الرئيسية الريادة كسر قيود الأرض اللزجة: 5 استراتيجيات للتقدم المهني

كسر قيود الأرض اللزجة: 5 استراتيجيات للتقدم المهني

حين تواجه أسواق العمل تحديّات الأرض اللزجة، تصبح سياسات المساواة والثّقافة القائمة على الكفاءة أدواتٍ أساسيّةً لتحقيق العدالة المهنيّة والنّموّ المستدام

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تواجه أسواق العمل الحديثة تحديات عميقة تتعلق بالعدالة المهنية وتكافؤ الفرص، ومن أبرزها ما يعرف بظاهرة "الأرض اللزجة". إذ يجد العديد من الموظفين، خصوصاً النساء والأقليات، أنفسهم عالقين في المراتب الوظيفية الدنيا رغم امتلاكهم الكفاءات والقدرات اللازمة للترقي. ولا يقتصر أثر هذه الظاهرة على الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل المؤسسات التي تخسر طاقات إبداعية، والاقتصادات التي تهدر موارد بشرية ثمينة. ومن هنا برزت الحاجة إلى البحث في استراتيجيات عملية تساعد على كسر قيود الأرض اللزجة، وتمكين الموظفين من التحرر من الفخ الوظيفي وبناء مسارات مهنية أكثر عدالة واستدامة.

مفهوم كسر قيود الأرض اللزجة

يقصد بمفهوم كسر قيود الأرض اللّزجة جملة الجهود الفرديّة والمؤسّسيّة الّتي تبذل لتمكين الموظّفين من الخروج من الفخّ الوظيفيّ الّذي يقيّدهم في الأدوار الدّنيا. ولا يتوقّف الأمر عند حدود تطوير مهارات الأفراد، بل يمتدّ ليشمل إعادة تشكيل السّياسات المؤسّسيّة والثّقافات التّنظيميّة الّتي تعيد إنتاج أنماط التّمييز وعدم المساواة. ومن ثمّ يعدّ هذا المفهوم امتداداً لفكرة العدالة المهنيّة الّتي تهدف إلى ضمان وصول الجميع إلى الفرص المتاحة بعيداً عن الانحيازات الشّخصيّة أو الصّور النّمطيّة المسبقة. [1]

استراتيجيات كسر قيود الأرض اللزجة

ولأنّ الخروج من فخّ الأرض اللّزجة لا يتحقّق بالصدفة، بل يحتاج إلى جهودٍ واعية وخطواتٍ مدروسةٍ، برزت الحاجة إلى وضع حلولٍ عمليّةٍ قادرةٍ على مواجهة هذه العوائق. ومن هنا تبرز مجموعةٌ من الاستراتيجيات الّتي تمثل خارطة طريقٍ تساعد الأفراد والمؤسّسات معاً على كسر قيود الأرض اللّزجة وبناء مساراتٍ مهنيّةٍ أكثر عدالةً واستدامةً.

تبني سياسات واضحة للتنوع والمساواة

لا يمكن أن يتحقّق كسر قيود الأرض اللّزجة دون وجود سياساتٍ مؤسّسيّةٍ صارمةٍ تعزّز التّنوّع والمساواة. فعندما تعتمد لوائح تلزم الإدارات بفتح فرص التّوظيف والتّرقّي على أساس الكفاءة وحدها، تزول تدريجيّاً الحواجز الخفيّة الّتي تعيق التّقدّم. ولا يقتصر الأمر على فتح الأبواب أمام الجميع، بل يشمل أيضاً رصد الممارسات التّمييزيّة ومعالجتها بشكلٍ فوريٍّ. وهكذا تتعزّز ثقة الموظّفين في عدالة المؤسّسة، وتزداد قدرتهم على المشاركة الفاعلة في تطوير بيئة العمل.

بناء شبكات دعم مهنية قوية

إلى جانب القوانين، يبقى الدّعم المهنيّ المباشر ضرورةً لا غنى عنها. فشبكات الإرشاد والتّوجيه تمثّل أداةً محوريّةً لتجاوز الأرض اللّزجة، إذ تربط الموظّفين، وخاصّةً النّساء والأقلّيّات، بقياداتٍ عليا قادرةٍ على منح التّوجيه وفتح الأبواب المغلقة. وبذلك لا يحصل الأفراد على فرص التّدريب والتّرقّي فحسب، بل يكتسبون أيضاً شبكة علاقاتٍ تقلّل من عزلتهم وتمنحهم ثقةً أكبر في مواجهة تحدّيات المسار المهنيّ.

تعزيز ثقافة قائمة على الكفاءة

حتّى مع وجود السّياسات والشّبكات، يبقى تغيير الثّقافة المؤسّسيّة جوهر الحلّ. فعندما يدرّب المديرون على اكتشاف التّحيّزات اللّاواعية والتّعامل معها، تعاد صياغة بيئة العمل بحيث تقاس الإنجازات على أساس الأداء الفعليّ لا على أساس الصّور النّمطيّة. وبمرور الوقت، تتحوّل الكفاءة إلى معيارٍ أساسيٍّ يحفّز الموظّفين على تطوير أنفسهم، لأنّهم يدركون أنّ جهودهم ستقابل بالتّقدير العادل. وهكذا تكسر القيود غير المرئيّة الّتي تعيق التّرقّي، وتبنى ثقافةٌ مهنيّةٌ أكثر عدالةً.

إتاحة مرونةٍ في أنظمة العمل

تلعب المرونة دوراً محوريّاً في تمكين الموظّفين من التّوفيق بين حياتهم المهنيّة والشّخصيّة؛ فالسّياسات الّتي تسمح بالعمل الجزئيّ أو عن بعدٍ أو تعطي إجازاتٍ مرنةً، تخفّف من الأعباء، وخاصّةً على النّساء اللّواتي يتحمّلن مسؤوليّاتٍ مضاعفةً. ومع تطبيق هذا النّهج، لا يقتصر الأثر على تقليل الاستقالات المبكّرة وزيادة الرّضا الوظيفيّ، بل يمتدّ أيضاً ليعزّز التّنوّع في المناصب العليا ويعيد التّوازن إلى بيئة العمل.

ربط الترقيات بالأداء الفعلي

يبقى تقييم الأداء المبنيّ على النّتائج الملموسة هو السّلاح الأقوى لتفكيك الأرض اللّزجة. فعندما تربط التّرقيّات مباشرةً بالكفاءة وجودة الإنجاز، تتراجع فرص فرض اعتباراتٍ غير موضوعيّةٍ مثل الولاء الشّخصيّ أو التّشابه مع الإدارة. هذا المنهج يحفّز الموظّفين على بذل أقصى ما لديهم، لأنّه يضمن لهم أنّ الجهد لن يضيع سدى. ومع مرور الوقت، تتقلّص الفجوات الوظيفيّة النّاتجة عن التّحيّزات، ويبنى سلّمٌ وظيفيٌّ أكثر شفافيّةً وعدالةً. [2]

أسباب استمرار الأرض اللزجة

لم تخلق الأرض اللّزجة فجأةً، بل جاءت نتيجة عوامل متشابكةٍ عزّزت بقاء الفئات المهمّشة في المراتب الدّنيا. فقد ساهمت التّحيّزات الثّقافيّة والاجتماعيّة في ترسيخ الصّور النّمطيّة الّتي ربطت المرأة بالمهامّ الرّوتينيّة، واعتبرت الأقلّيّات غير مؤهّلةٍ للقيادة. كما أنّ غياب شبكات الدّعم والإرشاد ترك الموظّفين الموهوبين على الهامش دون فرصٍ حقيقيّةٍ للتّقدّم. وزادت سياسات الموارد البشريّة غير العادلة الطّين بلّةً، إذ منحت الامتيازات لمن يشبه الإدارة العليا، بينما حصر الآخرون في أعمالٍ متدنّيةٍ. وفوق ذلك كلّه، عمّقت المسؤوليّات العائليّة، خاصّةً بالنّساء، من صعوبة المشاركة في برامج التّطوير أو قبول مهامٍّ إضافيّةٍ، ممّا ثبّتهم في مواقع دنيا.

الخاتمة

يتّضح من تحليل ظاهرة الأرض اللّزجة أنّ العوائق المهنيّة لا تبدأ عند قمّة الهرم فحسب، بل تمتدّ جذورها إلى الخطوات الأولى من المسار الوظيفيّ. غير أنّ تبنّي استراتيجيّاتٍ عمليّةٍ مثل سياسات المساواة، وشبكات الدّعم، والثّقافة القائمة على الكفاءة، والمرونة في أنظمة العمل، والاعتماد على الأداء، يمكّن الأفراد من كسر قيود الأرض اللّزجة بفاعليّةٍوحين تطبق هذه الحلول بجدية، تتشكل بيئة عمل أكثر عدالة، ويتاح للأفراد التحرر من الفخ الوظيفي، وبناء مسارات قائمة على الكفاءة والابتكار، تعود بالنفع على المؤسسات والاقتصاد والمجتمع بأسره.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما الفرق بين الأرض اللزجة والسقف الزجاجي؟
    تعيق الأرض اللزجة الأفراد في بدايات مسارهم المهنيّ وتثبّتهم في وظائف دنيا، بينما السقف الزجاجي يمنع الوصول إلى المناصب العليا بعد التّقدّم.
  2. ما الفوائد الاقتصادية من تجاوز الأرض اللزجة؟
    يعزّز تجاوز الأرض اللزج الاستفادة من جميع الطّاقات البشريّة، ممّا يزيد الإنتاجية ويعزّز الابتكار ويرفع معدّلات النّموّ الاقتصاديّ بشكلٍ شاملٍ ومستدامٍ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: