الرئيسية الذكاء الاصطناعي هل يهدّد وكلاء الذكاء الاصطناعي أمن الاجتماعات الرسمية؟

هل يهدّد وكلاء الذكاء الاصطناعي أمن الاجتماعات الرسمية؟

بين وعود الإنتاجيّة ومخاوف الأمن السيبرانيّ، تواجه الأدوات الذكيّة حظراً متزايداً داخل الحكومات والمنظّمات الرّسميّة الكبرى

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

بات الذكاء الاصطناعي قادراً على إنجاز الكثير من المهامّ المفيدة، ولا سيما من خلال ما يعرف بوكلاء الذكاء الاصطناعي؛ وهي أدواتٌ برمجيّةٌ ذكيّةٌ يمكنها التّصرّف بشكلٍ مستقلٍّ، بدلاً من الاكتفاء بالاستجابة لأوامر المستخدمين كما تفعل روبوتات الدّردشة التّقليديّة.

يعتبر المؤيّدون لهذه التّقنيّة أنّ وكلاء الذكاء الاصطناعي يمثّلون الجيل الأوّل من الأدوات القادرة على إحداث تغييراتٍ جذريّةٍ في بيئات العمل. ولٰكن لن يبدأ هٰذا التّغيير من المؤسّسات الحكوميّة، إذ إنّ أحد أكثر الأماكن الّتي تواجه فيها هذه التّقنيّة رفضاً صريحاً هو الجناح التّنفيذيّ في الاتّحاد الأوروبّيّ: المفوّضيّة الأوروبّيّة، والتي يبدو أنّ مجموعةً من المشرّعين الأميركيّين يسيرون على خطاها.

بحسب تقريرٍ لموقع "بوليتيكو" (Politico)، فقد فرضت المفوّضيّة قاعدةً جديدةً تمنع المشاركين في الاجتماعات الرّسميّة من اصطحاب أدوات وكلاء الذكاء الاصطناعي معهم. وقد طُبّقت هذه القاعدة لأوّل مرّةٍ في مكالمةٍ عن بعدٍ جمعت عدداً من مكاتب دعم السّياسات الرّقميّة في أوروبا مطلع شهر أبريل، حيث ظهرت في بداية الاجتماع شريحةٌ إلكترونيّةٌ كُتِب عليها بوضوحٍ: "ممنوعٌ استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي".

ورغم أنّ المفوّضيّة أقرّت بأنّها طبّقت هذه السّياسة الجديدة للمرّة الأولى الأسبوع الماضي، إلّا أنّها لم تفصح عن تفاصيل القرار، ولا عن الدّوافع الّتي دفعتها لاتّخاذه. وقد وصف موقع بوليتيكو هذه الخطوة بأنّها "منعطفٌ غريبٌ" في مسيرة تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي، ولا سيما أنّ الاتّحاد الأوروبّيّ لم يسنّ حتّى الآن قانوناً محدّداً ينظّم هذه التّقنيّة، باستثناء ما تنصّ عليه اللائحة الأوروبّيّة للذكاء الاصطناعي، والتي تحدّد مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي وحدوده.

ولٰكن رفض الاتّحاد الأوروبّيّ لاستخدام هذه الأدوات في الاجتماعات الرّسميّة يبدو مفهوماً، إذا نظرنا إلى بعدٍ واحدٍ: الأمن السيبراني؛ فهذه الوكلاء الذّكيّة قادرةٌ بالفعل على تنفيذ مهامّ دقيقةٍ، مثل: تفريغ الاجتماعات الطّويلة تلقائيّاً عبر الاستماع إلى النّقاشات وإنتاج تقريرٍ نصّيٍّ شاملٍ، بل وإضافة ملخّصٍ ذكيٍّ يوجز محتوى الاجتماع.

وتقدّم منصّاتٌ -مثل "زوم" (Zoom)- هذه الميزة، كما أنّ بيل غيتس، أحد أبرز رموز هذه التّقنيّة، عبّر عن إعجابه بهذه الأدوات الّتي تسهم في جعل الاجتماعات أكثر فاعليّةً، خصوصاً بفضل قدرتها على إجراء محادثةٍ بعد الاجتماع، والإجابة عن أسئلةٍ تتعلّق بما جرى خلالهكما أنّ أدوات التّرجمة الفوريّة القائمة على الذكاء الاصطناعي باتت منتشرةً، وهي ميّزةٌ بالغة الأهمّيّة في منظومةٍ متعدّدة اللّغات كالاتّحاد الأوروبّيّ.

غير أنّ السّؤال الأهمّ: أين يكمن الخطر؟ تكمن المشكلة في أنّ بعض هذه الأدوات -مثل: أدوات التّعرّف على الصّوت، أو التّفريغ النّصّيّ، أو المساعدات الذّكيّة أثناء الاجتماعات- تُرسل البيانات الخاصّة بالاجتماع إلى خوادم بعيدةٍ عبر الإنترنت، وهناك يتمّ تنفيذ العمليّات الخوارزميّة لتحويل الكلام إلى نصٍّ مكتوبٍ. وقد تُعرّض هذه الآليّة البيانات الحسّاسة لمخاطر أمنيّةٍ جسيمةٍ؛ إمّا في اللّحظة الآنيّة إذا ما تمّ اعتراض البيانات أثناء الإرسال أو الاستقبال، أو لاحقاً إذا كانت خوادم المعالجة غير محصّنةٍ بشكلٍ كافٍ، أو إذا تسرّبت منها المعلومات بطريقةٍ غير مقصودةٍ.

قد يثير ذٰلك لدى هيئةٍ حكوميّةٍ بحجم الاتّحاد الأوروبّيّ، مخاوف حقيقيّةً تتعلّق بالأمن القوميّ، وهو أمرٌ يجدر بك التّفكير فيه أيضاً إذا كنت تعتمد على هذه الأدوات في إدارة اجتماعات شركتك.

قلق مشابه في الولايات المتحدة

في سياقٍ متّصلٍ، تُبدي بعض الأوساط التّشريعيّة في الولايات المتّحدة مخاوف مماثلةً من أدوات الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لوكالة "رويترز" (Reuters)، فقد وجّه حوالي خمسين نائباً ديموقراطيّاً في مجلس النّوّاب رسالةً إلى إدارة ترامب، يطالبون فيها بالتّضييق على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي غير المُصرّح بها، وذٰلك ضمن حملةٍ تهدف إلى تقليص الإنفاق الحكوميّ.

ورغم اعترافهم بقدرات الذكاء الاصطناعي وفعّاليّته في تحديث بعض المهامّ الحكوميّة، فإنّ ما يقلقهم فعليّاً هو الدّور الّذي يلعبه مكتب الكفاءة التّابع لإيلون ماسك (DOGE). إذ اعتبر النّوّاب في رسالتهم أنّ هذه الأدوات تشكّل تهديداتٍ أمنيّةً خطيرةً، إلى جانب احتمال التّسبّب بمساءلاتٍ قانونيّةٍ جنائيّةٍ، إذا لم تستخدم بالطّريقة الصّحيحة، كما أنّها قد تقوّض الجهود الرّامية إلى تبنّي الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤولٍ.

وقد واجه هٰذا المكتب انتقاداتٍ بسبب ربط أدوات الذكاء الاصطناعي بالشّبكات الحكوميّة بطريقةٍ غير شفّافةٍ، على الرّغم من وعوده بالسّريّة والانفتاح. كما اندلعت مؤخّراً فضائح تتعلّق باستخدام المكتب للذكاء الاصطناعي في مراقبة رسائل الموظّفين الحكوميّين في محاولةٍ لرصد الأصوات المعارضة داخل المؤسّسة.

الخلاصة: إذا كُنتُ تتيح لموظّفيك استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتبسيط الاجتماعات، أو تفوّض للوكلاء الذّكيّين مهمّة تنظيم جداول المكتب، فاحرص على التّأكّد من أمان الخدمة الّتي تعتمد عليها، وتيقّن من أنّ هذه الأدوات لن تسيء استخدام ما تعلّمته عن شركتك لاحقاً، بما قد يلحق الضّرر بأعمالك.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: