3 خطوات لتقييم الأفكار الجديدة وزيادة فرص النجاح
اكتشف كيف يُمكنك تقييم فكرتك بفعالية، ممّا يضمن بدء مشاريع ناشئة بخطواتٍ مدروسةٍ تقود إلى النجاح والاستمرارية
غالباً ما نقولُ: "الأفكارُ هي كلُّ شيءٍ، ولكنَّها لا شيءٌ أيضاً". فالأفكارُ غزيرةٌ ومتوفِّرةٌ، ولكنَّ تنفيذها هو الأهمُّ. وفي الوقت ذاته، فإنَّ تنفيذَ الأفكار السَّيئة لا يُمكن أن يُعطيها قيمةً، وكوني أعملُ كمطوِّرٍ للتَّطبيقات، وأعملُ مع عملائي عن كثبٍ لأصقل وأحسِّن أفكارها، وأحوِّلها إلى منتجاتٍ ذات غايةٍ معروفةٍ ومفيدةٍ للعملاء والمُستخدمين.
إنَّ أفضلَ الأفكار غالباً ما تأتي من أشخاصٍ مُؤسِّسين غيرُ تقنيّين، من أشخاصٍ يفهمون المشكلةَ بعمقٍ ودقَّةٍ. وعلى الرَّغم من ذلك، فهؤلاء الأشخاص يُعانون من كثرة التَّفكير في كلّ خطوةٍ يعزمون على القيام بها؛ لذلك ولتعرفَ أنَّ فكرتكَ جيّدةٌ، وعليكَ السَّعي لتحقيقها، اتَّبع الخطوات الثَّلاث الآتية:
الخطوة 1: هل لديك ميّزة غير عادلةٍ؟
هناك احتمالٌ أن تكونَ فكرتكَ مطروقةً من قَبل، إذا كُنتَ تبدأُ من قاعدةٍ ثانيةٍ أو ثالثةٍ في تنفيذ هذه الفكرةِ، فهذا مؤشّرٌ جيّدٌ. وربّما لديك بعض المعرفة الدّاخليّة بالمشكلة، أو اتّصالاتٌ داخل الصّناعة، أو خبرةٌ سابقةٌ. لكن يجب ألّا تمتلك فقط فكرةً عن الفكرة، بل كيف تحوّلها إلى واقعٍ، إذ قد تشعرُ بتوافقٍ مخيفٍ تقريباً.
على سبيل المثال، لديَّ فكرةٌ لتطبيق ذكاء اصطناعي شخصيٍّ آمن ٍ جداً، ولكنّني لا أملكُ القدرةَ على إنشائهِ، ولا أملكُ الخبرةَ في البلوك تشين أو في هذا النَّوع من التُّكنولوجيا العميقة؛ لذلك أبحثُ عن خبراء ليقوموا بعمليَّة الإنشاء وأدعمهم.
أو مثلاً لديَّ فكرةٌ مختلفةٌ لكتبٍ مُخصَّصةٍ للأطفال الذي يتعلَّمون القراءة، ولديَّ فريقٌ يستطيعُ بسهولةٍ بناء البنية التّحتيّة لمشروعي، وأنا أمتلكُ الخبرةَ، فقد كتبتُ ونشرتُ للأطفال، وحقَّقتُ بعض النّجاحات في هذا المجال، وإضافةً لذلك فأنا أمٌّ لطفلٍ يتعلَّمُ القراءة، وممّا لا شكَّ فيه وجود عددٍ كبيرٍ من الأمَّهات ومن مؤلّفي كُتبِ الأطفال، ولكنَّ كم عددُ الَّذين يملكون فريق تطوير ذكاءٍ اصطناعي على مستوى عالٍ؟
ليس لدي مهارات تسويقٍ قويَّة تصلني بالمستهلك بشكلٍ مباشر، لكنَّني صادفت شخصاً لديه هذه المهارات، ويرغبُ في الشَّراكة معي في هذا المشروع؛ لذا حتَّى الآن، هذه الفكرة تبدو إشارةً خضراء بالنّسبة لي.
الخطوة 2: جمع الإشارات
إذا اجتازت فكرتكَ الخطوةَ الأولى، فقد حان الوقتُ لبدء اتِّخاذ الإجراءاتِ، فاتِّخذ خطواتٍ صغيرةً في اتّجاهاتٍ مُتعدّدةٍ، وتعمّق في وضع مُنتجكَ، والتَّسعير المُحتمل، وقم برسمٍ تخطيطيٍّ عالي المستوى لنموذج عملكَ، واجمع نقاط البيانات، وجرّب التّكرارات، وتعامل مع فكرتكَ برفقٍ ومرونةٍ، وتحدَّت مع النَّاس عنها أيضاً، ولكن بحذرٍ شديدٍ.
كن انتقائيّاً بشأن من تتحدَّثُ معهُ، وضع نصب عينيكَ ما تُريدهُ منهُ بالضّبط وما تحتاجهُ من الحديثِ معهُ، وكن واقعيّاً بشأن التَّحيُّزات الَّتي قد تُصادفكَ، إذ يُتيح ذلك لكَ أخذَ نصائحهم بما تستحقُّه فعليّاً، دون الافتراض أنَّ نصائحهم أكثر حكمةً من قرارتكَ.
قد يكون من الطَّبيعيّ أن تستعينَ بآراء الآخرين للحكمِ على فكرتكَ، ولكن لا أحد غيرك في مكانكَ، بينما يُمكنكَ دائماً الاستفادة من المُداخلاتِ، واعلم أنَّ الآخرينَ لا يُمكنهم -كما تقول جلينون دويل- أنّ يعطوكَ إرشاداتٍ ونصائح عن مكانٍ لم يُزوروه من قبل.
الخطوة 3: هل هذه فكرة، أم هي يقين؟
الإشاراتُ الخارجيَّة يُمكن أن تكونَ خاطئةً بالتَّأكيد، خذ مثالاً Slack، كان لدى الكثير من النَّاس صعوبةٌ في تصديق أنَّ Slack كان فكرةً ذكيَّةً للبناء، فهي على الورق لا تبدو فريدةً من نوعها، لكن في التَّنفيذ، أصبحت كذلك، كان لدى مبدعي Slack يقينٌ بأنَّ فكرتهم ذكيَّةٌ وجيّدٌة، حتَّى عندما كانت الإشارات الخارجيَّة تقول غير ذلك.
في هذه الخطوة، أجرِ تقييماً داخليّاً، واعرف هل تتوافقُ هذه الفكرةُ مع قيمكَ؟ وهل ستساعدكَ في أن تعيشَ الحياةَ الَّتي تُريدها؟ هل ستساعدكَ على النُّموّ في الاتِّجاه الَّذي ترغبُ فيه؟ حتَّى لو كنتَ تشعرُ بالخوفِ، هل تشعرُ بشيءٍ ما في داخلكَ يدعوكَ لمتابعةِ هذه الفكرةِ؟
إذا اجتازت فكرتكَ هذه الخطوة، فقد حان الوقتُ لاتِّباع حدسكَ واتِّخاذ قفزة الإيمان، قد يصادفكَ حظٌّ جيِّدٌ أو حظٌّ سيِّئٌ، لا أحد يعرفُ، وفي أثناء تقدُّمكَ، حاول أن تكونَ مرناً قدر الإمكان، وتذكَّر هذا القول، وهو من الخيارات الفُضلى لديَّ في الحياة وريادة الأعمال.
في يومٍ من الأيَّام، استيقظ مزارعٌ صينيٌّ ليجدَ أنَّ حصانهُ قد هرب، وقال جارهُ عن ذلك: "يا له من أمرٍ فظيعٍ"، فأجابَ المُزارعُ: "هو حظٌّ جيّدٌ، أو حظٌّ سيّئٌ، لا أحد يعرفُ"، بعد بضعة أيَّامٍ، عاد الحصان ومعه حصانٌ آخر، قال الجار: "يا له من حظٍّ جيّدٍ!"، فأجاب المُزارع بالجملةِ ذاتها: "هو حظٌّ جيّدٌ، أو حظٌّ سيّئٌ، لا أحد يعرفُ"، وأعطى المزارع الحصان الإضافيَّ لابنه، لكنَّ الحصان أسقطَ الابن وكسر ساقهُ، فقال الجار: "يا له من أمرٍ فظيعٍ"، فأجاب المزارع أيضاً: "هو حظٌّ جيّدٌ، أو حظٌّ سيّئٌ، لا أحد يعرف"، اندلعت الحربُ في المقاطعة، وتمَّ تجنيدُ جميع الشَّباب القادرين على القتال، وبسبب إصابتهِ، نجا ابن المزارع، فقال الجار: "يا له من حظٍّ جيدٍ!"، فأجاب المزارع كالعادة: "هو حظٌّ جيدٌ، أو حظٌّ سيئٌ، لا أحد يعرف".
هذه القصّةُ تُذكِّرني بشركتي الأولى، تطبيقٌ للعافية مباشرةً إلى المُستهلك. كانت تلك الفكرة يقيناً بالنِّسبة لي، إذ آمنتُ بها وتوجّهتُ نحوها ونفّذتُها، وعلى الرَّغم من أنَّها حقَّقت بعض النَّجاح، إلَّا أنَّها في النّهاية لم تنجح، وصلتُ إلى نقطةٍ لم أرغب فيها بمواصلة العمل على ذلك المنتج، لكنَّها قادتني إلى ما أفعله الآن مع WLCM، والَّذي أقومُ به بنجاحٍ منذ ما يقربُ من 15 عاماً، ولم أكن أتوقع ذلكَ أبداً.
عندما أتحدَّثُ مع الأشخاصِ الَّذين لديهم أفكارٌ قيد الاختبارِ قبل التَّنفيذِ، تكون تصوُّراتهم للنَّجاح والفشل جامدةً، أعتقدُ أنَّه حتَّى لو لم تتحقَّق الفكرةُ، فهذا لا يعني أنَّه لم يكن عليكَ السّعي وراءها؛ لأنَّ السَّعي وراءها ما يزال يقودكَ إلى الأمام على المسار الَّذي من المُفترض أن تكونَ عليه، حتَّى (وربَّما خاصَّةً) إذا كان مساراً لم تتوقَّعهُ، إذا كنت تعملُ من مكان يُعرف، فلن تُخطئ.