خلف الأرقام: عمر خشبة يكشف واقع اقتصاد صناديق الاستثمار في الشرق الأوسط
حين تحدّد هياكل الصّناديق وحجمها مسار التّمويل، تتضح فرص الشّركات النّاشئة للنّموّ والتّوسّع عبر مراحل الاستثمار المختلفة في المنطقة
هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
يشغل عمر خشبة منصب الشّريك العامّ في "ألجبرا فنتشرز" (Algebra Ventures) صندوق رأس مال مغامرٍ مقرّه مصر يركّز على الاستثمار في القارة الأفريقيّة. ويرى عمر أنّ أيّ نقاشٍ حول مراحل التّمويل لا يمكن أن يبدأ إلّا من واقع اقتصاديّات الصّناديق؛ فحجم الصّندوق يحدّد توقيت دخول المستثمرين الأوائل، ونسبة الملكيّة الّتي ينبغي تأمينها، وفي النّهاية، المدى الّذي يمكن للصّندوق أن يدعم الشّركة خلال رحلتها نحو النّمو والتوسّع.
كما يؤكّد عمر أنّ الواقع يشير إلى أنّ معظم الصّناديق الكبرى تركّز على مراحل التّمويل من مرحلة ما قبل التّأسيس حتّى الجولة التّمويليّة الأولى. ويضيف أنّ أيّ صندوقٍ يقلّ حجمه عن 250 مليون دولارٍ أمريكيٍّ يواجه ضرورةً اقتصاديّةً لتأمين نسبة ملكيّةٍ منذ المراحل المبكّرة. وتُعدّ المقترحات التّمويليّة متعدّدة المراحل، الّتي ترافق الشّركات من مرحلة البذرة حتّى الجولة التّمويليّة الثّانية، جذّابةً جدّاً للشّركات النّاشئة. أمّا صناديق التّمويل الأوّليّ ومرحلة البذرة، فمسارها أصعب، لذا عليها تمييز نفسها من خلال تقديم قيمةٍ استثنائيّةٍ ترتكز على عرضٍ محوريٍّ؛ مثل تمكين الشّركات من الوصول إلى الأسواق وقنوات التّوزيع، أو توفير خبرةٍ متعمّقةٍ في المجال، أو شبكاتٍ حصريّةٍ تدعم نموّها بسرعةٍ.
ويستكمل عمر حديثه بالقول: "ما يزال هناك نقصٌ حقيقيٌّ في الصّناديق الّتي تمتلك تفويضاً فعليّاً للنّموّ، مثل الصّناديق المخصّصة لمراحل الجولة التّمويليّة الثّانية والثّالثة. توجد بعض الصّناديق في هذا المجال، لكنّها غالباً ما تركّز على التّفويضات الوطنيّة، وهو ما لا يسدّ فجوة التّمويل على المستوى الإقليميّ، وخصوصاً في القارة الأفريقيّة. وقد تكون هناك أسبابٌ هيكليّةٌ وراء ندرة هذه الصّناديق، ومع ذلك تظلّ الحاجة قائمةً أمام صناديق المراحل المبكّرة لدعم شركاتها حتّى تصل إلى الجولة التّمويليّة الثّالثة. ورغم هذه التّعقيدات يسعى المؤسّسون الأذكياء قدر الإمكان إلى تصميم هياكل ملكيّتهم بطريقةٍ تضمن تعدّد مصادر التّمويل، أي تفادي المخاطر النّاجمة عن اعتماد شركةٍ واحدةٍ على صندوقٍ واحدٍ لا يستطيع أو لا يرغب في توفير التّمويل اللّاحق الّذي يضمن للشّركة الاستمرار بأمانٍ.
يشدّد عمر على أنّ هياكل الصّناديق تُحدّد مسار تدفّق رأس المال، لكن معالم الشّركات هي الّتي تُحدّد توقيت هذا التّدفّق، وأنّ طبيعة هذه الإشارات تتبدّل بشكلٍ واضحٍ مع تقدّم مراحل الاستثمار؛ فيقول: "على المستوى المجرّد، تُعدّ جميع المراحل من التّمويل الأوّليّ وحتّى الجولة الأولى تمريناً قائماً على الرّؤية الاستثماريّة بدرجاتٍ متفاوتةٍ. ففي مرحلة التّمويل الأوّليّ، تظلّ الأمور مجرّد مفاهيم، ويصبح الاستثمار بمثابة رهانٍ قائمٍ على الثّقة بالفريق أو بالسّوق. ومع بلوغ الشّركة نقطة توافق المنتج مع السّوق، تصبح مؤهّلةً لجمع جولةٍ أكبر من نوع الجولة التّمويليّة الثّانية. لا يمكن وضع تعريفٍ محدّدٍ للإشارات الّتي ينبغي مراقبتها على نحوٍ عالميٍّ، لكن عموماً، تبدأ الدّلائل بالظّهور عندما يأخذ الزّخم شكلاً أُسّيّاً، ويصبح من المستحيل مجاراة الطّلب المتصاعد. حين تتجلّى هذه اللحظة أمامك، ستدركها فوراً، بلا حاجةٍ لتفسير أو إنذارٍ".