موسم العطلات يعيد تشكيل التسوق الإلكتروني: كيف تفوز العلامات التجارية في الإمارات؟
حين يهيمن موسم العطلات على السّوق الرّقميّ في الإمارات، تتفوّق العلامات التّجاريّة من خلال الطّلب المتأخّر والإيفاء السّريع
تحوَّلت نافذة التسوّق في نهاية العام بدولة الإمارات من موسم شراءٍ تقليديٍّ محدود إلى واحدة من أكثر لحظات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت كثافةً بالفرص وحدّةً بالمنافسة على امتداد العام بأكمله؛ فما بدأ بوصفه فترة إهداء متواضعة تطوَّر سريعاً إلى اندفاعٍ رقميٍّ متسارعٍ ومتعدِّد الذُّرى، تقوده فعاليات التخفيضات الكبرى، وسلوك الإهداء لدى المقيمين الأجانب، وازدياد حركة السياحة، واعتمادٍ يُعَدّ من الأعلى عالميّاً على التسوّق عبر الإنترنت.
هذا العام، يُتوقَّع أن يكون اندفاع «كليك-ماس» (Click-Mas) أضخم من أيّ وقتٍ مضى؛ فقد أفادت «دبي للاقتصاد» (Dubai Economy) بأنّ التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات نمت بأكثر من 25% على أساسٍ سنويّ، مع تَصَدُّر شهر ديسمبر باستمرار قائمة أشهر الإنفاق الأعلى. وسجَّلت سوق «أمازون الإمارات» (Amazon UAE) ارتفاعاتٍ ملحوظة بين منتصف ديسمبر وأواخره، مدفوعةً بمشتريات الهدايا في اللحظات الأخيرة، وعمليات الشراء المرتبطة بالسفر، والطلب المتزايد على التسليم السريع.
والآن، تُسهم طبقةٌ جديدة من سلوك المستهلكين في تسريع هذه الديناميكية أكثر من أيّ وقتٍ مضى: صعود التجارة السريعة. وتُعيد منصّاتٌ مثل «نون مينتس» (Noon Minutes)، و«أمازون ناو» (Amazon Now)، و«كريم كويك» (Careem Quik)، و«طلبات» (Talabat) تشكيل توقّعات المتسوّقين نحو تسليمٍ فائق السرعة، غالباً في غضون 15 دقيقة، بحسب الموقع. بالنسبة للمشتري الاحتفاليّ الذي يتسوّق متأخّراً ويتوقّع إشباعاً فوريّاً، تتحوّل هذه الخدمات إلى محرّك تحويلٍ بالغ القوّة. العلامات التجاريّة التي تُخفق في الإدراج، والتخزين، والتحسين على هذه المنصّات تُجازف بفقدان موجةٍ جديدة كليًّا من الطلب المتأخّر عالي النيّة.
في سوقٍ يمتلك فيه المستهلكون خياراتٍ لا تنفد بين أيديهم، بات الفوز بالمشتري الاحتفاليّ مسألةَ استراتيجيةٍ، وظهورٍ، وجاهزيّةٍ شاملةٍ عبر منصّات البيع.
متسوّق العطلات في الإمارات: فئةٌ قائمةٌ بذاتها
تُعَدّ دولة الإمارات سوقاً فريدةً عالميّاً خلال موسم الأعياد، نظراً للتنوّع الاستثنائيّ في قاعدة عملائها. ومع اقتراب نسبة المقيمين الأجانب من 90% من السكّان، تمتدّ ثقافة الإهداء إلى ما يتجاوز حدود الدولة. يشتري الناس لعائلاتهم في الخارج، وللتجمّعات داخل الإمارات، ولأصدقاءٍ قادمين أو مغادرين خلال العطلات.
تُحدِّد ثلاثةُ اتجاهاتٍ سلوكيّةٍ واضحة ملامح متسوّق هذا الموسم:
1. يبحثون مبكّراً، ويشترون متأخّراً: ترتفع معدّلات البحث والاكتشاف منذ مطلع نوفمبر، غير أنّ التحويل يبلغ ذروته بصورةٍ ثابتة بين 15 و26 ديسمبر. تُصبح وعود التسليم وتوفّر المخزون العاملين الحاسمين، لا سيّما مع التأثير المتنامي للتجارة السريعة في الطلبات المتأخّرة والعاجلة.
2. يطلبون قيمةً تبدو مُنتقاة بعناية: تُظهر بيانات «يوغوف» (YouGov) أنّ متسوّقي الإمارات ينجذبون على نحوٍ متزايد إلى الحِزَم، والإصدارات المحدودة، ومجموعات الاكتشاف، والعروض المصاغة بعناية؛ لا إلى التخفيضات العميقة فحسب.
3. يثقون بالخوارزميات أكثر من الإعلانات: يُقرّ أكثر من ستّة من كلّ عشرة متسوّقين عبر الإنترنت في الإمارات بأنّ نتائج البحث داخل المنصّات وتقييمات العملاء تُشكّل قرارات الشراء لديهم. يتقدّم الظهور الخوارزميّ على التأثير العاطفيّ بزمنٍ طويل.
شاهد أيضاً: التجارة الإلكترونية تتوسع… هل انتهى عصر المتاجر؟
ماذا تفعل العلامات الرابحة خلال الموسم الاحتفاليّ؟
موسماً بعد موسم، تتّبع العلامات التي تتصدّر المشهد دليلَ لعبٍ متشابهًا، تُشكِّله البيانات والأداء عبر منصّات البيع.
1. تفوز بالبحث قبل إتمام البيع: يتّسم الشراء الاحتفاليّ بالسرعة، وردّة الفعل، وغالبًا باللحظات الأخيرة. لا يُطيل المتسوّقون التصفّح. ينقرون ما يظهر أوّلاً. تدفع العناوين المحسّنة، والكلمات المفتاحيّة عالية النيّة، والتصوير الواضح، وصفحات تفاصيل المنتج القويّة المنتجاتِ إلى أعلى الترتيب في ذروة المنافسة.
2. تحافظ على التوفّر مهما كان الثمن: خلال عطلات الأعياد، يُعَدّ التوفّر كلّ شيء. تتجنّب العلامات التي تتنبّأ بدقّة، وتراقب وحدات حفظ المخزون (SKUs) سريعة الحركة، وتُعيد التزويد بجرأة، إذ إنّ أكبرَ مخاطر الموسم: الاختفاء من منصّة التجارة الإلكترونية في لحظة ذروة الطلب، بما في ذلك منصّات التجارة السريعة حيث يدور المخزون بوتيرةٍ أعلى، ويتحدّد الظهور بدرجةٍ كبيرة وفق المواضع.
3. تحافظ على انضباط التسعير: تُصنَّف الإمارات ضمن أكثر الأسواق شفافيّةً سعريّاً في العالم، إذ يُقارن المتسوّقون بين المنصّات، بل وبين المناطق، وتتفوّق العلامات التي تحمي هيكل التسعير، وتتجنّب التخفيضات المفرطة، وتستخدم الحِزَم أو صيغ القيمة الموسميّة، دون الإضرار بالهوامش.
4. تبني الثقة قبل تدفّق الزيارات: يحمل شراء الهدايا بُعداً عاطفيّاً، ويتّكئ المتسوّقون بقوّة على الدليل الاجتماعيّ. وتُحقّق المنتجات ذات التقييمات القويّة، الحديثة، والمُوثَّقة معدّلات تحويلٍ أعلى بكثير خلال الاندفاع الاحتفاليّ. كما تبني العلامات عالية الأداء هذه الثقة قبل حلول ديسمبر بوقتٍ كافٍ.
5. تستثمر في الإعلان بدقّة: يُعَدّ الربع الأخير من العام بيئةً إعلاميّةً شديدة التنافسيّة، إذ تمتدّ الميزانيّات أبعد عندما تُوجَّه إلى وحدات حفظ المخزون المحوريّة والجماهير عالية النيّة. ويضمن المزاد الآنيّ والتحسين التكيّفيّ استمرار الظهور مع تصاعد المنافسة.
الاستعداد لاندفاع العطلات
تفكّر العلامات المتفوّقة خلال الموسم بما يتجاوز القوائم الإجرائيّة، إذ تتعامل مع الفترة الاحتفاليّة بوصفها منظومةً متكاملة، تتآزر فيها المحتويات، والمخزون، والتسعير، والمراجعات، والإعلان. حين تعمل هذه العناصر بتناغم، تبدو رحلة العميل سلسةً وسريعة. وحين تختلّ، تُنشئ الفجواتُ الصغيرة حالاتِ تسرّبٍ، وسلالاً متروكة، وخسارةً في الحصّة السوقيّة.
في الإمارات، تزداد أهميّة هذا الاتساق لأنّ السوق يتحرّك بسرعة، إذ يؤثّر سلوك السفر، وأنماط الطقس، والفعاليات العامّة، والاحتفالات الإقليميّة في الطلب بين ليلةٍ وضحاها. ويُضيف صعود التجارة السريعة تعقيدًا إضافيًّا، إذ يتعيّن على العلامات تنسيق المخزون ليس عبر المنصّات فحسب، بل عبر شبكات الإيفاء المصغّرة ذات التسليم السريع. العلامات التي تنجح هي التي تُجري تعديلاتٍ متواصلة على امتداد ديسمبر.
اتجاهات موسميّة في الإمارات جديرة بالمتابعة
بدأت هذا العام بالظهور أنماطٌ عدّة ينبغي على العلامات رصدها.
تظلّ فئات التجميل والعطور مهيمنةً في الإهداء، مع تفوّق المجموعات المُنتقاة على وحدات حفظ المخزون الفرديّة. ويُعلّي مشترو الإلكترونيات من شأن التسليم السريع والموثوق أكثر من أيّ وقتٍ مضى. كما تبلغ فئات الألعاب، والمنزل، ونمط الحياة ذروتها في وقتٍ لاحق من الشهر، مدفوعةً بالشراء في اللحظات الأخيرة ونشاط السياحة. وتواصل المنتجات الفاخرة تحقيق تحويلٍ جيّد عندما تُقرَن بالإيفاء السريع وتقييماتٍ قويّة.
تُعيد التجارة السريعة أيضاً تشكيل ديناميكيات الفئات، إذ تشهد فئات الأساسيات، والتجميل، والعناية الشخصيّة، والإلكترونيات الصغيرة ارتفاعاتٍ ملحوظة عبر قنوات 15 دقيقة، ولا سيّما في مناطق التسليم الكثيفة. بالنسبة لوحدات حفظ المخزون عالية الطلب، قد يُحدِّد التوفّر على هذه المنصّات الفارق بين الفوز وخسارة اندفاع نهاية الموسم.
الفرصة التي تتجاوز الموسم
يُشكّل موسم العطلات لحظةً لاجتذاب عملاء جدد، وتعزيز الظهور عبر المنصّات، والارتقاء بالمحتوى، وجمع بياناتٍ تُوجّه نموّ العام التالي. العلامات التي تفوز خلال الموسم الاحتفاليّ هي التي تُعِدّ مبكّرًا، وتُحسّن باستمرار، وتفهم الأنماط السلوكيّة التي تُعرِّف متسوّق الإمارات. وينتهي الموسم، غير أنّ الميزة المتولّدة عن إتقانه تدوم أطول بكثير.
عن الكاتب
ديفيد كوايف (David Quaife) هو المدير التنفيذيّ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «باترن» (Pattern)، المُسرِّع العالميّ الرائد في التجارة الإلكترونية.