الرئيسية التنمية ثقافة “التقدير أولاً”: ما الذي يجعل موظفي Microsoft أكثر ولاءً؟

ثقافة “التقدير أولاً”: ما الذي يجعل موظفي Microsoft أكثر ولاءً؟

تثبت تجربة مايكروسوفت في الولاء الوظيفيّ أنّ التّقدير الصّادق أقوى من الحوافز الماديّة، إذ يحوّل الموظّف من منفّذٍ للتّعليمات إلى شريكٍ حقيقيٍّ في النّجاح الجماعيّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يجسّد الولاء الوظيفيّ في مايكروسوفت نموذجاً فريداً يعدّ من أكثر النّماذج الإداريّة نضجاً في عالم العمل الحديث، إذ استطاعت الشّركة أن تشيّد منظومةً داخليّةً متكاملةً تحوّل الموظّفين من عناصر للتّنفيذ إلى شركاء حقيقيّين في النّجاح. ولم يتحقّق هذا الولاء عبر الرّواتب المرتفعة أو الامتيازات المادّيّة وحدها، بل من خلال ثقافةٍ إنسانيّةٍ راسخةٍ تقوم على مبدأٍ بسيطٍ في ظاهره، عميقٍ في جوهره: "التّقدير أوّلاً". فحين تدرك الشّركة أنّ استدامة الأداء لا تنشأ من الأجور وحدها، بل من شعور الموظّف بأنّ جهده يثمّن، وصوته مسموعٌ، ودوره يحمل معنىً يتجاوز حدود الوظيفة، فإنّها ترسّخ أسساً متينةً لعلاقةٍ طويلة الأمد بين الفرد والمؤسّسة. وبهذا الوعي الإنسانيّ العميق، استطاعت مايكروسوفت أن تحوّل بيئة العمل إلى فضاءٍ نابضٍ بالثّقة والانتماء.

كيف تطبق مايكروسوفت مبدأ "التقدير أولاً" عملياً؟

حين قرّرت مايكروسوفت أن تفعّل مبدأ "التّقدير أوّلاً" في أروقة عملها، لم تكتف بالشّعارات أو بالمظاهر الاحتفاليّة، بل حوّلته إلى منظومةٍ مؤسّسيّةٍ دقيقةٍ تترجم الامتنان إلى ممارسةٍ يوميّةٍ ملموسةٍ. فأنشأت الشّركة برنامجاً داخليّاً يعرف باسم “Appreciate”، يتيح للموظّفين أن يرسلوا رسائل شكرٍ رقميّةٍ إلى زملائهم، تضاف مباشرةً إلى ملفّاتهم المهنيّة ويطّلع عليها المدراء عند تقييم الأداء أو التّرقيات. وبهذا الأسلوب يتحوّل التّقدير من مجاملةٍ عابرةٍ إلى وثيقةٍ رسميّةٍ تحمل وزناً حقيقيّاً في المسار المهنيّ لكلّ موظّفٍ.

ثمّ وسّعت الشّركة هذه الفلسفة من خلال تنظيم فعاليّاتٍ دوريّةٍ تعرف بـ “Recognition Days”، تكرّم فيها المبادرات الإبداعيّة والجهود الّتي تتجاوز التّوقّعات. ومن خلال هذا النّهج المتكامل، جعلت مايكروسوفت من التّقدير أسلوباً مؤسّسيّاً يترجم شعارها إلى واقعٍ حيٍّ يغذّي الولاء الوظيفيّ في مايكروسوفت، ويمنح كلّ موظّفٍ شعوراً أصيلاً بالانتماء والاعتزاز. [1]

ما الذي يجعل موظفي مايكروسوفت أكثر ولاء؟

ولم يكن تطبيق ثقافة التّقدير مجرّد إصلاحٍ إداريٍّ، بل تحوّل إلى فلسفةٍ قياديّةٍ توجّه كلّ تفصيلةٍ في بيئة العمل داخل الشّركة. فحين تبنّت مايكروسوفت مبدأ "التّقدير أوّلاً"، تعاملت معه كنهجٍ إنسانيٍّ يربط النّجاح المؤسّسيّ بالاحترام المتبادل بين الأفراد. وأدركت الشّركة باكراً أنّ الولاء الحقيقيّ لا يبنى على الحوافز المادّيّة مهما بلغت سخاءً، بل على المشاركة الفعّالة والتّقدير الصّادق. فحين يرى الموظّف أنّ جهده لا يقاس بالأرقام فقط، بل يقدّر لقيمته الفكريّة والإنسانيّة، يشعر بأنّه شريكٌ في صياغة مستقبل المؤسّسة، لا مجرّد منفّذٍ لتوجيهاتها. ومن هنا نشأ الإحساس العميق بالانتماء، وتحوّل العمل إلى رسالةٍ تحمل معنى وتحدث أثراً في العالم.

ولأنّ مايكروسوفت تؤمن بأنّ التّقدير لا يختزل في كلمات الشّكر العابرة، حرصت الإدارة على أن تجعله ممارسةً يوميّةً مبنيّةً على الشّفافيّة والاحترام؛ فالقادة هناك لا ينتظرون موسم التّقييمات ليظهروا امتنانهم، بل يسارعون إلى الإشادة بالجهود فور حدوثها، سواءٌ عبر الرّسائل الإلكترونيّة أو في الاجتماعات العامّة الّتي تكرّم فيها الإنجازات. وهكذا يرى الموظّف نتيجة عمله في اللّحظة ذاتها، فيشعر بأنّ مجهوده مرئيٌّ ومقدّرٌ، ممّا يعزّز ثقته بنفسه وبمؤسّسته. ومن خلال هذا التّواصل الفعّال، تحوّل مايكروسوفت التّقدير إلى طاقةٍ إيجابيّةٍ متجدّدةٍ تنعش روح الفريق وتغذّي الإبداع الجماعيّ.

ولم تقتصر الشّركة على التّقدير الّذي يصدر من الأعلى إلى الأسفل، بل حرصت على أن ترسّخ مفهوم التّقدير المتبادل بين الزّملاء؛ فقد سمحت المنصّة الدّاخليّة “Appreciate” بتبادل عبارات الامتنان بين الموظّفين أنفسهم، حتّى تصبح كلّ رسالةٍ نوعاً من الاعتراف المتبادل بالفضل. وبهذا التّحوّل الهادئ والمستديم، انتقل التّقدير من فعلٍ فرديٍّ عابرٍ إلى ثقافةٍ جماعيّةٍ تعيد صياغة العلاقات داخل بيئة العمل، فتقوّي الرّوابط الأفقيّة بين الأفراد، وتزيل الحواجز العموديّة بين الإدارات. ونتيجةً لذلك، لم يعد الاحترام يتدفّق من الرّئيس إلى المرؤوس فقط، بل أصبح ينبع من الزّملاء أيضاً، إذ يدرك كلّ فردٍ جهود الآخر ويثمّن عطاءه. وهكذا تكوّن مناخٌ مهنيٌّ تسوده الثّقة والمساواة، ويتعمّق فيه الولاء الوظيفيّ في مايكروسوفت، ليصبح التّقدير لغةً مشتركةً تمارس كلّ يومٍ بوصفها جزءاً من طبيعة العمل لا مظهراً تنظيميّاً مؤقّتاً. [2]

كيف تخلق بيئة الولاء دون الاعتماد على الحوافز المادية؟

ولأنّ الولاء لا يغذّيه المال وحده، عملت مايكروسوفت على بناء بيئةٍ إنسانيّةٍ توازن بين الطّموح والرّاحة النّفسيّة؛ فهي تتيح للعاملين حرّيّة العمل بمرونةٍ عاليةٍ، وتشجّعهم على تحقيق توازنٍ صحّيٍّ بين الحياة الشّخصيّة والمهنيّة، كما تقدّم برامج دعمٍ نفسيٍّ وتدريبٍ مستمرٍّ تعزّز إحساس الأفراد بالعناية الحقيقيّة بهم. ومن خلال هذا النّهج الإنسانيّ، لم تعد المؤسّسة تقيّم العاملين بمقدار ما ينجزونه فقط، بل بمقدار ما يشعرون به أثناء الإنجاز. فقد أظهرت الدّراسات أنّ الموظّفين الّذين يشعرون بالتّقدير الصّادق أكثر التزاماً بالبقاء، وأعمق رغبةً في الإسهام في تطوير مؤسّساتهم. وبهذا الفهم الشّموليّ، تحوّل الولاء في مايكروسوفت من نتيجةٍ ترتبط بطول العقود إلى ثمرةٍ تزهر كلّ يومٍ بفضل مشاعر الاحترام والثّقة المتبادلة.

الخلاصة

تثبت تجربة مايكروسوفت أنّ الولاء لا يشترى بالرّواتب، بل يبنى على الاعتراف الإنسانيّ والتّعامل القائم على الاحترام المتبادل. فحين تعامل الشّركة موظّفيها كشركاء في الرّؤية لا كأدواتٍ للتّنفيذ، تخلق بيئةٌ يزدهر فيها الإبداع وتتلاشى فيها الفجوات بين القادة والفرق. وبفضل التزامها العميق بمبدأ "التّقدير أوّلاً"، استطاعت مايكروسوفت أن تحوّل العمل إلى تجربةٍ راقيةٍ تغذّي الإلهام وتعيد تعريف مفهوم النّجاح في العصر الرّقميّ. وهكذا لم يعد الولاء الوظيفيّ في مايكروسوفت مجرّد نتيجةٍ لسياسات الموارد البشريّة، بل أضحى نفسه سياسةً استراتيجيّةً تعبّر عن إيمانٍ عميقٍ بأنّ الاعتراف بالإنسان هو الشّرارة الأولى لبناء مؤسّسةٍ عظيمةٍ قادرةٍ على البقاء والتّجدّد في عالمٍ يتغيّر كلّ يومٍ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما أبرز قيم العمل التي تقوم عليها ثقافة التقدير في Microsoft؟
    تعتمد Microsoft على قيم الاحترام، والشّفافيّة، والتّعاون، والمساءلة المتبادلة بين القادة والموظّفين؛ فهذه القيم تجعل كلّ موظّفٍ يشعر بأنّه شريكٌ في القرار وليس مجرّد تابعٍ، وهو ما يعزّز الالتزام والانتماء داخل المؤسّسة.
  2. كيف تساعد ثقافة التقدير على رفع الإنتاجية؟
    حين يشعر الموظّف بأنّ جهده مقدّر، تزداد دافعيته الدّاخليّة، فيقدّم أداءً أعلى ويبدع في الحلول والابتكار؛ فالتّقدير يخلق طاقةً إيجابيّةً مستمرّةً تحفّز الفرق على العمل بروحٍ جماعيّةٍ وتحدٍّ مشتركٍ نحو التّميّز.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: