كيفية التعامل مع الموظف "الباندا" في بيئة العمل
نصائح عملية للزملاء والمدراء لإدارة التحديات التي يسببها الموظف الكسول وتحويلها إلى فرص لتحسين الإنتاجية
دائماً ما نستدعي كائن الباندا اللَّطيف -أحبُّه على المستوى الشَّخصيِّ- للإسقاط على الكسول، أو المتأخِّر في إنجازٍ ما، وغالباً ما يكون هذا إسقاطاً فكاهيَّاً. ولكنَّ ظاهرةَ الموظَّف الكسول في محيط العمل ليست مضحكةً، فلها آثارٌ سلبيَّةٌ، وهي منتشرةٌ، تقول الأسطورة : "لا تخلُ بيئة عملٍ من موظَّفٍ باندا".
منطقيٌّ أن يكون عدد شخصيَّات المقال الرَّئيسيَّة ثلاثةً: الموظَّفُ البَاندا وزميل الموظَّف الباندا ومدير الموظَّف الباندا، إلَّا أنَّ مضمون المقال سيُوَجَّه فقط للزَّميل وللمدير، أمَّا الموظَّف الكسول نفسه فمن اللَّائق إفراد مقالٍ مستقلٍّ به وله –ليس قبل أسبوع- ولكن سيكون من الجيّد أن يقرأ هذا المقال كتمهيدٍ لمقاله، لعلَّه يُدرك تبعات كسله على المحيط الذي يعمل فيه، وما يسبِّبهُ من إزعاجٍ لزملائهِ ورؤسائهِ.
ملاحظة: "إدارة Inc. عربية ترى أنَّ فترة الأسبوع هي الفترة التَّقديريَّة المتوقَّع أن يستطيعَ الموظف الباندا إنهاء قراءة هذا المقال خلالها".
نصائح إلى "زميل" الموظف الكسول
عزيزي زميل الموظَّف الكسول، لتعلم أنَّ الكسلَ مُعدٍ، فبدايةً لا تترك نفسك للإغراق في مراقبة تصرُّفات الكسول، ولا تُعلِن ضجرك منها بشكلٍ مبالغٍ فيه، فمع الوقت وبدون أن تشعرَ سوف تتنقل إليك طاقةٌ سلبيَّةٌ أنت في غنىً عنها، وربَّما تنتقل إليك عدوى الكسل ذاتُها؛ لذا فالتَّعامل الأمثل وبطريقةٍ احترافيَّةٍ مع وضعٍ كهذا، يُفترض تَضمُّنّه ما يلي: [1]
لا تقم بدور الفدائيّ
وتشرَع متبرِّعاً بنفسك في إنهاء مهام زميلك الكسول، أو تَحمُّل مسؤوليَّاته بشكلٍ أو بآخر، ولا بأيّ درجةٍ مهما كانت بسيطةً، هدفُك نبيلٌ وأنا أعرف ذلك، وهو لصالح العمل ولصالح الشَّركة ولكن من الأفضل أن تفصل بين مهامك وبين مهامه، وأن تذكِّره دائماً بها، فأنت بذلك تكافئه على كسله، وتُسهم –بقوِّةٍ- في أن يكونَ ضمن فريق عمل شركتك موظَّفٌ سيئٌ.
فتّش عن إيجابيَّات الوضع
قد يكون هذا صعباً، ولكنَّ مشاكل العمل دائماً ما يكون لها جانبٌ إيجابيٌّ في كلّ الأحوال، والجانب الإيجابيٌّ في زمالة الموظَّف الكسول هو أنَّ لديك إمكانيَّاتٌ أعلى منه حتماً، فوضع تأخُّره الدَّائم مع قدرتك الأعلى على الإنجاز تعطيك الفرصة والحقَّ في طلب أن تكونَ مشرفاً على المهام المشتركة بينك وبينه بعد توضيح أوجه القصور لرئيسكَ، وبعد حصولكَ على هذه السُّلطة يمكنك مساعدة وتوجيه زميلك الكسول بما يحقِّق الأهداف وصالح العمل، أتدري ماذا أصبحت الآن لو اتبعت هذا المنهج؟ أنت الآن قائدٌ!
اعترض بشكلٍ بنَّاءٍ
الاعتراض هنا ليس مُطلَقاً، بل هو مقيَّدٌ بأن يكون على المشاريع التي تكون مشتركةً بينك وبين هذا النَّمط من الموظَّفين، والاعتراض البنَّاء هنا يكون بطلب تعديل الجدول الزَّمنيّ المطلوب بما يتناسب مع إمكانيَّات زميلك الكسول، ومع الوقت الذي يستغرقه، هذا الاعتراض أيضاً بمثابة رسالةٍ غير مباشرةٍ لمديرك وشكوى من الوضع، ورغبتك في تحديد المسؤوليَّات لكي لا تتعرَّض لأيّ لومٍ بسبب التَّأخُّر في الإنجاز في إطار الجدول الزَّمنيّ المطلوب، وهذا التَّأخُّر لستَ أنت المتسبِّب فيه.
تحدَّث مع مديرك
ترتبط هذه النَّصيحة ارتباطاً وثيقاً بالنَّصيحة السَّابقة، أو بالأحرى هي تكملةٌ لها، كما تعدُّ مستوىً متقدِّماً لها بعض الشَّيء، ومع ذلك فالتَّحدُّث مع مديرك بشأن هذا الوضع يجب أن يكونَ حكيماً وحَذِراً في ذات الوقت.. كيف يحدث ذلك؟ يحدث باتّباع خطَّة "الثَّلاثة طلباتٍ" على النَّحو التَّالي:
أولاً، وبعد طلب تعديل الجدول الزَّمنيّ فيما يخصُّ المهامَ المشتركة بينك وبين زميلك الكسول، يجب عليك أن تُشيرَ خلال ذلك إلى أنَّ هذا الوضع يشتِّتك عند تنفيذ المهام، ويهدر طاقتك بين إنجاز ما عليك، وبين متابعة ما يُفتَرَض أن يكون تمَّ إنجازه.
ثانياً، يمكنك طلب أن يكون تقييم أدائكم كموظَّفين قائمين على تنفيذ عملٍ مشتركٍ في نفس الوقت، بحيث يظهر بشكلٍ واضحٍ عند التَّقييم من هو الَّذي أنجز المهام على أكمل وجهٍ، ومن هو المُقصِّر.
ثالثاً، اطلب مهاماً فرديَّةً، لا تشترك فيها مع أيّ زميلٍ، لا كسولٍ ولا نشيطٍ، فإنجازك لهذه المهام الفرديَّة يُعزّز انطباع التزامك وانضباطك الذَّاتيّ، ويميزُّك في فريق العمل، ويجعلك بمنأىً عن أيّ انطباعاتٍ سلبيَّةٍ لاحقةٍ قد تتكَّون جرَّاء كسل زميلك.
شاهد أيضاً: لماذا يشكّل الموظف الذكي خطراً على الفريق؟
نصائحٌ إلى "مدير" الموظف الكسول
عزيزي مدير الموظَّف الكسول، قدرك أن تتباينَ صفاتُ وقدراتُ وإمكانيَّاتُ فريقك، وقدرك كذلك أن تتعاملَ معها بشكلٍ إيجابيٍّ، وبغير ضجرٍ أو تذمُّرٍ، فمن أوجه نجاحك كمديرٍ حلُّ المشكلات، وتحسين الوضع السَّيء وتحويله إلى نقيضه الجيِّد، وفيما يلي نصائحٌ تساعد على تحويل هذا الوضع السَّلبيّ لآخر إيجابيٍّ: [2] [3]
كن متفهّماً لملاحظات زملائك
المقصود زملاؤه غير الكسولين، ولا تتعامل معها على أنَّها ملاحظاتٌ عدوانيَّةٌ، فخلال عرض النَّصائح للموظَّفِ زميلِ الموظَّفِ الكسولِ أشرنا إلى إمكانيَّةِ التَّحدُّث معك "كمديرٍ"، فلا تحرجنا كفريق عملٍ، وكن متفهِّماً لهذه الملاحظات، ويمكنك أن تتحقَّقَ من مدى دقَّتها وموضوعيَّتها بسهولةٍ.
لا تتحدَّث معه أو توجه له اللُّوم أمام زملائه
تحدَّث معه بشأن ملاحظات كسله بشكلٍ خاصٍّ على انفراد، فقد يؤدِّي مثل هذا التَّصرُّف إلى إحراجٍ يسبّب وضعاً أكثر سلبيَّةً، كما أنَّ هذا الاجتماع المنفرد سيساعد الموظَّف الكسول على أن يعرضَ وجهة نظره بشكلٍ إيجابيٍّ، كما سيعطيه فرصةً مناسبةً للاعتذار عن أيّ تقصيرٍ بَدَرَ منه في السَّابق، وسيحفِّزه على الإنجاز تقديراً لتعاملك مع مشكلته بشكلٍ احترافيٍّ.
تأكَّد من توفُّر الموارد والإمكانيَّات لديه
فقد يكون تأخُّره الدَّائم أمراً عرضيَّاً، وبشكلٍ أساسيٍّ بسبب عدم توفُّر هذه الموارد أو تلك الإمكانيَّات، كما أنَّ هذه الموارد والإمكانيَّات قد تكون في صورة "تدريبٍ" يلزم أن يحصلَ عليه بما يطوِّر أداءه ويمكنه من إنجاز المهام المتوقَّعة منه في الوقت المطلوب.
كلِّفه بمهام إضافيَّة!
نعم، لا تتعجّب من هذه النَّصيحة، فقد تكون مشكلة الموظف الكسول هو الشُّعور بالملل وبروتينيَّة مهامه، ومن هنا يأتي الحلُّ بتكليفه بمهامٍ أُخرى إضافيَّة، ولو كانت هذه المهام موافقة لاهتماماته ولقدراته ستكون النَّتيجة أكثر إيجابيَّةً.
وختاماً، تجدر الإشارة بعد عرض كلا النَّوعين من النَّصائح، إلى أنَّ هذه النَّصائح ستكون صالحةً للوضع الذي يكون فيه الموظَّف فيه كسولاً بالفعل، وأن يكون كسله هذا من النَّوع المزمن والمتكرّر، والذي لا يرتبط بأسبابٍ أُخرى خارجةٍ عن إرادة الموظف، فالموظَّف الَّذي يتأخَّر بسبب نقص الإمكانيَّات والموارد ليس موظَّفاً كسولاً، كذلك لو كان التَّأخير عرَضيَّاً غير مزمنٍ أو متكرِّرٍ فلا يصدُق هنا وصف "الموظف الباندا" على زميلنا.
تنويه! لم يتأذَّ في هذا المقال شعورُ أيّ كائن باندا حقيقيٍّ.