منصة idea‑L تحصل على تمويل أولي بقيمة مليون دولار
تسعى المنصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لدعم المؤسّسين في الشرق الأوسط وتمكينهم من تحويل الأفكار إلى مشاريع قابلةٍ للاستثمار

هذا المقال متوفّر باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
تألّقت الشّركة النّاشئة "آيديا-إل" (idea-L)، الّتي تتّخذ من دبي منطلقاً لها في ميدان ابتكار المشاريع الرّياديّة، بتحقيق إنجازٍ لافتٍ تمثّل في جمع تمويلٍ تمهيديٍّ تخطّى حاجز المليون دولار ٍأمريكيٍّ، من قبل نخبةٍ من المستثمرين الملائكة الّذين آثروا الاحتفاظ بسرّيّة هويتهم. ويأتي هذا التدفّق الماليّ دعماً لمسيرتها في تطوير منصّةٍ رقميّةٍ متقدّمةٍ، ترتكز على الذكاء الاصطناعي وتقنيات Web3، لتكون بمثابة الشّريك المؤسّس الرّقميّ الّذي يرافق روّاد الأعمال في الشرق الأوسط منذ لحظة الفكرة وحتى ولادة المشروع.
انطلقت شركة آيديا-إل من قلب دولة الإمارات في عام 2024، على يد الثّلاثيّ الرّياديّ: بيتر غودوين، ودانييل مولر، ومارك هيل. وتتمثّل رؤيتها في تمكين المستخدمين من تحويل أفكارهم الأوّليّة، مهما بدت بسيطةً أو غير واضحة المعالم، إلى مشاريع متكاملةٍ ناضجةٍ وجاهزةٍ لجذب الاستثمارات. وتُسخّر الشركة في سبيل ذلك مزيجاً فريداً من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ونُظم الحوكمة اللّامركزيّة، إلى جانب محرّك تنفيذٍ خاصٍّ بها، ليقود المستخدم بخطىً واثقةٍ ومدروسةٍ في رحلته من بزوغ الفكرة حتّى تبلورها إلى شركةٍ ناشئةٍ حقيقيّةٍ.
قال بيتر غودوين، الشّريك المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ للشّركة، في حديثه لمجلة "عربية .Inc": "في جوهرها، آيديا-إل هي شريكٌ مؤسّسٌ في جيبك، صُممت لأيّ شخصٍ لديه فكرةٌ في أيّ مكانٍ في العالم. أنشأناها من أجل أولئك الّذين لا يعرفون من أين يبدؤون أو إلى أين يذهبون؛ المؤسّسين لأوّل مرّةٍ، والمتحوّلين مهنيّاً، والمبدعين في الأسواق النّاشئة الّذين يمتلكون أفكاراً عالميّةً دون طريقٍ واضحٍ لتنفيذها. تساعد آيديا-إل المستخدمين على تحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقيّةٍ بسرعةٍ ووضوحٍ ودعمٍ مستمرٍّ".
وأضاف غودوين: "لا يفشل معظم النّاس لأنّ فكرتهم سيئةٌ، بل يتوقّفون بسبب الشّك أو الارتباك أو الخوف من ارتكاب الخطأ؛ لذلك وُجدت آيديا-إل لإطلاق الزّخم منذ البداية والحفاظ عليه. ومن خلال التّغذية الرّاجعة السّريعة والخطوات التّالية الواضحة، صُمّمت المنصة لتقليل التّردّد وزيادة الثّقة بالنّفس".
ترتكز المنصّة على ما تطلق عليه "أنظمة التّحقّق" (Realization Systems)، وهي مجموعةٌ من التّقنيات والعمليّات الّتي تدعم منتجين رئيسيّين: "منصة تحقيق الأفكار" (Idea Realization Platform - IRP) و"منصة تسهيل الاستثمار" (Investment Facilitation Platform - IFP). إذ تعمل منصة تحقيق الأفكار على إرشاد المستخدمين خلال مراحل التّحقّق والتّطوير، من خلال خرائط طريق شخصيّةٍ، ونصائح سلوكيّةٍ، وتحليلاتٍ لحظيّةٍ. وعند بلوغ الفكرة مرحلة معيّنة من النّضج، تنشط منصة تسهيل الاستثمار لتُتيح للمستخدمين تقديم أفكارهم والحصول على تمويلٍ مجتمعيٍّ يحكمه نظامٌ لامركزيٌّ. كما تتضمّن المنصة "آي-لوميناري" (i-Luminary)، وهي شبكةٌ من الموجّهين تُفعّل بواسطة الذكاء الاصطناعي لتقديم إرشاداتٍ دقيقةٍ وفي الوقت المناسب طوال رحلة المستخدم.
يشرح غودوين قائلاً: "تتحقّق IRP من صحّة الأفكار ثم تساعدك على بنائها؛ إنّها تجمع بين التّقييمات السّريعة، وخرائط الطّريق المخصّصة، والنّصائح السّلوكيّة، والتّحليلات الفوريّة، والمدخلات البشريّة للحفاظ على الزّخم وتقليل الشّكّ. وعندما يتقدّم المؤسّسون، تفتح IFP الباب أمام التّمويل المجتمعيّ اللّامركزي. أمّا في اللّحظات التي تتطلّب دعماً متخصّصاً، يتدخّل مرشدونا عبر آي-لوميناري، بإرشادٍ من النّظام ذاته".
وفيما يتعلّق بنظام آي-لوميناري، أكّد غودوين أنّه مصمّمٌ لتقديم دعمٍ في الوقت الحقيقيّ وقابلٍ للتّوسّع: "هذا ليس النّموذج التّقليديّ القائم على نصيحةٍ عابرةٍ يتبعها الغياب، بل هو نقلةٌ نوعيّةٌ في منظومة الإرشاد، إذ يُدمج مرشدونا المؤهّلون بعمقٍ داخل المنصّة، ويُفعّلون بذكاءٍ عبر خوارزميّات الذكاء الاصطناعي، ليتدخّلوا في اللّحظة المناسبة، عند الحاجة الحقيقيّة، لا مجرّد الالتزام بجداول محدّدةٍ سلفاً. إنّه إرشادٌ سياقيٌّ واسع النّطاق، ينبض بالفاعليّة والتّوقيت المدروس".
تستعدّ الشّركة أيضاً لإطلاق رمز الحوكمة الخاص بها "غوف توكن" (GovToken) في الرّبع الثّالث من عام 2025، حيث سيكون لحاملي الرّمز حقّ التّصويت على تطوير المنتجات، وقرارات التّمويل، والموافقة على الشّراكات، ممّا يمنح المجتمع فرصةً حقيقيّةً للمشاركة في توجيه مستقبل المنصّة.
وأوضح غودوين: "يمنحك امتلاك غوف توكن حقّ الوصول إلى آليّة الحوكمة على السّلسلة الّتي تُدير كلّ ما نقوم به. يمنح المجتمع قوّة تصويتٍ حقيقيّةً، من اختيار ما يتم تمويله إلى ما يتم بناؤه لاحقاً. كلّ شيءٍ شفّاف بالكامل ويضمن أن تنمو آيديا-إل مع مستخدميها وليس من حولهم".
شاهد أيضاً: Bazzar Gate تحصل على تمويل بقيمة مليون دولار
تمتدّ هذه البنية الحوكميّة إلى "صندوق دي-في-سي" (deVC Fund)، وهو صندوق تمويلٍ لامركزيٌّ تديره منظّمةٌ مستقلّةٌ لامركزيّةٌ (DAO) ويخضع لحوكمة حاملي غوف توكن. إذ قال: "إنّه نموذج رأس مال مغامر لامركزيٌّ يتم تمويله عبر بياناتٍ فوريّةٍ لا عبر العلاقات الشّخصيّة، ممّا يعكس المعادلة التّقليديّة، حيث يأتي رأس المال إلى الفكرة وليس العكس".
سيبدأ طرح المنصّة بأداة Fast-Feasibility، وهي نسخةٌ تجريبيّةٌ خاصّةٌ تهدف إلى التّقييم السّريع لجدوى الأفكار، من خلال الدّمج بين مجموعاتٍ بياناتٍ مهيكلةٍ والذكاء الاصطناعيّ التوليدي. ومن المنتظر أن يليها إطلاق أدواتٍ إضافيّةٍ، مثل: LIVE-Feasibility، وteamLIVE-Feasibility، إلى جانب المنصّة الكاملة "IRP"، و"IFP"، وذلك بحلول نهاية العام الجاري.
وبالرّغم من تعقيد التّقنيات الّتي قامت عليها آيديا-إل، مثل: Web3 والذكاء الاصطناعي، أشار غودوين إلى أنّ التّحديّ الحقيقيّ كان في جعلها بسيطةً وإنسانيّةً للمستخدمين: "الذكاء الاصطناعي وتقنيات Web3 قويّةٌ، لكنّها قد تكون مرهقةً خاصّةً في المراحل الأولى. مهمتنا هي جعل هذه التّعقيدات غير مرئيّةٍ. إذ إنّ التّكنولوجيا موجودةٌ، لكنّها لا تقود الحديث؛ فالمستخدم هو مركز الكون في آيديا-إل، وسيظلّ كذلك دائماً".
سيُستخدم التّمويل الجديد في تعيين موظّفين تقنيّين، والاستعداد لإطلاق غوف توكن، وتطوير صندوق deVC الّذي تديره DAO، إلى جانب توسيع شبكة المرشدين آي-لوميناري. وقد شمل التّمويل كلّاً من حقوق ملكيّةٍ في الشّركة القابضة وكذلك استثماراً في المشروع الأوسع، إلى جانب شراكاتٍ استراتيجيّةٍ ستُكشف قريباً، وقد فاقت الجولة هدفها المبدئيّ، ما يدلّ على تعطش المستثمرين لهذا النّوع من الابتكار، بحسب غودوين.
واختتم غودوين بقوله: "هذا يشير إلى أنّ النّاس مستعدّون للابتكار المطبق وليس مجرّد المزيد من الضّجة. لم يدعمنا المستثمرون لأنّنا نراهن على الذكاء الاصطناعي أو Web3 فقط، بل لأنّنا نبني بنيةً تحتيّةً تُفعّل التقاء هذين العالمين لإطلاق جيلٍ جديدٍ من البنّائين. ونحن نُحوّل ’لديّ فكرةٌ‘ إلى ’أنا أبني مشروعاً حقيقيّاً بسرعةٍ وثقةٍ‘، ونعتقد أنّ هذه هي النّقلة التي ستدفع الابتكار المبكّر إلى الأمام".
وأشار غودوين إلى ثلاثة تحوّلاتٍ كبرى تُعيد تشكيل مستقبل خلق المشاريع الرّياديّة: الذكاء الاصطناعي كبنيةٍ تحتيّةٍ، ولامركزيّة التّمويل، وعولمة النّشاط الرّياديّ؛ فقال: "يتحوّل الذكاء الاصطناعي من واجهةٍ إلى بنيةٍ تحتيّةٍ. لم يعد الأمر يتعلّق بروبوتات الدّردشة فقط، بل بأنظمةٍ تفكّر، وتتعلّم، وتوجّه السّلوك. هذا هو تركيزنا في آيديا-إل: بناء ذكاء اصطناعي يساعد النّاس على التّحرّك، لا فقط التّفكير".
كما أضاف: "ثانياً، يشهد التّمويل تحوّلاً جوهريّاً نحو المزيد من اللّامركزية والاعتماد على الجدارة الحقيقيّة، إذ ينهار تدريجيّاً نموذج العلاقات الشّخصيّة الّذي كان يُهيمن على مسارات الحصول على رأس المال. ومن خلال أدواتٍ مبتكرةٍ مثل GovToken وIFP، نُعيد صياغة بيئة التّمويل لتصبح شفّافةً بالكامل، قائمةً على البيانات الحيّة، وموثّقةً على السّلسلة (on-chain). وثالثاً، تتّسع الجغرافيا التّقليديّة للابتكار لتشمل آفاقاً جديدةً؛ فالجيل القادم من المؤسّسين لن ينبثق حصريّاً من المراكز التّقنيّة المعروفة، بل سيأتي من كلّ ركنٍ في العالم. وهؤلاء الروّاد بحاجةٍ إلى أنظمةٍ تدعم السّرعة، وتُيسّر الوصول، وتعزّز الثّقة، ونحن نعمل على بناء هذه البُنية التّحتية لما يُعرف بالعالم الجديد للابتكار".
شاهد أيضاً: Forus تحصل على تمويل بقيمة 60 مليون دولار
في ظلّ تسارع تطوّر الذكاء الاصطناعي وWeb3، دعا غودوين المؤسّسين الآخرين إلى الابتعاد عن الضّجيج الإعلاميّ لهذه التّقنيات، والتّركيز على خلق قيمةٍ حقيقيّةٍ من خلالها. فقال: "ابنِ من أجل الإيمان؛ إن لم يكن هناك ناتجٌ ملموسٌ أو قيمةٌ حقيقيّةٌ، سيصبح استخدام الذكاء الاصطناعي أو Web3 ضجيجاً لا تقدّماً. هذه تقنياتٌ قويّةٌ، لكنّها لا تعني شيئاً إن لم يشعر النّاس الحقيقيّون بأنّهم مرئيّون، ومدعومون، ومسيطرون".
وأنهى نصيحته للمؤسّسين بالقول: "لا تطاردوا الصّيحات، بل طاردوا الفائدة. امنحوا النّاس أدواتٍ تدفعهم للأمام، لا ميّزاتٍ تبدو جذّابةً فقط. ركّزوا على الوضوح، لا على التّعقيد. يجب أن تكون التّكنولوجيا عاملاً معزّزاً لا بديلاً عن الخيال. عليها أن تضاعف الإبداع وتزيد الكفاءة. المستقبل ليس (الذكاء الاصطناعي ضدّ البشر)، بل (البشر + الذكاء الاصطناعي = ∞).