الرئيسية التنمية من التوتر إلى التركيز: 5 طرق لإدارة العلاقات الصعبة في العمل

من التوتر إلى التركيز: 5 طرق لإدارة العلاقات الصعبة في العمل

لا يعتمد النّجاح المهنيّ فقط على الكفاءات الفنّيّة، بل يقوم أيضاً على القدرة على بناء علاقاتٍ متوازنةٍ في بيئة العمل

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تزداد بيئة العمل الحديثة تعقيداً يوماً بعد يومٍ، إذ تجتمع فيها شخصيّاتٌ متباينةٌ وتوجّهاتٌ مختلفةٌ وأولويّاتٌ متضاربةٌ أحياناً. ولأنّ هٰذه التّباينات قد تفضي إلى نشوء خلافاتٍ أو توتّراتٍ متكرّرةٍ، برزت الحاجة الملحّة إلى إتقان فنّ إدارة العلاقات الصّعبة. حيث يستطيع الموظّف الّذي يحسن التّعامل مع الزّملاء والمدراء على اختلاف طباعهم، أن يحوّل الأجواء المشحونة إلى فرصٍ للنّموّ والتّركيز. ومن هنا تأتي أهمّيّة البحث عن طرقٍ عمليّةٍ تساعد على تحويل التّوتّر إلى تركيزٍ، وعلى تحويل الخلاف إلى مساحةٍ للتّفاهم والتّعاون.

فهم جذور العلاقات الصعبة في بيئة العمل

لا تنشأ العلاقات المعقّدة من فراغٍ، بل ترتبط عادةً بغياب التّواصل الفعّال أو تضارب المصالح أو حتّى اختلاف أنماط الشّخصيّة. فقد يتصف بعض الأفراد بالسّيطرة المفرطة، فيما يجد آخرون صعوبةً في التّعبير عن آرائهم بوضوحٍ. وبما أنّ هٰذه العوامل مجتمعةً تخلق بيئةً غير مريحةٍ، يصبح من الضّروريّ أن يبدأ الموظّف بفهم الأسباب العميقة للتّوتّر قبل أن يسعى إلى الحلول. إذ إنّ الوعي بالجذور يمكّن الإنسان من اختيار الطّريقة المناسبة للتّعامل مع الموقف، وبالتّالي يوفّر أرضيّةً متينةً تمهّد لبناء علاقةٍ أكثر استقراراً. ومن هنا يمكن القول إنّ التّحليل المسبق يسبق دائماً القدرة على إيجاد مخرجٍ عمليٍّ. [1]

5 طرق لإدارة العلاقات الصعبة في العمل

يتطلب تحويل العلاقات المتوترة في بيئة العمل الى مساحاتٍ للتّفاهم، استراتيجياتٍ واضحةٍ تساعد على إدارة العلاقات الصّعبة بذكاءٍ ومرونةٍ.

1. تطوير مهارات التواصل الواضح

حين يتقن الفرد فنون التّعبير، يقلّل من فرص سوء الفهم ويمنع تراكم المشاكل. إّ يمثّل التّواصل الواضح حجر الزّاوية في إدارة العلاقات الصّعبة، لأنّه يسمح للطّرفين بطرح وجهات نظرهما بهدوءٍ وصراحةٍ. ولا يقتصر التّواصل النّاجح على الكلمات فحسب، بل يشمل أيضاً لغة الجسد ونبرة الصّوت الّتي قد تحمل رسائل أقوى من الكلام ذاته. لذٰلك يستحسن أن يستعمل الموظّف عباراتٍ مباشرةً خاليةً من الالتباس، وأن يصغي بإمعانٍ لما يقوله الآخر. ومن خلال هٰذا التّوازن بين التّحدّث والاستماع، يتراجع التّوتّر تدريجيّاً وتفتح أبواب الحوار البنّاء. [1]

2. ضبط الانفعالات والتحكم في الذات

على الرّغم من أنّ الغضب ردّ فعلٍ طبيعيٌّ تجاه المواقف المستفزّة، إلّا أنّ ترك الانفعالات تستحوذ على القرار يفاقم المشكلة ولا يحلّيها. وهنا يظهر دور الانضباط النّفسيّ بوصوفه ركناً أساسيّاً في إدارة العلاقات الصّعبة. فمن خلال التّنفّس العميق أو التّوقّف للحظاتٍ قبل الرّدّ، يمنح الإنسان فرصةً للتّفكير بعقلانيّةٍ بدلاً من الاندفاع. كما أنّ ممارسة التّأمّل أو الرّياضة تساهم في تخفيف الضّغط النّفسيّ وتجعل الفرد أكثر استعداداً للتّعامل مع المواقف الحادّة. وإذا نجح الموظّف في كبح انفعالاته، فإنّه يرسل إشارةً واضحةً للآخرين بأنّه شخصٌ متّزنٌ وقادرٌ على قيادة الموقف نحو التّهدئة.

3. تبني عقلية التعاون لا الصراع

كثيراً ما تتحوّل العلاقات المتوتّرة إلى ساحة مواجهةٍ لأنّ كلّ طرفٍ يسعى إلى الانتصار لموقفه، غير أنّ تبنّي عقليّة التّعاون يبدّل المشهد بالكلّيّة. حين يركّز الموظّف على الأهداف المشتركة بدلاً من المكاسب الفرديّة، تتحوّل العلاقة من صراعٍ إلى شراكةٍ. ويعتبر هٰذا النّهج مكوّناً رئيسيّاً في إدارة العلاقات الصّعبة، لأنّه يدفع الأطراف للبحث عن حلولٍ تحقّق منفعةً متبادلةً بدلاً من أن تبقي الخلاف مفتوحاً. ومن ثمّ، عندما يقترح الفرد حلولاً وسطاً أو يقدّم تنازلاتٍ عقلانيّةً، يكتشف أنّ الخلاف لم يكن عميقاً كما بدا، بل قابلاً للتّسوية عبر الحوار البنّاء.

4. وضع حدود مهنية واضحة

قد تبقى بعض العلاقات متوتّرةً على الرّغم من بذل محاولاتٍ متكرّرةٍ لتحسينها، وفي هٰذه الحالة يصبح وضع الحدود أمراً لا مفرّ منه. حيث يشكّل الرّسم الواضح لما يمكن قبوله وما لا يمكن تحمّله حمايةً للموظّف من الاستنزاف النّفسيّ والعمليّ. وتعدّ هٰذه الخطوة جزءاً أصيلاً من إدارة العلاقات الصّعبة، إذ تمنح الطّرف الآخر إشاراتٍ مباشرةً بضرورة احترام المساحة الشّخصيّة والمهنيّة. على سبيل المثال، يمكن للموظّف أن يوضّح أنّ المقاطعة المستمرّة أثناء الاجتماعات أمرٌ غير مقبولٍ، أو أنّ المحادثات غير المرتبطة بالعمل ينبغي أن تبقى محدودةً. وهٰكذا تبنى العلاقة على أساسٍ من الاحترام المتبادل الّذي يضمن استمرار التّعاون دون تجاوزٍ للحدود.

5. طلب الدعم من الإدارة أو الموارد البشرية

في أحيانٍ أخرى، تتجاوز العلاقة الصّعبة قدرة الموظّف على حلّها بمفرده، خاصّةً إذا ارتبطت بالتّمييز أو الضّغط النّفسيّ المفرط. عندها يصبح اللّجوء إلى الإدارة أو الموارد البشريّة خطوةً ضروريّةً لحماية الحقوق وضمان بيئة عملٍ عادلةٍ. ويعتبر هٰذا الإجراء جزءاً عمليّاً من إدارة العلاقات الصّعبة، لأنّه يضع حدّاً للتّصرّفات السّلبيّة من خلال آليّاتٍ رسميّةٍ مثل جلسات الوساطة أو تطبيق السّياسات الدّاخليّة. لذٰلك ينبغي على الموظّف أن يوثّق المواقف بدقّةٍ وأن يعرضها بموضوعيّةٍ ليحصل على دعمٍ فعّالٍ. إذ لا يعدّ طلب المساعدة هنا ضعفاً، بل يثبت نضجاً مهنيّاً ووعياً بأهمّيّة بيئة العمل الصّحّيّة. [2]

أثر إدارة العلاقات الصعبة على الأداء المهني

حين ينجح الفرد في التّعامل مع العلاقات المتوتّرة، ينعكس ذٰلك مباشرةً على أدائه وإنتاجيّته. لأن التّوتّر الّذي كان يستنزف طاقته يتحوّل إلى تركيزٍ يمنح قدرةً على إنجاز مهامّه بكفاءةٍ أعلى. كما يعزّز النّجاح في إدارة العلاقات الصّعبة ثقته بنفسه ويجعله أكثر قدرةً على بناء شبكةٍ مهنيّةٍ قويّةٍ تدعم مسيرته المستقبليّة. وفي المقابل، تستفيد المؤسّسة من بيئة عملٍ متوازنةٍ تقلّ فيها النّزاعات وتزداد فيها فرص الابتكار. وبالتّالي، يصبح الاهتمام بهٰذه المهارة استثماراً يعود بالنّفع على الفرد والمؤسّسة على حدٍّ سواءٍ.

الخاتمة

لا يعتمد النّجاح المهنيّ فقط على الكفاءات الفنّيّة، بل يقوم أيضاً على القدرة على بناء علاقاتٍ متوازنةٍ في بيئة العمل. ولأنّ الخلافات جزءٌ لا يتجزّأ من التّفاعل البشريّ، يبقى إتقان إدارة العلاقات الصّعبة ضرورةً لا خياراً. ومن خلال التّواصل الواضح، وضبط الانفعالات، وتبنّي عقليّة التّعاون، ورسم الحدود، وطلب الدّعم عند الحاجة، يستطيع الفرد أن يحوّل التّوتّر إلى تركيزٍ. وهكذا تتحوّل بيئة العمل، الّتي قد تبدو مثقلةً بالتّحدّيات، إلى ساحةٍ للتّطوّر الشّخصيّ والمهنيّ على حدٍّ سواءٍ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما المهارات الشخصية التي تساعد على إدارة العلاقات الصعبة في العمل؟
    تساعد المهارات الشّخصيّة مثل الذّكاء العاطفيّ، والمرونة، والإصغاء الفعّال، والقدرة على التّفاوض في تحسين العلاقات الصّعبة؛ فهذه المهارات تجعل الفرد أكثر وعياً بمشاعر الآخرين وتمكّنه من إيجاد حلولٍ وسطٍ تحافظ على استقرار بيئة العمل.
  2. ما دور التكنولوجيا في دعم إدارة العلاقات الصعبة في بيئة العمل الحديثة؟
    تلعب التكنولوجيا دوراً مهماً من خلال أدوات التّواصل الفوريّ، والمنصّات التّعاونيّة، وبرامج إدارة المشاريع الّتي تقلّل من سوء الفهم. كما تتيح الاجتماعات الافتراضيّة والرسائل الموثقة مساحةً أوضح لحلّ النّزاعات بطريقةٍ منظّمةٍ واحترافيّةٍ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: