعليميَّةٍ يمكنُ أن يُشجِّعَ على الابتكارِ، ويُعزِّزَ من التَّحسينِ المُستمرِّ.
إنَّ بناءَ ثقافةٍ إيجابيَّةٍ في مكانِ العملِ ليس مجردَ هدفٍ يمكنُ تحقيقُهُ بينَ عشيَّةٍ وضحاها، بل هو رحلةٌ مُستمرَّةٌ تتطلبُ التزاماً وجهوداً من جميعِ أفرادِ المُنظَّمةِ. عندما تكونُ هذهِ الثَّقافةُ مزروعةً بعمقٍ في قلبِ الشَّركةِ، فإنَّها لا تجذبُ أفضلَ المواهبِ، وتحتفظُ بها فحسبْ، بل تُسهمُ أيضاً في تحسينِ الأداءِ العامِّ وزيادةِ الإيراداتِ، وتحقيقِ الرِّضا الكاملِ للعملاءِ.