الرئيسية تكنولوجيا سر Apple البالغ 100 مليار دولار... خدمات تتفوّق على الذكاء الاصطناعي

سر Apple البالغ 100 مليار دولار... خدمات تتفوّق على الذكاء الاصطناعي

قفزةٌ ماليّةٌ تعكس تحوّلاً عميقاً في مصادر الدّخل واتّجاهات النّموّ، حيث يبرز دور الخدمات كقلبٍ نابضٍ يضمن الاستقرار ويقود المرحلة المقبلة بثباتٍ وابتكارٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

أعلنت شركة "آبل" (Appleيوم الخميس، نتائجها الماليّة للرّبع الرّابع والسّنة الماليّة الكاملة لعام 2025، فكشفت الأرقام عن أداءٍ هو الأقوى منذ أعوامٍ. إذ بلغت إيراداتها السّنويّة 416 مليار دولارٍ، بزيادةٍ تقارب 6% عن العام الماضي، في حين ارتفع صافي الدّخل بمقدار 20% ليصل إلى 112 مليار دولارٍ. ومع أنّ هذه الأرقام تعكّس نموّاً مستقرّاً، إلّا أنّ التّفاصيل تظهر تحوّلاً عميقاً في مصادر دخل الشّركة واتّجاهاتها المستقبليّة.

فقد حقّقت آبل في الرّبع المنتهي في سبتمبر إيراداتٍ قدرها 102.5 مليار دولارٍ، مسجّلةً ارتفاعاً بنسبةٍ تصل إلى 8% على أساسٍ سنويٍّ، وهو نموٌّ قادته مبيعاتٌ قياسيّةٌ لمنتجات الآيفون وقطاع الخدمات الرّقميّة؛ فقد نمت إيرادات الآيفون خلال العام بنسبةٍ بلغت 4% لتصل إلى 209.6 مليارات دولارٍ، بينما قفزت إيرادات الخدمات بنسبةٍ بلغت 14% لتلامس 109.2 مليارات دولارٍ. والأهمّ من ذٰلك أنّ هامش الرّبح الإجماليّ ارتفع إلى 47%، وهو مستوى يقترب من أعلى نقطةٍ في تاريخ الشّركة.

ومع هٰذا النّجاح الماليّ، يبرز جانبٌ لافتٌ من القصّة؛ فالمجال الوحيد الّذي لم يحقّق بعد عائداً مباشراً لآبل هو الذّكاء الاصطناعيّ. ومع ذٰلك، تظهر مكالمة الأرباح أنّ الشّركة تراهن على هٰذا القطاع كركيزةٍ لمستقبلها القريب. تحدّث الرّئيس التّنفيذيّ تيم كوك مطوّلاً عن كيف صمّم iPhone 17 Pro وشريحة A19 Pro لدعم منظومة Apple Intelligence، وعن كيف تساهم أجهزة Mac الحديثة في «تعزيز سير العمل بالذّكاء الاصطناعيّ» من خلال «المسرّعات العصبيّة»، بل حتّى Apple Watch أصبحت قادرةً على اكتشاف مؤشّرات ارتفاع ضغط الدّم باستخدام تقنيّات التّعلّم الآليّ. وبحسب كوك، سيجعل الذّكاء الاصطناعيّ كلّ منتجٍ من منتجات الشّركة «أكثر شخصيّةً وكفاءةً وسلاسةً».

غير أنّ هٰذه الرّؤية الطّموحة لا تزال بعيدةً عن التّحقّق الكامل، فما زالت Siri غير قادرةٍ على أداء كثيرٍ من المهامّ الّتي وعدت بها آبل قبل أكثر من عامٍ ونصفٍ. وفي الوقت الّذي تتحرّك فيه الشّركات المنافسة بسرعةٍ مذهلةٍ وتضخّ مليارات الدّولارات في بنية الذّكاء الاصطناعيّ ونماذجه، تظلّ آبل أكثر حذراً في استثماراتها. فقصّة الشّركة لا تكمن في التّقنيّة الّتي تقول إنّها تبنيها، بل في المنظومة الاقتصاديّة الّتي بنتها بالفعل.

وقد ظهر ذٰلك بوضوحٍ في نتائج العام الحاليّ، إذ تجاوزت إيرادات قطاع الخدمات حاجز 100 مليار دولارٍ للمرّة الأولى في تاريخ الشّركة. وعلى الرّغم من رغبتها في تسليط الضّوء على الذّكاء الاصطناعيّ، ما زال هٰذا القطاع هو المحرّك الأساسيّ الّذي يدرّ الأرباح بصمتٍ واستمراريّةٍ. فحوالي ثلاثة أرباع إيرادات آبل تأتي من الأجهزة الملموسة كالآيفون والماك والآيباد، بينما يأتي الرّبع الباقي من الخدمات، مثل: iCloud وApple Music وApp Store وAppleCare وApple TV.

ولكن خلف هٰذا التّنويع الظّاهريّ تكمن حقيقةٌ مختلفةٌ: لا يأتي معظم دخل الخدمات من إنتاج المحتوى أو المنصّات الإعلاميّة كما تحبّ الشّركة أن تروّج، بل من العمولات الضّخمة الّتي تجنيها من متجر التّطبيقات ومن المبالغ الّتي تدفعها غوغل -نحو 20 مليار دولارٍ سنويّاً- مقابل أن تكون محرّك البحث الافتراضيّ في متصفّح Safari. وبذٰلك يتحوّل قطاع الخدمات إلى ماكينة أرباحٍ مضمونةٍ، حتّى وإن لم يكن بمثل بريق الذّكاء الاصطناعيّ أو رهانات المستقبل.

ويكمن سرّ نجاح هٰذا النّموذج في طبيعته المتكرّرة؛ فبينما تباع الأجهزة على فتراتٍ متباعدةٍ، تدرّ الخدمات إيراداتٍ شهريّةً ثابتةً من الاشتراكات وعمولات التّطبيقات وبرامج الدّعم الفنّيّ. ولهٰذا تنمو الخدمات بسرعةٍ تفوق الأجهزة بمرّتين، وتحقّق هوامش ربحٍ أعلى بنسبةٍ مماثلةٍ. ورغم أنّها تمثّل نحو ربع الإيرادات فقط، فإنّها تساهم بأكثر من نصف الأرباح الفعليّة للشّركة، وهو ما يجعل بلوغ عتبة 100 مليار دولارٍ إنجازاً يتجاوز رمزيّته الماليّة ليكرّس تحوّل آبل إلى شركة اشتراكاتٍ قبل أن تكون شركة أجهزةٍ.

ومع ذٰلك، تحاول آبل جاهدةً الظّهور ككيانٍ يركّز على الذّكاء الاصطناعيّ أوّلاً، إلّا أنّ سلوكها الفعليّ ما زال أقرب إلى شركةٍ تعتمد على عمولة الـ30% من متجر التّطبيقات. وفي المقابل، تسير غوغل في اتّجاهٍ مختلفٍ تماماً؛ إذ أعلنت مؤخّراً عن تحقيق أوّل ربعٍ ماليٍّ تتجاوز فيه إيراداتها 100 مليار دولارٍ، وأكّدت أنّها تضخّ أرباحها من إعلانات البحث في بناء بنيةٍ تحتيّةٍ هائلةٍ للذّكاء الاصطناعيّ، متوقّعةً إنفاق أكثر من 90 مليار دولارٍ على مراكز البيانات ووحدات GPU وتدريب النّماذج.

أمّا آبل، فتفضّل الحديث عن منتجاتٍ «مصمّمةٍ بعقليّة الذّكاء الاصطناعيّ»، أكثر من استعراض استثماراتها الحقيقيّة في هٰذا المجال؛ إنّها تنفق وقتاً كبيراً في تسويق فكرة Apple Intelligence، لكنّها تنفق أموالاً محدودةً في بنائها فعليّاً. وبينما تتصدّر هذه التّقنيّة العناوين الصّحفيّة، يظلّ قطّاع الخدمات هو العمود الفقريّ الحقيقيّ لنموّ الشّركة واستقرارها الماليّ.

وفي المحصّلة، يبقى هٰذا القطاع الّذي حقّق 100 مليار دولارٍ في عامٍ واحدٍ هو الوقود الّذي غذّى ازدهار آبل خلال السّنوات الماضية، وسيظلّ محرّكها الأهمّ في المستقبل القريب. غير أنّ التّحدّي الأكبر أمامها يتمثّل في مدى قدرتها على مواءمة واقعها التّجاريّ مع الخطاب الطّموح الّذي تروّجه حول الذّكاء الاصطناعيّ. فالسّؤال لم يعد: هل تستطيع آبل كسب المال؟ بل: هل تستطيع تحويل هٰذا المال إلى قيادةٍ حقيقيّةٍ في عصر الذّكاء الاصطناعيّ؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: