الرئيسية ستارت أب Allo Beirut تعود إلى جذورها: رحلة الهوية من دبي إلى الحمرا

Allo Beirut تعود إلى جذورها: رحلة الهوية من دبي إلى الحمرا

تتطلّب إعادة علامة تجارية إلى جذورها الثّقافيّة موازنةً بين الحفاظ على الأصالة والابتكار لمواكبة توقّعات السّوق المحليّ والدّوليّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنكليزيّة من هنا

كيف يمكن تقديم علامة تجارية إلى الثّقافة التي صاغتها؟ بالنسبة إلى شربل مهنا، الرّئيس التّنفيذيّ للعلامة التجارية اللّبنانيّة المولودة في الإمارات والمتخصّصة في المأكولات اللّبنانيّة العصريّة "ألو بيروت" (Allo Beirut)، والّتي افتتحت مؤخّراً أوّل فرعٍ لها في بيروت، لم تكن الرّحلة مجرّد افتتاحٍ لموقعٍ آخر. كما يوضح مهنّا، فقد كان الأمر أشبه بعودةٍ إلى المكان الّذي صاغ هويّة العلامة التجارية، رحلةٌ تطلّبت صبراً وحساسيّةً عاليةً، وقدرةً على التّوفيق بين تعقيداتٍ عاطفيّةٍ وتشغيليّةٍ معقّدةٍ.

أُطلقت ألو بيروت على يد مجموعة "بلاك سبون" (Black Spoon Group) في الإمارات عام 2018، لتقدّم نكهات بيروت المفعمة بالحنين في أجواءٍ عفويّةٍ وحيويّةٍ. واليوم، أصبحت العلامة منتشرةً في أنحاء المنطقة، مع 8 فروعٍ في الإمارات، وفرعين في السعودية، وفرعٍ واحدٍ في البحرين، والآن، في لبنان أيضاً.

يقول مهنا لمجلة "عربية .Inc": "وُلدت ألو بيروت من رغبةٍ في الاحتفاء بلبنان الّذي نحمله معنا؛ عبر الطّعام، والطّاقة، والتّجارب اليوميّة. لقد أُنشئت لتكريم شوارع بيروت، ونكهاتها، وروحها، أوّلاً وقبل كلّ شيءٍ لأولئك الّذين يعيشون في لبنان ويواصلون الحفاظ على تراثها الغذائيّ حيّاً في حياتهم اليوميّة. كما أنّها لاقت صدىً سريعاً لدى مجتمعات المغتربين في المنطقة، أشخاص لم ينشأوا بالضّرورة على المطبخ اللّبنانيّ، لكنّهم ارتبطوا بدفء العلامة، ونكهاتها، وإحساسها بالألفة".

ومع الافتتاح الجديد في الحمرا، الحيّ الثّقافيّ والتّاريخيّ والحيويّ لبيروت، يقدّم المطعم الجديد أطباق العلامة المميّزة، إلى جانب عددٍ من الأطباق المستحدثة خصيصاً للجمهور المحليّ. وبما أنّ رواد المطاعم اللّبنانيّين متمرّسون بالفعل في هذا المطبخ، فإنّ الهدف هو الحفاظ على الأصالة، مع إدخال لمساتٍ دقيقةٍ ومدروسةٍ تُبقي التّجربة مألوفةً ومبتكرةً في الوقت نفسه.

Allo Beirut تعود إلى جذورها: رحلة الهوية من دبي إلى الحمرا

ويقول مهنّا: "تشتهر ألو بيروت بالحفاظ على أصالة المأكولات اللّبنانيّة، من الحمص والباليلة إلى أكثر الوصفات تعقيداً وتجذّراً في الزّمن. ذلك الالتزام لا يتغيّر، مهما اختلف الموقع. لكن مع كلّ افتتاحٍ جديدٍ، نبحث أيضاً عن لحظات يسطع فيها الإبداع، دائماً من داخل الحمض النّوويّ لنكهات لبنان ومنتجاته. بالنّسبة إلى الحمرا، كان ذلك يعني إدخال بعض الأطباق الخاصّة المدروسة بعنايةٍ، الّتي تعكس روح المدينة وتبقى في الوقت نفسه وفيّةً لجذورنا. الأمر لا يتعلّق بتغيير هويتنا، بل بالتّعبير عنها بأسلوبٍ يشعر بالاتّصال بالمكان والنّاس".

ومع ذلك، كان مهنّا مدركاً أنّ افتتاح العلامة في البلد الّذي ألهمها يعني مواجهة نظرة النّاس إلى علامةٍ «مستوحاة من بيروت» لكن وُلدت خارجها؛ فيقول: "بالطبع، هو تساؤلٌ مشروعٌ. كنّا نعلم أنّ النّاس سيسألون: كيف يمكن لشيءٍ مستوحىً من بيروت أن يُبتكر خارجها؟ لكن هذه هي القصة بعينها/ كانت ألو بيروت دائمًا عن بيروت. كلّ قرارٍ، وكلّ تصميمٍ، وكلّ طبقٍ، صُنعت جميعها تكريماً لهذه المدينة. لم ندّعِ يوماً أننا نعيد اختراع المطبخ، بل سعينا ببساطةٍ إلى الحفاظ عليه، ومشاركته، وجعله في متناول الآخرين،ولا سيما أولئك المقيمين في الخارج".

وبحسب مهنا، فإنّ جلب العلامة المولودة في الإمارات إلى لبنان كان دائماً جزءاً من الخطّة، ولكن ليس أمراً يُستعجل؛ فيقول: " لم يكن إحضار ألو بيروت إلى لبنان أبداً مسألة إذا، بل مسألة متى. واليوم، مع قاعدةٍ أكثر صلابةً، واعترافٍ إقليميٍّ، وفهمٍ أعمق لهويّتنا، كنا نعلم أنّنا جاهزون للعودة إلى نقطة البداية، لا كفكرةٍ أجنبيّةٍ، بل كعلامةٍ تجاريّةٍ تعود إلى جذورها".

غير أنّ النّجاح في الخارج لم يُلغِ مواجهة تحديّاتٍ مختلفةً في الوطن، تحديات ذات أبعادٍ شخصيّةٍ وتشغيليّةٍ في الوقت نفسه؛ فيقول مهنا: "الافتراض السّائد أنّك تعرف السّوق لأنّه سوقك وثقافتك، وبالتّالي ستكون العمليّة سلسةً. لكن الحقيقة أنّ السّوق المحليّ يتطلّب منك أكثر. وهناك تدقيقٌ أكبر، وضغطٌ أعظم، ورهاناتٌ عاطفيّةٌ أعمق. لا يمكنك أن تختبئ خلف العلامة أو الضجيج؛ فالنّاس يتوقّعون منك مضموناً، وصدقاً، واستمراريّةً؛ فالنّجاح في الخارج لا يُترجم تلقائيّاً في الدّاخل. لذلك، عليك أن تكسب مكانك من جديدٍ، وغالباً بمتطلّباتٍ أعلى".

كما ارتبط تجاوز هذه التّحديّات بالتّعامل مع الحقائق التّشغيليّة الفريدة في لبنان؛ فيشرح مهنا: "لدى لبنان إيقاعه الخاصّ، وواقعه الخاصّ -اقتصاديّاً، وتنظيميّاً، ولوجستيّاً. ومن تجاوز قيود الاستيراد إلى إنشاء سلاسل إمداد، كان علينا التّعامل مع كلّ شيءٍ بمرونةٍ وصبرٍ. وكان أحد أكبر التّحديّات هو الحفاظ على معاييرنا مع التّكيّف مع الظّروف المحليّة. وقد استلزم ذلك تحديد شركاء محليّين موثوقين، وتدريب الموظّفين من الأساس، وضمان ألّا تفقد تجربة ألو بيروت أصالتها حتّى عندما تصعب الظّروف".

ولتجاوز هذه العقبات، دخلت مجموعة بلاك سبون في شراكة امتيازٍ مع شركة "فاشمور هولدنغ" (Fashmore Holding) اللّبنانيّة، وهي شراكةٌ يعزو إليها مهنا فضل إدخال بصيرةٍ محليّةٍ عميقةٍ في العمليّة؛ فيقول: "نذ البداية، أدركوا أنّ الأمر لم يكن مجرّد فرصة امتيازٍ، بل كان عودةً. لحظة اكتمال دائرةٍ تحمل وزناً عاطفيّاً، ورهافةً ثقافيّةً، وتوقّعاتٍ عاليةً. لقد استوعبوا أنّ ألو بيروت لم تكن مجرّد مفهومٍ جديدٍ في قطّاع الأطعمة والمشروبات، بل قصّة متجذّرة في روح بيروت. إن التزامهم بهذه القصّة، وبإيصالها بأصالةٍ على الأرض، جعلهم الشّريك المناسب".

ولروّاد الأعمال السّاعين إلى التّعلّم من رحلة ألو بيروت في إعادة علامتهم التّجاريّة إلى جذورها الثّقافيّة، يشارك مهنا بعض الإرشادات، بدءاً من أهميّة الذّهنيّة؛ فيقول: "لا تفترض أنّك تعرف السّوق فقط لأنّها وطنك. لقد تغيّرت، واحتياجات النّاس تطوّرت. لذلك، ابدأ من جديد" كما أشار إلى أهميّة اختيار الحلفاء المناسبين على الأرض، قائلاً: "تحتاج إلى شريكٍ يتشارك قيمك ويفهم الفوارق الثّقافيّة".

ويشير مهنّا كذلك إلى التّوازن الدّقيق الّذي يتعيّن على المؤسّسين تحقيقه بين تكريم الحنين ومواجهة توقّعات السّوق المتغيّرة؛ فيقول: "ما ينجح في الخارج قد لا يلقى الصّدى نفسه في الدّاخل. وكُن منفتحاً على التّكيّف، من دون أن تفقد روح علامتك". ويضيف: "إن العودة إلى الوطن أمرٌ عاطفيٌّ. دع ذلك يشحن مسارك بالطّاقة، لكن وازنه بالانضباط. قصّتك قويّةٌ، لكنّها تحتاج دائماً إلى أن تدعمها القدرة على التّنفيذ".

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: