كيف يستخدم مؤسّس FC Mother كرة القدم لمعالجة أزمة صحة الأمهات؟
يحوّل مراد فريد الملاعب إلى مساحاتٍ تجمع الأمهات والمجتمع مع كرة القدم لتعزيز المشاركة والارتباط العائليّ عالميّاً
 
 هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.
في 11 يوليو 2025، عشيّة أوّل نهائي لكأس العالم للأندية لكرة القدم بين تشيلسي وباريس سان جيرمان، اجتمع مجموعةٌ من خبراء صحّة الأمّهات، وروّاد الأعمال، والعلماء، والمستثمرين، ولاعبي كرة القدم في مساحةٍ حديثةٍ للفعاليّات في قلب حي تشيلسي بنيويورك. وقد صُمّم الحدث كاحتفالٍ بالأمّهات، وتضمّن جلساتٍ حواريّةً حول الأمومة، وعلوم صحّة الأمّهات، والرّياضة، بمشاركة متحدّثين مثل "ديبي فيلبس" (Debbie Phelps)، والدة السّباح الأولمبيّ "مايكل فيلبس" (Michael Phelps)، و"جيني جوزيف" (Jennie Joseph)، الّتي أُدرجت ضمن قائمة "نساء العام" لمجلة "تايم" (Time) لعملها كقابلةٍ.
وكان منظّّم التّجمّع شركة "إف سي ماذر"، المقيمة في نيويورك، والّتي تهدف إلى تحويل أندية كرة القدم حول العالم إلى مراكز لصحّة الأمّهات. وعندما خاطب مؤسّسها ومديرها التّنفيذيّ، مراد فريد، الحضور، تحدّث بعفويةٍ قائلاً: "كنت أقول لشخصٍ ما للتوّ إنّ موضوع صحّة الأمّهات يُحلّل بشكلٍ مفرطٍ فكريّاً، إذ يظنّ النّاس أنّه مسألةٌ صحيّةٌ، أو علميّةٌ، أو مجرّد قضيّة شعورٍ طيبٍ. لكنّه في جوهره يتعلّق بالحبّ غير المشروط".
يتمتّع مراد فريد رائد أعمالٍ فلسطينيٌّ-أمريكيٌّ بخلفيّةٍ غنيّةٍ ومتنوّعةٍ؛ فقد عمل سابقاً كمصرفيٍّ استثماريٍّ في "وول ستريت" (Wall Street)، لكنّه غادر منصبه في سن الثّالثة والعشرين لينضمّ إلى المنتخب الوطنيّ الفلسطينيّ لكرة القدم في محاولتهم الفاشلة للتّأهل إلى كأس العالم 2006 في ألمانيا. وفي عام 2007، شارك في تأسيس شركة "ديلوس" (Delos)، التي كانت سبّاقةً في مفهوم "المباني الصّحيّة" وأصبحت اليوم شركةً ملياريّةً، مع عملاء بينهم "جي بي مورغان" (JP Morgan)، و"مايكروسوفت" (Microsoft)، و"أمازون" (Amazon)، و"غولدمان ساكس" (Goldman Sachs)، و"آبل" (Apple). وقد نال فريد جوائز ابتكارٍ عالميّةً، وتعاون مع شخصيّاتٍ بارزةٍ مثل "ويل.آي.أم" (Will.i.am)، و"ليوناردو دي كابريو" (Leonardo DiCaprio)، و"بيل كلينتون" (Bill Clinton).
على مدى العقد الماضي، كانت أزمة صحّة الأمهات محور اهتمامه الأوحد؛ فهذا الوباء يؤدّي، في الولايات المتّحدة وحدها، إلى وفاة أكثر من سبعة آلاف امرأة سنويّاً نتيجة مضاعفات الحمل والولادة، ويُعتبر ثلثا هذه الوفيّات قابلةً للوقاية. كما تُعدّ حالات الحمل غير الصّحيّة السّبب الأكبر للأمراض المزمنة، حيث ربطت العديد من الدّراسات بينها وبين حالاتٍ مثل السرطان، وأمراض القلب والأوعية الدّمويّة، واضطرابات الصّحّة النّفسيّة في مراحل لاحقةٍ من الحياة.
أطلق مراد فريد شركة "إف سي ماذر" في 2023، بهدف معالجة أزمة صحّة الأمّهات من خلال ما تصفه منصّتها الإلكترونيّة بـ"إعادة تصوّر أندية كرة القدم كآليّاتٍ للصّحة العامّة لثورةٍ في مجال صحّة الأمهات". ومن خلال حملةٍ بعنوان أمّهات كرة القدم، تدعو الشّركة الأمّهات إلى مشاركة قصصهنّ ضمن ما تسمّيه مكتبة كأس العالم للشّفاء، والّتي تهدف إلى أن تصبح أكبر أرشيفٍ على الإطلاق للحكمة والتّدخلات العلاجيّة المتعلّقة بالأمّهات، بمشاركة لاعبين بارزين وذويهم من الأمّهات في تطويرها.
وبالإضافة إلى الحصول على دعم منظّماتٍ رياضيّةٍ مثل مؤسّسة "بيليه" (Pelé Foundation) و"قمّة كرة القدم العالميّة" (World Football Summit)، عقدت إف سي ماذر شراكةً مع "شبكة أطباء الرّياضة" (Sports Doctor Network). وهي شبكةٌ عالميّةٌ تضمّ الأطباء الرّئيسيّين لأكبر الأندية في العالم، بما في ذلك ريال مدريد، وإيه سي ميلان، ومانشستر يونايتد، وأرسنال. وسيتم التّرويج لشركة "إف سي ماذر" ضمن قواعد جماهير كلٍّ من هذه الأندية، وستتاح للأمّهات في كلّ مجتمع كرة قدمٍ إمكانيّة الوصول إلى تطبيقها لتلقّي الدّعم خلال رحلات الحمل.
ويشير فريد إلى أنّ "إف سي ماذر" تبتكر فئةً جديدةً أطلق عليها اسم الرياضة العلاجيّة (h-sports)، الّتي تدمج الصّحّة والعافية مع الرّياضة لمعالجة أكبر قضايا الصّحّة العامة. ويضيف فريد: "صحّة الأمّهات هي أهمّ قضيّةٍ أعرفها في العالم، وهي قابلةٌ للإصلاح بشكلٍ كبيرٍ.
كانت المحاولة الأولى لمراد فريد لمعالجة هذه الأزمة في 2015 من خلال مبادرة "سكوير رووتس" (Square Roots)، الّتي استهدفت حالات الحمل عالية المخاطر والأمّهات اللّواتي يفتقرن إلى الرّعاية الصّحيّة. افتتحت "سكوير روتس" مراكز رعايةٍ للأمّهات في مجتمعاتٍ مهمّشةٍ، وأطلقت مشاريع بحثيّةً بالتّعاون مع جهاتٍ مثل "مختبرات أريادن" (Ariadne Labs) في بوسطن. ومع ذلك، باءت معظم هذه المشاريع بالفشل.
وبعد هذا الإخفاق، جمع فريد فريقاً مكوّناً من 12 خبيراً من كلية هارفارد للطّب، وناسا، وجامعة ستانفورد، ومعهد قياس الصّحة والتّقيّيم (Institute for Health Metrics and Evaluation) لدراسة الأسباب الجوهريّة وراء الحمل غير الصّحيّ. وكانت النّتائج، الّتي نُشرت في ورقةٍ بيضاء عام 2019، محوريّةً؛ فقد تبيّن أنّ 20% فقط من مضاعفات الحمل والوفيّات المرتبطة به تعزى إلى جودة الرّعاية الطّبيّة، بينما كان الـ 80% المتبقيّة ناتجةً عن محدّداتٍ اجتماعيّةٍ للصّحّة، مثل البيئات السامة أو العزلة الاجتماعيّة. كما أظهرت البيانات أيضاً أنّ 70 % من الأمّهات يعانين من التّوتر المزمن خلال الحمل، وأنّ 60% منهنّ لم يكنّ مستعدّات ٍللحمل أو الولادة.
قال مراد: "يجب أن يكون الحمل تجربةً صحيّةً اجتماعيّةً وتعاونيّةً بكلّ معنى الكلمة". وأضاف:"لا ينبغي لأيّ أمّ أن تمرّ بفترة الحمل وحيدةً ودون دعمٍ، ومع ذلك نرى ذلك يحدث باستمرارٍ. لهذا السّبب، فشلت الجهود التّقليديّة في صحّة الأمّهات، الّتي ارتكزت على المستشفيات وأجنحة الولادة، فقج كنا نبحث - مراراً وتكراراً- عن الحلول في المكان الخطأ."
وإذا كانت العيادات والمستشفيات المكان الخطأ لإعادة صياغة رعاية الأمهات، فقد بقي السّؤال: أين يكمن المكان الصّحيح؟ جاءت لحظة الإدراك بشكلٍ مفاجئٍ في ديسمبر 2022، حين شاهد فريد منتخب المغرب لكرة القدم يتغلّب على المرشّحين المفضّلين، البرتغال، في ربع نهائي كأس العالم في قطر. إذ قال مراد شارحاً: "بعد فوزهم، أحضروا أمّهاتهم إلى أرض الملعب وبدأوا بالرّقص". وأضاف: "لا أزال أشعر بالقشعريرة عند التّفكير في تلك اللّحظة. كانت لحظةً طبيعيّةً جدّاً، تقطع كلّ الوسطاء، وكلّ التّفسيرات، وكلّ الكلام."
كانت الإجابة بالنّسبة إليه جليّةً. لذلك، حين أسّس "إف سي ماذر"، أدرك فريد أنّ مواجهة أزمةٍ تتجذّر في العزلة الاجتماعيّة تستدعي توظيف أعظم ظاهرةٍ اجتماعيّةٍ عرفها العالم: كرة القدم. فبهذا الشّغف الكونيّ الّذي يفوق في انتشاره الأديان، ويجمع أكثر من 5 مليارات مشجّعٍ وما يزيد على 4500 نادٍ حول العالم، قرّر أن يوحّد هذا المجتمع العالميّ العريض في مهمّةٍ نبيلةٍ: دعم الأمّهات.
على مدار الأشهر السّبعة الماضية، نفّذت "إف سي ماذر" أوّل تجربةٍ لها في الولايات المتّحدة، شملت أكثر من 210 امرأةً حاملاً في مدن أورلاندو ولوس أنجلوس ونيويورك وسان دييغو. وفي البرازيل، أطلقت الشّركة تجربةً أوسع ضمّت 12 مدينةً، تحت قيادة الدكتورة " هيلويسا ليشا" (Heloísa Lisha)، أبرز قابلةٍ في البلاد والفائزة بجائزة أبطال حقوق الإنسان في الولادة لعام 2019.
أقام فريقها عياداتٍ داخل مراكز تدريب أندية كرة القدم مثل فلامينغو في ريو دي جانيرو، حيث التقت الأمّهات الحوامل وعائلاتهنّ عدّة مراتٍ شهريّاً وشاركوا فيما أطلقوا عليه "دوائر الشفاء"، فرصة لمشاركة قصص الأمومة وطلب النّصائح من الأمّهات الأخريات والقابلات الحاضرات. وأوضحت الدكتورة ليشا: "غالباً ما تكون الأمّهات معزولاتٍ خلال الحمل. لذا، فإنّ سماع ما مرّت به أخرياتٌ ليس مجرّد تجربةٍ تعليميّةٍ، بل شكل من أشكال التّواصل الحقيقيّ". وأضافت: "حين استمعت إحدى النّساء من مجموعتنا من الحوامل إلى قصّة أمٍّ أخرى فقدت حملها مرتين وأنجبت لاحقاً طفلين، قالت إنّها شعرت بالرّاحة والشّجاعة والارتباط. أحياناً، مجرّد معرفة أنّك لست وحدك يمثّل بداية عمليًة شفاءٍ مهمّة".
كجزءٍ من البرنامج، مُنحت كلّ مشاركةٍ أيضاً إمكانيّة الوصول إلى النّسخة التّجريبيّة من تطبيق "إف سي ماذر"، الّذي يضمّ مكتبةً غنيّةً بالفيديوهات التّعليميّة، بالإضافة إلى ميّزة "اسأل الأمّهات أيّ شيءٍ"، حيث تستطيع الأمّهات الحوامل طلب النّصائح من الأمّهات الأكثر خبرةً عبر الدّردشة. كما يتيح التّطبيق الانضمام إلى شبكةٍ اجتماعيّةٍ تضمّ ليس فقط الأمّهات في المجتمع، بل أيضاً العائلة والجيران والأصدقاء، إلى جانب العاملين في الرّعاية المحيطة بالولادة، مثل القابلات والمساعدات والعاملين الصّحيّين في المجتمع.
ويعمل التّطبيق وفق خوارزميّة ذكاءٍ اصطناعيٍّ تُعرف باسم "كوتش" (Coach)، طُوّرت بالاستناد إلى مكتبة "إف سي ماذر" المتنامية من تجارب الأمّهات وقصصهنّ، وإلى المعايير العالميّة للصّحّة العامّة المعتمدة في كلية "هارفارد  تي. إتش. تشان للصّحة العامّة" (Harvard T.H. Chan School of Public Health) في بوسطن، إضافةً إلى بروتوكولات الرّعاية الّتي ابتكرتها الدكتورة هيلويسا ليشا والدكتورة جيني جوزيف، اللّتان تولّتا قيادة برامج "إف سي ماذر" في الولايات المتّحدة.
 تنظّم الخوارزميّة المهامّ اليوميّة لأفراد المجتمع المحيط بالأمّهات الحوامل، وتُصمَّم لتلبية احتياجاتهنّ العمليّة مثل تأمين المواصلات إلى العيادات، أو المساعدة في شراء المستلزمات الغذائيّة، أو المساهمة في تمويل حاجات الطّفل الأساسيّة. وإلى جانب دورها في دعم حملٍ صحيّ للأمّهات، تمنح هذه المشاركة المجتمعيّة مكافآتٍ رمزيّةً للمساهمين، تشمل تذاكر مباريات كرة القدم، ومعدّاتٍ موقّعةً، وتجارب حصريّةٍ خلف كواليس الأندية.
حتّى الآن، أسفرت النّتائج عن أثرٍ مذهلٍ. وفق "إف سي ماذر"، شعرت 96% من الأمّهات بانخفاض التّوتر والقلق المرتبط بالحمل، وأكّد 58% شعورهنّ بانخفاض العزلة، فيما أشار 60% إلى شعورهنّ الآن باستعدادٍ أكبر لمواجهة الأمومة؛ فقد قالت جيني: "عملت قابلةً في الولايات المتّحدة منذ عام 1989، وخلال كلّ تلك السّنوات أدركتُ أنّ أصعب ما نواجهه ليس فقط ضيق الموارد أو نقص التّمويل، بل النّضال المستمرّ من أجل الاعتراف بقيمة عملنا ودوره في إنقاذ الأرواح. لذلك، حين رأيت كيف توظّف "إف سي ماذر" كرة القدم لتوحيد المجتمعات ودعم العائلات، شعرت أنّ شيئاً استثنائيّاً يحدث. فكرة القدم ليست مجرّد لعبةٍ، بل لغة تجمع النّاس حول هدفٍ واحدٍ. وهنا تكمن فرحة "إف سي ماذر" الحقيقيّة: أنّنا ابتكرنا وسيلةً يربح فيها الجميع."
وبينما تبدو هذه الأرقام مذهلةً بذاتها، تقيس "إف سي ماذر" نجاحها عبر معيارٍ مختلفٍ، يُعرف بسنة الحياة المعدّلة بالجودة، أو ببساطةٍ سنة الحياة. إذ تمثّل سنة الحياة سنةً واحدةً تُعاش بصحّةٍ كاملةٍ، ويُقاس هذا المعيار عبر استبيانٍ مكوَّنٍ من 36 سؤالاً حول جوانب متعدّدةٍ للصّحّة، بما في ذلك الرّفاهيّة النّفسيّة، والدّعم الاجتماعيّ، والأعراض الجسديّة، تُجيب عليه المشاركات شهريّاً. كما أوضح مراد: "هذا هو المعيار الذّهبيّ لقياس جودة الحياة؛ فمن خلال تتبّع تأثير التّدخّلات المختلفة على النّتائج شهريّاً، سنتمكّن من إنشاء أكبر قاعدة بياناتٍ على الإطلاق حول صحّة الأمّهات. وفي النّهاية، سيصبح الذّكاء الاصطناعيّ لشركة "إف سي ماذر" الأداة الصّحيّة الأقوى لتعزيز رفاهيّة الأمّهات ودعم عمليّة شفائهنّ".
في الفعاليّة الّتي أُقيمت في نيويورك خلال يوليو، أعلن مراد أنّ التّجربة الّتي أجرتها "إف سي ماذر" في البرازيل أسفرت عن 38 سنة حياةٍ، ما يعني أنّ الأمّهات المشاركات اكتسبن في 3 أشهرٍ فقط ما يعادل 6 أشهرٍ من الحياة الصّحيّة في المتوسّط. وعند تطبيق البرنامج بالكامل، ستشارك الأمّهات في برامج "إف سي ماذر" الممتدّة لمدّةٍ لا تقلّ عن 1,000 يومٍ، لتغطّي الفترة الحرجة بين الحمل وأوّل سنتين من عمر الطّفل. وتقدّر الشّركة أنّ هذه البرامج ستضيف نحو 10 سنوات حياةٍ لكلّ أمّ وطفلٍ.
بالنّسبة لفريد، تُعدّ سنوات الحياة أكثر من مجرّد مقياسٍ للصّحة؛ فهي تمثّل قيمة للشّفاء وتجيب عن السّؤال العميق: ما تكلفة الحياة الصّحيّة؟ لتوضيح ذلك، يقدّم بعض المقارنات: بحسب وزارة الصّحة والخدمات الإنسانيّّة الأمريكيّة، تُقدّر قيمة سنة الحياة بـ140,000 دولارٍ أمريكيٍّ، نظراً لتقليل تكاليف الرّعاية الصّحيّة، والفوائد المجتمعيّة، وزيادة الإنتاجيّة. وفي الولايات المتّحدة، يكلّف توليد سنة حياة من خلال التّّدخّلات الصّحيّة التّقليديّة وحدها 83,000 دولار. أمّا النّهج الوقائيّ الّذي تتبّعه "إف سي ماذر"، فيوفّر هذه السّنة مقابل 311 دولاراً فقط.
هذا، إذن، هو الحساب الماليّ الّذي يستخدمه مراد لجذب المستثمرين نحو قضيّة الصّحّة الأموميّة. يقول "عُمّاني كارسن" (Omani Carson)، مؤسّس شركة "مجموعة كارسون" (Carson Group) للاستشارات الماليّة في أوماها: "عندما شرح لي مراد لأوّل مرّةٍ مفهوم سنوات الحياة والتّكلفة المرتبطة بها، شعرت بدهشةٍ عميقةٍ. لقد عملت في مجال رأس المال الاستثماريّ المؤثّر لعقودٍ، وقد كان التّحدّي الدّائم يكمن في اختيار المشاريع المناسبة للاستثمار، لأنّ معظمها يفتقر إلى نتائج واضحةٍ أو مقاييس دقيقةٍ؛ فهناك مئات المليارات من صناديق التّأثير راكدةً في الحسابات المصرفيّة دون استخدامٍ. ولكن مع سنوات الحياة، نجحت "إف سي ماذر" في ابتكار قيمةٍ تربط الأموال بنتائج صحيّةٍ حقيقيّةٍ. ومع حجم كأس العالم، يمكن إطلاق ملياراتٍ من الموارد لصالح الأمّهات".
وبناءً على ذلك، أبرمت "مجموعة كارسون" شراكةً استراتيجيةً بين ذراعها الاستثماريّ "أوميا" (Omya) و"إف سي ماذر" لتمويل برامج الأخيرة بمبلغ مليون دولارٍ، ما يعادل 3,200 سنة حياةٍ كاملة الصّحّة للأمّهات وأطفالهنّ. وقد شكّلت هذه الشّراكة أيضاً الانطلاقة الرّّسميّة لما أطلقت عليه "إف سي ماذر" اسم «كأس العالم للشفاء»، مبادرةٌ عالميّةٌ تُنفَّذ برامجها في المدن المستضيفة لبطولة كأس العالم 2026 مثل مونتيري، ودالاس، ونيويورك، ومن المتوقّع أن تُولّد أكثر من 32,000 سنة حياةٍ.
ويختتم فريد قائلاً: "هذه الشراكة ليست صفقةً ماليةً فحسب، بل فجر اقتصادٍ جديد تُقاس فيه القيمة بالسعادة والصحة. لقد مُوِّلت أولى سنوات الحياة، وبدأت الأمهات الأوائل في الازدهار، والمباراة لم تنطلق سوى الآن".
في الواقع، تتضمّن خارطة طريق "إف سي ماذر" خلال العقد القادم شراكاتٍ مماثلةٍ لكلّ نسخ كأس العالم، وصولاً إلى نسخة 2034 المقرّرة في السعودية. ويقول مراد: "بحلول ذلك الوقت، نتوقّع الوصول إلى 400 نادٍ حول العالم، بما في ذلك منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن خلال جماهيرهم، نقدّر أن يكون لدينا نحو 13 مليون أمٍّ ضمن شبكة "إف سي ماذر"، أي ما يقارب 10% من الأمّهات الجدد سنويّاً على كوكب الأرض. وعبر كرة القدم، سنسهم في تحقيق أكبر مكاسب صحيّةٍ عامّةٍ على الإطلاق في مجال شفاء الأمّهات".
أمّا عن الدّافع الّذي يقف خلف رسالة مراد، فهو نابعٌ من أعماق قلبه؛ فيقول: "أدين بكلّ ما أنا عليه لوالدتي، وسام. وهذه مبادرتي المتواضعة لأعبّر عن امتناني لكلّ أمٍّ في هذا العالم."
 
 