الرئيسية الريادة العلاج الوحيد للإنتاجية السامة: نصائح من علم النفس

العلاج الوحيد للإنتاجية السامة: نصائح من علم النفس

إذا كنت دائم الإنتاجية، ولكن تشعر بعدم الرضا، فهذا دليل على الإنتاجية السامة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

"الجرعة تصنع السّمّ"، هكذا وصف الطّبيب السّويسريّ باراسيلسوس في القرن السّادس عشر مفهوم الإفراط، مؤكداً أنّ حتّى الماء الزّائد قد يصبح ضارّاً. وما ينطبق على الماء ينطبق أيضاً على الإنتاجيّة.

تحقيق إنجازاتٍ ذات قيمةٍ يعدّ أمراً رائعاً، لكن عندما تسعى لإبقاء نفسك مشغولاً باستمرارٍ لتعزيز الأنا أو للهروب من مشاعر سلبيّةٍ مثل الإحساس بانخفاض القيمة الذّاتيّة، تصبح هذه الحالة ما يعرف بـ"الإنتاجيّة السّامّة".

وصفت جنيفر موس، مؤلفة كتاب "وباء الإرهاق" (The Burnout Epidemic)، هذا المفهوم بقولها: "الإنتاجيّة السّامّة هي رغبةٌ غير صحّيّة في البقاء منتجاً طوال الوقت، وغالباً ما يكون ذلك على حساب صحتنا العقليّة والجسديّة، علاقاتنا، وجودة حيّاتنا بشكلٍ عامٍّ". هذا المفهوم يشبه إدمان العمل، لكنه يمتدّ ليشمل جميع جوانب الحيّاة، حتّى اللّياقة البدنيّة والأنشطة التّرفيهيّة.

تنطبق هذه الظّاهرة على الكثير من رواد الأعمال والقادة. خذ على سبيل المثال حياة إيلون ماسك، الّتي تعدّ مثالاً شهيراً على "الضّغط المستمرّ" والدّراما المتواصلة في العلاقات. ورغم أنّ الطّموح الشّديد قد يدفع لتحقيق إنجازاتٍ كبيرةٍ، فإنّه غالباً ما يأتي بتكلفةٍ نفسيّةٍ باهظةٍ.

لكن ماذا لو اخترت التّوقف عن السّعي وراء إنجازاتٍ سطحيّةٍ لا معنى لها؟ كيف يمكنك مواجهة الإنتاجيّة السّامّة؟

لا يمكن علاج الإنتاجيّة السّامة بالمزيد من الإنتاجيّة

يعتقد الكثير من الأشخاص الطّموحين أنّ العمل بجدٍّ أكثر قد يكون الحل للتّغلب على الإنتاجيّة السّامّة. يظنون أن تغيير أسلوب إدارة الوقت أو مراجعة الحياة أو إعادة جدولة المهامّ قد يساعدهم في السّيطرة على جداولهم المزدحمة ومشاعر الإرهاق المستمرّة.

لكن، تؤكّد المعالجة النّفسيّة إسراء نصير، الّتي عانت سابقاً من الإنتاجيّة السّامّة، ومؤلّفة كتاب "الإنتاجيّة السّامّة: استعد وقتك وطاقتك العاطفيّة في عالمٍ دائم المطالب" (Toxic Productivity: Reclaim Your Time and Emotional Energy in a World That Always Demands More)، أنّك لن تتغلب على الإنتاجيّة السّامّة عبر حيلةٍ جديدةٍ. وتشير نصير إلى أن جذور المشكلة أعمق بكثيرٍ من مجرّد سوء إدارة الوقت أو ترتيب الأولويّات.

الجذور العميقة للإنتاجيّة السّامّة

ترتبط الإنتاجيّة السّامّة غالباً بالمخاوف العميقة والمشاعر غير المعالجة. حيث توضّح إسراء نصير، في حديثها مع "بيغ ثينك" (Big Think): "تنبع السّلوكيّات غير الصّحّيّة المرتبطة بالإنتاجيّة من مشاعر لم يتعامل معها. وبينما نسمع كثيراً عن كيفيّة تحسين الإنتاجيّة، نفتقر إلى الوعي العاطفيّ والذّكاء العاطفيّ لفهم الدّوافع الحقيقية الّتي تجعلنا نسعى وراء ما نسعى إليه".

قد تكون الرّسائل الّتي تلّقيتها في طفولتك هي السّبب؛ ربّما كنت تثني دائماً على درجاتك الجيّدة، ممّا جعلك تربط الإنجاز بالحب. أو ربما دفعتك تجارب حياتك المبكّرة إلى الخوف من الفقر إذا لم تعمل باستمرارٍ. وربّما تجد في تحسين عملك بشكلٍ مفرطٍ هروباً من مواجهة ذكريّاتٍ مؤلمةٍ.

للخروج من هذه الحلقة من الإنجازات غير المجدية والتّخلص من الإنتاجيّة السّامّة، تحتاج إلى مواجهة الدّوافع العميقة الّتي تحرك تصرّفاتك واستبدالها بدوافع أكثر صحّةً. تقول نصير إنّ السّبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو استكشاف قيمك الحقيقيّة والالتزام بهاكما تشرح نصير: "تُشكّل قيمنا الأساس لنوايانا وتوجّه اختياراتنا في استثمار مواردنا، كطاقتنا ووقتنا، لتحقيق أهدافنا ورغباتنا". فعندما تحدد قيمك بوضوحٍ، يمكنك اتخاذ قراراتٍ أفضل حول كيفيّة استثمار حياتك الثّمينة.

لا يمكنك فعل كلّ شيءٍ. فما الذي يهمك حقاً؟

تستحضر هذه الفكرة جوهر كتاب "أربعة آلاف أسبوعٍ" (Four Thousand Weeks) للمؤلف أوليفر بيركمان، الذي لخصه أحد المغردين مازحاً بقول: "إنّه ببساطةٍ أوليفر بيركمان يكرر باستمرار: "حياتك محدودةُ؛ ستنتهي في يومٍ ما"، وذلك على مدار حوالي 200 صفحة.

يؤكد بيركمان أنّ الكثيرين يهربون من مواجهة حقيقة أنّ وقتنا محدودٌ، ممّا يدفعهم للانشغال بلا هدفٍ واضحٍ. إذ يتطلّب استغلال الوقت بشكلٍ فعالٍ اتخاذ قراراتٍ صعبةٍ حول الأولويّات: ما الذي سنخصص له وقتاً، وما الذي سنتركه جانباً.

يشترك بيركمان وإسراء نصير في الرّأي بأنّ القرارات الذّكيّة بشأن إدارة الوقت تبدأ بمعرفة الذات. يجب أن تكون هذه القرارات مدفوعةً بالقيم بوعيٍ واستباقيّةٍ، وليس بناءً على ردود أفعالٍ عاطفيّة أو توقعات الآخرين غير المدروسة.

هل يعدّ اكتشاف قيمك مهمةً صعبةً؟ الإجابة هي نعم. حيث تصف نصير هذا العمل بقولها: "العمل على القيم هو عملٌ عميقٌ".

قد يحتاج البعض إلى العلاج النّفسيّ لفهم قيمهم بوضوحٍ، بينما قد يكتفي آخرون بتأملٍ صادقٍ يوازن بين ما يهمهم حقاً وكيف يقضون وقتهم. ولكن الحقيقة واضحةٌ: لا يمكنك التّغلب على الإنتاجيّة السّامّة بمجرد إعادة تنظيم جدولك. العلاج الحقيقي الوحيد هو أن تعرف قيمك، وتعيش وفقاً لها.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: