الرئيسية التنمية كيف تؤثر ضغوط العمل على صحتك وإنتاجيتك المهنيّة؟

كيف تؤثر ضغوط العمل على صحتك وإنتاجيتك المهنيّة؟

تتراكم ضغوط العمل تدريجيّاً لتتحوّل إلى عبءٍ يوميٍّ يؤثّر على التّركيز والمزاج، فتتداخل المهامّ وتضيع المسافة بين الجهد والرّاحة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

أصبحت ضغوط العمل من الظّواهر المتكرّرة والمنتشرة في الحياة المهنيّة الحديثة، حيث تواجه المؤسّسات والعاملون تحدّياتٍ متزايدةً تتعلّق بالمنافسة الشّديدة، وارتفاع متطلّبات الأداء، بالإضافة إلى التّطوّرات التّقنيّة والتّنظيميّة السّريعة الّتي تعيد تشكيل بيئات العمل باستمرارٍ.  حيث أظهرت منظمة العمل الدّوليّة في تقريرها لعام 2016 أنّ التّوتر المرتبط بالعمل يؤثر بشكلٍ مباشرٍ على صحّة الموظّفين النّفسيّة والجسديّة، ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراضٍ مزمنةٍ مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدّم. 

في ظلّ هذه الظّروف، يجد الكثير من الموظّفين أنفسهم تحت ضغطٍ نفسيٍّ وجسديٍّ مستمرٍّ، يؤثّر سلباً على صحّتهم ويقلّل من قدرتهم على التّركيز والإبداع، ممّا ينعكس على جودة العمل وكفاءته. وقد يؤدّي استمرار هذا الضّغط دون مواجهةٍ فعّالةٍ إلى تدهور الحالة النّفسيّة والجسديّة، وانخفاض الدافعيّة، وربّما ظهور مشكلاتٍ صحّيّةٍ مزمنةٍ. لذلك أصبح من الضّروريّ لأيّ شخصٍ يسعى لتحقيق النّجاح المهنيّ والحفاظ على استقراره الشّخصيّ أن يتعلّم كيفيّة التّعامل مع ضغوط العمل بشكلٍ واعٍ ومنظّمٍ. 

ما هي ضغوط العمل؟ 

في بيئات العمل الحديثة، تعدّ ضغوط العمل من أبرز التّحدّيات الّتي تواجه الموظّفين يوميّاً، وهي ليست مجرّد شعورٍ مؤقّتٍ بل هي استجابةٌ معقّدةٌ تشمل الجوانب النّفسيّة والجسديّة للفرد. وتنبع هذه الضّغوط من مطالب وظروفٍ متعدّدةٍ قد تتجاوز قدرة الإنسان على التّأقلم معها بسهولةٍ، ممّا يؤدّي إلى شعورٍ دائمٍ بالتّوتّر والقلق. 

يمكن أن تكون الضّغوط ناتجةً عن عوامل داخليّةٍ في بيئة العمل، مثل: كثافة المهامّ والمسؤوليّات، أو علاقات العمل الّتي قد تتّسم بالتّوتّر والصّراع، كما قد تنجم عن عدم وضوح الدّور الوظيفيّ، حيث يفتقر الموظّف إلى معرفةٍ دقيقةٍ بمسؤوليّاته أو حدود صلاحيّاته. علاوة على ذلك، يضيف عدم التوازن بين الحياة المهنية والشخصية عبئاً إضافيّاً على الفرد، إذ يجد نفسه مجبراً على توزيع جهوده بين متطلّبات العمل ومسؤوليّاته الشّخصيّة، ممّا يزيد من شعوره بالضّغط والاحتراق النّفسيّ

ينقسم الضّغط في بيئة العمل إلى نوعين رئيسيّين: الضّغط الحادّ، الّذي يظهر فجأةً نتيجة مواقف طارئةٍ، مثل: ضرورة إنجاز مهمّةٍ في وقتٍ ضيّقٍ، ويكون مؤقّتاً في أغلب الأحيان، والضّغط المزمن، الّذي يتّسم بالاستمراريّة والتّكرار على مدى فترةٍ طويلةٍ، مثل: العمل في بيئةٍ يسودها التّوتّر الدّائم أو غياب الدّعم الإداريّ

أسباب ضغط العمل 

تتعدّد أسباب ضغوط العمل، ويختلف تأثيرها باختلاف طبيعة العمل والفرد نفسه، ولكن من أهمّ هذه الأسباب هو عبء العمل الزّائد، حيث يواجه الموظّف مهامّاً كثيرةً تفوق إمكانيّاته أو الوقت المخصّص لها، ما يولّد إحساساً بالضّغط المستمرّ. كما تلعب المواعيد النّهائيّة الضّيّقة دوراً محوريّاً في رفع مستوى التّوتّر، إذ تضطرّ الموظّف إلى العمل بسرعةٍ دون تهيئةٍ مناسبةٍ، ممّا قد يؤثّر على جودة الأداء. كذلك، يسبّب عدم وضوح الدّور الوظيفيّ إرباكاً وقلقاً لدى الموظّف، إذ لا يعلم بدقّةٍ ما هو المتوقّع منه، وهذا ينعكس سلباً على ثقته بنفسه. [1]

إضافةً إلى ذلك، تشكّل العلاقات المهنيّة السّيّئة، سواءً مع الزّملاء أو المديرين، عاملاً مهمّاً في خلق بيئة عملٍ غير صحّيّةٍ تعزّز الشّعور بالضّغط، إذ إنّ ضعف الدّعم الإداريّ ونقص الموارد المتاحة يؤدّيان أيضاً إلى زيادة العبء على الموظّف، ممّا يجعل من الصّعب عليه أداء مهامّه بكفاءةٍ. وأخيراً، يضاف إلى ذلك الخوف المستمرّ من فقدان الوظيفة أو عدم استقرارها، وهو ما يزيد من حالة القلق وعدم الأمان لدى العاملين.

فهم هذه العوامل وأنواع ضغوط العمل هو الخطوة الأولى نحو التّعرّف على الطّرق المناسبة لمواجهتها والحدّ من تأثيرها السّلبيّ على الصّحّة النّفسيّة والجسديّة وعلى الإنتاجيّة المهنيّة 

أعراض ضغط العمل 

عندما يتعرّض الفرد لضغوط عملٍ مفرطةٍ ومستمرّةٍ، تبدأ علامات هذه الضّغوط في الظّهور عليه بشكلٍ واضحٍ، وتكون هذه الأعراض متنوّعةً تشمل الجوانب الجسديّة، والنّفسيّة، والسّلوكيّة، حيث تعكس تأثير الضّغط على الصّحّة العامّة للفرد وقدرته على الأداء بكفاءةٍ

في الجانب الجسديّ، قد يعاني الشّخص من صداعٍ مزمنٍ يرافقه تعبٌ وإرهاقٌ دائمان، كما قد تواجهه اضطراباتٌ في النّوم مثل الأرق وصعوبة الاستغراق في النّوم، ممّا يزيد من حدّة التّعب ويؤثّر على النّشاط اليوميّ. بالإضافة إلى ذلك، قد تظهر مشاكلٌ في الجهاز الهضميّ، كآلامٍ في المعدة أو إسهالٍ متكرّرٍ، نتيجة استجابة الجسم للتّوتّر النّفسيّ. ولا يقتصر التّأثير على ذلك فحسب، بل قد يؤدّي الضّغط المزمن إلى ارتفاعٍ في ضغط الدّم، ومشاكل قلبيّةٍ قد تتطوّر مع مرور الوقت، كما يشعر الفرد بتوتّرٍ عضليٍّ مستمرٍّ في مناطق مختلفةٍ من جسده

أمّا من النّاحية النّفسيّة، فيبرز القلق والتّوتّر المستمرّ كأبرز علامات ضغوط العمل، حيث يصعب على الفرد التّخلّص من مشاعر التّوتّر ويعيش حالةً من القلق المزمن. وقد تتطوّر هذه الحالة إلى الاكتئاب أو المزاج السّيّئ المستمرّ، ممّا يؤثّر سلباً على جودة الحياة والإنتاجيّة. ويلاحظ أيضاً صعوبةً في التّركيز واتّخاذ القرارات الصّحيحة، إلى جانب فقدان الحماس والشّعور بالإحباط الّذي يضعف الدّافعيّة نحو العمل. كما قد تظهر تذبذباتٌ في المزاج، مع زيادةٍ في العصبيّة وسرعة الغضب، ممّا يؤثّر على العلاقات المهنيّة والشّخصيّة

على الصّعيد السّلوكيّ، ينعكس تأثير ضغوط العمل في سلوكيّات الفرد من خلال انسحابه الاجتماعيّ، حيث يبتعد عن التّفاعل مع الزّملاء والأصدقاء. كما قد يظهر تقصيرٌ في أداء المهامّ الوظيفيّة، مع زيادة الأخطاء المهنيّة الّتي قد تعرّض العمل للخطر. ومن السّلوكيّات الأخرى الّتي تدلّ على الضّغط المفرط، الإفراط في استخدام الكحول أو التّدخين كوسائل للتّخفيف من التّوتّر، بالإضافة إلى تجنّب المسؤوليّات المهنيّة، وازدياد حالات الغياب المتكرّر الّتي تؤثّر سلباً على سير العمل. وتشير كلّ هذه العلامات إلى ضرورة الانتباه إلى ضغوط العمل والعمل على إدارتها قبل أن تتفاقم وتؤدّي إلى مشكلاتٍ صحّيّةٍ ومهنيّةٍ خطيرةٍ

تؤثّر ضغوط العمل بشكلٍ كبيرٍ على الفرد والمؤسّسة على حدٍّ سواءٍ. أمّا على مستوى المؤسّسة، فتسبّب ضغوط العمل انخفاضاً ملحظاً في الإنتاجيّة، حيث يتأثّر أداء الموظّفين سلباً، ويتزايد معدّل الغياب والتّأخّر، ممّا يعرقل سير العمل ويؤخّر المهمّات. وتسبّب هذه الضّغوط أيضاً زيادةً في معدّل دوران الموظّفين، حيث تفقد المؤسّسة كفاءاتها وتلجأ إلى استقطاب كوادر إضافيّةٍ للتّوظيف والتّدريب. 

فوق ذلك، يمكن لضغوط العمل أن تسبّب تدهوراً في بيئة العمل العامّة، ممّا يؤدّي إلى خفض روح الفريق وتأثيره على جودة التّعاون والإبداع. كما يؤدي ذلك إلى زيادة النّفقات الصّحيّة والدّوائيّة، ممّا يثقل العبء المالي على المؤسّسة ويؤثّر على استدامتها. 

كيف أتعامل مع ضغوط العمل؟ 

يتطلّب التّعامل مع ضغوط العمل وعياً واستراتيجيّةً واضحةً تمكّن الفرد من مواجهة التّحدّيات اليوميّة بكفاءةٍ وهدوءٍ، والحفاظ على توازنه النّفسيّ والجسديّ؛ لذلك لا بدّ من تبنّي خطواتٍ ونصائح عمليّةٍ تمكّن من السّيطرة على الضّغوط والحدّ من تأثيرها السّلبيّ: 

تنظيم الوقت وإدارة المهام 

في مجال تنظيم الوقت وإدارة المهامّ، ينصح باستخدام قوائم المهامّ اليوميّة والأسبوعيّة، مع تحديد الأولويّات بدقّةٍ، ما يساعد على وضوح الصّورة وتقليل الشّعور بالفوضى. كما يفضّل تقسيم المشاريع الكبيرة إلى مهامٍّ أصغر قابلةٍ للإنجاز، ممّا يسهّل التّعامل معها ويخفّف العبء النّفسيّ. يعدّ تجنّب المماطلة أمراً حيويّاً، إذ يجب محاولة إنجاز المهامّ الصّعبة في بداية اليوم قبل تراكم الضّغوط. بالإضافة إلى ذلك، من الضّروريّ تخصيص أوقاتٍ قصيرةٍ للرّاحة خلال فترات العمل لتجديد النّشاط الذّهنيّ والجسديّ [2]

تطوير مهارات التواصل 

يعتبر تطوير مهارات التّواصل ركيزةً أساسيّةً في مواجهة ضغوط العمل، حيث يساعد التّحدّث بصراحةٍ مع المدراء والزّملاء حول المشكلات المهنيّة في إيجاد حلولٍ فعّالةٍ ويقلّل من التّوتّر. كما يجب عدم التّردّد في طلب المساعدة أو المشورة عند الحاجة، إذ إنّ الدّعم الاجتماعيّ يعتبر من أهمّ عوامل التّكيّف. كذلك، تعزّز إدارة الصّراعات بشكلٍ هادئٍ وبنّاءٍ من بيئة العمل وتمنع تصاعد التّوتّرات

تحسين بيئة العمل 

تحسين بيئة العمل له أثرٌ كبيرٌ في تقليل الضّغوط، من خلال تنظيم مساحة العمل والحفاظ على نظافتها وترتيبها، واستخدام إضاءةٍ مناسبةٍ، وربّما إضافة بعض النّباتات الّتي تساهم في خلق جوٍّ مريحٍ. كما يمكن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة الّتي تعزّز المزاج وتحسّن التّركيز، ما يسهم في زيادة الإنتاجيّة وتقليل الشّعور بالضّغط

تبنّي أسلوب حياةٍ صحيٍّ 

كذلك يعتبر أسلوب الحياة الصّحّيّ من أهمّ العوامل في مقاومة ضغوط العمل؛ فممارسة الرّياضة بانتظامٍ تساهم في تخفيف التّوتّر وتحسين المزاج بشكلٍ طبيعيٍّ، وينبغي الحرص على النّوم الكافي من 7 إلى 8 ساعاتٍ يوميّاً لضمان تجديد الطّاقة وتركيز الذّهن. كما أنّ التّغذية السّليمة والمتوازنة ضروريّةٌ أيضاً لدعم الجسم والعقل، مع الاستفادة من تقنيات الاسترخاء مثل: التّنفّس العميق والتّأمّل واليوغا الّتي تساعد على تهدئة الجهاز العصبيّ. [2]

ضبط توقعاتك 

كما يساهم ضبط التّوقّعات الشّخصيّة والعمليّة في التّقليل من الشّعور بالضّغط، فأن تكون واقعيّاً لا يعني التّقليل من الطّموح، بل يعني فهم حدودك وقبول أنّ الكمال غير محتملٍ في كلّ الأمور. يساعد تعلّم قول "لا" للمهامّ الإضافيّة الّتي قد تجهدك دون فائدةٍ في الحفاظ على صحّتك النّفسيّة. كذلك، تقبّل عدم القدرة على التّحكّم في كلّ شيءٍ والتّركيز على ما يمكنك تغييره يعزّز من شعورك بالسّيطرة والرّاحة

استخدام تقنيات إدارة الضغط 

يعتبر استخدام تقنياتٍ محدّدةٍ لإدارة الضّغط، مثل التّنفّس العميق الّذي يساعد على تهدئة الجهاز العصبيّ، والتّأمّل الذّهنيّ الّذي يركّز انتباهك على اللّحظة الحالية ويقلّل من الأفكار السّلبيّة، إضافةً إلى كتابة اليوميّات الّتي تنظّم الأفكار والمشاعر، أدواتٍ فعّالةً تساعدك على تخفيف حدّة التّوتّر

بناء شبكة دعم قوية 

يوفّر بناء شبكة دعمٍ قويّةٍ من خلال التّواصل الاجتماعيّ مع الأصدقاء والزّملاء دعماً نفسيّاً مهمّاً يعزّز من قدرتك على التّحمّل في أوقات الضّغط. وفي الحالات الّتي تتفاقم فيها الضّغوط، قد يكون اللّجوء إلى مختصٍّ نفسيٍّ خطوةً ضروريّةً تساعدك على تخطّي الأزمات

تقسيم العمل بين الفريق 

أخيراً، تقسيم العمل بين أعضاء الفريق بشكلٍ متعاونٍ يخفّف العبء الفرديّ ويحسّن الإنتاجيّة. لذلك، تعلّم كيفيّة تفويض المهامّ للآخرين بشكلٍ فعّالٍ يعزّز من توزيع المسؤوليّات ويمنحك الوقت للتّركيز على الأمور الأكثر أهمّيّةً، ممّا يقلّل من ضغوط العمل ويحسّن جودة الأداء العامّ

دور الإدارة في تقليل ضغوط العمل 

تلعب الإدارة دوراً محوريّاً في تخفيف ضغوط العمل الّتي يواجهها الموظّفون، إذ تعتبر البيئة الّتي تخلقها الإدارة وتأثيرها على سياسات العمل من العوامل الأساسيّة الّتي تحدّد مستوى التّوتّر والرّضا المهنيّ؛ فالإدارة الجيّدة ليست مجرّد جهةٍ تشرف على تنفيذ المهامّ، بل هي عنصرٌ فعّالٌ في بناء بيئة عملٍ داعمةٍ تهيّئ للموظّفين أجواءً مريحةً تحفّزهم على الأداء بكفاءةٍ دون الشّعور بالضّغط الزّائد. 

من خلال وضع أهدافٍ واضحةٍ ومحدّدةٍ يمكن تحقيقها، تساعد الإدارة الموظّفين على فهم ما هو متوقّعٌ منهم بدقّةٍ، ممّا يقلّل من الإرباك والقلق المرتبط بعدم وضوح المهامّ. كما يعتبر تشجيع التّواصل المفتوح بين الموظّفين والمدراء من العوامل الّتي تبني ثقةً متبادلةً وتتيح مناقشة المشاكل بشكلٍ فوريٍّ وبنّاءٍ، ما يمنع تراكم التّوتّر

إضافةً إلى ذلك، تقدّم الإدارة الفعّالة برامج تدريبيّةً مستمرّةً ودعماً مهنيّاً يعزّز من مهارات العاملين، ممّا يمكّنهم من التّعامل مع متطلّبات العمل بفعاليّةٍ أكبر ويقلّل من شعورهم بالعجز أمام التّحدّيات. كما لا يمكن إغفال الاهتمام بصحّة الموظّفين النّفسيّة والجسديّة؛ فالاستثمار في برامج الصّحّة النّفسيّة وتوفير الدّعم المناسب ينعكس إيجاباً على مستوى الرّضا والولاء الوظيفيّ. كما تعتبر المرونة في ساعات العمل، عندما تسمح الظّروف، من الوسائل المهمّة الّتي تمنح الموظّفين فرصةً لتحقيق توازنٍ أفضل بين الحياة المهنيّة والشّخصيّة، وهو أمرٌ أساسيٌّ في تقليل الضّغوط وتحسين جودة الأداء

من جهةٍ أخرى، يمكن الاستفادة كثيراً من قصص وتجارب الأشخاص الّذين تمكّنوا من تجاوز ضغوط العمل بنجاحٍ. غالباً ما تبدأ هذه التّجارب بتغيير الموقف الذّهنيّ تجاه العمل، إذ يعتبر تبنّي نظرةٍ إيجابيّةٍ وواقعيّةٍ عن التّحدّيات أمراً جوهريّاً لتخفيف التّوتّر. كما يساعد تطوير مهارات تنظيم الذّات الأفراد على إدارة وقتهم وطاقاتهم بشكلٍ أفضل، ما ينعكس على تقليل الإحساس بالضّغط.

تمكّن إعادة ترتيب الأولويّات من التّركيز على المهامّ الأكثر أهمّيّةً وتأجيل أو تفويض ما يمكن الاستغناء عنه مؤقّتاً. كما يلعب البحث عن معانٍ وأهدافٍ أعمق في العمل دوراً في تحفيز الفرد، إذ يضفي على الجهد اليوميّ معنىً وشعوراً بالإنجاز يتجاوز مجرّد أداء المهامّ الرّوتينيّة، ممّا يعزّز الصّمود في وجه الضّغوط. تشكل هذه العوامل مجتمعةً خارطة طريقٍ يمكن لكلّ موظّفٍ اتّباعها لتحقيق توازنٍ صحّيٍّ ومستدامٍ في حياته المهنيّة

أدوات وتطبيقات مفيدة لإدارة ضغوط العمل   

تعدّ الأدوات والتّطبيقات التّقنيّة من الوسائل المهمّة الّتي تساعد الأفراد على إدارة ضغوط العمل بشكلٍ أكثر فعاليّةً. في مجال تنظيم الوقت، تتوفّر تطبيقاتٌ مثل: "تودويست" (Todoist) و"تريلو" (Trello)، اللتان تسهّلان على المستخدمين تحديد المهامّ وترتيبها وتتبّع التّقدّم فيها. أمّا في مجال التّأمّل والاسترخاء، فتعتبر تطبيقات "هيدسبيس" (Headspace) و"كالم" (Calm) من الخيارات المجرّبة الّتي تساعد على تهدئة الذّهن وتقليل مستوى التّوتّر. وفي نفس السّياق، تعتمد تطبيقات تتبّع النّوم والنّشاط مثل "فيتبيت" (Fitbit) و"سليب سايكل" (Sleep Cycle) كأدواتٍ لرصد جودة النّوم وتحليل أنمط الحياة، ممّا يمكّن الفرد من إجراء تحسيناتٍ واسعةٍ على نحو تفعيل استرخائه وتخفيف ضغوطه. [3]

للحفاظ على توازنٍ صحّيٍّ بين العمل والحياة الشّخصيّة، يجب تحديد أوقات عملٍ واضحةٍ ومنظّمةٍ توفّر فرصاً للرّاحة والانفصال عن ضغوط المكان. ومن الضّروريّ أيضاً تجنّب أخذ العمل إلى المنزل بشكلٍ دائمٍ، حتّى لا يستمرّ التّوتّر ويؤثّر على الحياة الشّخصيّة والاجتماعيّة. ومن المهمّ تخصيص وقتٍ للهوايات والرّاحة، لتجديد النّشاط وتقليل الضّغوط النّفسيّة. كما ينصح بقضاء وقتٍ جيّدٍ مع الأسرة والأصدقاء، لتقوية الدّعم الاجتماعيّ والإحساس بالرّاحة والأمان

الخلاصة 

التّعامل مع ضغوط العمل ليس أمراً بسيطاً، ولكنّه ممكنٌ عبر الوعي الذّاتيّ واستخدام الأساليب العمليّة الّتي تساعدك على تخفيف الضّغط، والحفاظ على صحّتك النّفسيّة والجسديّة. أنت لست وحدك في مواجهة هذه الضّغوط؛ فالعديد من النّاس يعانون منها لكنّهم يجدون طرقاً تساعدهم على الاستمرار والتّألّق في حياتهم المهنيّة

ابدأ اليوم بوضع خطّةٍ للتّعامل مع ضغوط العمل، جرّب النّصائح المختلفة، واكتشف ما يناسبك منها، ولا تتردّد في طلب المساعدة المهنيّة عند الحاجة. وتذكّر دائماً أنّ نجاحك لا يقاس فقط بما تحقّقه في عملك، بل بكيفيّة الحفاظ على توازنك وصحّتك

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما هي ضغوط العمل؟
    ضغوط العمل هي الاستجابة النّفسيّة والجسدية للمطالب والتّحديات في بيئة العمل التي تتجاوز قدرة الفرد على التّعامل معها بشكلٍ مريحٍ.
  2. ما الأسباب الرئيسية لضغوط العمل؟
    تتضمّن أسباب ضغوط العمل: عبء العمل الزّائد، والمواعيد النّهائيّة الضّيقة، وعدم وضوح الدّور الوظيفيّ، والعلاقات المهنيّة السّيئة، وضعف الدّعم الإداريّ، وعدم التّوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة.
  3. ما هي أعراض ضغوط العمل؟
    تشمل أعراض ضغوط العمل الجسدية مثل: الصّداع والإرهاق، النّفسيّة مثل: القلق والاكتئاب، والسّلوكيّة مثل: الانسحاب الاجتماعيّ وزيادة الأخطاء المهنيّة.
  4. كيف تؤثر ضغوط العمل على الفرد والمؤسسة؟
    تؤدّي ضغوط العمل إلى تدهور الصّحة النّفسيّة والجسديّة للفرد، وانخفاض جودة الأداء، وارتفاع معدّلات الغياب والتّأخر، وزيادة معدّل دوران الموظفين داخل المؤسّسة.
  5. ما هي الطرق الفعالة للتعامل مع ضغوط العمل؟
    تشمل تنظيم الوقت، وتطوير مهارات التّواصل، وتحسين بيئة العمل، وتبنّي أسلوب حياةٍ صحيٍّ، وضبط التّوقّعات، واستخدام تقنيات الاسترخاء وبناء شبكة دعمٍ قويّةٍ.
  6. ما دور الإدارة في تقليل ضغوط العمل؟
    تلعب الإدارة دوراً حيويّاً بتوفير بيئة عملٍ داعمةٍ، وضع أهدافٍ واضحةٍ، تشجيع التّواصل المفتوح، تقديم التّدريب والدّعم المستمرّ، الاهتمام بصحّة الموظّفين، وتوفير المرونة في ساعات العمل.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: