الرئيسية المال ما مستقبل أسعار السلع الأساسية في 2026؟

ما مستقبل أسعار السلع الأساسية في 2026؟

تترابط أسعار السلع مع النّموّ الاقتصاديّ العالميّ وتوازن العرض والطّلب والتّحولات الجيوسياسيّة، إذ يشكّل العامّ مرحلةً محوريّةً بين الانخفاض المحدود والاستقرار الانتقائيّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

ترتبط أسعار السّلع 2026 ارتباطاً وثيقاً بمسار النّموّ الاقتصاديّ العالميّ وتوازن العرض والطّلب وتقلبات الأسواق الجيوسياسيّة، فضلاً عن سياسات الدّول الكبرى في مجالات الطّاقة والتّجارة والبيئة. ومع دخول العالم مرحلة ما بعد الجائحة، واصطدامه بأزماتٍ متلاحقةٍ مثل الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة والتحوّل السّريع نحو الطّاقة النّظيفة، أصبحت حركة أسعار السّلع الأساسيّة أشبه ببوصلةٍ تعبّر عن صحّة الاقتصاد العالميّ بأكمله. لذلك، لم يعد من الكافي النّظر إلى الأسعار بمعزلٍ عن السّياق، بل ينبغي فهم العوامل المتشابكة الّتي تعيد تشكيل مشهد السّلع خلال الأعوام القادمة، وفي مقدّمتها عام 2026 الّذي يتوقّعه الخبراء عاماً مفصليّاً في دورة الأسواق.

ما مستقبل أسعار السلع 2026؟

يظهر تحليل الاتّجاهات العالميّة أنّ المشهد السّعريّ لعام 2026 يحمل ملامح مزدوجةً، إذ ترجّح أغلب التوقّعات استمرار الضّغوط الهبوطيّة على أسعار السّلع التّقليديّة، في حين تحتفظ بعض الفئات بزخمٍ إيجابيٍّ محدودٍ. وتشير بيانات البنك الدّوليّ إلى احتمال تراجع الأسعار بنحو 5% إضافيّةٍ في عام 2026 بعد انخفاضٍ بلغ 12% في عام 2025، نتيجة زيادة المعروض وتباطؤ النّموّ الاقتصاديّ. ويعزى هذا المسار في جوهره إلى تراجع الطّلب الصّناعيّ العالميّ، وعودة الإنتاج إلى مستوياتٍ تفوق الاستهلاك في قطاعاتٍ رئيسيّةٍ مثل الطّاقة والمعادن.

ويبرز تقرير Commodity Markets Outlook أنّ متوسّط سعر خامّ برنت قد يستقرّ حول 60 دولاراً للبرميل في عام 2026، إذ يدفع فائض المعروض وسرعة التّحوّل إلى مصادر الطّاقة البديلة الأسعار نحو مستوياتٍ أدنى. ومع ذلك، لا يبدو الانخفاض شاملاً لكلّ الفئات، فبينما يتوقّع أن تتراجع أسعار النّفط والمعادن الثقيلة، قد تحافظ السّلع الزّراعيّة والغذائيّة على استقرارٍ نسبيٍّ بفضل الطّلب المتزايد في الأسواق النّاشئة؛ فبحسب وزارة الزّراعة الأمريكيّة، يرجّح أن ترتفع أسعار الأغذية بمعدّلٍ يقارب 2.7% في عام 2026، وهو ارتفاعٌ طفيفٌ لكنّه يعبّر عن مقاومة هذا القطاع للتّقلّبات مقارنةً بالسّلع الصّناعيّة.

وما يزيد الصّورة تعقيداً أنّ العوامل المحرّكة للأسعار لم تعد اقتصاديّةً فقط، إذ يتداخل البعد السّياسيّ والمناخيّ والتّقنيّ مع الدّيناميّات التّقليديّة للسّوق؛ فالتّوسّع في استخدام السّيّارات الكهربائيّة، مثلاً، يقلّل تدريجيّاً الطّلب على النّفط، لكنّه في المقابل يحفّز الطّلب على معادن كالنّحاس واللّيثيوم والنّيكل الّتي تشكّل أساس البنى التّحتيّة للطّاقة الخضراء. ومن ثمّ، يمكن القول إنّ عام 2026 سيكون نقطة توازنٍ دقيقةٍ بين عالمٍ يتراجع فيه الطّلب على الوقود الأحفوريّ وعالمٍ آخر يزداد فيه الاعتماد على المعادن الحيويّة. هذه المفارقة تفسّر لماذا يتوقّع المحلّلون ضغوطاً هبوطيّةً عامّةً مع استثناءاتٍ محدّدةٍ ترتبط بطبيعة كلّ قطاعٍ وسرعة التّحوّل التّقنيّ فيه. [1]

الاتجاهات المتوقعة في فئات السلع

تعكس الاتّجاهات المتوقّعة في فئات السّلع للعام 2026 مزيجاً معقّداً من الضّغوط الهبوطيّة والاستقرار الانتقائي، إذ تتباين حركة الأسعار بين الطّاقة والمعادن والزّراعة تبعاً لتحوّلات العرض والطّلب العالميّ وسرعة الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.

قطاع الطاقة (النفط والغاز)

تتّجه المؤشّرات إلى استمرار انخفاض الأسعار مع زيادة الإنتاج في الولايات المتّحدة والشّرق الأوسط وروسيا، حيث يرجّح أن يتراوح سعر خامّ برنت بين 50 و60 دولاراً للبرميل في عام 2026، ما لم تقع صدمةٌ جيوسياسيّةٌ جديدةٌ تغيّر المعادلة. ويعدّ فائض العرض العالميّ أحد أبرز أسباب هذا التّراجع، إلى جانب تباطؤ النّموّ الصّناعيّ في أوروبا وآسيا. ومع تزايد استثمارات الطّاقة النّظيفة وتوسّع إنتاج الغاز المسال، يتوقّع أن تستمرّ الضّغوط الهبوطيّة على الأسعار ما لم تتدخّل عوامل خارجيّةٌ كالأزمات أو الكوارث الطّبيعيّة الّتي تقلّص المعروض.

قطاع المعادن والمواد الصناعية

يتوقّع أن تشهد المعادن الصّناعيّة تراجعاً محدوداً في الأسعار نتيجة انخفاض الطّلب في الصّين، أكبر مستهلكٍ عالميٍّ لها. ومع ذلك، تظهر المعادن المرتبطة بالتّحوّل الطّاقويّ -كالنّحاس والألمنيوم واللّيثيوم- قدرةً على مقاومة التّراجع وربّما تحقيق زياداتٍ طفيفةٍ في قيمتها، إذ تتزايد الحاجة إليها في تصنيع البطّاريّات وشبكات الكهرباء الحديثة. ويتوقّع أن تواصل هذه المعادن الحيويّة لعب دورٍ متقدّمٍ في الاقتصاد الأخضر، خاصّةً مع اتّجاه دولٍ عدّةٍ نحو كهربة وسائل النّقل والتّخلّي عن الوقود الأحفوريّ تدريجيّاً. وبذلك، تصبح أسعار السلع 2026 مشهداً متبايناً بين القطاعات التّقليديّة الّتي تتراجع والقطاعات المستقبليّة الّتي تحافظ على زخمها.

قطاع الأغذية والسلع الزراعية

يرجّح أن تبقى الأسعار ضمن نطاقٍ مستقرٍّ نسبيّاً، مع تباينٍ بسيطٍ بين المناطق. فالمحاصيل الأساسيّة كالقمح والذّرة قد تتراجع أسعارها بفضل تحسّن الإنتاج في أمريكا اللاّتينيّة وأفريقيا، بينما قد ترتفع أسعار الفواكه والزّيوت النّباتيّة نتيجة التّغيّرات المناخيّة وارتفاع تكاليف النّقل. ومع أنّ هذه التّقلّبات قد تربك الأسواق المحليّة، فإنّها لا تنذر بأزماتٍ غذائيّةٍ واسعةٍ كما حدث في السّنوات السّابقة. وهكذا، من المتوقّع أن يلمس المستهلك انخفاضاً طفيفاً في أسعار بعض السّلع يقابله ارتفاعٌ محدودٌ في فئاتٍ أخرى، ليبقى التّأثير الإجماليّ على سلّة الاستهلاك متوازناً إلى حدٍّ كبيرٍ. [2]

أثر الاتجاهات على المستهلكين والدول المصدرة

حين تتراجع  أسعار السلع 2026، يستفيد المستهلك في الدّول المستوردة من انخفاض تكاليف الطّاقة والغذاء، ممّا يخفّف الضّغوط التّضخّميّة ويزيد القدرة الشّرائيّة. غير أنّ الصّورة تختلف جذريّاً في الدّول المصدّرة للموادّ الخامّ، إذ تواجه تراجعاً في الإيرادات وميزانيّاتٍ أكثر هشاشةً، خصوصاً في الاقتصادات الّتي تعتمد على تصدير النّفط والمعادن. وتشير تقديرات البنك الدّوليّ إلى أنّ ثلثي الدّول النّامية قد تشهد تباطؤاً في النّموّ بسبب انخفاض أسعار صادراتها، الأمر الّذي يدفعها إلى إعادة هيكلة سياساتها الماليّة والبحث عن مصادر بديلةٍ للدّخل مثل الصّناعة التّحويليّة والخدمات الرّقميّة. [1]

الخلاصة

يمكن القول إنّ عام 2026 سيشكّل مرحلة تصحيحٍ في دورة أسعار السّلع، لا مرحلة انهيارٍ شاملٍ؛ فالاتّجاه العامّ يميل إلى الاستقرار المنخفض لا الهبوط الحادّ، مع احتمالات ارتفاعٍ موضعيٍّ في فئاتٍ محدّدةٍ كالسّلع الخضراء والمعادن النّظيفة. ويعتمد المسار النّهائيّ للأسعار على توازن أربعة محاور رئيسيّةٍ: استقرار النّموّ العالميّ، وتقدّم مشاريع الطّاقة النّظيفة، وإدارة المعروض من الدّول المنتجة، إضافةً إلى استقرار المشهد الجيوسياسيّ. 

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما أبرز العوامل التي ستحدد اتجاه أسعار السلع في 2026؟
    يتحكّم في اتّجاه الأسعار مزيجٌ من العوامل، أهمّها النّموّ الاقتصاديّ العالميّ، وتوازن العرض والطّلب، والسّياسات الجيوسياسيّة، والتّحوّل نحو الطّاقة النّظيفة. كما تؤثّر الكوارث الطّبيعيّة وسلاسل التّوريد في تغير الأسعار بشكلٍ مفاجئٍ.
  2. هل ستنخفض أسعار النفط بشكل كبير في 2026؟
    تشير التّوقّعات إلى أنّ أسعار النّفط ستبقى منخفضةً نسبيّاً بسبب زيادة المعروض من الولايات المتّحدة وروسيا، وتراجع الطّلب مع توسع الطّاقة المتجدّدة. ومع ذلك، أيّ أزمةٍ جيوسياسيّةٍ مفاجئةٍ قد ترفع الأسعار مؤقّتاً.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: