تالا النونو: هل يمكن للتسويق أن يقود القرارات الكبرى في الشركات؟

هذا المقال متوفّرٌ باللّغة الإنجليزيّة من هنا.

تتمتّع تالا النونو بخبرةٍ تزيد عن 14 عاماً في الصّناعات الإبداعيّة، وتشغل منصب رئيسة قسم التّسويق والأبحاث لمنطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى LWK & Partners، حيث تقود التّموضع الاستراتيجيّ، ونموّ العلامة التّجاريّة، وتحليل السّوق لإحدى أكثر شركات العمارة والتّصميم ديناميكيّةً في المنطقة.

ومن خلال عملها، ساهمت في ترسيخ مكانة الشّركة، المؤسّسة في هونغ كونغ، كقائدةٍ فكريّةٍ في مجالات التّخطيط الحضريّ المستجيب للمناخ، والتّخطيط الرّئيسيّ المستدام، والتّصميم المتناغم مع السّياق الثّقافيّ. كما استثمرت الأبحاث لتحديد القطّاعات ذات الإمكانات العالية، ودفع التّوسّع إلى أسواقٍ جديدةٍ، ومواءمة فلسفة التّصميم في الشّركة مع السّرديات الإقليميّة مثل رؤية المملكة العربيّة السعوديّة 2030 والتّصميم الحضريّ المتجدّد.

وتقول النونو: "خلال السّنوات السّت الماضية، حوّلتُ وظيفة التّسويق في LWK & Partners  من دورٍ ترويجيٍّ في الأساس إلى محرّك نموٍّ استراتيجيٍّ للأعمال. لقد أدمجت الأبحاث والتّحليلات في عمليّات اتّخاذ القرار، ما مكّن الشّركة من تحديد الأسواق النّاشئة، ومواكبة الاتّجاهات الإقليميّة، وتأمين الفرص البارزة، من مشاريع السّعوديّة الضّخمة إلى مشاريع إعادة التّأهيل الحضريّ بقيادة التّصميم في مصر والإمارات.

لفهم كيف تحقّقت هذه الإنجازات، لا بدّ من التّوقّف عند الطّريقة الّتي أعادت بها النونو تشكيل وظيفة التّسويق داخل الشّركة؛ فتقول: "حين انضممتُ إلى LWK & Partners، كان يُنظر إلى التّسويق في الغالب على أنّه إعداد المواد، وإدارة الفعاليّات، وتنفيذ الحملات. غير أنّي رأيتُ فرصةً لإعادة تموضعه كجزءٍ جوهريٍّ من قيادة الشّركة وعمليّة صنع القرار. وقد تطلّب ذلك دمج أبحاث السّوق، والاستخبارات التّنافسيّة، واستراتيجيّات العلامة التّجاريّة في صُلب كلّ نقاشٍ تجاريٍ محوريٍّ. لم يكن التّحوّل يسيراً؛ إذ استلزم تغيير العقليّات داخليّاً، وبناء الثّقة مع القيادة العليا، وإثبات -من خلال نتائج قابلةٍ للقياس- أنّ التّسويق قادرٌ على التّأثير المباشر في الإيرادات، والسّمعة، والحصّة السّوقيّة.

وكان ذلك القرار هو الّذي مهّد لكلّ نجاحٍ لاحقٍ، من ترسيخ حضورنا في أسواقٍ جديدةٍ مثل المملكة العربيّة السّعوديّة، إلى بناء منصّةٍ ريادةٍ فكريّةٍ تُرسِّخ فريقنا كأصواتٍ إقليميّةٍ بارزةٍ في قضايا العمران المستدام، والتّصميم الثّقافيّ، وتحوّلات المدن. لقد علّمتني التّجربة أنّ اللّحظات الحاسمة لا تتجسّد دائمًا في قول "نعم" للفرص، بل أحياناً في إعادة تعريف الدّور الّذي تؤدّيه في الفرص المتاحة أمامك بالفعل".

يعكس التّحوّل الّذي قادته تالا النونو في LWK & Partners الأثر الأوسع للقيادات النّسائيّة في قطّاع العمارة والتّصميم؛ فتقول: "لقد أضاف الحضور المتنامي للنّساء بعداً أكثر شمولاً وإنسانيّةً في صياغة المدن والمجتمعات؛ إذ نُدرج التّعاطف والشّموليّة والقيمة الاجتماعيّة بعيدة المدى في مشاريعنا، فلا تكون مجرّد أعمالٍ وظيفيّةٍ وجميلةٍ، بل متجذّرة في صلتها بالنّاس الذين تخدمهم". وتُتابع قائلةً: "حين تتقدّم النّساء إلى مواقع القيادة، فإنّهن يرسمن مساراً مرئيّاً للآخرين. فالتّمثيل ليس زخرفةً رمزيّةً، بل إشارة إلى أنّ القيادة تتجلّى بأشكالٍ وأصواتٍ متنوّعة.ٍ كما أنّ رؤية نساءٍ يقدن مشاريع كبرى، أو يترأسن منصّاتٍ، أو يُسهمن في صياغة السّياسات، تجعل الطّموح أمراً طبيعيّاً وتغرس اليقين بأنّ النّجاح ممكنٌ، بل والازدهار أيضاً. والأثر الأعمق يتجلّى في «أثر المضاعفة»؛ فخطوة امرأةٍ واحدةٍ إلى الأمام لا تفتح الباب لنفسها فحسب، بل تُبقيه مشرعاً أمام كثيراتٍ أخرياتٍ ليمضين عبره".

دروس مُستفادة: أسئلة وأجوبة مع تالا النونو

س: لو نظرتِ إلى رحلتك المهنيّة، ما النّصيحة الّتي كنتِ ستوجّهينها لنفسك قبل أن تبدئي مسارك؟ وهل هناك أمرٌ كنتِ ستتجنّبينه لو عاد بك الزّمن؟

تقول تالا النونو: "النّصيحة الأثمن الّتي كنتُ لأقدّمها لنفسي الشابّة هي أن أثق بصوتي في وقتٍ أبكر. فلا حاجة إلى انتظار ألقابٍ إضافيّةٍ أو سنوات خبرةٍ أطول أو اعترافٍ خارجيٍّ كي يكون لإسهامي معنى؛ فقيمة رؤيتي حاضرةٌ منذ اليوم الأوّل".

وتُضيف:
"أمّا ما كنتُ لأتجنّبه، فهو أن أُقزّم نفسي لألائم فضاءاتٍ لم تُصمَّم لي أصلاٍ. ففي بدايات مسيرتي، كنتُ ألين في أفكاري أو أُغيّر أسلوبي لمجاراة الأصوات المهيمنة. واليوم، أُدرك أنّ اللّحظات التي تمسّكتُ فيها بحدسي هي الّتي صنعت أثري الأعمق".

وتختم برسالةٍ للجيل الصّاعد من النّساء: "امتلكن مساحتكنّ، واستثمرن في نمائكنّ، ولا تستهِنَّ أبداً بالأثر المتضاعف لشجاعتكنّ؛ فجرأةٌ واحدةٌ قد تُطلق موجات إلهامٍ تتخطّى حدودكنّ الفرديّة".