الرئيسية الريادة لا تصف شركتك بالـ "عائلة": درسٌ غنيٌ من نتفليكس في بناء ثقافة تنظيمية

لا تصف شركتك بالـ "عائلة": درسٌ غنيٌ من نتفليكس في بناء ثقافة تنظيمية

كيف تفوقت فلسفة "فريق الأحلام" لدى نتفليكس على نموذج 'العائلة' القديم في ثقافة الشركات؟ تعلّم استراتيجيات بناء فرق عمل عالية الأداء وموجهة نحو النمو.

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في واحدةٍ من تجاربي الأولى في عالمِ الأعمالِ، بعد مسيرتي الرّياضيةِ المهنيّةِ، انضممتُ إلى شركةٍ كان مصطلحُ "العائلة" هو اللّفظُ المفضّلُ لوصفِ الفريقِ. في البدايةِ، لم أرَ في هذا الوصفِ ما يُعاب. إذ بدا لي المصطلحُ مرادفاً للوحدةِ والولاءِ. فمن لا يرغب في أن يكون جزءاً من عائلةٍ حتّى في بيئةِ العمل؟ [1]

تغيّرت وجهة نظري عندما تعرّضتُ للتّسريحِ بشكلٍ غير متوقّعٍ، إذ أدركتُ حينها أنّ العائلاتِ، بخلافِ الشّركاتِ، لا تتخلّى عن بعضها البعض، بغضّ النّظرِ عن حجمِ التّحدّياتِ. في العائلةِ، حيث يوجدُ الحبُّ الحقيقيُّ والرعايةُ، تواجهُ التّحدّياتُ بتضامنٍ جماعيّ، لا بالفراقِ. أبرزت هذه التّجربةُ حقيقةً مهمّةً: على الشّركاتِ اتّخاذُ قراراتٍ قد لا تتّسق مع بيئةِ العائلةِ.

هذا الإدراكُ تعزّزَ لديّ عندما اطّلعتُ على رؤيةِ نتفليكس لثقافةِ الشّركةِ. تصفُ هذه العملاقةُ في مجالِ التّرفيهِ فريقها بأنّه "فريقُ الأحلامِ" بدلاً من "العائلةِ". هذا المنهجُ يتردّد صداه مع عالمِ الرّياضةِ الاحترافيّةِ المليء بالتّحدّي والأداءِ العالي، حيث قضيتُ أكثرَ من عقدٍ من حياتي. فنهجُ نتفليكس في بناءِ ثقافةٍ تنظيميةٍ لا يُعتبر دقيقاً فقط، بل هو بمثابةِ تحوّلٍ جذريّ.

إعادة التفكير في مفهوم "العائلة" وتبني فلسفة "فريق الأحلام"

عند انتقالي من عالمِ الرّياضةِ الاحترافيّةِ إلى الحياةِ المؤسساتيةِ، كنت أتأمّلُ كثيراً في استخدامِ مصطلحِ "العائلةِ" في كلتا البيئتين. يشيعُ استخدامُ الفرقِ الرّياضيّةِ المحترفةِ لهذا المصطلحِ دائماً، بينما تستعملهُ العديدُ من الشّركاتِ للتّعبيرِ عن التّرابطِ القويّ بين أعضاءِ فرقها.

لكن هل يتماشى مصطلحُ "العائلة" مع واقعِ البيئةِ عاليةِ الأداءِ؟ يقدّمُ وصفُ نتفليكس لفريقها كـ "فريق الأحلام" بديلاً جذّاباً. كما يقولون، "العائلةُ تعني الحبّ غير المشروط، أمّا فريق الأحلام فيرتكزُ على تحفيزِ الذّاتِ لتكون أفضلَ زميلٍ ممكنٍ، والاهتمام الشّديد بفريقكَ، مع العلمِ بأنّ بقاءك في الفريقِ قد لا يدوم إلى الأبدِ".

نهجٌ يركّز على الأداء والتطوير

كما تؤمنُ نتفليكس بأنّ "فرقَ الأحلامِ تتسمُ بالأداءِ، لا بالأقدميةِ أو المكوثِ الطويلِ. يقعُ على عاتقِ المديرِ مسؤولية ضمانٍ تميّز كلّ لاعبٍ في مركزه، والعمل بفاعليةٍ مع الآخرين، وتوفير فرص جديدةٍ لتطويره". هذا هو نهجهم، كما يقولون، للفوزِ المستمرّ بالبطولاتِ (وترفيهِ العالمِ).

تعكسُ هذه العقليّةُ الطّبيعةَ التّنافسيةَ للرّياضةِ، حيث يتمّ التّركيزُ على التّميّزِ والتّعاونِ، مع التّأكيدِ على إضافةِ القيمةِ للفريقِ كنتيجةٍ لتحسينِ الذّاتِ. تماماً كما في الرّياضةِ، في نتفليكس لا يتفوّق البقاءُ لفترةٍ طويلةٍ على الفعاليةِ. والأشخاصُ الذين يقدّمون أفضلَ أداءٍ يحصلون على أكبرِ عددٍ من الدّقائقِ للعبِ، وهي طريقةٌ فعّالةٌ لضمانِ أن يسهمَ كلّ عضوٍ في الفريقِ بشكلٍ كبيرٍ ويتطوّر باستمرارٍ.

المساءلة و"اختبار الحفاظ على اللاعب"

لتعزيزِ "فريق الأحلام" الخاصّ بهم، تستخدمُ نتفليكس "اختبار الحفاظ على اللّاعب"، إذا كان عضو الفريقِ يفكّرُ في الانتقالِ لدورٍ مماثلٍ في شركةٍ أخرى، هل سيبذلُ المديرُ جهداً لإقناعه بالبقاءِ؟ "أولئك الذين لا يجتازون اختبارَ الحفاظِ على اللّاعبِ"، كما يوضّحون، "يُمنحون حزمةَ تسريحٍ سخيّةً، لنتمكّن من إيجادِ شخصٍ أكفأ لهذا المنصب، ممّا يجعل فريق الأحلام أفضل."

لا يحافظ هذا النّهجُ على المعاييرِ العاليةِ فحسب، بل يُغذّي أيضاً ثقافةَ التّطويرِ المستمرّ والدّعمِ المتبادلِ. لتحقيقِ هذا، يلتزمُ المدراءُ بالتّواصلِ المستمرِ والواضحِ مع أفرادِ فرقهم لتفادي المفاجآتِ. تشجّعُ الشّركةُ أيضاً الموظّفين على طرحِ سؤالٍ على مدرائهم في أيّ وقتٍ، "ما مدى جهدك لتغييرِ رأيي إذا كنت أفكّر في الرّحيل؟".

تجاوز "العباقرة المزعجين"

كجزءٍ أخيرٍ من بناءِ "فريق الأحلام" الفعّال، تتّخذُ نتفليكس موقفاً ضدّ التّسامحِ مع "العباقرةِ المزعجين". كما يعبّرون، "في فريق أحلامنا، لا مكانَ للعباقرةِ المزعجين، لأنّهم يضرّون بالعملِ الجماعيّ المتميّزِ. نحن نصرّ على التّفاعلاتِ الإنسانيّةِ اللّائقةِ، بغضّ النّظرِ عن مدى براعةِ الشّخصِ".

تصيبُ نتفليكس الهدفَ بشكلٍ صحيحٍ، وهذا يتماشى مع ما شهدته في أكثر من عقدٍ من اللّعبِ في الرّياضةِ المحترفةِ: عندما يتعلّمُ الأشخاصُ الموهوبون كيفيّةَ التّعاونِ، فإنّهم يسهمون في خلقِ إبداعٍ وإنتاجيّةٍ ونجاحٍ جماعيّ أكبرَ ممّا يمكن لأيّ فردٍ تحقيقهُ بمفرده. فالاحترامُ المتبادلُ والتّعاونُ بالغا الأهميّةِ، وربّما أهمّ من موهبةِ الفردِ نفسهِ.

شاهد أيضاً: 6 خطوات لزرع ثقافة التوقعات الصريحة والمسؤولية القوية في فريق عملك

بناء فريق الأحلام، لا عائلة

ترسّخُ ثقافةُ نتفليكس "فريق الأحلام"، حيث يجتهدُ الأفرادُ من أجلِ التميّز الجماعيّ. تتوافقُ هذه الفلسفةُ مع تجاربي في الرّياضةِ، حيث يكمنُ الهدفُ في تشكيلِ أفضل فريقٍ ممكنٍ لتحقيقِ النّجاحِ الجماعيّ، وحيث يركّزُ الأفرادُ على تعزيزِ الفريقِ من خلالِ الاستثمارِ المتواصلِ في أنفسهم.

بالنسبةِ للقادةِ، يعني دمجُ فلسفةِ "فريقِ الأحلامِ" التّحركَ بعيداً عن نموذجِ "العائلة" إلى إطارٍ يتسمُ فيه التميّزُ والنّموّ والاحترامُ بأهميّةٍ أكبر من الولاءِ الواهمِ والدّعمِ غير المشروطِ. يتعلّقُ الأمرُ بخلقِ بيئةٍ يسعى فيها الجميعُ لتحقيقِ أفضلَ ما لديهم، مدعومين بقوّةِ وطموحِ الجماعةِ، مع الإدراكِ بأنّ ليس كلّ شخصٍ قد يبقى ضمن الفريقِ إلى الأبد.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: