خوارزميات جديدة ورخيصة لحلّ نزاعات بيئة العمل بعدل ونزاهة
ظهرت خوارزميات حلّ النزاعات في بيئة العمل كتقنيّةٍ جديدةٍ تتيح استخدام أدوات الذّكاء الاصطناعيّ للتّغلب على الصّراعات والمشكلات بسرعةٍ، كفاءةٍ ونزاهة

أصبح حَلُّ النِّزاعات داخل بيئة العمل عبر خوارزميات الذَّكاء الاصطناعيِّ النّاشئة من أكثر الاتجاهات الرائدة في السَّنوات الأخيرة، وعبر دمج التعلُّم الآليّ ومعالجة اللُّغة الطَّبيعية وتحليل البيانات، فإنّ هذه الخوارزميات تقدّم بديلاً لإدارة الصِّراعات والخلافات المتنوِّعة في بيئة العمل، سواءٌ بين الموظفين والعملاء أو الموظفين بعضهم مع بعضٍ أو بين العملاء والشركة نفسها، فكيف تستفيد من هذه التقنية الآن؟ [1]
كيف تعمل خوارزميات حَلِّ النِّزاعات في بيئة العمل؟
لا تخلو أيّ بيئة عملٍ من صراعاتٍ ومشكلاتٍ، وتوفِّر خوارزميات الذَّكاء الاصطناعيِّ الآن أدواتٍ متنوِّعةً لإدارة هذا الصراع والتَّقليل منه، والتَّركيز على أساليب الحَلِّ لمنع التّأثير السّلبيِّ على عملاء الشّركة، ومن أَهَمِّ تطبيقات خوارزميات حَلِّ النِّزاع في بيئة العمل:
التعلُّم الآليّ والتّنبؤ بالصِّراعات المحتملة
يمكن لخوارزميات الذَّكاء الاصطناعيِّ تحليل كميّاتٍ هائلةٍ من البيانات، مثل أنماط السُّلوك وأساليب الاتِّصال وديناميكيات الفريق، لتحديد مجالات التّوتر الأساسيَّة أو علامات عدم الرضا، ومن خلال اكتشاف علامات الصِّراع المبكِّر، مثل تغيّرات نبرة الصَّوت أو لغة الجسد أو المشكلات الشّخصيّة المتكرّرة، فإنّ هذه التّقنيات يمكن أن تُنَبِّهَ المديرين أو المختصّين بإدارة النِّزاع لاتخاذ إجراءاتٍ استباقيّةٍ قبل تفاقم الموقف، مع تحليل بياناتٍ تاريخيّةٍ للعثور على الأنماط المتكرّرة من الصِّراع واقتراح حلولٍ محدّدةٍ.
استخدام الخوارزميّات في التفاوض والوساطة
يمكن لخوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ اقتراح تسوياتٍ أو حلولٍ محتملةٍ تُلَبِّي مصالح الطرفين المتنازعين، مع الاهتمام بالنبرة العاطفيّة خلال المحادثة، وتحديد سبب سوء الفهم أو مصادر التوتّر المرتفع، وتقديم اقتراحاتٍ متوازنةٍ تضمن شعور جميع أطراف الخلاف بأنّهم موضع احترامٍ، وأنّ وجهة نظرهم مسموعةٌ.
الواقع الافتراضيّ للتدريب على حَلِّ النِّزاعات
أصبح الواقع الافتراضيّ أساسيّاً في التدريب على إدارة النِّزاعات، حيث تقدّم محاكاةٌ غامرةٌ تحاكي سيناريوهاتٍ لصراعاتٍ محتملةٍ في الحياة الواقعيّة وطريقة إدارتها، وتسمح هذه البرامج للموظفين بممارسة تقنيات حَلِّ النِّزاع في بيئةٍ افتراضيّةٍ خاضعةٍ للرقابة، ويمكن أن يشمل التدريب كلّ شيءٍ ابتداءً من النِّزاعات في مكان العمل إلى الخلافات الشخصيّة أو مشكلات العملاء، ليتمكّن الجميع من صقل مهارات إدارة النِّزاع لديهم.
زيادة الوعي الثقافيّ والتدريب على الحساسيّة الثقافيّة
مع انتشار العمل عبر الإنترنت وتزايد البيئات متعدّدة الثقافات، فإنّ استخدام خوارزميّات حَلِّ النِّزاع يساهم في التعرّف على الاختلافات الثقافيّة واحترامها، وبالتالي تقليل سوء الفهم الذي يؤدِّي إلى الصراع، مع توفير تعليمٍ شاملٍ حول الممارسات الثقافيّة والإشارات غير اللفظيّة، والتوقّعات المتعلّقة بالتسلسل الهرميّ، وأدوار الجنسين، والتعامل مع السُّلطة، كما تُشَجِّع الموظّفين على التفكير في تحيّزاتهم وافتراضاتهم الثقافيّة، ممّا يؤدِّي إلى تفاعلٍ أكثر شمولاً. [2]
اكتشاف الاحتيال
يمكن لخوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ تحديد الأنماط المشبوهة والشذوذ في البيانات، والإشارة إلى الأنشطة الاحتياليّة المحتملة التي قد تؤدِّي إلى النِّزاع.
الامتثال التنظيميّ
يمكن لهذه الخوارزميّات أيضاً المساعدة في ضمان التزام الجميع بالمتطلّبات التنظيميّة ومعايير الصناعة، من خلال أتمتة الالتزام بالمبادئ التوجيهيّة، وإصدار إشاراتٍ عند انتهاك أيٍّ من البروتوكولات ذات الصِّلة، ومراقبة تنفيذ السياسات بدقّةٍ.
تحليل السبب الجذريِّ للنِّزاعات
عبر تحليل مصادر البيانات المختلفة، يمكن لخوارزميات إدارة النِّزاع في بيئة العمل أن تكتشف السبب الجذريِّ للنِّزاع، مهما كان غير واضحٍ للمسؤول عن الفريق، وبالتالي وضع حلولٍ واقعيّةٍ مع دعم القرار بحججٍ منطقيّةٍ.
تقنية البلوك تشين وتوفير المعلومات للجميع
من خلال تطبيق تقنية البلوك تشين، يمكن إنشاء سجلاّتٍ شفّافةٍ وغير قابلةٍ للتغيير للاتفاقيّات والمعاملات، وهو الأمر شديد التأثير في حَلِّ النِّزاعات، مع التأكّد من قدرة الجميع على الوصول إلى المعلومات، ممّا يمنع الصراعات المتعلّقة بعدم الثقة.
شاهد أيضاً: كيف تُحَوِّلُ الصّراعات إلى أدوات لبناء الفريق؟
تطبيقاتٌ واقعيّةٌ لخوارزميات الذكاء الاصطناعيِّ لحَلِّ الخلافات في العمل
نجحت كلٌّ من eBay وPayPal في حَلِّ ملايين النِّزاعات بكفاءةٍ دون تدخّلٍ بشريٍّ عبر استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعيِّ، وتحديداً أداة Modria، ولكن هناك تطبيقاتٌ واقعيّةٌ لحَلِّ المشكلات اليوميّة داخل مكان العمل نفسه، ومن أَهَمِّها:
شركة هايبر سبيس Hyperspace ومحاكاةٌ واقعيّةٌ لحَلِّ النِّزاعات
تقدّم شركة هايبر سبيس برامج تدريبيّةً مدعّمةً بالذكاء الاصطناعيّ، ومصمّمةً لتحسين مهارات إدارة النِّزاعات بين الموظّفين، وتوفّر منصّتها محاكاةً واقعيّةً وملاحظاتٍ شخصيّةً تتيح للأفراد تعزيز مهارات الاتصال ودعم الذكاء العاطفيّ، ممّا يعزّز بيئة العمل التعاونيّة ويمنع النِّزاعات.
شركة مارلي Marlee لتحديد نقاط الاحتكاك المحتملة
إنّ شركة مارلي من الشركات التي تُحَوِّلُ النِّزاعات في مكان العمل إلى فرصٍ للنموّ، فتحلّل منصّتها ديناميكيّات الفريق وأنماط العمل الفرديّة لتوفير رؤًى مدعّمةٍ بالبيانات لتحقيق الانسجام بين الفرق المختلفة، وتحديد نقاط الاحتكاك المحتملة، واقتراح برامج تدريبيّةٍ مخصّصةٍ للتغلّب عليها قبل أن تبدأ. [3]
شركة مووف وورك Moveworks وعلاج مخاوف الموظّفين
تتمكّن منصّة مووف وورك من أتمتة الاستجابات وتوفير حلولٍ في الوقت المناسب، وتمتدّ قدرتها إلى معالجة مخاوف الموظّفين من تفاقم النِّزاعات، وهي قادرةٌ على فهم اللغة الطبيعيّة والتعلّم الآليّ، ممّا يخفّف من النِّزاعات المحتملة عبر مراقبة ردود الفعل وطرق التواصل والإنجازات اليوميّة وغيرها.
برنامج بوتلر إيه آي Botler AI ومواجهة التحرُّش في مكان العمل
قدّمت شركة بوتلر إيه آي الكنديّة أداة استجابةٍ قانونيّةٍ مدعّمةً بالذكاء الاصطناعيّ لمساعدة الأفراد الذين يواجهون التحرُّش في مكان العمل، وتوفّر المنصّة للمستخدمين معلوماتٍ بشأن حقوقهم القانونيّة، وتلعب دوراً في حَلِّ النِّزاعات المتعلّقة بسوء السلوك في مكان العمل.
برنامج الترميز التلقائيّ Deductions auto coding
يتمتّع برنامج Deductions auto coding بمكتبة خوارزمياتٍ ضخمةٍ تحدّد رمز السبب، ممّا يساعد في التعرّف بسرعةٍ على الأسباب وراء النِّزاعات المختلفة، ويوجّهها تلقائيّاً إلى عضو الفريق المناسب للحلّ، بما يضمن التعامل مع النِّزاعات بسرعةٍ ودقّةٍ.
كيف تُهَيِّئُ شركتك لاستخدام خوارزميات حَلِّ نِزاعات بيئة العمل؟
لا تزال تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ تُعَتَبَرُ في بدايتها، ولن تتوفّر الأداة السحريّة لحَلِّ جميع مشكلات العمل، لذا لكي تبدأ في الاستفادة الفعليّة من هذه التقنية عليك بالآتي: [4]
- التعرّف على الاحتياجات الفعليّة لمنظّمتك ونقاط الألم مثل التأخير، وعدم الكفاءة، والتناقضات، ممّا يكشف عن خللٍ في سير العمل.
- تحديد أهداف وحالات استخدام الخوارزميات، وهل هو تقليل أوقات حَلِّ المشكلات أو تجنّبها، أو تعزيز رضا العملاء.
- اختيار الحلول التقنيّة الملائمة لمتطلّبات الشركة، وتدريب الموظّفين عليها.
- دمج التقنية الجديدة في مكان العمل، ومراقبة التقارير التي تصدرها، ومناقشة الموظّفين بها.
هل هناك سلبيّاتٌ لاستخدام خوارزميّات حَلِّ الصراعات في بيئة العمل؟
يقدّم استخدام الخوارزميّات في حَلِّ صراعات بيئة العمل الكثير من الفوائد مثل الكفاءة، والحياد، وخفض التكاليف، والتوصّل السريع إلى حلولٍ، وغيرها، ولكن هناك بعض السلبيّات التي يجب الانتباه لها أيضاً، ومن أَهَمِّها:
- التحيّز والإنصاف: تعتمد خوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ على البيانات التي تُدْخَلُ لها، فإذا لم تُصَمَّم بعنايةٍ، أو خضعت لتحيّزاتٍ ثقافيّةٍ في إدخال البيانات، فإنّها ستتوصّل إلى نتائج غير عادلةٍ.
- الشفافيّة والمساءلة: قد لا يفهم أصحاب المصلحة الطريقة التي يأخذ بها الذكاء الاصطناعيّ القرارات، لذا يجب أن تكون الأمور بسيطةً وسهلة المتابعة.
- انتهاك الخصوصيّة: تتطلّب أدوات حَلِّ النِّزاعات الوصول إلى بياناتٍ حسّاسةٍ مثل سجلاّت الاتّصال الشخصيّة أو أنماط السلوك، ولا بدّ من ضمان أمن تلك البيانات، وعدم تسربها لآخرين لضمان خصوصيّة الأفراد.
وفي الختام، فإنّ العالم يتحرّك بسرعةٍ كبيرةٍ، وإمّا أن تتحرّك معه، أو تقف في مكانك، وفيما يتعلّق بإدارة نِزاعات مكان العمل، فإنّها من أَكْثَرِ الأولويّات التي يجب أخذها في الاعتبار لتحقيق التكامل، وزيادة الإنتاجيّة، ومنع إهدار الوقت والطاقة دون طائلٍ، وتوجيه كلّ أفكار الموظّفين للعمل وليس للصراعات.