3 استراتيجيات فعالة لتعزيز مهارات التواصل القيادي
تُقدّم مناظرة هاريس-ترامب دروساً في التّواصل، من خلال تحسين إدارة وقت الحديث، واستخدام الاتّصال البصريّ، مع التّركيز على احتياجات الآخرين
يُعدّ التواصل الفعّال أحد أهم مهارات القيادة في العصر الحديث، فهو الأساس الّذي يقوم عليه النّجاح في مختلف جوانب الحياة العمليّة والشّخصيّة. في مناظرةٍ استمرّت لمدّة 90 دقيقةً بين نائبة الرّئيس كامالا هاريس والرّئيس السّابق دونالد ترامب، برزت ثلاث استراتيجيّاتٍ جوهريّةٍ يمكن أن تُحسّن تواصلك، وتزيد من تأثيركَ، سواء كُنت تتحدّث أمام الجمهور أو تقود فريقاً، فتعلّم هذه الدّروس الثّلاثة لتطوير مهاراتك في التواصل القيادي.
انتبه إلى مدّة حديثك، مع مراعاة السّياق
في معظم المحادثات، يُعتبر الإفراط في الكلام خطأً شائعاً في التواصل، فالقاعدة الأساسيّة هي أن تتحدّثَ أقلّ من حصّتك الزّمنيّة. في الاجتماعات الثّنائيّة، حاول ألّا تتجاوز 50% من وقت الحديث، أمّا في مجموعةٍ من 5 أشخاصٍ، فحاول أن تكون حصّتك حوالي 20% أو أقلّ، والهدف من ذلك هو تحقيق التّوازن في المحادثة، وتعزيز التّعاون، وتجنّب السّيطرة على الحديث.
لكن في المناظرات والمواقف الحسّاسة، تختلفُ القواعد، فالوقت المُخصّص للتّحدّث يُعدّ ميزةً. في المناظرة الرّئاسيّة، تحدّثت هاريس لمدّة 37 دقيقةً، بينما استحوذ ترامب على 42 دقيقةً من الوقت، ممّا منحه ميّزةً زمنيّةً تبلغ 5 دقائق، أو ما يعادل 14% زيادةً في وقت التّحدّث. في مثل هذه المواقف عالية المخاطر، يُمكن أن يكونَ التّحدّث لفترةٍ أطول خطوةً استراتيجيّةً تُعزّز من تأثيركَ؛ لذلك يجب عليك تتبّع نسبة حديثكَ، ولكن دائماً ضع السّياق في الاعتبار. ففي معظم الأوقات، ينبغي عليكَ مشاركة الوقت، ولكن في المواقف التّنافسيّة أو الضّاغطة، قد يكون الاستحواذ على وقت التّحدّث سلاحاً فعّالاً.
الاتصال البصري يبني الثّقة
يُعدّ الاتصال البصري وسيلةً قويةً لبناء الثّقة، إذ تُظهر الأبحاث أنّ النّاس يميلون إلى النّظر في عيون من يحبّونهم لفترةٍ أطول. وبالمثل، نميل إلى الثّقة بالأشخاص الذين يحافظون على اتّصالٍ بصريٍّ مستمرٍّ معنا. ولكن عند الحديث أمام الكاميرا، تختلف القواعد قليلاً، والسّر هنا هو أن تنظرَ مباشرةً إلى الكاميرا لمحاكاة الاتصال البصري مع جمهوركَ، خصوصاً عند تقديم النّقاط المهمّة.
وفي المناظرة، أبدعت هاريس في استخدام هذه التّقنية بمهارةٍ، فعند تقديم حججها الأساسيّة، كانت تنظر مباشرةً إلى الكاميرا، ممّا جعلها تبدو أكثر تواصلاً مع النّاخبين، وزادت من مستوى الثّقة بينهم. في المقابل، كان ترامب ينظر غالباً إلى المذيعين، أو إلى خصمه أو حتّى إلى الأسفل، ممّا قلّل من قوّة تواصله مع الجمهور.
إذاً، سواء كُنتَ تتحدّث مباشرةً أمام النّاس أو أمام الكاميرا، يجب عليك توجيه نظرك بعنايةٍ وبشكلٍ استراتيجيٍّ لتعزيز الثّقة والتّواصل مع جمهورك.
شاهد أيضاً: أسرار بدء الحوارات: طرق ذكية للتواصل الناجح
ركّز دائماً على الآخرين
التعاطف هو حجر الأساس في التّواصل القيادي. في كل رسالةٍ تُقدّمها، تأكّد من أنّ جمهورك يعرف أنّك تهتم باحتياجاتهم وتحديّاتهم وأهدافهم، فالتّركيز على الآخرين يُظهر تعاطفكَ، ويُشير إلى أنّك لا تهتم فقط بمصالحك الشّخصيّة.
خلال المناظرة، أظهرت هاريس براعةً كبيرةً في تحقيق توازنٍ بين الحديث عن النّاخبين وخصمها ونفسها. في المقابل، كانت رسائل ترامب مُركّزةً بشكلٍ كبيرٍ على نفسه، وهو الأمر الّذي أشارت إليه هاريس بسرعةٍ عندما قالت: "شيءٌ واحدٌ لن تسمعوه منه هو الحديث عنكم، لن تسمعوه يتحدّث عن احتياجاتكم أو أحلامكم أو رغباتكم، وأنا أؤمن بأنّكم تستحقّون رئيساً يضعكم في المقام الأوّل".
إذاً، المُتحدّثون البارعون يُركّزون على الآخرين، سواء كان الأمر يتعلّق بفريق العمل أو العملاء أو الجمهور، يجب أن تكون متعاطفاً، وتُظهر أنّك تفهم وتعتني بمخاوفهم.
خلاصة المناظرة
أكّدت مناظرة هاريس-ترامب أنّ التواصل يعتمد على الاستراتيجيّة بقدر ما يعتمد على طريقة التّقديم، فسواء كُنتَ تتنافس على منصب الرّئاسة، أو تقود منظّمةً، وسواء كان الموقف حرجاً أو مجرّد اجتماعٍ أسبوعيٍّ، فإنّ إتقان أسلوب التّواصل يمنحك التّفوّق، فمن خلال تتّبع مدّة حديثك، والاستفادة من الاتصال البصري، والتّركيز على الآخرين، تستطيع أن تكسبَ ثقة واحترام من تقودهم وتُؤثّر عليهم بطريقةٍ إيجابيّةٍ.