OpenAI تطور أداة موسيقية تعزز التسويق بالذكاء الاصطناعي
تسعى شركة OpenAI إلى ابتكار أداة موسيقية متقدّمة قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، تُمكّن المستخدمين من تأليف مقاطع صوتية مخصّصة للفيديوهات والحملات الإعلانيّة في وقتٍ وجيزٍ
تشير التّقارير إلى أنّ شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) تمضي قدماً في تطوير أداةٍ موسيقيّةٍ جديدةٍ قائمةٍ على الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ، تهدف إلى إحداث نقلةٍ نوعيّةٍ في طريقة ابتكار المحتوى الصّوتيّ. ورغم أنّ موعد الإطلاق لم يعلن بعد، يبدو أنّ الأداة ستتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع موسيقيّةٍ متكاملةٍ للفيديوهات أو للمسارات الغنائيّة استناداً إلى أوامر نصّيّةٍ أو صوتيّةٍ دقيقةٍ، بحسب ما أفاد به موقع ذ إنفورميشن. ومن خلال هٰذه الخطوة، تسعى الشّركة إلى توسيع دائرة استخدام أدواتها الإبداعيّة لتشمل الموسيقى، بعد أن أثبتت نجاحها في مجالات الكتابة والتّصميم وتوليد الصّور.
ولأنّ الابتكار في الموسيقى الإعلانيّة يعدّ عناصر حاسمةً في بناء الهويّة السّمعيّة للعلامات التّجاريّة، يمكن لهٰذا التّطوّر أن يحوّل طريقة عمل روّاد الأعمال والمسوّقين وخبراء الإعلان على حدٍّ سواءٍ. إذ سيتيح لهم إنتاج نغماتٍ دعائيّةٍ أو مقاطع موسيقيّةٍ تعبّر عن روح علاماتهم التّجاريّة في دقائق معدودةٍ، بعد أن كانت هٰذه العمليّة تستغرق أسبوعاتٍ طويلةً. وبهٰذا، قد تمهّد هٰذه الأداة لظهور شعاراتٍ موسيقيّةٍ جديدةٍ توازي في تأثيرها تلك العبارات الشّهيرة مثل “آي أم لوفن إت” الخاصّة بمكدونالدز أو “نيشن وايد إز أون يور سايد” لشركة التّأمين الأمريكيّة، والّتي أصبحت جزءاً من الذّاكرة الإعلانيّة العالميّة.
وفي سياقٍ متّصلٍ، أوضح أحد المصادر لموقع ذ إنفورميشن أنّ مجموعةً من طلّاب مدرسة جوليارد للموسيقى في نيويورك تسهم حاليّاً في تصنيف النّوتات الموسيقيّة لتدريب نموذج الذّكاء الاصطناعيّ الّذي تطوّره أوبن إيه آي، ما يشير إلى رغبة الشّركة في بناء قاعدةٍ موسيقيّةٍ أكاديميّةٍ دقيقةٍ تعزّز جودة التّعلّم الآليّ. غير أنّ هٰذه الخطوة تأتي في وقتٍ يشهد فيه العالم خلافاتٍ حادّةً حول مشروعيّة تدريب النّماذج الموسيقيّة على أعمالٍ خاضعةٍ لحقوق النّشر.
ففي يونيو من عام 2024، رفعت شركات التّسجيل الكبرى، ومنها Warner Music Group وUniversal Music Group، دعوى قضائيّةً ضدّ شركتي Suno AI وUncharted Labs، متّهمةً إيّاهما باستخدام موسيقى محميّةٍ بحقوق الملكيّة الفكريّة لتدريب أنظمتهما التّوليديّة دون الحصول على إذنٍ مسبقٍ. ولم يقتصر الجدل عند هٰذا الحدّ، إذ عادت جمعيّة صناعة التّسجيلات الأمريكيّة (RIAA) في سبتمبر من العام نفسه لتضيف شكوى جديدةً، اتّهمت فيها شركة Suno باستخدام أسلوبٍ يعرف باسم “ستريم ريبّينغ”، وهو شكلٌ من أشكال القرصنة الموسيقيّة، لتنزيل تسجيلاتٍ محميّةٍ من موقع يوتيوب واستخدامها في عمليّات التّعلّم الآليّ. وقد فتحت هٰذه القضايا الباب أمام نقاشٍ عالميٍّ حول العلاقة المعقّدة بين الذّكاء الاصطناعيّ والإبداع الإنسانيّ، وحول من يملك الحقّ في توظيف الإرث الفنّيّ داخل النّماذج التّوليديّة.
وفي خضمّ هٰذا الجدل، وجدت شركة Spotify نفسها أيضاً في مرمى الانتقادات بعد أن اتّهمت بالتّرويج لمحتوى موسيقيٍّ منتجٍ بالذّكاء الاصطناعيّ، إلى جانب علاقاتها المتزايدة مع شركات التّقنية العسكريّة. وذكرت مجلّة AI Magazine أنّ عدداً من الفنّانين قرّروا مقاطعة المنصّة بعد أن استثمر مديرها التّنفيذيّ في شركة Helsing المتخصّصة في تطوير أنظمة الذّكاء الاصطناعيّ الدّفاعيّة. وقد عبّرت الفرقة البريطانيّة Massive Attack عن رفضها الشّديد لأن تستخدم أرباح الفنّانين والمعجبين في تمويل “تكنولوجيّاتٍ قاتلةٍ وديستوبيّةٍ تهدّد القيم الإنسانيّة”.
ورغم تصاعد الغضب في الأوساط الفنّيّة، لم تتوقّف صناعة الإعلانات عن استثمار طاقات الذّكاء الاصطناعيّ في الجانب الإبداعيّ من الموسيقى. فعلى النّقيض من المقاطعات الفنّيّة، شهدت العلامات التّجاريّة الكبرى حماساً واضحاً لاستخدام هٰذه التّقنيّات في التّسويق. ومن أبرز الأمثلة على ذٰلك ما فعلته سلسلة مطاعم ريد لوبستر عام 2024، حين أطلقت حملةً موسيقيّةً مبتكرةً كتبت فيها تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ ثلاثين أغنيةً من أنماطٍ موسيقيّةٍ مختلفةٍ تمحورت حول منتجها الشّهير تشيدر بي بيسكتس. وقد أثارت الحملة اهتماماً واسعاً في الأوساط الإعلانيّة لما جسّدته من تزاوجٍ بين الإبداع التّكنولوجيّ والهويّة التّجاريّة.
وهكذا، بينما يثير الذّكاء الاصطناعيّ الموسيقيّ مخاوف تتعلّق بالملكيّة والحقوق الإبداعيّة، يفتح في المقابل أبواباً جديدةً أمام التّسويق العصريّ وصناعة التّرفيه، مؤكّداً أنّ مستقبل الفنّ لن يكون صراعاً بين الإنسان والآلة، بل تعاوناً يعيد تعريف حدود الإبداع.