متحدّثون بارزون يشكّلون مشهد الابتكار في Black Hat MEA
يتحدّث ماركوس مارّيرو من H.I.G. Capital عن دور الأمن السيبراني بوصفه مُمكّناً استراتيجيّاً للنمو، وكيف تعيد استراتيجيات الاستثمار تشكيل مشهد المخاطر
يجتمع صُنّاع المشهد العالميّ للأمن السيبراني في المملكة العربيّة السعوديّة خلال الدّورة الرّابعة من "بلاك هات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (Black Hat MEA)، المنعقدة من 2 إلى 4 ديسمبر 2025 في الرياض. وينضمّ إلى قائمة الخبراء المتحدّثين ماركوس مارّيرو، رئيس أمن المعلومات (CISO) في «إتش. آي. جي كابيتال» (H.I.G. Capital).
ويشغل ماركوس مارّيرو منصب رئيس أمن المعلومات في "إتش. آي. جي كابيتال"، وهي شركة عالميّة رائدة في الاستثمارات البديلة، تُدير أصولاً تتجاوز قيمتها US$70 مليار، وتعمل من مكاتب تمتدّ عبر أميركا الشمالية والجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
وينهض، في إطار تكليفه بحماية المنظومة الرقميّة العالميّة للشركة، بصون أصول المعلومات، وتعزيز القدرة التشغيليّة على التحمّل، وتمكين النمو الآمن في شركات محفظة الاستثمار. وكما يقول: "في "إتش. آي. جي."، لا يُعامَل الأمن السيبراني بوصفه خانة امتثال أو وظيفة تقنية، بل بوصفه مُمكّناً استراتيجيّاً للأعمال. وينطوي دوري على مواءمة الأمن السيبراني مع أهداف الاستثمار، والإشراف على أطر الحوكمة وإدارة المخاطر، وضمان مساهمة الأمن مباشرةً في خلق القيمة المؤسسيّة. وفي المحصّلة، أتحمّل مسؤوليّة صون ثقة المستثمرين في مشهد رقمي وجيوسياسي يزداد تعقيداً".
ويُشير ماركوس إلى أنّ «أحد أكثر المفاهيم الخاطئة رسوخاً» حول الأمن السيبراني كونه تحدّياً تقنيّاً، في حين أنّه في جوهره تخصّصٌ استراتيجي وثقافي. وكما يشرح، تؤدّي التكنولوجيا دوراً حاسماً، غير أنّ الصلابة الحقيقية تنبع من التزام القيادة ونضج الحوكمة ووعي المؤسّسة؛ فيقول: "ينجح الأمن السيبراني حين يصبح جزءاً من الحمض النووي للشركة، لا حين يُنظر إليه كقسم منفصل". ويضيف: "كما تشيع أيضاً فكرة خاطئة أخرى مفادها أنّ الامتثال يساوي الأمن. فالامتثال يمنح خطّاً أساسيّاً، غير أنّ الأمن الحقيقي يقتضي تكيفاً مستمرّاً مع مشهد التهديدات المتحوّل؛ فلا يعمل المهاجمون وفق دورات التدقيق، بل يستغلّون التراخي".
ويُفاقم هذا التراخي التهديدات التي تواجهها المؤسّسات اليوم، إذ تُغيّر تقاطعات الذّكاء الاصطناعي والأتمتة والتشابك الرقمي وجه الأمن السيبراني عالميّاً بوتيرة متسارعة. وكما يوضح: "دخلنا عصراً يستخدم فيه المهاجمون والمدافعون الذّكاء الاصطناعي على حدّ سواء؛ فجهات التهديد تستعين به لتوسيع الهندسة الاجتماعيّة، وأتمتة الهجمات، وتفادي الرصد، فيما يستخدمه المدافعون للتحليل التنبّئي، والاستخبارات التهديديّة، والاستجابة الذاتيّة للحوادث". ويضيف: "إنّ الجبهة المقبلة ستتمثّل في تأمين الذّكاء الاصطناعي نفسه، أي ضمان سلامة النماذج والبيانات وعمليات اتخاذ القرار. ومع تعمّق حضور الذّكاء الاصطناعي في عمليات الشركات، سيغدو تأمين هذه الأنظمة أمرًا حاسمًا بقدر تأمين الشبكات أو التطبيقات".
ولا يقتصر تصاعد التهديدات على الذّكاء الاصطناعي، إذ يشير ماركوس أيضاً إلى المخاطر التي يفرضها الاقتصاد المعتمد على الحوسبة السحابيّة، وما يُحدثه من توسّع في مساحة الهجوم عبر القطاعات. فيقول: "تستدعي سلاسل التوريد الرقميّة المعقّدة والأنظمة المترابطة اعتماد ذهنيّة انعدام الثقة، والتحقّق المستمر من الهويّات، والمراقبة الفوريّة لعلاقات الأطراف الثالثة. وفي قطاعات مثل الملكيّة الخاصة، حيث تتدفّق بيانات الصفقات والمعلومات الماليّة الحسّاسة على نحو دائم، بات الخطر السيبراني مرادفًا لخطر الأعمال، مؤثّرًا مباشرةً في التقييم وثقة السوق".
ومع تصاعد التهديدات، ترتفع وتيرة الابتكار والاستثمار في القطاع، ولا سيّما مع إدراك مجالس الإدارة حجم الخسائر الماليّة التي تُسبّبها الهجمات السيبرانيّة، الأمر الذي يفتح الباب أمام تطوير نماذج جديدة للأمن السيبراني. وكما يقول ماركوس : "تقع آفاق الابتكار الأكثر إثارة في تقاطع الذّكاء الاصطناعي والتحليلات السلوكيّة والحوسبة الكميّة. ونتّجه نحو نماذج دفاعيّة استخبارية وتنبّئية قادرة على كشف التهديدات وإبطالها قبل تبلورها". ويُشير أيضاً إلى "فرصة واسعة في مجال قياس المخاطر السيبرانيّة"، أي ترجمة الأداء الأمني إلى مؤشرات ماليّة تتيح لقادة الأعمال اتخاذ قرارات فاعلة. ويضيف: "ومع نضوج التخصّص، سنشهد دخول الأمن السيبراني بصورة أعمق إلى غرف مجالس الإدارة، مؤثّراً في قرارات الاستثمار، والتقييمات، والاستراتيجيات على أعلى المستويات".
وفي سياق تأمّله زيارته المرتقبة إلى «بلاك هات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في الرياض، يُبيّن ماركوس أنّ مشهد الأمن السيبراني في الشرق الأوسط، وخصوصاً في المملكة العربيّة السعوديّة، يتقدّم بوتيرة استثنائيّة، ما جعل المنطقة منتجةً للابتكار في الأمن السيبراني. وكما يقول: "أثمرت الاستثمارات الوطنيّة في البنية الرقميّة والصلابة السيبرانيّة، ضمن إطار "رؤية 2030"، منظومة يتحرّك فيها الابتكار والتنظيم وبناء القدرات جنباً إلى جنب. وقد انتقلت المنطقة من استهلاك تقنيات الأمن السيبراني إلى إنتاجها، مُصدّرةً أطراً "آمنة بالتصميم" للقطاع المالي، والمدن الذكيّة، والتحوّل الصناعي. وهذا التلازم بين العالمي والإقليمي يؤكّد حقيقة أوسع: الأمن السيبراني لم يعد ضرورة دفاعيّة، بل غدا مُمكّناً استراتيجيّاً للثقة والابتكار والنمو".
كما يُضيف أنّ المملكة، وهي تخوض تحوّلاً رقميّاً بقدر لا يكاد نظيره يُرى في أي مكان آخر، تُعزّز دفاعاتها من خلال تعرّضها لمجموعة واسعة من التهديدات القادمة من الشرق والغرب. وكما يشرح: "تبني المملكة، ضمن "رؤية 2030"، بنية رقميّة متقدّمة، وأطراً تنظيميّة، وقوى عاملة ماهرة تضاهي أرفع الاقتصادات تقدّماً. وما يميّز السعوديّة هو الانسجام بين الرؤية والاستثمار والتنفيذ. فقد أرست الحكومة سياسات سيبرانيّة استشرافيّة، وتعتمد المؤسّسات الخاصّة تقنيات متقدّمة بسرعة، فيما يُنتج القطاع الأكاديمي الجيل المقبل من مواهب الأمن السيبراني. وينبثق عن ذلك بيئة ابتكار عالية الوتيرة تتحوّل فيها الأفكار من المفهوم إلى التطبيق بسرعة تفوق كثيراً من الأسواق الناضجة. وفوق ذلك، تمنحها مكانتها الاستراتيجيّة -جسراً بين الشرق والغرب- تعرضاً فريداً لمشاهد تهديد متنوّعة وفرص تعاون عالمي. ويُحوِّل هذا التلاقي بين الحجم والطموح والقدرة المملكة إلى واحدة من أكثر بيئات الابتكار السيبراني حيويّةً في العالم".
وفي «بلاك هات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، يُلقي مارّيرو كلمة تتناول تقاطع الملكيّة الخاصة مع الأمن السيبراني، مع التركيز على تطوّر استراتيجيات الاستثمار استجابةً لارتفاع المخاطر السيبرانيّة، وكيف تستطيع الشركات توظيف الأمن بوصفه عامل تميّز تنافسي. ويقول: "تستكشف جلستي الأطر العمليّة لإدماج الأمن السيبراني في كلّ مراحل دورة الاستثمار: من الفحص النافي للجهالة والاستحواذ إلى إدارة المحفظة والخروج. ويرتكز الطرح على بناء صلابة تشغيليّة داخل عمليّة خلق القيمة المؤسسيّة، مُظهرًا كيف يؤثّر البرنامج الأمني المحكوم جيدًا مباشرةً في التقييم والموقف التنظيمي وثقة المستثمرين". ويُضيف: "يكتسب الحضور منظوراً حول الكيفيّة التي تعيد بها شركات الاستثمار الرائدة تعريف الحوكمة السيبرانيّة، وقياس الأداء الأمني، وتسخير الاستخبارات الأمنيّة لدعم نتائج أعمال أذكى. والغاية إعادة صياغة الأمن السيبراني من كلفة لمزاولة الأعمال إلى دافع للنمو المستدام والثقة".
يستطيع الحضور متابعة ماركوس في دورة هذا العام من «بلاك هات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أكبر تجمّع عالمي لمتخصّصي الأمن السيبراني، المنعقد من 2 إلى 4 ديسمبر 2025 في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم. ويُمكن التسجيل لحضور الفعالية عبر الرابط المُتاح هنا.
وتعمل "عربية .Inc" شريكاً إعلاميّاً لـ«بلاك هات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».