Black Hat MEA يجمع قيادات الأمن السيبراني في الرياض
حين تتقاطع رؤى القادة والخبراء في قلب الرياض، تتقدّم منظومة الأمن السيبراني بخطىً واثقةٍ نحو مستقبلٍ أكثر متانةً، مدفوعة بقرارات استراتيجيّة تعزّز جاهزيّة المؤسّسات ضد التّهديدات المتصاعدة
يجتمع كبار صُنّاع القرار في مشهد الأمن السيبراني العالمي في المملكة العربية السعودية خلال النسخة الرابعة من مؤتمر "بلاك هات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقي" (Black Hat MEA)، الذي يُقام بين 2 و4 ديسمبر 2025 في الرياض. ومن بين أكثر الأصوات المنتظرة على المنصة يبرز تيموثي لي (Timothy Lee)، رئيس أمن المعلومات (CISO) في مدينة لوس أنجلوس.
وقد اختير لي مؤخّراً ضمن قائمة أفضل عشرة رؤساء أمن معلومات في مدينة لوس أنجلوس ومقاطعتها. ويُوضح لنا أنّه، ضمن منصبه في مدينة لوس أنجلوس، يشرف على واحد من أضخم وأكثر الأنظمة البلدية تعقيداً في الولايات المتحدة، متولّياً إدارة الاستراتيجية السيبرانية للمدينة وعملياتها، إضافةً إلى استخبارات التهديدات، والاستجابة للحوادث، وإدارة المخاطر عبر أكثر من 48 دائرة خدمية وقطاعاً حيوياً.
وعلى امتداد مسيرته المهنية، كرّس لي جهوده لتعزيز الدفاعات التشغيلية، وتطوير أساليب تعاونية قابلة للتوسع في الأمن السيبراني. ويُشير إلى مبادرة مبكرة قادها لردم الفجوة بين القطاعين العام والخاص؛ إذ يقول: "أسستُ مختبر الأمن السيبراني لوس أنجلوس LA Cyber Lab، وهو أول شراكة فيدرالية محلية من نوعها بين الحكومة والقطاع الخاص في الولايات المتحدة. وكانت مهمته تعزيز مرونة المجتمع السيبرانية من خلال تمكين مشاركة استخبارات التهديدات والتعاون التشغيلي بين الهيئات الحكومية والشركات والجامعات. وقد أصبح هذا النموذج لاحقاً مرجعاً وطنيّاً لآليات التصدي الجماعي للتهديدات السيبرانية في المدن الكبرى".
ورغم تزايد الوعي بأهمية الأمن السيبراني، يشدّد لي على أنّ العديد من المفاهيم المغلوطة لا تزال قائمة. أولها الاعتقاد بأن الأمن السيبراني قضية تقنية بحتة، فيما الواقع أنه سلوك بشري وثقافة مؤسسية لا يقلّ تأثيرهما عن التقنية نفسها. كما يشير إلى أنّ كثرة الأدوات لا تعني حماية أفضل؛ فكثير من المؤسسات تعتمد عددًا كبيراً من الأنظمة المتفرقة، بينما حاجتها الحقيقية تكمن في الدمج، والرؤية الشاملة، وتقليل الضوضاء الرقمية. ويضيف أنّ الأمن السيبراني لم يعد مسؤولية رؤساء أمن المعلومات وحدهم، بل يتطلّب اليوم مشاركة مؤسسية شاملة — من التنفيذيين وحتى الموظفين في الصفوف الأمامية.
ويُبيّن لي أنّ التوجّهات التي تُعيد تشكيل مشهد الأمن السيبراني عالمياً تُجبر المؤسسات على إعادة التفكير في المرونة والاستجابة للحوادث وأولويات الاستثمار. فعلى سبيل المثال، يُغيّر الذكاء الاصطناعي الطبيعة الإجمالية للتهديدات، إذ يستخدم الخصوم تقنيات التوليد الذكي لتسريع الاستطلاع وتحسين دقة هجمات التصيّد وتطوير البرمجيات الخبيثة بوتيرة أسرع، ما يرفع مستوى التعقيد والسرعة في الهجمات. كما يسجّل توسّع مساحات الهجوم مع تزايد الترابط بين تقنيات المعلومات IT، والتقنيات التشغيلية OT، وإنترنت الأشياء IoT، والحوسبة السحابية، خصوصًا عبر البنى التحتية الحيوية والخدمات العامة والمؤسسات الخاصة.
ويُضيف أن الهوية الرقمية أصبحت محوراً رئيسياً للهجمات؛ فمعظم الاختراقات تنشأ من بيانات اعتماد مخترقة أو من هندسة اجتماعية، ما يجعل الأمن القائم على الهوية والتحقّق المستمر من أهم ركائز الدفاع. ويُشير أيضاً إلى مشكلة “تضخّم الأدوات” وما ينتج عنها من إرهاق للمحلّلين، إذ تتعامل المؤسسات غالباً مع منظومات متنافرة تدفعها نحو الحاجة إلى التوحيد، والأتمتة، والكشف والاستجابة الموحّدة. ويؤكد قائلاً: "معظم المؤسسات تمتلك بالفعل أدوات أكثر من اللازم، وما تحتاجه فعليّاً هو الدمج وتقليل التشويش".
كما يُشدّد لي كذلك على ضرورة مراعاة العوامل البشرية عند تقييم المخاطر الحديثة، مضيفاً: "لا يمكن للتقنية وحدها حلّ تحديات اليوم؛ فالسلوك البشري، واتخاذ القرار، وثقافة الأمن السيبراني تبقى عناصر حاسمة في مخرجات الأمن".
وانطلاقاً من ذلك، يرى لي أنّ مستقبل الابتكار في القطاع سيعتمد على النماذج المتمحورة حول الإنسان، والاكتشاف والاستجابة المدعومَيْن بالذكاء الاصطناعي، وأمن الأولويات الدقيقة عالية التأثير، وربط مخاطر الهوية، وأطر الدفاع السيبراني المُصمّمة للبيئات الواسعة عالية الترابط. ويصرّح: "المستقبل يكمن في تبسيط الأمن، وتحسين الدقة، وتمكين الأفراد من اتخاذ القرار بناءً على سياق واضح ومباشر".
كما سيتناول لي هذه المحاور في مؤتمر بلاك هات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال ثلاث جلسات حوارية تسلّط الضوء على مختلف جوانب القيادة السيبرانية الحديثة. ففي 2 ديسمبر، يشارك في جلسة بعنوان “أمن البنى التحتية الحيوية في الأوقات المتقلّبة”، والتي تجمع رؤساء أمن معلومات عالميين لمناقشة تحديات تهديدات الدول، وهشاشة الأنظمة الصناعية والتقنيات التشغيلية، ومخاطر سلاسل التوريد، والمرونة في ظل الضغوط التشغيلية والجيوسياسية.
وفي 3 ديسمبر، يشارك في حلقة نقاش تنفيذية بعنوان “حديث المخاطر غير التقنية: حوارات قاعة الاجتماعات”، التي تتناول كيفية تحويل الأمن السيبراني إلى لغة المخاطر المؤسسية، والتواصل الفعّال مع مجالس الإدارة لتعزيز الثقة وتأمين الاستثمارات.
وفي 4 ديسمبر، يُقدّم عرضًا تقنيًا بعنوان “الاستجابة للحوادث تحت الضغط: محاكاة لأزمة واقعية”، يستعرض خلاله محاكاة عملية مبنية على تجارب تشغيلية حقيقية، موضّحاً آليات اتخاذ القرار تحت الضغط، واستراتيجيات الاحتواء السريع، وكيفية الحفاظ على استمرارية الخدمات خلال الأزمات.
ويختتم لي بالقول: "هدفي عبر هذه الجلسات هو تقديم رؤى عملية مستندة إلى الخبرة التشغيلية الحقيقية. سواء كنتَ قائداً تنفيذيّاً أو متخصّصاً في الأمن أو ممارساً، ستجد في هذه النقاشات استراتيجيات واضحة وقابلة للتطبيق فوراً في بيئتك".
يمكن متابعة جلسات لي في النسخة المقبلة من مؤتمر بلاك هات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، أكبر تجمّع عالمي للمتخصصين في الأمن السيبراني، والذي يُقام بين 2 و4 ديسمبر 2025 في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم. ويمكن التسجيل لحضور الفعالية عبر الروابط المخصصة هنا.