الرئيسية التنمية إعادة النّظر في النّجاح: متى تدرك أنّ وقت التّغيير قد حان؟

إعادة النّظر في النّجاح: متى تدرك أنّ وقت التّغيير قد حان؟

حين تفقد إنجازاتك بريقها ولا يعود النّجاح كما كان، يصبح الصّمت الدّاخليّ إشارةً خفيّةً إلى أنّك تجاوزت نسختك القديمة، وأنّ الوقت قد حان لتعيد الاتّساق مع ذاتك ومسارك الحقيقيّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

ها المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

في مرحلةٍ ما من حياتنا، نجد أنفسنا نُطارد أشياءَ كانت تثير حماستنا ذات يومٍ، ثمّ نكتشف فجأةً أنّها لم تَعُد كذلك. المنصب، الرّاتب، العلاقة، الإنجازات؛ تظلّ جميلةً على الورق، لكنّها تفقد وقعها في النّفس.

أعرف هذا الإحساس جيّداً. لسنواتٍ، كنتُ أقود شركةً عالميّةً، أدير أسواقاً تُقدَّر بملايين الدّولارات وأسافر على نحوٍ دائم. ومن الخارج، بدا أنّني بلغت قمّة النّجاح: زواجٌ مستقرّ، ومكانةٌ مهنيّةٌ مرموقة، وتوازنٌ دقيقٌ بين كلّ ما يُفترض أنّه يجلب السّعادة. غير أنّني، في أعماقي، كنتُ أدرك أنّ ثمّة خللاً ما. كنتُ أعيش حياةً منطقيّةً بالنّسبة إلى الجميع، إلّا بالنّسبة إليّ أنا.

وفي نهاية المطاف، فعلتُ ما قد يراه كثيرون تهوّراً: أنهيتُ زواجاً دام 7 سنوات، واستقلتُ من عملي في الأسبوع نفسه، من دون أيّ خطّةٍ مسبقة. كان الأمر مُرعباً، لكنّه أجبرني على البدء من جديد، وعلى اكتشاف ما أريده حقّاً. وقد علّمتني تلك التّجربة معنى «الاتّساق» الحقيقيّ، وكيف أُدرك لحظةً فقدانه.

وها هي الدّروس الّتي خرجتُ بها، والّتي أراها اليوم تشغل أذهان كثيرين:

1. أَصغ حين تتوقّف انتصاراتك عن أن تبدو انتصاراتٍ

حين يفقد النّجاح قدرته على إشباعك، فذلك إشارةٌ كبرى إلى اختلال الاتّساق. أذكر أنّني أبرمتُ آنذاك بعضًا من أضخم الصّفقات في مسيرتي، ولم أشعر بشيءٍ يُذكر. كانت تلك لحظة الصّحوة. فإذا وجدتَ نفسك تُلاحق أهدافًا بدافع العادة فحسب، فربّما حان وقت السّؤال: هل ما زالت تعني لك شيئًا؟ أم أنّك تخشى مجرّد تغيير الاتّجاه؟

2. وضّح لنفسك معنى الاتّساق اليوم

تتطوّر تعريفاتنا للنّجاح بمرور الوقت، لكنّنا نادرًا ما نتوقّف لتحديثها. للسنوات الطّوال، كنتُ أساوي بين النّموّ والإنجاز المستمرّ. ولمّا ابتعدتُ قليلاً، أدركتُ أنّ النّموّ قد يعني أيضاً الإبطاء، أو السّعي نحو عملٍ يمنح معنىً أعمق. لذلك، خصّص وقتاً لتُعرّف ما الّذي يبدو «صحيحاً» بالنّسبة إليك الآن، لا كما كنتَ قبل خمس سنوات؛ فقد تكتشف أنّ ما كان يُحرّكك يومًا، لم يَعُد يُلائم من أصبحت عليه اليوم.

3. لا تنتظر الانهيار لتُجري التّغيير

لستَ مضطرّاً إلى انتظار أن ينهار كلّ شيء كي تتحرّك؛ فالتّغيير لا يأتي دائمًا على هيئة حدثٍ جلل. أحياناً يكون إدراكاً بطيئاً أنّ ما تفعله لم يَعُد يُناسبك. وقد أدركتُ أنّني لستُ مضطرةً لأن أملك خطّةً كاملةً قبل أن أخطو الخطوة الأولى. ولا أنت بحاجةٍ إلى ذلك أيضًا؛ يكفي بعض الشّجاعة، واستعدادٌ لأن تثق بحدسك.

4. افعلها وإن كنتَ خائفاً

نعشق فكرة إعادة بناء الذّات، لكنّ الحقيقة أنّها مؤلمةٌ أحياناً؛ فالنّموّ يُمدّد حدودك، ويختبرك، ويجعلك تشكّ بنفسك مراراً، لكنّ هذا الانزعاج غالباً ما يعني أنّك على الطّريق الصّحيح. أمّا أنا، فقد أسّستُ لاحقاً شبكة رائدات الأعمال (Female Founders Network)، لأصنع المجتمع الّذي كنتُ أتمنّى وجوده آنذاك، مكاناً يُساند النّساء في مراحل الشّكّ والتحوّل.

5. حين يفقد النّجاح القديم معناه

لا يحدث التّغيير دائماً في لحظاتٍ دراميّة؛ ففي أحيانٍ كثيرةٍ، هو مجرّد إدراكٍ تدريجيّ بأنّ نسخة النّجاح الّتي كنتَ تُطاردها لم تَعُد تلائمك. وليس في ذلك بأس. لستَ بحاجةٍ إلى إحراق كلّ ما بنيتَ، ولا إلى خطّةٍ مثاليّةٍ قبل أن تتحرّك؛ فكلّ ما تحتاجه أن تُصغي حين يبدأ شيءٌ ما في داخلك بالاختلال، وأن تثق بنفسك بما يكفي لتستجيب له.

والحقيقة أنّنا جميعاً نكبر ونتجاوز أجزاءً من حياتنا، ومن مسيرتنا المهنيّة، ومن أهدافٍ وهويّاتٍ كانت ذات يوم منطقيةً تماماً. والسّؤال ليس عمّا إذا كنّا سنتغيّر، بل عمّا إذا كنّا سنواصل إجبار أنفسنا على التّشبّث بما لم يَعُد يُناسبنا، أم سنُفسح المجال لما هو آتٍ.

عن الكاتبة

إعادة النّظر في النّجاح: متى تدرك أنّ وقت التّغيير قد حان؟

نيكي بيدفورد (Nicki Bedford) هي رائدة أعمالٍ متسلسلةٌ وقائدةٌ تنفيذيّةٌ تمتلك حدساً حادّاً في بناء مشاريع تجمع بين الابتكار والتّأثير والتّوسّع. وقد تولّت قيادة عمليّات نموّ شركة "بازفيد" (BuzzFeed) في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأسّست عدّة شركاتٍ في مجالي التّكنولوجيا والإعلام، منها شبكة رائدات الأعمال (Female Founders Network) و"سيزن" (Seizen) و"لينز" (Lenzz)، وجميعها تهدف إلى تمكين الأفكار الجريئة وقيادة المستقبل.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: