فرص العمل في سوريا: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تحدياً للشباب؟
السوقُ السوري مقبلٌ على مرحلةِ انتعاشٍ استثنائية، والشركاتُ العالمية تفكر جدياً بالدخولِ بقوة. لكن نجاحَ هذه الخطوة يتطلب مواءمةً بين تطورِ التقنياتِ ومتطلباتِ السوق من جهة، واستعدادِ الكوادرِ البشرية من جهةٍ أخرى.



السوقُ السوري بعد الثورة: فرصٌ استثماريةٌ ضخمةٌ وتحدياتٌ في الكوادرِ المؤهلة
بعد سنواتٍ من الحرب، بدأت سوريا تدخل مرحلةً جديدةً من الانفتاحِ والتعافي، وهو ما جعلها محطَّ أنظارِ العديدِ من الشركاتِ العالمية التي تبحث عن سوقٍ خصبٍ للنموِّ والاستثمار. لا يخفى على أحدٍ أن سوريا تمتلك سوقاً واعداً يتميز باحتياجاتٍ كبيرةٍ وبنيةٍ اقتصادية قابلةٍ لإعادةِ البناءِ والتطوير. هذا الانفتاح يفتح البابَ واسعًا أمام الشركاتِ العالمية للدخولِ وتقديمِ حلولٍ وخدماتٍ جديدةٍ تلبي تطلعاتِ الشعبِ السوري.
اهتمامٌ متزايدٌ من الشركاتِ العالمية
مع بداية استقرارِ الأوضاعِ وبدءِ مرحلةِ إعادةِ الإعمار، بدأت الشركاتُ الكبرى في دراسةِ السوقِ السوري عن كثبٍ، خصوصًا في قطاعاتٍ حيويةٍ مثل الاتصالات، الطاقة، الصحة، التكنولوجيا، والبنية التحتية. سوريا اليوم تمثل فرصةً نادرةً لشركاتٍ تسعى لدخولِ سوقٍ ناشئٍ بمواردَ بشريةٍ واعدةٍ وحاجةٍ ملحةٍ للخدماتِ الحديثة.
لكن بالرغم من هذا الاهتمامِ المتزايد، هناك تحدٍّ رئيسي يواجه هذه الشركات: نقصُ الكوادرِ المحلية القادرةِ على التعاملِ مع التقنياتِ الحديثة، خاصةً تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعي.
الذكاءُ الاصطناعي… المعيارُ الجديدُ لكفاءةِ الأعمال
أغلبُ الشركاتِ التي تفكر في دخولِ السوقِ السوري تعتمد في نموذجِ عملِها على الأتمتةِ والذكاءِ الاصطناعي، فهي لم تعد تعمل بالطرقِ التقليدية. أنظمتُها التشغيلية، خططُها التسويقية، خدماتُها اللوجستية، وحتى خدمةُ العملاء أصبحت تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على أدواتٍ ذكيةٍ تتطلب كوادرَ فنيةً قادرةً على تشغيلِها، تطويرِها، والتعاملِ معها باحتراف.
لكن للأسف، معظمُ الكوادرِ المحلية لم تحظَ حتى الآن بالتدريبِ الكافي في هذه المجالات، وهو ما يخلق فجوةً حقيقيةً بين تطورِ أنظمةِ الشركاتِ العالمية، والواقعِ المحلي.
الخطرُ الحقيقي: العزوفُ عن التوظيفِ المحلي
إذا استمر غيابُ الكفاءاتِ القادرةِ على العملِ مع الذكاءِ الاصطناعي وأدواتِه، قد تلجأ الشركاتُ الأجنبية إلى استقدامِ فرقِ عملٍ من الخارج، أو الاعتمادِ على حلولٍ خارجيةٍ لتنفيذِ أعمالِها داخل سوريا. وهذا يعني خسارةً لفرصِ عملٍ كبيرةٍ للشبابِ السوريين، وفقدانَ دورِهم في إعادةِ بناءِ بلدِهم وفق أحدثِ المعاييرِ العالمية.
الفرصةُ الآن: الاستثمارُ في التعليمِ والتدريب
كي تستفيد سوريا فعلياً من هذا الانفتاحِ العالمي، وتتحول إلى بيئةِ جذبٍ حقيقيةٍ للاستثمار، يجب أن تتجه الجهود نحو تأهيلِ الجيلِ الجديدِ من خلالِ برامجَ تدريبيةٍ متخصصةٍ في الذكاءِ الاصطناعي والتحولِ الرقمي. المؤسساتُ التعليمية، الجهاتُ الحكومية، وحتى الشركاتُ الناشئة مطالبةٌ اليوم بلعبِ دورٍ فاعلٍ في بناءِ هذه القدرات.
خاتمة
السوقُ السوري مقبلٌ على مرحلةِ انتعاشٍ استثنائية، والشركاتُ العالمية تفكر جدياً بالدخولِ بقوة. لكن نجاحَ هذه الخطوة يتطلب مواءمةً بين تطورِ التقنياتِ ومتطلباتِ السوق من جهة، واستعدادِ الكوادرِ البشرية من جهةٍ أخرى. الذكاءُ الاصطناعي لم يعد رفاهيةً، بل أصبح لغةَ المستقبلِ التي يجب أن يتقنها كلُّ من يسعى لأن يكون جزءًا من بناءِ سوريا الجديدة.