الرئيسية تكنولوجيا العمل مع الروبوتات: فرصة أم تهديد لمسيرتك؟

العمل مع الروبوتات: فرصة أم تهديد لمسيرتك؟

حين يزداد الاعتماد على الروبوتات والذكاء الصناعي في سوق العمل، يصبح التكيّف وتطوير المهارات ضرورةً للحفاظ على القيمة المهنيّة والكفاءة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشهد العالم اليوم ثورةً تقنيّةً هائلةً تعيد تشكيل سوق العمل بأسره، إذ يتزايد الاعتماد على الذّكاء الصّناعيّ والأجهزة الذّكيّة والرّوبوتات في كلّ قطاعٍ من قطاعات الإنتاج والخدمة. ولم يعد "العمل مع الرّوبوتات" فكرةً مستقبليّةً، بل أصبح واقعاً يفرض نفسه في المصانع والمكاتب والمستودعات وحتّى في القطاعات الإبداعيّة. وفي ظلّ هذه التّغيّرات المتسارعة، يتساءل الكثيرون: هل يمثّل العمل مع الرّوبوتات فرصةً للتّطوّر والنّموّ؟ أم هو تهديدٌ يقوّض المسيرة المهنيّة ويقلّص الفرص البشريّة في سوق العمل؟

المفارقة الكبرى في العصر الرّقميّ أنّ الرّوبوتات لم تأت لتلغي العامل الإنسانيّ، بل لتعيد تعريف دوره وتطوّر مهاراته؛ فالعمل مع الرّوبوتات يحمل وجهين متناقضين: أحدهما يبشّر بالإنتاجيّة والكفاءة والتّقدّم، والآخر ينذر بالتّهميش والبطالة إذا لم يدار الاندماج بين الإنسان والآلة بواعٍ ورؤيةٍ متّزنةٍ.

مفهوم العمل مع الرّوبوتات في العصر الحديث

يعني العمل مع الرّوبوتات أن يتقاسم الإنسان والآلة الوظائف والمهامّ في البيئة المهنيّة، حيث تؤدّي الرّوبوتات الأعمال التّكراريّة والخطرة بدقّةٍ عاليةٍ، فيتفرّغ الإنسان للمهامّ الّتي تحتاج إلى الإبداع والتّحليل والتّواصل العاطفيّ. وقد تبيّن، وفق تقريرٍ صادرٍ عن "منتدى الاقتصاد العالميّ" (World Economic Forum 2024)، أنّ أكثر من 43% من المهامّ المؤدّاة اليوم يسهم فيها الذّكاء الصّناعيّ والأجهزة الذّكيّة. ومع ذلك، توقّع التّقرير أن تولّد هذه التّقنيّات نحو 97 مليون فرصة عملٍ جديدةٍ حتّى عام 2027، ممّا يؤكّد أنّ التّقدّم التّقنيّ لا يهدف إلى الإقصاء، بل إلى إعادة التّشكيل. [1]

العمل مع الروبوتات: فرصة أم تهديد لمسيرتك؟

يعدّ العمل مع الرّوبوتات واحداً من أكبر التّحوّلات الجذريّة الّتي يشهدها سوق العمل في القرن الحادي والعشرين، إذ لم تعد الآلة مجرّد أداةٍ مساعدةٍ تنفّذ الأوامر، بل أصبحت شريكاً فعليّاً في الإنتاج واتّخاذ القرار في بعض المجالات. وقد جعل هٰذا التّغيّر العميق العالم المهنيّ يعيش حالةً من التّرقّب والانقسام بين من يراه فرصةً مذهلةً للابتكار والتّقدّم، وبين من يعتبره تهديداً وجوديّاً قد يهمّش العنصر البشريّ ويقصيه من المشهد العمليّ خلال العقود القادمة.

فمن جهةٍ، يرى المؤيّدون أنّ التّعاون بين الإنسان والرّوبوت يمثّل نقلةً نوعيّةً في الكفاءة والإنتاجيّة، إذ تستطيع الرّوبوتات أن تنجز المهامّ المرهقة أو الخطرة أو المتكرّرة بسرعةٍ ودقّةٍ تفوق القدرات البشريّة، ممّا يمكّن العامل من التّركيز على المهامّ الإبداعيّة والتّحليليّة ذات القيمة الأعلى. وقد أكّدت تقارير «المنتدى الاقتصاديّ العالميّ» لعام 2024 أنّ نحو 60% من الشّركات الكبرى بدأت فعلاً في دمج تقنيّات الذّكاء الصّناعيّ والرّوبوتات ضمن بيئة العمل اليوميّة، وأنّ هٰذا الدّمج ساهم في رفع الكفاءة التّشغيليّة وتقليل الأخطاء بنسبةٍ تجاوزت 40%.

ومن جهةٍ أخرى، لا يمكن تجاهل المخاوف المشروعة الّتي يثيرها هٰذا التّحوّل، إذ يخشى كثيرون من أن يؤدّي العمل مع الرّوبوتات إلى فقدان ملايين الوظائف، خاصّةً في القطاعات الّتي تعتمد على المهامّ الرّوتينيّة كالتّصنيع والنّقل والخدمات اللّوجستيّة. وتشير دراسةٌ حديثةٌ صادرةٌ عن مؤسّسة «مكنزي العالميّة» إلى أنّ الأتمتة والذّكاء الصّناعيّ قد يعيدان تشكيل أكثر من 30% من الوظائف الحاليّة بحلول عام 2030، ممّا يعني أنّ بعض المهن ستختفي كلّيّاً فيما ستظهر أخرى تحتاج إلى مهاراتٍ جديدةٍ كبرمجة الأنظمة الذّكيّة وإدارة البيانات وتصميم الرّوبوتات.

ولٰكنّ الحقيقة ليست في أحد الطّرفين المتناقضين، بل في التّوازن بينهما. فالتّكنولوجيا بحدّ ذاتها ليست تهديداً، وإنّما طريقة تعامل الإنسان معها هي ما يحدّد النّتيجة. فإذا تعامل الأفراد مع الرّوبوتات بوصفها منافساً، فإنّ الخوف سيكون سيّد الموقف وستتراجع فرص التّكيّف. أمّا إذا تعاملوا معها كشريكٍ يمكّنهم من توسيع قدراتهم، فإنّ النّتيجة ستكون مضاعفةً في الفعاليّة والإبداع. [2]

كيف يمكن الإنسان أن يتكيف مع العمل مع الروبوتات؟

يتطلّب النّجاح في بيئةٍ يتزايد فيها الحضور الآليّ تبنّي مجموعةٍ من الاستراتيجيّات:

  • تعلّم المهارات الرّقميّة: يجب على كلّ محترفٍ أن يتقن الأدوات الرّقميّة الّتي تعمل مع الرّوبوتات، مثل أنظمة التّعلّم الآليّ والتّحكّم الأوتوماتيكيّ ومفاهيم الذّكاء الصّناعيّ التّطبيقيّ.
  • تطوير مهاراتٍ لا يمكن أن تستبدل: مثل التّفكير الإبداعيّ والقيادة والتّواصل وحلّ المشكلات، وهي الجوانب الّتي تبقى في صلب القيمة الإنسانيّة.
  • اعتماد التّعلّم المستمرّ: فسوق العمل الّذي يتغيّر بسرعةٍ يحتاج إلى موظّفٍ يتعلّم كلّ يومٍ مهارةً جديدةً.
  • التّفكير التّعاونيّ: فالنّظام الأكثر فاعليّةً هو الّذي يجمع بين دقّة الآلة ومرونة الإنسان.

الخلاصة

لا يمكن إيقاف الثّورة الرّقميّة، ولا يمكن تجنّب العمل مع الرّوبوتات، بل يجب فهمها وتسخيرها. فالعصر الّذي نحياه لا يكافئ من يملك القوّة الجسديّة، بل من يمتلك القدرة على التّكيّف والتّعلّم والتّفكير النّقديّ. ومع أنّ الرّوبوتات قد تغيّر شكل المهن، فإنّها لا تستطيع تقليد الإنسان في الإبداع والعلاقات والقيم.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل ستحل الروبوتات محل البشر في الوظائف؟
    لن تحلّ الروبوتات محلّ البشر كليّاً، بل ستغيّر طبيعة العمل؛ فوفقاً لتقرير ماكينزي لعام 2024، سيتم أتمتة نحو 30% من المهامّ، لا الوظائف بالكامل.و ستبقى المهارات الإنسانيّة مثل الإبداع والتّواصل والتّفكير النّقديّ ضروريّةً ولا يمكن استبدالها.
  2. ما المجالات الأكثر تأثراً بالعمل مع الروبوتات؟
    القطّاعات الصّناعيّة والنّقل والخدمات اللّوجستيّة هي الأكثر تأثراً بالعمل مع الروبوتات، لأنّها تعتمد على المهامّ المتكرّرة، أمّا المجالات التي تتطلّب الإبداع والتّحليل، مثل التّسويق والتّعليم والرّعاية الصّحيّة، فستستفيد أكثر من التّكامل بين الإنسان والآلة لرفع الإنتاجيّة وتقليل الخطأ.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: