الرئيسية الريادة هل يشكّل التعلّق بأفكارك خطراً خفياً على قراراتك؟

هل يشكّل التعلّق بأفكارك خطراً خفياً على قراراتك؟

حين تتحوّل شرارة الإبداع إلى قناعةٍ جامدةٍ، يفقد القادة قدرتهم على التّقييم الموضوعيّ، فتتراجع المرونة ويزداد خطر اتّخاذ قراراتٍ مبنيّةٍ على الثّقة العمياء لا على الحقائق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هناك جاذبية خادعة ترافق ولادة أي فكرة جديدة. تبدأ كشرارة تبعث على الحماسة، آسرة، ومفعمة بالاحتمالات. وسرعان ما تتحوّل تلك الشرارة إلى قصة، ثم تتحول القصة إلى قناعة، وإذا لم تكن حذراً، تتحول تلك القناعة إلى عقيدة جامدة.

هذه هي خطورة الوقوع في غرام أفكارك الخاصة؛ فبمجرد أن تتعلّق بها عاطفياً، يتشوّه إدراكك. وكأنّك قد أصبحت "منتشياً بما تنتجه أنت نفسك". وفي عالم الأعمال والابتكار والاستراتيجيّة والقيادة، تُعدّ هذه من أكثر نقاط العمى شيوعاً وكُلفة، ليس لأنّ النّاس يفتقرون للإبداع، بل لأنّهم يُفتنون بنوع خاطئ من الإبداع: إبداعهم الشّخصيّ.

سحر عبقريتك الخاصة — سواء كانت حقيقية أم متخيّلة

الأفكار تمنح شعوراً رائعاً؛ فهي تمنحك هوية، ومعنى، وإحساساً بالتمكّن. وعندما تبتكر شيئاً ذكيّاً -رؤية، أو حلاً، أو استراتيجية- يكافئك دماغك باندفاع من الدوبامين، ويزداد شعورك بالثقة، وفجأة، لم تعد الفكرة مجرد فكرة… بل أصبحت الفكرة.

وهذه الدفعة الكيميائية هي بالتحديد ما يجعل عبارة “لا تنجرف خلف سلعتك الخاصة” ذات أهمية. ليست دعوة للتشكيك بالنفس، بل للحفاظ على صفاء الرؤية في لحظة تتآمر فيها بيولوجيا الدماغ والأنا لإقناعك بأنك معصوم من الخطأ.

أكثر أنواع الإدمان شيوعاً في عالم الابتكار

غالباً ما تقع الفرق في هذا الفخ:

  • تطوير منتج فقط لأنهم يحبّون الفكرة.
  • صياغة استراتيجية لأنها تبدو ذكية.
  • تقديم مبادرة لأنها تبدو طموحة؟
  • الدفاع عن الخطة لأنّها من صنعهم، ليست لأنّها صحيحة.

المشكلة أن الأسواق لا تهتم بارتباطك العاطفي بأفكارك؛ فالمستهلكون لا يكافئون حماسك الداخلي، والمنظمات لا تنجح لأنّك لامع، بل لأنّها واقعيّة. والإدمان على الفكرة يقمع أهمّ صفتين يحتاجهما القائد: الفضول والتواضع.

حين يتحوّل الشغف إلى شلل

عندما ينجرف الناس خلف أفكارهم، تحدث ثلاثة أشياء:

  • يصبحون عميان انتقائيّاً؛ فكل معلومة تناقض فكرتهم تُصنّف كاستثناء أو سوء فهم.
  • يبنون الشيء الخاطئ بكفاءة مذهلة، إذ تتسارع وتيرة التنفيذ، وتُستهلك الموارد، بينما تنحرف الفكرة أكثر فأكثر عن الواقع.
  • يزيدون الإصرار بدل التراجع خطوة، وتُفسّر المقاومة على أنها جهل، لا ملاحظة؛ فيصبح الهدف الترويج لا التقييم.

الانفصال دون اللامبالاة هو الترياق

هكذا تمضي المؤسسات نحو الفشل بخطىً واثقةٍ: التزام كامل، واقتناع مطلق، واتجاه خاطئ تماماً. فالانفصال لا يعني عدم الاكتراث، بل يعني ألّا تسمح لذاتك بالاندماج الكلي مع فكرتك. والمبتكرون الحقيقيون والقادة الاستراتيجيون الأكثر صلابة هم من يحافظون على مسافة صحية بينهم وبين ما يبتكرون؛ مسافة تتيح مساحة للاختبار، والتصحيح، وإعادة التركيز، بل وللتخلّي عن الفكرة عندما تقتضي الضرورة. ولهذا لا تسمح لنفسك أبداً بأن تنجرف خلف منتجك الخاص؛ فهذا ليس تحذيراً من الطموح، بل من اليقين غير المفحوص الذي يُعمّي البصيرة ويقوّض الحكم السليم.

اجعل فكرتك تُثبت نفسها

أفضل القادة يتعاملون مع الأفكار بوصفها فرضيات، لا مسلّمات. ويسألون:

  • ما الذي قد يقنعني أن هذه الفكرة ليست ممتازة كما أظن؟
  • أين يمكن أن تخطئ؟
  • من يختلف معي ولماذا؟
  • ما الذي لا أرغب في رؤيته من الأدلة؟

يحوّل هذا النهج الإبداع إلى قدرة، والإلهام إلى استراتيجية. كما يبقيك يقظاً وواقعياً وقابلاً للتكيف، وهي الصفات الثلاث التي يفقدها من ينغمسون في أفكارهم.

لماذا يعد الوقوع في حب فكرة ما أمراً خطيراً؟

حين يتحول الأنا إلى حارس الحقيقة، تتوقف عن التعلّم، وحين يصبح الحماس معيار القيمة، تتوقف عن الإصغاء، وحين تصبح الفكرة جزءاً من هويتك، تتوقف عن التطوّر. لذا، طارد الأفكار الجريئة، وابتكر باستمرار، وجرّب بلا توقف.

ولكن، أبق عقلك صافياً؛ ففي عالم الاستراتيجية والابتكار، اللحظة التي تنجرف فيها خلف منتجك الخاص هي اللحظة التي يفقد فيها تفكيرك حدته، وتصبح قراراتك خطرة.

كان هذا الرّأي المتخصّص للمديرة التنفيذية "أندريا أولسون" (Andrea Olson) من شركة "براغماديك" (Pragmadik) قد نُشر في الأصل على موقع Inc.com.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: