الرئيسية الاستدامة كيف تصنع ميزة تنافسية من نموذج الاقتصاد الدائري؟

كيف تصنع ميزة تنافسية من نموذج الاقتصاد الدائري؟

لا يقدّم الاقتصادر الدائري حلولاً للتّلوّث والهدر فحسب، بل يساهم أيضاً في تعزيز التّنافسيّة وخفض التّكاليف، وفتح آفاقٍ جديدةٍ للابتكار والنّموّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في ظلّ التّحوّلات العالميّة وتزايد الضّغوط البيئيّة والاجتماعيّة، تسعى الكثر من الشّركات الحديثة إلى تبنّي أساليب تضمن لها النّموّ المستدام، دون الإخلال بتوازن الموارد والبيئة. وفي هٰذا السّياق، يظهر الاقتصاد الدائري كنموذجٍ رائدٍ وحلٍّ استراتيجيٍّ يعيد تشكيل طرائق الإنتاج والاستهلاك، من خلال تقليل الهدر، وإعادة توظيف الموادّ، وتطوير سلاسل قيمةٍ أكثر كفاءةً. ولا يقتصر هٰذا النّهج على البعد البيئيّ فحسب، بل يعتبر أيضاً أداةً قويّةً لتعزيز التّنافسيّة والابتكار في السّوق

مفهوم الاقتصاد الدائري

يعدّ الاقتصاد الدائري نظاماً مغلقاً يسعى إلى التّخلّص من النّهج التّقليديّ الّذي يقوم على مبدأ: الاستخراج، والاستهلاك، ثمّ التّخلّص، ويستبدله بنموذجٍ يركّز على الحفاظ على قيمة الموادّ والمنتجات لأطول فترةٍ ممكنةٍ. ويتحقّق ذٰلك من خلال إعادة الاستخدام، وإعادة التّدوير، واسترجاع الموادّ، ممّا يساعد الشّركات على تقليل التّكاليف وتحقيق الاستدامة البيئيّة في نفس الوقت. وقد أظهرت التّقارير الدّوليّة أنّ تبنّي مبادئ الاقتصاد الدّائريّ على نطاقٍ عالميٍّ قد يساهم في توفير ما يزيد عن أربعة ترليون ونصف التّرليون دولارٍ أمريكيٍّ بحلول عام 2030. [1]

تحقيق ميزة تنافسية من الاقتصاد الدائري

لتحقيق ميّزةٍ تنافسيّةٍ في عالم الأعمال الحديث، يجب على الشّركات ألّا تنظر إلى نموذج الاقتصاد الدائري بوصفه نهجاً بيئيّاً فقط، بل أن تعتبره استراتيجيّة أعمالٍ قادرةً على تعزيز الرّبحيّة والتّميّز في السّوق. ويتطلّب ذٰلك تطبيق جملةٍ من الممارسات الّتي تجمع بين الاستدامة والكفاءة: [2]  

ابتكار المنتجات والخدمات

تعدّ الابتكارات في تصميم المنتجات وتطويرها من العوامل الأساسيّة الّتي تساعد في تطبيق الاقتصاد الدائري بنجاحٍ. على سبيل المثال، تعتمد إحدى شركات الألبسة الرّياضيّة مبادئ التّصميم المستدام، وتستخدم موادّ معادة التّدوير لإنتاج منتجاتٍ تدوم لفتراتٍ أطول، ممّا يعزّز من قيمة العلامة التّجاريّة ويجذب فئاتٍ أكثر وعياً بقضايا الاستدامة.

تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة

يساهم نهج الاقتصاد الدائري في خفض التّكاليف التّشغيليّة، وذٰلك عن طريق إعادة استخدام الموادّ، وتقليل الاعتماد على الموادّ الخام. وتشير دراسةٌ صادرةٌ عن مؤسّسة ماكينزي إلى أنّ الشّركات الّتي تتبنّى نماذج دائريّةً تستطيع تقليل تكاليف الإنتاج والإمداد بمعدّلٍ قد يصل إلى 30%، ممّا يعزّز من الرّبح الإجماليّ للشّركة.

تلبية متطلبات العملاء المهتمين بالبيئة

مع تزايد وعي المستهلكين بقضايا البيئة، باتت الأوّلويّة للمنتجات الّتي تجسّد قيم الاستدامة. وتبرز شركاتٌ عالميّةٌ مثل "إيكيا" كنماذج رائدةٍ في تقديم منتجاتٍ صديقةٍ للبيئة، مستثمرةً في تقنيات إعادة التّدوير. وتشير الإحصائيات إلى أنّ نحو  66% من المستهلكين يفضلون الشّراء من الشّركات الّتي تدمج البعد البيئيّ في نشاطاتها، ممّا يعكس تحوّلاً حقيقيّاً في سلوك المستهلك العالميّ.

أهمية النموذج الاقتصادي الدائري

يأتي الاقتصاد الدائري كأحد أهمّ النّماذج الّتي تسعى إلى إحداث توازنٍ بين النّموّ الاقتصاديّ وحفاظ الموارد الطّبيعيّة، ممّا يجعله ذات أهمّيّةٍ متزايدةٍ في ظلّ التّحدّيات البيئيّة والاجتماعيّة الّتي يواجهها العالم في القرن الحادي والعشرين. فهٰذا النّهج لا يساهم فقط في تقليل الهدر والانبعاثات الضّارّة، بل يعزّز أيضاً كفاءة الإنتاج ويفتح آفاقاً جديدةً للابتكار والتّنافسيّة في الأسواق. كما أنّ تبنّي نموذج الاقتصاد الدائري ليس خياراً بديلاً فقط، بل هو حاجةٌ ملحّةٌ لبناء اقتصادٍ أكثر مرونةً وقدرةً على التّكيّف مع المتغيّرات، ومناسباً لتحقيق أهداف التّنمية المستدامة على المدى البعيد. [1]  

تحديات النموذج الاقتصادي الدائري

على الرّغم ممّا يحمله نموذج الاقتصاد الدائري من فرصٍ ومزايا، إلّا أنّ تطبيقه في أروقة العمل الحقيقيّ يواجه جملةً من التّحدّيات الّتي تحول دون انتشاره على نطاقٍ واسعٍ. فمن أبرز هٰذه التّحدّيات، ندرة البنية التّحتيّة اللّازمة لدعم العمليّات الدّائريّة، وضعف الوعي المجتمعيّ والمؤسّسيّ بمبادئ الاستدامة وأهمّيّة دور الاقتصاد الدائري في ذٰلك. كما تعاني العديد من الشّركات من صعوبة تغيير نماذج الأعمال التّقليديّة، الّتي اعتادت على نهج الاستهلاك السّريع والاعتماد الكبير على الموادّ الخام. ويشكّل الإطار التّنظيميّ في بعض البلاد عائقاً آخر، حيث تفتقر السّياسات الحكوميّة إلى الحوافز والتّوجيهات الدّاعمة لهٰذا النّهج. 

الخلاصة

في عالمٍ يواجه تحدّياتٍ بيئيّةً واقتصاديّةً متزايدةً، يبرز نموذج الاقتصاد الدّائريّ كخيارٍ استراتيجيٍّ لا غنى عنه لبناء مستقبلٍ أكثر استدامةً وتوازناً؛ فهو لا يقدّم حلولاً للتّلوّث والهدر فحسب، بل يساهم أيضاً في تعزيز التّنافسيّة وخفض التّكاليف، وفتح آفاقٍ جديدةٍ للابتكار والنّموّ. وعلى الرّغم من التّحدّيات الّتي تعترض طريق تطبيقه، فإنّ التّوجّه نحو الاقتصاد الدائري يمثّل خطوةً ذكيّةً وضروريّةً لكلّ شركةٍ تبحث عن استمرار النّجاح والتّوازن مع متطلّبات العصر.

شاهد أيضاً: هل الاقتصاد الدائري اتجاه أخضر أم ضرورة اقتصادية؟

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما الفرق بين الاقتصاد الدائري والاقتصاد الخطي؟
    يركّز الاقتصاد الدائري على إعادة الاستخدام والتّدوير، بينما يعتمد الاقتصاد الخطي على الاستهلاك والتّخلص.
  2. ما الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في دعم الاقتصاد الدائري؟
    تسهم التكنولوجيا في تتبّع الموارد، وتحسين الكفاءة، وتسهيل عمليّات التّدوير والتّصميم المستدام.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: