الرئيسية الريادة النجاح الصامت.. هل يمكن لرجل الأعمال تحقيق الانتشار دون ضجة؟

النجاح الصامت.. هل يمكن لرجل الأعمال تحقيق الانتشار دون ضجة؟

في زمن الضّجيج الرّقميّ، بعض الشّركات اختارت الصّمت... فازدادت قوّة وانتشاراً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

لا يمكن للشّركات أن تحقق النّجاح المستدام دون بناء سمعةٍ تجاريّةٍ قويّةٍ؛ فهذه القاعدة لا مفرّ ولا مهرب منها في عالم الأعمال، ولكن يحار الكثير من الروّاد النّاشئين بين التّركيز على العلامة التجاريّة للشّركة وما يشمله الأمر من تقديم قيمةٍ للعميل والتّواصل الفعّال والتّطور المستمر، وبين توجيه الاهتمام إلى العلامة التجاريّة الشّخصيّة من الظهور المكثّف في وسائل الإعلام والاعتماد على صورتهم وأخبارهم المتنوعة ورحلاتهم وغيرها، وبالتّالي يتحوّلون هم أنفسهم إلى منتجٍ.

فهل يمكن بالفعل تحقيق النّجاح الصّامت؟ وهل يمكن لرائد الأعمال الانتشار دون بناء علامةٍ شخصيّةٍ؟ وهل تتوفّر نماذج واقعيّةٌ وصلت لأهدافها دون الكثير من الاستعراض؟

لماذا يجب على الشّركات النّاشئة في العالم العربي اتباع منهجيّة النّجاح الصّامت؟

تجنب الإزعاج الشّديد هو السّبب الرّئيسي الّذي يفرض على الشّركات النّظر بإيجابيّةٍ إلى نهج النّجاح الصّامت، فصحيحٌ أنّ رسائل البريد الإلكتروني والإشعارات مفيدةٌ للمستهلكين، وتنبههم للخدمات الجديدة، إلّا أنّها تتطلّب توازناً كبيراً؛ ووفقاً لدراسةٍ حديثةٍ من Campaigner، فإنّ 49% من المستهلكين يرغبون في تلقي رسائل أقلّ بكثيرٍ من أصحاب الأعمال. [1]

المستهلك المعاصر لديه الكثير من الأشياء الّتي تحدث في الوقت ذاته، وإذا أصبح رائد الأعمال أو العلامة التّجاريّة مصدر إزعاجٍ، فسوف يتوقّف عن متابعته، أو يمنع وصول الإشعارات منه تماماً.

كما أنّ النّجاح الصّامت يتيح لصاحب العمل الاستمتاع بحياةٍ شخصيّةٍ بعيدةٍ عن الأضواء، وفي الوقت ذاته تحقيق المكاسب المادّيّة والمعنويّة، بالإضافة إلى أنّ هذه الطّريقة مثاليّةٌ تماماً لمن يتّسمون بشخصيّةٍ انطوائيّةٍ، ويشعرون بالخجل من مواجهة الجماهير أو التّحدّث معهم، فهؤلاء لا يجب أن يشعروا بالإحباط من كثرة الضّجيج حولهم، بل هناك وسائل أكثر جدوى للوصول لأهدافهم مع الشّعور بالرّاحة في الوقت ذاته.

أمثلةٌ واقعيّةٌ عالميّةٌ وعربيّةٌ لشركاتٍ حقّقت الانتشار دون بناء علامةٍ شخصيّةٍ

عندما نذكر اسم شركة آبل (Apple) أو تسلا، فإنّك تفكّر فوراً في ستيف جوبز وإيلون ماسك، ولكن ليس هذا الحال عندما نقول "رولز رويس" أو "أمريكان إكسبريس" أو "كوستكو" و"زارا" وغيرها من علاماتٍ عالميّةٍ، كما أنّ أرامكس الأردنيّة وشركة اتّصالات الإماراتيّة وشركة المراعي السّعوديّة من النّماذج شديدة النّجاح أيضاً دون الاعتماد على وجوهٍ شخصيّةٍ، وتمكّنت الكثير من الشّركات الحديثة العربيّة أيضاً في بناء سمعةٍ قويّةٍ دون الاعتماد على وجوه مؤسّسيها، ومن أهمّ هذه الشّركات:

  • شركة "نمشي" (Namshi) الإماراتيّة: وهي منصة تسويقٍ إلكتروني مميّزةٌ تقدّم الإكسسوارات ومنتجات الأزياء بالاعتماد فقط على الجودة وسرعة الاستجابة للطّلبات وتعزيز ولاء العملاء.
  • شركة "كريم" (Careem) الإماراتيّة: واعتمدت في نجاحها على الابتكار التّكنولوجي وتقديم الخدمة المتميّزة في النّقل، وليس على وجوه مؤسّسيها، رغم ظهورهم في وسائل الإعلام.
  • شركة أنغامي اللّبنانيّة: والّتي انطلقت عام 2012 كأوّل مكتبة أغاني ضخمةٍ في الوطن العربي.
  • شركة "فيزيتا" (Vezeeta) المصريّة: وهي منصةٌ إلكترونيّةٌ تأسّست في القاهرة لحجز مواعيد الأطبّاء من جميع التّخصّصات، وتوسّعت لعدّة دولٍ عربيّةٍ مثل السّعوديّة والإمارات.
  • شركة "تمارا" السّعوديّة: وهي منصةٌ مميّزةٌ لخدمات الشّراء الآن والدّفع لاحقاً، وتلبّي احتياجات المجتمع الخليجيّ في تقديم خيارات شراءٍ مرنةٍ، وهي من أسرع الشّركات النّاشئة نموّاً في السّعوديّة.
  • نون أكاديمي السّعوديّة: وهي منصةٌ تعليميّةٌ تفاعليّةٌ مميّزةٌ عبر الإنترنت ونجحت بتوجّهها لطلّاب الشّرق الأوسط، وجذبت عدداً ضخماً من المعلّمين والطّلّاب سواءً في السّعوديّة أو الدّول المجاورة، خصوصاً خلال جائحة كورونا.

كيف حقّقت هذه الشّركات النّجاح دون دعايا مبالغٍ بها؟

تحقيق النّجاح والانتشار للشّركات دون الاعتماد على علامةٍ شخصيّةٍ أمرٌ واقعيٌّ تماماً، ومن أهمّ سياساتٍ تجعل شركتك ومنتجك ملء السّمع والأبصار دون دعايةٍ شخصيّةٍ: [3]

التّركيز على القيمة في المنتج والخدمة

قد تعتقد أنّ الأمر إنشائيٌّ بحتٌ وليس واقعيّاً، ولكن إذا نظرت إلى سيّارة رولز رويس مثلاً، فعندما بدأ هنري رويس المشروع نصحه أحد أصدقائه بإنتاج سيّارةٍ موثوقةٍ بتكلفةٍ معقولةٍ، ولكن كانت رؤيته إنتاج سيّارةٍ بأفضل محرّكٍ في العالم، ولا تزال هذه الرّغبة في الكمال هي الدّافع الأساسيّ حتّى بعد أكثر من 100 سنةٍ على انطلاقها، لتستمرّ مبيعاتها القياسيّة بصرف النّظر عن التّكلفة.

الاهتمام بالأسعار التّنافسيّة

لا يعني الاهتمام بالجودة الفائقة إهمال السّعر التّنافسيّ، فربّما تقدّم خدمةً فاخرةً، ولكن بأسعارٍ مبالغٍ بها للغاية، وهذا قد يلائم شريحةً من الجمهور الّتي تشتري السّلعة؛ لأنّها مرتفعة الثّمن، وأنّ هذا يدلّ فقط على ثرائهم، ولكن أصبحت المخاوف الماليّة أكثر شيوعاً مع الأزمات الاقتصاديّة المتتالية، لذا إذا لم يكن منتجك فاخراً للغاية ومختلفاً تماماً عن المنافسين فاحرص على تقديم أسعارٍ تنافسيّةٍ، وإلّا ستبني سمعت أنّك علامةٌ باهظةٌ دون قيمةٍ حقيقيّةٍ.

تقديم منتجاتٍ فريدةٍ

فشركةٌ مثل تيسلا لم تعتمد في بدايتها فقط على جاذبيّة مؤسّسها إيلون ماسك، بل حرصت على تقديم تقنيّاتٍ فريدةٍ لتجتذب شريحةً قويّةً من العملاء دون الكثير من الدّعاية، كما أنّ شركة إن-إن-أوت-برجر (In-N-Out Burger) اكتسبت سمعتها من خلال التّركيز على المنتجات الطّازجة دائماً، ويلعب الابتكار دوراً محوريّاً في انتشار الشّركات ونجاحها، وهو يمكن أن يكون في أيّ شيءٍ بدءاً من طريقة التّصنيع إلى أسلوب تقديم الخدمة أو الشّريحة المستهدفة.

الاعتماد على التّجارب الإيجابيّة

فنجد شركاتٍ مثل دروبوكس (Dropbox) وشركة Airbnb اعتمدتا في البداية على تقديم تجربةٍ إيجابيّةٍ للعملاء وتشجيعهم على دعوة أصدقائهم مع الحصول على خصوماتٍ مميّزةٍ، ومن خلال الشّبكات الشّخصيّة والاتّصال الشّفهيّ نجحت التّجربتان عالميّاً، كما أنّ تطبيقاً مثل "واتساب" اعتمد نهجاً شبيهاً مكّنه من منافسة فيسبوك والماسنجر.

تقديم تجربة عملاء استثنائيّةٍ

خدمة العملاء هي دائماً أولويّةٌ إذا كنت ترغب في الانتشار وتحقيق النّجاح سواءً بالاعتماد على صورتك الشّخصيّة أو قيمة المنتج، ويميل الأشخاص عادةً لمشاركة التّجارب السّلبيّة أكثر من الإيجابيّة، لذا احرص على فريق خدمة عملاءٍ مدرّبٍ وخبيرٍ بلغة الجسد، مع الوفاء بالوعود دائماً وتصحيح أيّ أخطاءٍ مع العملاء والاستجابة السّريعة والابتسامة وغيرها، وقد نجحت شركاتٌ مثل كوستكو وزابوس (Zappos) في الانتشار اعتماداً على التّجارب الإيجابيّة مع خدمة العملاء.

التّركيز على أسواقٍ مخصّصةٍ

أصبح التّركيز على "من" تتوجّه إليه، وليس "لماذا" تتوجّه إليه من الأسس الرّاسخة في عالم الأعمال، فلا يتعلّق الأمر مطلقاً بمحاولة جذب كلّ الجماهير، ولكن بالتّعرّف على القطاع القابل للاستجابة بالفعل والتّركيز عليه، فتجد من يركّز على الأطعمة الصّحّيّة، ونجد تطبيقات مواعدةٍ مثل بامبل (Bumble) يركّز على منح النّساء الأمان التّامّ والسّماح لهنّ فقط ببدء التّواصل مع الأشخاص المطابقين لمواصفاتهم، كما أنّ شركةً مثل باتاغونيا (Patagonia) الأمريكيّة للملابس ركّزت على الجودة والاستدامة ورفع الوعي.

هل يجب أن تتجاهل تماماً بناء علامةٍ تجاريّةٍ شخصيّةٍ؟

يدور الكثير من الجدل بشأن جدوى بناء علامةٍ شخصيّةٍ لتحقيق الانتشار، ففي حينٍ يؤكّد البعض أهمّيّتها الشّديدة، فإنّ البعض الآخر يقلّل من أهمّيّتها تماماً. وتقول AJ Vaden المؤسّس المشارك في شركة الاستشارات (Brand Builders Group) والحاصلة على تكريمٍ من Inc. 5000، إنّ العلامة التّجاريّة الشّخصيّة هي الطّريقة الّتي يتواصل النّاس من خلالها، فلم يعد الكثيرون يثقون في الشّعارات الجذّابة، وبيّنت استطلاعاتٌ أنّ جيل الألفيّة تحديداً والجيل زد أكثر ثقةً في العلامات التّجاريّة الشّخصيّة.

ولكنّها من ناحيةٍ أخرى تؤكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بالتّباهي، بل بالأصالة، فالعلامة التّجاريّة الشّخصيّة أكثر بكثيرٍ ممّا تنشره على الإنترنت، بل هي الطّريقة الّتي ينظر بها النّاس لك، فليست هناك حاجةٌ فعليّةٌ لأن تكون موجوداً في كلّ مكانٍ لتحقّق النّجاح، بل يكفي فقط أن تتمتّع بثقة الجمهور المستهدف ونظرته الإيجابيّة لك. [2]

لذا إذا كنت تتمتّع بمواهب حقيقيّةٍ في مخاطبة الجمهور والتّواصل معه فلا مانع من الاستفادة من الأمر في التّرويج لمنتجك، ولكن لا يجب أن يكون هذا هو محور الاهتمام الأساسيّ، ففي النّهاية سيشعر المستهلكون بالغضب عندما يدفعون ثمن خدماتٍ أو منتجاتٍ تعتمد فقط على الشّهرة، وليس على القيمة الحقيقيّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: