كيف تقضي على التوتر في 5 دقائق فقط؟
في عالمٍ تتسارع فيه نبضات الحياة، اكتشف كيف يُمكن لرحلةٍ ذهنيّةٍ قصيرةٍ إلى قلب الطّبيعة أن تخفّف عنك التّوتر وتمنحك صفاءً داخليّاً في دقائق

اكتشف علماء النّفس تمريناً ذهنيّاً بسيطاً يقضي على التّوتّر في 5 دقائق فقط، إذ كلّ ما تحتاج إليه لخفض التّوتّر بشكلٍ ملحوظٍ هو خمس دقائق من الهدوء، وعقلك فقط. ومن بين أكثر الاكتشافات ثباتاً في علم النّفس، أنّ قضاء الوقت في أحضان الطّبيعة يخفّف التّوتّر بشكلٍ فعّالٍ؛ فقد أثبتت الدّراسات مراراً وتكراراً أنّ التّواجد في الهواء الطّلق يقلّل من الشّعور الذّاتيّ بالتّوتّر، كما يخفّض المؤشّرات البيولوجيّة للضّغط النّفسيّ. فإن كنت بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الإثباتات، بإمكانك الرّجوع إلى دراسةٍ من جامعة "كورنيل" (Cornell) وأخرى من جامعة "هارفارد" (Harvard).
وقد تكون هذه المعلومة ذات قيمةٍ كبيرةٍ لروّاد الأعمال؛ فإذا كُنت تشعر بأنّ العمل أو الحياة بدأت ترهقك، ربّما يجدر بك التّخطيط لنزهة مشيٍ في الطّبيعة أو وليمةٍ بسيطةٍ في الحديقة خلال عطلة نهاية الأسبوع. ولكن، تكمن المشكلة في أنّ هذا النّوع من الفوائد يبقى محصوراً فقط في الأوقات الّتي يمكنك فيها الخروج من مكان العمل. وذلك، إلى أن ظهرت مؤخّراً دراسةٌ في "مجلّة علم النّفس البيئيّ" (The Journal of Environmental Psychology)، تشير إلى أنّه بإمكانك الاستفادة من تأثير الطّبيعة في تقليل التّوتّر دون الحاجة إلى مغادرة مكانك؛ فكلّ ما تحتاجه هو خمس دقائق من الهدوء، وعقلك فقط.
هل تشعر بالتوتر؟ تخيّل غابةً
يُعرف سكّان الشّمال الأوروبّيّ -خاصّةً الدّول الإسكندنافيّة- بشغفهم العميق بالطّبيعة. ولكن، لا يملك الجميع رفاهيّة العيش بجانب مضيقٍ بحريٍّ ساحرٍ أو غابةٍ شماليّةٍ كثيفةٍ. وحتّى لو كُنت محظوظاً بوجودها على مقربةٍ منك، فلن تتمكّن دائماً من الهروب إليها في لحظة شعورك بالتّوتّر في مكان العمل.
وربّما لهذا السّبب اهتمّ الباحثون في هذه الدّراسة بمعرفة ما إذا كان مجرّد تخيّل مشاهد طبيعيّةٍ ذهنيّاً يمكن أن يكون له تأثيرٌ مشابهٌ لقضاء الوقت الفعليّ في الطّبيعة. ولاختبار هذه الفرضيّة، استعان علماء النّفس بخمسين طالباً جامعيّاً، وعرّضوهم لمهمّةٍ صعبةٍ تهدف إلى إثارة التّوتّر لديهم، ثمّ قسّموهم إلى مجموعتين، وطلبوا من كلّ مجموعةٍ تخيّل سلسلةٍ من الكلمات ذهنيّاً لمدّة خمس دقائق. طلب من المجموعة الأولى تخيّل كلماتٍ ترتبط بالحياة الحضريّة مثل: "درّاجةٍ ناريّةٍ" و"زقاقٍ"، بينما المجموعة الثّانية تلقّت كلماتٍ مستوحاةً من الطّبيعة مثل: "جبلٍ" و"زهرةٍ".
بعد انتهاء التّمرين، قاس الباحثون مستويي التّوتّر لدى المشاركين، من خلال سؤالهم عن شعورهم الشّخصيّ، ومن خلال مؤشّراتٍ جسديّةٍ مثل معدّل ضربات القلب، وكانت النّتائج لافتةً للغاية: فالمشاركون الّذين تخيّلوا مشاهد الطّبيعة لم يكتفوا فقط بالشّعور بمزيدٍ من الاسترخاء، بل أظهرت أجسامهم علاماتٍ فعليّةً على انخفاض مستوى التّوتّر، مثل تباطؤ نبض القلب وتنوّع إيقاعه، وهو ما يعدّ مؤشّراً صحّيّاً.
أسرع وأسهل طريقةٍ لتقليل التوتر
لا يفتقر العالم إلى نصائح وتقنيّاتٍ تساعد على التّخفيف من التّوتّر؛ فممارسة التّمارين الرّياضيّة، أو التّحلّي باللّطف تجاه الآخرين، هما وسيلتان مثبتتان علميّاً لتقليل الضّغط النّفسيّ، كما توجد دوراتٌ تدريبيّةٌ وبرامج لإعادة التّوازن الحياتيّ تساعد النّاس على التّحكّم في توتّرهم المزمن. ولكن، هذا الاكتشاف الأخير قد يكون من أسرع وأكثر الأساليب فعاليّةً وسهولةً في مواجهة التّوتّر، تمّ رصده حتّى الآن. فكلّ ما تحتاج إليه هو خمس دقائق من الهدوء، وقليلٌ من الخبرة مع الطّبيعة تمكّنك من تخيّل مشهدٍ طبيعيٍّ مألوفٍ بالنّسبة لك.
وقد أشار الباحثون إلى هذه الميّزة بوضوحٍ في دراستهم، قائلين: "تشير النّتائج الّتي توصّلنا إليها إلى أنّه عندما لا يكون الوصول إلى الطّبيعة متاحاً، فإنّ تخيّل مشاهد طبيعيّةٍ يمكن أن يكون بديلاً فعّالاً عن الزّيارة الفعليّة للطّبيعة". وهذا يعني أنّ روّاد الأعمال، أو أيّ شخصٍ يعيش ضغطاً متواصلاً، أصبح لديهم الآن وسيلةٌ جديدةٌ فعّالةٌ وسريعةٌ للتّعامل مع التّوتّر.
هل تنتظر اجتماعاً مصيريّاً وتشعر بأنّ نبضات قلبك تتسارع؟ خذ نزهةً ذهنيّةً عبر دربك الجبليّ المفضّل. هل خرجت من مكالمة "زوم" (Zoom) مشحونةٍ وتكاد تفقد أعصابك؟ أغمض عينيك وتخيّل شاطئاً نقيّاً تحبّه. قد يبدو هذا النّوع من السّفر الذّهنيّ بسيطاً وغير ذي قيمةٍ، ولكن العلم النّفسيّ الحديث يقول العكس تماماً، إذ تشير النّتائج إلى أنّ خمس دقائق فقط من تصوّر الطّبيعة يمكنها بالفعل أن تقلّل التّوتّر بشكلٍ ملموسٍ وفعّالٍ. جرّبها الآن... فقد تندهش من النّتيجة.