الرئيسية التنمية هل يخاف فريقك من تقديم الملاحظات؟ إليك الحل

هل يخاف فريقك من تقديم الملاحظات؟ إليك الحل

حين تُعاد الملاحظات لتعزيز التعلّم بدل العقاب، تتحوّل بيئة العمل إلى مساحةٍ شفّافةٍ تشجّع التّطوير المستمرّ والإبداع اليوميّ للفريق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تعدّ عمليّة تقديم الملاحظات من الرّكائز الأساسيّة الّتي تضمن تطوّر الأفراد واستمراريّة التّحسين في أداء الفرق داخل بيئة العمل، غير أنّها تتحوّل في كثيرٍ من المؤسّسات إلى مصدرٍ للتّوتّر والخوف بدلاً من أن تكون مساحةً للتّعلّم والنّموّ. فعندما يخشى الموظّفون التّعبير عن آرائهم أو طرح نقدٍ بنّاءٍ خوفاً من ردّ فعلٍ سلبيٍّ أو من تأثير ذٰلك على علاقاتهم المهنيّة، تسود حالةٌ من الصّمت التّنظيميّ، وتتراجع الشّفافيّة، ويخبو روح التّطوير. لذٰلك، يجب أن يبادر القائد الواعي إلى بناء ثقافةٍ مؤسّسيّةٍ تجعل التّغذية الرّاجعة ممارسةً يوميّةً طبيعيّةً وليست حدثاً استثنائيّاً يثير القلق، لأنّ التّواصل المفتوح لا يبنى بالصّدفة بل بالثّقة المتبادلة والممارسة المستمرّة.

هل يخاف فريقك من تقديم الملاحظات؟ 

حين يلاحظ القائد أنّ فريقه يتردّد في تقديم الملاحظات، يجب أن يفهم أنّ الخلل لا يكمن في الأشخاص، بل في البيئة الّتي تحيط بهم. فالصّمت في بيئة العمل لا يأتي عبثاً، بل نتيجة خوفٍ متراكمٍ من العواقب. فقد يخشى الموظّفون أن تفسّر ملاحظاتهم على أنّها تحدٍّ للسّلطة أو تقليلٌ من مجهود الآخرين، أو أن تؤثّر سلباً في مكانتهم داخل الفريق. وغالباً ما يتحوّل الصّمت إلى آليّة دفاعٍ نفسيّةٍ تحمي الأفراد من الصّدام، لكنّها في المقابل تقتل روح التّطوير وتطفئ جذوة الصّراحة. لذٰلك، يجب أن يبدأ القائد بإزالة جذور هٰذا الخوف عبر خلق مناخٍ يقوم على الثّقة والانفتاح، حيث ينظر إلى الآراء بصفتها فرصاً للتّقدّم لا تهديداً للانسجام.

ويتحقّق ذٰلك عندما يظهر القائد انفتاحاً صادقاً تجاه النّقد البنّاء، فيطلب من فريقه إبداء آرائهم في أدائه وقراراته، ويعبّر بوضوحٍ عن تقديره لكلّ من يجرؤ على التّعبير بصراحةٍ. فعندما يرى الموظّفون أنّ قائدهم يتقبّل النّقد بروحٍ إيجابيّةٍ ويحوّله إلى فرصةٍ للتّعلّم، تنهار تدريجيّاً الحواجز النّفسيّة الّتي كانت تقيّد التّواصل. كما يستحسن أن يدرّب الأفراد على مهارات التّغذية الرّاجعة البنّاءة ليعرفوا كيف يصيغون ملاحظاتهم بأسلوبٍ موضوعيٍّ يركّز على الفعل والنّتيجة لا على الشّخص نفسه. ويمكن كذٰلك أن يخصّص القائد جلساتٍ دوريّةً غير رسميّةٍ لتبادل الآراء، فتتحوّل الملاحظات إلى جزءٍ من الحوار اليوميّ بدلاً من كونها موقفاً طارئاً يثير التّوتّر.

ومن خلال هٰذه الممارسات، تتحوّل عمليّة تقديم الملاحظات من مصدر قلقٍ إلى أداةٍ للنّموّ المشترك. فالفريق الّذي يتحدّث بصراحةٍ ويتبادل الملاحظات بوضوحٍ، هو فريقٌ قادرٌ على التّعلّم السّريع وتصحيح المسار قبل تفاقم الأخطاء. ومع مرور الوقت، يدرك الأفراد أنّ الملاحظات لا تهدّد مكانتهم بل تسهم في صقل مهاراتهم، فتزدهر بيئة العمل بالشّفافيّة والثّقة، ويتحوّل الخوف إلى تعاونٍ حقيقيٍّ يعزّز الإبداع ويقوّي الرّوابط الإنسانيّة داخل الفريق. [1]

كيف تشجع فريقك على تقديم الملاحظات بثقة

لا يبنى التّواصل الصّادق بين ليلةٍ وضحاها، بل يحتاج إلى بيئةٍ آمنةٍ يشعر فيها الجميع بأنّ التّعبير عن الرّأي لن يعرّضهم للانتقاد أو العقوبة. لذٰلك، يجب أن يبدأ القائد بنفسه فيقدّم الملاحظات باحترامٍ ووضوحٍ، ويظهر في الوقت ذاته استعداده للاستماع والتّقبّل. فحين يشاهد الفريق قائده يتعامل مع الملاحظات بروحٍ إيجابيّةٍ ويتّخذ منها وسيلةً للتّطوير، تتولّد لديهم القناعة بأنّ الآراء المختلفة ليست تهديداً بل فرصةً للتّقدّم. ومن هنا، تتأسّس الثّقة الّتي تحرّر الفريق من الخوف وتفتح الأبواب أمام الحوار البنّاء.

ولكي تترجم هٰذه الثّقة إلى سلوكٍ عمليٍّ، ينبغي أن يخصّص القائد جلساتٍ منتظمةً لتبادل الآراء، تركّز على التّعلّم والتّحسين لا على اللّوم والمحاسبة. فالملاحظات تفقد قيمتها إن جاءت بعد فوات الأوان أو اتّسمت بالحدّة. ومن الأفضل أن تقدّم فور وقوع الحدث لتبقى فعّالةً وقابلةً للتّطبيق. كما يستحسن أن تدار هٰذه الجلسات بروحٍ تشاركيّةٍ تشجّع الجميع على المساهمة، عبر طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ مثل: "ما الّذي يمكننا تطويره في المشروع القادم؟" أو "كيف يمكن أن نجعل هٰذا الإجراء أكثر كفاءةً؟"، لتشعر الفرق بأنّ صوتها مسموعٌ وأنّ أفكارها تحدث الفرق.

وعلى سبيل التّكميل، ينبغي أن ترتبط عمليّة تقديم الملاحظات بقيم المؤسّسة وأهدافها العامّة، حتّى يدرك الأفراد أنّ الهدف منها هو تحسين المنظومة لا محاسبة الأشخاص. ويمكن استخدام أسلوب "الملاحظات المزدوجة"، حيث يبدأ القائد بتقدير الجهود الإيجابيّة ثمّ ينتقل إلى اقتراح التّحسين، فيوازن بين الدّعم والنّقد بطريقةٍ تحافظ على احترام الطّرف الآخر. كما يستحسن أن يكافئ القائد الموظّفين الّذين يظهرون صراحةً وشجاعةً في التّعبير، سواءً بكلمة شكرٍ علنيّةٍ أو بمنحهم فرصاً إضافيّةً للنّموّ المهنيّ، لأنّ التّقدير يعزّز الاستمراريّة ويغرس ثقافة الثّقة المتبادلة. [2]

أدوات وتقنيات فعالة لتعزيز الملاحظات البناءة

تسهم التّكنولوجيا اليوم في جعل عمليّة تقديم الملاحظات أكثر سهولةً وتنظيماً، خصوصاً في بيئات العمل الرّقميّة أو البعيدة. فيمكن اعتماد أدواتٍ متخصّصةٍ مثل "Officevibe" و"15Five"، الّتي تتيح للموظّفين إرسال آرائهم وملاحظاتهم بطريقةٍ منظّمةٍ وسرّيّةٍ إن لزم الأمر، ممّا يشجّع على الصّراحة دون خوفٍ من التّبعات. كما يمكن إجراء استبياناتٍ دوريّةٍ لقياس نبض الفريق وتحديد نقاط التّحسين، إلى جانب تدريب القادة على مهارات الإصغاء النّشط ولغة الجسد حتّى يتمكّنوا من استقبال الملاحظات وفهمها بعمقٍ؛ فالتّواصل الحقيقيّ لا يقتصر على الكلمات وحدها، بل يشمل أيضاً الإيماءات والنّبرات الّتي تعبّر عن المشاعر والنّوايا.

الخلاصة

حين يعاد تعريف تقديم الملاحظات على أنّه وسيلةٌ للتّعلّم والتّطوير لا أداةٌ للمحاسبة واللّوم، يتحوّل الخوف إلى فضولٍ، والرّهبة إلى انفتاحٍ. فالمؤسّسات الّتي تنجح في بناء ثقافةٍ قائمةٍ على الحوار الشّفّاف والتّقدير المتبادل، تخلق بيئةً تحفّز النّموّ الذّاتيّ وتدفع الأفراد إلى التّقدّم بثقةٍ. وعندما يصبح تقديم الملاحظات ممارسةً يوميّةً تبنى على الاحترام والثّقة، يتحوّل الفريق إلى كيانٍ نابضٍ بالحيويّة والإبداع، قادرٍ على التّطوّر المستمرّ دون خوفٍ أو تردّدٍ؛ فالتّغذية الرّاجعة ليست نهاية الحديث، بل بدايته نحو أداءٍ أرقى وعلاقاتٍ أعمق وثقافةٍ مهنيّةٍ أكثر نضجاً.

  • الأسئلة الشائعة

  1. لماذا يخاف الموظفون من تقديم الملاحظات؟
    يخاف الموظّفون من تقديم الملاحظات بسبب الخوف من ردود الفعل السّلبيّة أو العقوبات أو فقدان الثّقة مع الإدارة. كما أنّ غياب ثقافة الحوار المفتوح يجعل النّقد يبدو وكأنّه تهديد بدلاً من وسيلةٍ للتّطوير.
  2. كيف يمكن للقائد أن يخلق بيئة آمنة لتبادل الملاحظات؟
    يستطيع القائد خلق بيئةٍ آمنةٍ عبر تشجيع الشّفافيّة، وتقبّل النّقد بروحٍ إيجابيّةٍ، وتقديم الملاحظات بأسلوبٍ محترمٍ يركّز على النّتائج لا الأشخاص، كما يجب مكافأة من يعبّر بصدقٍ لتحفيز الآخرين.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: