الرئيسية التنمية التعامل مع الغرور في بيئة العمل: كيف تتحكم بالمواقف الصعبة؟

التعامل مع الغرور في بيئة العمل: كيف تتحكم بالمواقف الصعبة؟

حين يعرقل الغرور روح الفريق، تصبح استراتيجيّات الذكاء العاطفي والحزم أدواتٍ أساسيّةً لضبط المواقف الصّعبة والحفاظ على بيئة عملٍ متوازنةٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشكّل التّعامل مع الزّميل المغرور تحدّياً يوميّاً في بيئات العمل الحديثة، إذ تتجلّى سلوكيّات التّفاخر والتّعالي لدى بعض الأفراد بشكلٍ واضحٍ، فتؤثّر مباشرةً على توازن الفرق وتعرقل تحقيق الأهداف المشتركة. وعندما يسيطر الغرور على شخصيّة الموظّف، يتراجع التّعاون تدريجيّاً، ويزداد التّوتّر داخل المؤسّسة بشكلٍ ملموسٍ، ممّا يضعف الرّوح الجماعيّة ويؤدّي إلى بيئة عملٍ مضطربةٍ. ومن هنا تنبع الحاجة الماسّة إلى البحث عن طرقٍ عمليّةٍ وفعّالةٍ لفهم هٰذه الظّاهرة والتّعامل معها بحكمةٍ. 

تأثير الغرور على بيئة العمل

لا يقتصر تأثير الغرور علىالعلاقات الشّخصيّة بين الزّملاء، بل يتجاوز ذٰلك ليصيب صميم العمليّة الإنتاجيّة. فهو يؤدّي إلى تدهور العلاقات المهنيّة ويجعل التّواصل أكثر تعقيداً، إذ يشعر الفريق بالإحباط كلّما أصرّ الزّميل المغرور على فرض رأيه أو التّقليل من قيمة الآخرين. ومع استمرار هٰذه السّلوكيّات، تنخفض جودة العمل بفعل غياب الانسجام وفقدان الدّافعيّة، وقد تتطوّر الأمور إلى صراعاتٍ داخليّةٍ تستنزف الوقت والطّاقة وتؤثّر سلباً على الإنتاجيّة. ولذٰلك يصبح التّعامل مع الزّميل المغرور ضرورةً لا غنى عنها للحفاظ على أجواءٍ إيجابيّةٍ تحفّز على الإبداع وتدعم التّعاون. [1]

كيف تتحكم بالمواقف الصعبة مع الزميل المغرور؟

تفرض بعض المواقف داخل بيئة العمل على الموظّف أن يتحلّى بذكاءٍ عاطفيٍّ عالٍ ومرونةٍ واضحةٍ، خصوصاً عند التّعامل مع شخصٍ يظهر سلوكيّاتٍ متعاليةً أو متكبّرةً. ولا يكفي في هٰذه الحالات الاكتفاء بردّ فعلٍ عفويٍّ أو لحظيٍّ، بل يجب اتّباع استراتيجيّاتٍ مدروسةٍ تجعل التّعامل أكثر سلاسةً وتقلّل من حدّة التّوتّر. ويمكن تلخيص أبرز هٰذه الخطوات على النّحو الآتي: [2]

ضبط الأعصاب والتحلي بالهدوء

يعدّ التّحكّم في الأعصاب الدّرع الأوّل لمواجهة المواقف الصّعبة؛ فعندما يحاول الزّميل المغرور استفزازك عبر التّقليل من شأنك أو مقاطعة حديثك، فإنّ الانفعال السّريع يظهر ضعفاً ويزيد حدّة الخلاف. بينما يبعث التّزام الهدوء رسالةً واضحةً تعبّر عن قوّة الشّخصيّة وتمكّنك من السّيطرة على الموقف. ولذٰلك يستحسن الحديث بنبرةٍ ثابتةٍ واستخدام لغة جسدٍ مطمئنّةٍ مثل الحفاظ على تواصلٍ بصريٍّ هادئٍ، إذ يترك بذٰلك انطباعٌ بالثّقة والرّصانة. وعلى هٰذا الأساس تمنع المشاحنات من التّصاعد ويحفظ تركيز الفريق في الأهداف الأساسيّة.

استخدام لغة واضحة ومباشرة

لا شكّ أنّ اللّغة الغامضة أو الملتبسة تعطي مجالاً أوسع لتضخّم الغرور. لهٰذا السّبب، ينبغي أن تصاغ الرّدود بأسلوبٍ مباشرٍ بعيدٍ عن المبالغة، مع تجنّب المجاملات المفرطة الّتي تمنح الزّميل المتعالي مساحةً إضافيّةً لفرض نفسه. فبدلاً من قول: "ربّما تكون محقّاً دائماً"، يمكن القول: "وجهة نظرك واضحةٌ، لكن لديّ إضافةٌ قد تفيد الفريق". وبهٰذا الأسلوب يتحقّق التّوازن بين الاحترام والحزم، كما ترسم حدودٌ موضوعيّةٌ تمنع استمرار السّلوك المتعجرف. [2]

التركيز على المصلحة المشتركة

من أكثر الأخطاء شيوعاً في التّعامل مع الزّميل المغرور تحوّل الحوار إلى منافسةٍ شخصيّةٍ. ولتفادي ذٰلك، يجب إعادة توجيه النّقاش باستمرارٍ نحو الأهداف المشتركة. فعلى سبيل المثال، إذا حاول فرض رأيه على خطّة مشروعٍ، يمكن الرّدّ بالقول: "الأهمّ أن نصل إلى نتيجةٍ تحقّق مصلحة الفريق وتدعم أهداف المؤسّسة". وبهٰذا التّوجّه يعاد الحوار إلى مساره الصّحيح، ويقلّل من احتماليّة الانجرار إلى جدلٍ شخصيٍّ عقيمٍ.

ممارسة الاستماع الفعال

قد يبدو الاستماع لشخصٍ مغرورٍ أمراً مرهقاً، ولٰكنّه في الواقع يعدّ وسيلةً فعّالةً لامتصاص التّوتّر. فمجرّد أن يشعر هٰذا الشّخص بأنّ رأيه قد سمع بجدّيّةٍ، تتراجع حاجته إلى فرض سيطرته أو الاستغراق في التّفاخر. ومع ذٰلك، فإنّ الاستماع الفعّال لا يعني الموافقة على كلّ ما يقال، بل يقوم على إعادة صياغة النّقاط المهمّة للتّأكيد على استيعابها، مثل القول: "فهمت أنّك تقترح هٰذا الحلّ بسبب كذا". ومن خلال هٰذا الأسلوب يتحقّق الهدوء، وتكشف دوافع الزّميل المغرور، ممّا يتيح فرصةً أكبر للتّعامل معه بذكاءٍ وحكمةٍ.

طلب الدعم من الإدارة عند الحاجة

عندما يتجاوز الغرور الخطوط الحمراء ويؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على أداء الفريق أو يسبّب نزاعاتٍ متكرّرةً، يصبح تدخّل الإدارة خياراً لا مفرّ منه. غير أنّه من الضّروريّ أن يعرض الأمر بطريقةٍ مهنيّةٍ تستند إلى وقائع محدّدةٍ، مع التّركيز على تأثير السّلوك في سير العمل لا على الطّابع الشّخصيّ للخلاف. وبهٰذه الطّريقة تستطيع الإدارة أن تتعامل مع الموقف بموضوعيّةٍ وتتّخذ قراراتٍ تصبّ في مصلحة المؤسّسة ككلٍّ.

بناء بيئة عمل صحية تحدّ من الغرور

لا يكفي التّعامل مع الزّميل المغرور على مستوى فرديٍّ، بل يتطلّب الأمر بناء بيئة عملٍ شاملةٍ تقلّل من احتماليّة بروز هٰذه السّلوكيّات. ويتحقّق ذٰلك من خلال إجراءاتٍ متكاملةٍ، أبرزها:

  • تعزيز ثقافة التّعاون: فكلّما شجّعت الإدارة على العمل الجماعيّ وقدّرت جهود الجميع، قلّت فرص سيطرة الغرور الفرديّ.
  • تطبيق مبدإ العدالة والشّفّافيّة: فكلّما استندت التّرقية والتّقدير إلى الكفاءة لا على المظاهر، تراجع دافع الأفراد للتّعالي السّلبيّ.
  • تقديم تغذيةٍ راجعةٍ بنّاءةٍ: فعن طريق ملاحظاتٍ صريحةٍ ومدروسةٍ، يمكن تعديل السّلوكيّات المتعالية دون خلق شعورٍ بالتّهديد.
  • تشجيع التّدريب على المهارات الشّخصيّة: فإنّ ورش العمل الّتي تشمل موضوعات الذّكاء العاطفيّ والتّواصل الفعّال تزوّد الموظّفين بالأدوات اللّازمة لمواجهة المواقف الصّعبة، كما تساهم في جعل الزّميل المغرور يدرك تأثير سلوكه على الآخرين.

الخاتمة

يتطلّب التّعامل مع الزّميل المغرور وعياً عاطفيّاً مرتفعاً واستراتيجيّاتٍ عمليّةً تظهر القدرة على التّحكّم بالمواقف الصّعبة بذكاءٍ ورصانةٍ. ومن خلال ضبط الأعصاب، واستخدام لغةٍ واضحةٍ، والتّركيز على المصلحة المشتركة، يمكن التّقليل من آثار الغرور السّلبيّة على الفريق. كما أنّ بناء بيئةٍ قائمةٍ على العدالة والتّعاون والشّفّافيّة يساهم في الحدّ من هٰذه الظّاهرة على المدى الطّويل. وبذٰلك يتحوّل التّعامل مع الزّميل المتعجرف من عبءٍ ثقيلٍ إلى فرصةٍ لاختبار المرونة الشّخصيّة وتعزيز مهارات القيادة، وهو ما يعود بالفائدة على الفرد والمؤسّسة معاً.

  • الأسئلة الشائعة

  1. لماذا يعتبر التعامل مع الزميل المغرور تحدياً في بيئة العمل؟
    يعتبر التعامل مع الزميل المغرور تحدياً في بيئة العمل؛ لأنّ سلوكيّات الغرور تؤثّر على التّواصل وتضعف روح التّعاون، كما قد تخلق توتّراتٍ وصراعاتٍ داخل الفريق تعطّل الإنتاجيّة وتزيد من الضّغط النّفسيّ على الموظفين.
  2. كيف يمكن للزميل المغرور أن يغيّر سلوكه بنفسه؟
    يمكنه التغيير عبر إدراك أثر سلوكه على الآخرين، والالتحاق بتدريب في الذكاء العاطفي والتّواصل الفعّال، إضافةً إلى طلب تغذيةٍ راجعةٍ بنّاءةٍ تساعده على تعديل سلوكيّاته.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 5 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: