الرئيسية التنمية كيف تغيّر عاداتك اليومية دون مقاومة ذهنية مرهقة؟

كيف تغيّر عاداتك اليومية دون مقاومة ذهنية مرهقة؟

حين يسعى الإنسان لتغيير عاداته اليوميّة، تبدأ رحلة التّحوّل بخطواتٍ صغيرةٍ واستراتيجيّاتٍ عمليّةٍ تقلّل المقاومة الذّهنيّة وتعزّز النّجاح

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشهد الإنسان في حياته اليوميّة تحدّياتٍ عديدةً تتعلّق بكيفيّة التّحكّم في سلوكيّاته واتّجاهاته، إذ ترتبط العادات ارتباطاً وثيقاً بجودة الحياة وبمستوى النّجاح الشّخصيّ والمهنيّ. حين يسعى الفرد إلى تطوير الذّات يجد نفسه أمام عقبةٍ أساسيّةٍ تتمثّل في المقاومة الذّهنيّة، تلك الحالة الّتي تجعل الدّماغ يقاوم أيّ تغييرٍ جديدٍ لأنّه اعتاد أنماطاً معيّنةً من السّلوك. لذٰلك تبرز أهمّيّة البحث عن استراتيجيّاتٍ عمليّةٍ تساعد على تغيير العادات اليوميّة بطريقةٍ أكثر سلاسةً وبأقلّ قدرٍ من التّعب الذّهنيّ، مع الاعتماد على المرونة الذّهنيّة الّتي تمثّل القدرة على التّكيّف مع التّغييرات والمحافظة على الانسجام الدّاخليّ.

ما هي العادات وكيف تؤثر على حياتك؟

تتشكّل العادات من سلوكيّاتٍ متكرّرةٍ يقوم بها الإنسان يوميّاً حتّى تصبح جزءاً من حياته من دون جهدٍ واعٍ. قد تكون هٰذه العادات إيجابيّةً مثل ممارسة الرّياضة وقراءة الكتب، أو سلبيّةً مثل الإفراط في استخدام الهاتف أو تناول الطّعام غير الصّحّيّ. تكمن قوّة العادة في أنّها تختصر الجهد العقليّ، إذ يفضّل الدّماغ التّمسّك بما هو مألوفٌ لتوفير الطّاقة. لكن حين لا تكون هٰذه العادات ملاءمةً لأهداف الفرد، فإنّها قد تتحوّل إلى عائقٍ أمام تطوير الذّات وتحقيق التّوازن. [1]

خطوات عملية لتغيير العادات اليومية دون مقاومة

لكي ينجز الإنسان تغيير عاداته بشكلٍ سلسٍ ومنظّمٍ، يجب أن يتّبع مراحل متدرّجةً تخفّف من المقاومة الذّهنيّة وتسهّل عمليّة التّكييف مع السّلوك الجديد. فيما يلي أهمّ هٰذه الخطوات:

البدء بخطوات صغيرة

ينجح الإنسان في تغيير عاداته عندما يبدأ بخطواتٍ تدريجيّةٍ صغيرةٍ بدلاً من محاولة التّغيير الكامل دفعةً واحدةً. مثلاً يمكن للشّخص الّذي يريد ممارسة الرّياضة أن يبدأ بخمس دقائق يوميّاً ثمّ يزيد الوقت تدريجيّاً. يخفّف هٰذا النّهج من المقاومة الذّهنيّة ويمنح الدّماغ وقتاً للتّأقلم.

ربط العادة الجديدة بعادة قائمة

يستطيع الفرد تعزيز سلوكٍ جديدٍ عبر ربطه بعادةٍ قديمةٍ مستقرّةٍ. على سبيل المثال، يمكن للشّخص أن يربط عادة شرب كوب ماءٍ بعد الاستيقاظ مباشرةً بقراءة صفحةٍ من كتابٍ. هٰذا الدّمج يجعل بناء العادة الجديدة أكثر سهولةً لأنّه يستند إلى روتينٍ موجودٍ مسبقاً.

استخدام بيئة داعمة

تؤثّر البيئة المحيطة بشكلٍ كبيرٍ في نجاح تغيير العادات؛ فعندما يضع الفرد أدوات الرّياضة في مكانٍ ظاهرٍ أو يستبدل الأطعمة غير الصّحّيّة بخياراتٍ أفضل، يقلّل من فرص العودة إلى العادة القديمة. إذ تسهّل البيئة الذّكيّة التّغيير وتقلّل من الحاجة إلى قوّة الإرادة المستمرّة.

الاعتماد على التكرار المنتظم

لا يمكن للعادات أن تترسّخ إلّا عبر التّكرار، فالمواظبة اليوميّة على السّلوك الجديد تعيد تشكيل المسارات العصبيّة في الدّماغ. كلّما كرّر الشّخص العادة في وقتٍ محدّدٍ وبطريقةٍ ثابتةٍ، زاد احتمال تحوّلها إلى جزءٍ طبيعيٍّ من حياته.

تعزيز المكافأة والتحفيز

يحتاج الإنسان إلى الشّعور بالإنجاز عند تغيير العادات. لذٰلك ينصح بأن يمنح الفرد نفسه مكافآتٍ بسيطةً عند الالتزام بالعادة الجديدة، مثل الاسترخاء بعد إنجاز مهمّةٍ أو مشاهدة برنامجٍ مفضّلٍ. يساعد هٰذا التّعزيز الإيجابيّ على ترسيخ السّلوك الجديد ويجعل عمليّة التّطوير الذّاتيّ أكثر متعةً.

أخطاء شائعة عند محاولة تغيير العادات

يقع كثيرٌ من النّاس في أخطاءٍ تعقّد عمليّة تغيير العادات وتجعلها أكثر صعوبةً ممّا هي عليه. ويعتبر أوّل هٰذه الأخطاء محاولة التّغيير السّريع والشّامل دون وجود خطّةٍ واضحةٍ تستند إلى أهدافٍ دقيقةٍ ومراحل تدريجيّةٍ؛ فعندما يسعى الفرد إلى إزاحة جميع العادات السّيّئة مرّةً واحدةً، يجد نفسه في موقفٍ مرهقٍ يؤدّي في الغالب إلى فشلٍ مبكّرٍ، لأنّ الدّماغ يرفض التّغييرات المفاجئة ويفضّل الالتزام بأنماطه المألوفة.

ويظهر خطأٌ ثانٍ في الاعتماد على قوّة الإرادة وحدها دون بناء بيئةٍ مساعدةٍ. فقوّة الإرادة وإن كانت مهمّةً، إلّا أنّها غير كافيةٍ للتّغلّب على جاذبيّة العادات القديمة. على سبيل المثال، من يريد التّقليل من تناول الحلويّات لا يكفي أن يتّكل على إرادته، بل يجب أن يعدّ بيئته بإزالة المغرّيات واستبدالها بخياراتٍ أكثر صحّةً. بهٰذه الطّريقة، يخفف الفرد من الضّغط النّفسيّ ويقلّل من احتمال العودة إلى العادة السّابقة.

وينبغي أيضاً التّنبّه إلى خطأٍ آخر يتمثّل في تجاهل المكافآت الصّغيرة وعدم متابعة التّقدّم؛ فالإنسان بطبعه يحتاج إلى تشجيعٍ دائمٍ يشعره بأنّه يحقّق نتائج ملموسةً. وعندما يغفل الفرد عن مكافأة نفسه بعد التّزامٍ معيّنٍ، يضعف حافزه الدّاخليّ ويقلّ حماسه للاستمرار. كذٰلك، فإنّ عدم تسجيل النّتائج أو مراجعة التّقدّم يجعل العادة الجديدة قصيرة الأمد وغير قادرةٍ على التّرسّخ. [2]

الخلاصة

يثبت الواقع أنّ تغيير العادات لا يحتاج إلى مقاومةٍ ذهنيّةٍ مرهقةٍ إذا اتّبع الفرد أساليب تدريجيّةً تعتمد على المرونة الذّهنيّة وتستند إلى خطواتٍ عمليّةٍ بسيطةٍ؛ حين يجمع الإنسان بين تطوير الذّات وإدارة عاداته اليوميّة بوعيٍ، فإنّه يحقّق تحوّلاً حقيقيّاً في حياته من دون شعورٍ بالإجهاد أو فقدان الحافز. 

  • الأسئلة الشائعة

  1. كم يستغرق الوقت لتغيير عادة يومية؟
    غالباً يحتاج الشّخص ما بين 30 الى 60 يوماً ليتمكن من ترسيخ عادةٍ جديدةٍ، حيث يسمح هذا الإطار الزّمنيّ للدّماغ بإنشاء مساراتٍ عصبيّةٍ جديدةٍ؛ فكلّ يومٍ من التّكرار المنتظم يساهم في تثبيت السّلوك وجعله أكثر طبيعيّةً، لذلك يعدّ الالتزام المستمرّ خلال هذه الفترة ضروريّاً لنجاح التّغيير.
  2. هل يمكن تغيير اكثر من عادة في نفس الوقت؟
    يمكن تغيير أكثر من عادةٍ إذا كانت مترابطةً وبسيطةً، مثل شرب الماء مع ممارسة تمارين قصيرةٍ. لكن يفضّل التّركيز على عادةٍ واحدةٍ أساسيّةٍ خلال فترة شهر الى شهرين حتّى تترسّخ جيّداً، ثم إضافة عادةٍ أخرى بعدها. هذا النّهج يمنع الإرهاق الذّهنيّ ويحافظ على الحافز.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: